الوقت الذي تستغرقه صلاتك زكاة عن بقية وقتك، كزكاة الأموال:
كثير من الناس يحاول أن يوفر من وقت الصلاة، ولكن لو علمنا أن الوقت الذي نقضيه في الصلاة هو صدقة عن العمر الزمني الذي وهبنا الله إياه، وبركة لبقية الوقت الذي نقضيه في إنجاز أعمالنا الأخرى، وأن الله عندما يبارك لنا في أوقاتنا فإن ذلك يعني عدم إضاعتها علينا في أمور لم تكن تخطر ببالنا، أو في أعمال نشعر أنها مجرد إضاعة للوقت ليس إلا. إذنً فلنضع هذه الفكرة أمام أعيننا وهي "أن الوقت الذي تستغرقه الصلاة منا صدقة عن بقية أوقاتنا، فلا نبخل على الله في أن نؤدي الصلاة على أكمل وجه وأتمه"، فإذا كان الأمر كذلك، فلنطمئن في صلاتنا ولا ننقرها نقراً، ولتأخذ منا وقتها الطبيعي، لنكون من الخاشعين بإذن الله، ولنتصدق بجزء من وقتنا كما نتصدق بجزء من أموالنا، زكاة لها تطهرها من أي مال دخل فيه، كان فيه شبهة أو حرام، وكذلك الوقت قد نصرف جزءً منه في معصية الله أو شبهة، فيكون وقت الصلاة صدقة وزكاة منا نطهر بها ونبارك بقية أوقاتنا.
• الوضوء السليم جزء ومقدمة للخشوع:
الوضوء عبادة لله، فإن أنت قصدت أن تصلي بخشوع، فعليك إعطاء أهمية أكبر للعملية منذ ابتدائها، بالاهتمام أكثر بعملية الوضوء، فأنت مقدم على عمل ترجو له القبول عند الله تعالى، ولا ترغب في أن يكون عملك مردوداً عليك، بسبب أنك لم تحسن الوضوء، أو لم تعط كل عضو حقه، فكلما زاد اهتمامك وتعظيمك للصلاة المقدم عليها كان اهتمامك بعملية الوضوء أكبر، لذلك ابدأ بإعطاء أهمية أكبر لعملية الوضوء، لأنها عملية الاستعداد وتهيئة النفس للعبادة، فتقبل على الصلاة وأنت مهيأ نفسياً وجاهز للخشوع في الصلاة، وفي الحديث الشريف: "إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا ينزعه إلا الصلاة، لم تزل رجله اليسرى تمحو عنه سيئة، وتكتب له اليمنى حسنة، حتى يدخل المسجد"(1).
ولك أن تحكم بنفسك على حالة عدم الاهتمام بالوضوء، بنثر الماء، أو التحدث مع الاخرين أثناء الوضوء، أو ترديد أغنية، فهل نتوقع أن يؤدي مثل هذا الوضوء لصلاة فيها خشوع، لا؛ لأن المقدمات تنبئ بالنتائج، قارن ذلك مع إنسان يبدأ الوضوء بالبسملة، ثم ذكر الله والتسبيح وينهيه بِـِ "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"، وأثناء غسله لكل عضو يتذكر ما اقترفه العضو من آثام، فيرجو الله أن يغفر له ما اقترفه بهذا العضو، وأن يعفو عنه، ويدعو ويأمل من الله عز وجل أن يحفظه مستقبلاً من كل إثم، ومن كل زلل يمكن أن تقترفه يداه أو تمشي له قدماه، أو يزل به لسانه، ويرجو الله أن يجعل كل ما يدخل جوفه من الحلال، وأن يحفظ له عيناه من كل نظرة حرام يمكن أن تنظر إليها عيناه، وأن يجعل الله له نوراً في عينيه وفي وجهه، وأن يطيب الله له رائحة ما يشم بأنفه، وأن يطيب له رائحة فمه وبدنه، فلا يكون أذية للناس تنفر من رائحته، بل طيب يجلب إليه الأحبة والناس. تذكر شيئاً من ذلك عند الوضوء، وستجد أن العملية ليست مجرد غسل أعضاء، وإنما عبادة أيضاً وتقرب إلى الله وتهيئة لما هو أكثر من ذلك.
• استخدم السواك أو الفرشاة في الوضوء وقبل الصلاة:
إذا كان استعداد الإنسان لأداء عمل ما عالياً فذلك يعني أمرين:
الأول: اهتمام الإنسان بما هو مقدم عليه، والثاني: رغبته في أن ينجز العمل المقدم عليه على أكمل وجه؛ فإن زدت من استعدادك للصلاة باستخدام السواك فهذا يعني اهتمامك بما أنت مقدم عليه وبرغبتك في إتمامه على أكمل وجه، فيكون ذلك سبباً لمزيد من الخشوع في الصلاة، إضافة إلى أنك تبعد عن نفسك ما يمكن أن يشغلك عن الخشوع في الصلاة من بقايا طعام في الفم، أو رائحة فم كريهة تحرجك، فتجعلك حرجاً من أن تؤذي أحداً برائحة فمك، فتخرجك من الخشوع، فتذكر أنك كلما بذلت جهداً لشيء كي تخرجه متكاملاً، كلما دل على صدق إقبالك على أدائه على أكمل وجه، وفي أهمية السواك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"(1).
• كن دائماً على وضوء:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: ". . . ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"(1)، إشارة إلى أن المحافظة على الوضوء علامة من علامات الإيمان، وحيث لا خشوع إلا للمؤمن، فلنثبت أولاً إيماننا بالله تعالى، بالمحافظة على الوضوء باستمرار، ثم لنعبر عن استعدادنا للصلاة، بأن نكون جاهزين للصلاة في أي وقت تقام به، فتقبل عليها كأنك جندي جاهز دائماً للمعركة، تستطيع أن تلبي النداء في أية لحظة، فلا يثقل الأمر عليك، ولا يضعف إقبالك على الصلاة فتؤخرها، أو تفوتك صلاة الجماعة بسبب عدم جاهزيتك، والطهارة الدائمة سبب في إحاطة الملائكة بالإنسان ما دام على وضوء، وعدم الطهارة سبب في جلب الشياطين، لأنها لا تقرب المتطهرين، فإذا ما حفت بك الملائكة سكنت جوارحك وخشعت، وابتعدت عنك الشياطين، وصفا فكرك وقلبك، فأنت في أمان من وسوستها، وأصبحت أقرب إلى الخشوع.
يتبع