لا تقدم على الصلاة وأنت في شك من وضوئك:
هذه حالة نفسية يجب أن نتجنبها، فإذا كنت في شك من وضوئك فإنك سوف تكون شاكاً في صحة صلاتك، والشاك في صلاته لا يكون خاشعاً لأنه لن يعطيها حقها من الركوع والسجود وحسن التلاوة، فلديه شعور أنها ربما تكون غير مقبولة، فكيف سيبذل جهداً في شيء لا ثواب عليه، جدد وضوءك عند شكك به، وادخل صلاتك وأنت مطمئن لوضوئك، ولا تدع هذا الأمر يشغلك، ويسرق منك خشوعك، طالما يمكنك تفاديه والانتهاء منه بتجديد الوضوء، وفي ذلك مزيد من العبادة.
• لا تقبل على الصلاة وأنت تدافع الأخبثين:
تقدم في معنى الخشوع أنه الانسجام التام والكامل ما بين الجسد والعقل والروح، فإذا كان الجسد مشغولاً بمدافعة آلامه وشاغلاً معه العقل والقلب في ذلك، فمن الذي سوف يصلي ويخشع، وإن كنت ممن لا يرغب في تجديده، فأنت لست ممن يبحث عن الخشوع، بل أنت ممن يبحث عن الراحة، على الرغم من أن ذلك ليس من الراحة للجسم، لأن راحة الجسم في تخليصه من سمومه، وتنشيطه بتجديد الوضوء، وبذلك أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان"(1)، وإذا كانت حجتك إدراك وقت الصلاة؛ فالصلاة لها وقت لتؤدى فيه، وزمن معين يجب تخصيصه لها، لا يشغلنا فيه شيء من أمور الدنيا فقد خصص للصلاة.
• اختر اللباس المناسب للصلاة:
لا شك أن اللباس الحسن الطيب النظيف يبعث الراحة في نفس مرتديه وفي من حوله، مما يجعله أكثر تهيؤاً واستعداداً للصلاة والخشوع فيها، لأن نفسه مرتاحة ومطمئنة لما ترتدي، وبعكس ذلك فإن اللباس غير النظيف وغير المريح يحرج صاحبه، ويشغل فكره ويتعبه، فلا يكون مرتاحاً نفسياً وهو يؤدي الصلاة، مما يجعله غير قادر على التركيز والخشوع في الصلاة.
ولا شك أن طبيعة اللباس الذي يرتديه الإنسان يعكس أثراً نفسياً على مرتديه، فاللباس الرياضي يعطي الشعور الرياضي للإنسان والرغبة في ممارسة الرياضة، واللباس الرسمي يعطي الشعور بالجدية للإنسان ويفرض عليه نوعاً معيناً من الحركة والتصرفات، كما أن اللباس الفضفاض (الثوب) يعطي نوعاً من الشعور الديني لصاحبه، فإن كان كذلك فلنختر للصلاة ما يناسبها، ولنبتعد عن أدائها بلباس النوم وغيره مما لا يليق بها، ولا يليق بالوقوف به بين يدي الله عز وجل، فمن إجلال الله وتعظيمه أن نقابله بما يليق به، وأن نبتعد عن كل ما يمكن أن يقلل من عظمة الصلاة وعظمة المعبود، فكما قال نوح عليه السلام:
(مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً)(1)
فما لا نرضى أن نقابل به مسؤولاً في إحدى دوائر العمل أولى ألا نقابل به رب العالمين، واللباس الذي نخجل من الذهاب به إلى إحدى الدوائر الرسمية، يجب علينا أن نخجل من الذهاب به إلى المساجد، فالله أمرنا بأن نأخذ زينتنا عند كل مسجد، واللباس جزء من هذه الزينة إن لم يكن أعظمها، وفي ذلك يقول الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد)(لأعراف: من الآية31).
ولعلنا نذكر جيداً بأن بعض الحفلات المجون وأندية الملاهي (الراقية في مفهومهم)، تشترط على زبائنها ارتداء لباس السهرة الخاص، ولا تسمح بالدخول لمن يرتدي ملابس من المفيد جداً أن نتعرف على هذه الأسباب التي تشكل سداً مانعاً أمام الخشوع في الصعادية ، أو ملابس الكاوبوي ، فأيهم أحق بحسن اللباس، الوقوف بين يدي الله أم حفلات المجون هذه.
3. اختر مكاناً مناسباً للصلاة خالياً من الصور والملهيات:
قلنا في تعريف الخشوع أنه مبني على الحضور الذهني، فإذا ما انشغل الفكر في أي شيء غير الوقوف بين يدي الله فإنه لن يتم له الخشوع في الصلاة؛ لأن الأساس الذي سوف يبنى عليه الخشوع قد فقد بفقد الوعي لما يقوم به الجسد من حركات، وما ينطبق به اللسان من كلمات.
وأكثر ما يشتت فكر الإنسان وجود تصاوير مختلفة أمامه، عند تأدية الصلاة ينظر إليها فيفكر بها، فتشغله عن متابعة أمر الصلاة وهذا الأمر شكا منه رسول الله بنفسه عندما أمر السيدة عائشة بإزالة الثوب الذي كان أمامه وفيه تصاوير لأنها شغلت فكره في الصلاة، عن أنس رضي الله عنه قال: كان قرام ( وهو ستر فيه نقش ) لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :"أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي".
وعليه فإن كثرة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والإعلانات والرسومات في صدر الجامع واستخدام النقوش والألوان فيها بكثرة، باعث على عدم الخشوع في الصلاة فيفضل عدم الإكثار منها أو إزالتها لأنها تشتت ذهن المصلي، ويفضل وضع كل ذلك في الخلف وليس أمام المصلين، فإن وجدت فعليك تجنب الوقوف أمامها ما استطعت إن كنت تشعر بأنها تؤثر على خشوعك في الصلاة، وهذا ليس أمراً معيباً، وهو أكثر راحة من محاولة طردها من الذهن.
يتبع