12. احرص على أن تستمع للأذان وأن تردد ما يقوله المؤذن ففيه تعظيم لأمر الصلاة:
نلاحظ في سلوكنا في الحياة الدنيا أن الأمور الهامة يدعى إليها بالطبول أو البوق أو المدافع أو بعزف السلام، والله شرع لنا ما هو أجمل من ذلك بكثير، بل لا وجه للمقارنة أبداً، فأسلوب دعواتهم غير مفهوم ولا يحمل أي معنى وبنفس اللحن، في حين أن دعوة الله جاءت بكلام واضح مفهوم عالي المعاني وبألحان عدة تأتي بحسب قوة صوت المؤذن وجمال صوته، هذا الأذان إذا فهمناه واستشعرنا معانيه ورددناه لخف المؤذن فسوف يملأ القلب بحب الله وبالرغبة والسرور في تلبية دعوة الله في أداء الصلاة والإقبال عليها بحب وشوق يؤدي للخشوع في الصلاة، وهذا كله لا يأتي إلا بعد فهم معاني الكلمات التي ترد في الأذان؛ فـ ( الله أكبر .. الله أكبر ) إن استوعبناها ملأت قلوبنا عزة بالله، فهو أكبر من كل شيء، والنطق بالشهادة تجديد للإيمان وللتوحيد، ( وحي على الصلاة ) هي دعوة الله سبحانه وتعالى لنا للفلاح، فما أجمل تلبية هذه الدعوة بطلب القوة من الله كي يعيننا على تلبية النداء فنقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ).
لذلك فلنحرص على فهم المزيد من معاني الأذان، ولنردده خلف المؤذن كما أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم فإنه يستحب لمن يسمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين (حي على الصلاة .. حي على الفلاح) ، فإنه يقول عقب كل واحدة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن".وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة". ويستحب لنا الإكثار من الدعاء بعد الأذان وقبل الإقامة، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة"، وفي رواية قالوا: ماذا نقول يا رسول الله؟ قال: "سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة".
13. اقرأ عن صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم واجعلها قدوة لك:
إذا أردنا الكمال في سلوكنا فليس لنا إلا رسول الله القدوة الحسنة، وإذا أردنا الكمال في الصلاة فليس لنا إلا صلاته عليه السلام لتكون لنا القدوة الحسنة، لذلك اقرأ عن صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن عدة مصادر وليس من مصدر واحد، حتى تصل إلى كبد الحقيقة فتتبعه، فبعض الجهات تحاول أن ترسم هيئات معينة لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدعية أنها هي الصحيحة وما عداها خاطئ، لذلك فليكن مصدرك أكثر من جهة، ولا شك أن التشبه بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم يعزز لديك الشعور بالكمال في صلاتك، وهو تعبير عن مدى حبك للرسول صلى الله عليه وسلم بتأسيك بصفات صلاته ومحاولة اتباعها، وبالتالي الحصول على الخشوع في الصلاة ، ولا يتسع المقام هنا لذكر أي شيء عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها ليست كلمات يمكن أن نوردها، وإنما هي مدرسة كاملة لمن أراد أن ينهل منها ليرقى بأدائه في صلاته ، ومن بين الكتب التي يجب أن ألا تنسى عند القراءة عن هذا الموضوع كتاب " زاد المعاد " لابن القيم عليه رحمة الله.
14. كن على علم بجميع الصلوات فالجهل يحرجك ويخرجك من خشوعك:
الصلوات ليست كلها نوعاً واحداً؛ فهنالك صلاة العيد وصلاة الجنازة وصلاة التراويح وصلاة التسبيح وصلاة الاستسقاء وصلاة الاستخارة وغيرها، فإن كنا حريصين على أن تكون صلاتنا دائماً بخشوع يجب علينا أن نكون على علم بكيفية أداء كافة أنواع الصلوات، حتى لا نحرج أنفسنا أو نفقد الخشوع أثناء أدائها لقلة علمنا بكيفية أدائها أو نخلط بينها، لذلك احرص على أن تكون على علم بكيفية أداء كل أنواع الصلوات، فتدخل أياً منها وكلك ثقة ومعرفة بها، فتزداد خشوعاً بدلاً من أن تفقده فيها، وكن على علم بكيفية أداء سجود السهو، فقد يرد وأنت مأموم، فلا تجعله يخطف منك الخشوع إذا فوجئت به.
15. أكثر من الاستماع إلى تسجيلات قراءات أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي، ففيها النموذج لحسن التلاوة والخشوع:
لقد منَّ الله علينا بالبيت الحرام والمسجد النبوي، ورزق المسجدين بمجموعة من الأئمة جعل الله في صوتهم من الجمال والروعة في التلاوة ما يخشع له القلب وتسمو به النفس إلى خالقها ببركة هذا القرآن الذي يتلى في نفس المكان الذي أنزل فيه، وكل من شرفه الله بزيارة هذه الأماكن يشعر بالروحانية العالية التي تغشاه سواء قرب قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو بجوار الكعبة المشرفة، ويجد نفسه هنالك أكثر خشوعاً في الصلاة، ويزيده خشوعاً جمال وروعة تلك التلاوات التي يؤديها الأئمة هنالك، ويبقى أثر تلك القراءات في نفس الإنسان المؤمن لمدة من الزمن بعد عودته من تلك الزيارة، وحتى يبقى ويستمر أثر تلك التلاوات في النفس، وكي تستعيد شيئاً من خشوع تلك اللحظات ننصح بأن تستمع إلى تسجيلات من هذه التلاوات لتستعيد جزءاً من ذلك الخشوع وتجدد من ذكرياتك عن تلك الزيارة فيغشاك شيء مما غشاك من خشوع هناك؛ فيساعدك ذلك على الخشوع في الصلاة.
16. لا تصلِّ بحضور الطعام، كل أولاً ثم صلِّ:
كثير من الناس يعطون أهمية كبيرة لعملية الأكل ويحرصون عليها، لذلك ينصح هؤلاء بتناول الطعام أولاً، ومن ثم القيام إلى الصلاة؛ كي لا يكون فكرهم معلقاً بالطعام، فالخشوع كما تقدم يلزمه صفاء ذهني وراحة نفسية ليبنى عليهما الخشوع، وفي تناول الطعام أولاً إراحة للجسم من إحدى حاجاته الأساسية وفيه راحة لبقية أفراد الأسرة من انتظار أحد أفرادها حتى ينتهي من أداء الصلاة، وبذلك نضمن ألا يحدث الانتظار أي أثر سيئ تجاه الصلاة من قبل أحد المنتظرين.
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء"، والعشاء هنا معناه الطعام وفي حديث آخر: "إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه"، وهذه النصيحة خاصة في الحالات التي يصدف فيها اجتماع الأكل مع وقت الصلاة، أما الأصل فهو تخصيص وقت للصلاة لا يتعارض مع وقت الأكل أو غيره.
يتبع