صداقة ....
كانت الجدة تبدأ حكايتها لنا بالمقدمة المعروفة التي تقول :
في قديم الزمان وسالف العصر و الأوان وقبل أن تعرف حكمة إنس أو دهاء جان وقبل أن يعدل ملك أو يستبد سلطان
فنصغي جيدا بعد هذه الوقفة القصيرة التي تلي كلمة السلطان
وتنظر جدتي في عيوننا لتقرأ الشوق والدهشة والتوقع والحماسة والنعاس الهارب ثم تعدل جلستها كي تشعرنا بأهمية الأحداث التي ترويها وتقول :
تصادقت الضفدعة والضب في زمن بعيد كان الماء فيه يغطي كل شيء
عدا جزر صغيرة تظهر للناظرين من بعيد كأنها أطباق صغيرة وكانت الضفدعة تملك ذيلا جميلا لا يملك الضب مثله
وكانا يعومان في الماء تارة ويلعبان على الشاطئ
وذات يوم قال الضب للضفدعة
أعيرني ذيلك وأمنحك حكمتي
فقبلت الضفدعة وغدت مقطوعة الذيل وأصبح للضب ذيل طويل يتباهى به أمام حيوانات الغابة
تمكنت الضفدعة بهذه الحكمة أن تتجنب الأسماك الضخمة والحيتان وأن تدهش الضفادع بنقيقها واستطاعت تأمين طعامها من كنوز البحر أومن اصطياد الحشرات فوق اليابسة ولم تشعر أنها فقددت شيئا هاما بفقدانها للذيل لأنها عوضت عنه بحكمة جعلت حياتها سعيدة
أما الضب فقد ساءت أحواله بسبب تباهيه بذيله إذ نسي السباحة ووجد صعوبة بتأمين طعامه فوق اليابسة أو قرب الشاطئ
وراح يخطر بذيله فوق نتوءات الأرض ويهز رأسه هزات متتالية ويقول :
لا فائدة من أي شيء ولا طعم لأي شيء ولا ضرورة لأي عمل ويكفي أن يكون لك ذيل جميل وأن تهز رأسك وتمضي فهذا المهم برأيه
قالت الضفدعة أخالفك الرأي يا صديقي فالحياة جميلة حين تقودها الحكمة وهي كما تراها أنت حين نشغل بالنا فيها بالتباهي بجمال ذيولنا
لم يكترث الضب كثيرا بكلمات الضفدعة واكتفى بهز رأسه إلى الأعلى وما زالت الضفدعة والضب من يومها مختلفين بالرأي
لكن كلا منهما لم يتخل عن صداقته للآخر ومحبته
وأخيرا الحكمة والتصرف الطيب والحسن هيا أجمل الطرق للحياة السعيدة
وتنهدة جدتي قليلا وقالت انتهت الحكاية
ولكم محبتي