كلمات في فضل اللغة العربية
قال ابن تيميّة رحمه الله :" اعلم أنّ اعتياد اللغة
يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً ، ويؤثر أيضاً في
مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقلَ
والدينَ والخلقَ ، وأيضاً فإنّ نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرضٌ
واجبٌ ، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللغة
العربية ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب "
قال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله :" ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ ، ولا
انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر
لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة ، ويركبهم بها ، ويُشعرهم عظمته فيها ،
ويستلحِقهم من ناحيتها ، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ : أمّا
الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً ، وأمّا الثاني فالحكم على
ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً ، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال
التي يصنعها ، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ "
قال المستشرق الألماني يوهان فك إن العربية الفصحى لتدين حتى يومنا هذا
بمركزها العالمي أساسياً لهذه الحقيقة الثابتة ، وهي أنها قد قامت في جميع
البلدان العربية والإسلامية رمزاً لغوياً لوحدة عالم الإسلام في الثقافة
والمدنية ، لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة
يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر ، وإذا صدقت البوادر ولم
تخطئ الدلائل فستحتفظ العربية بهذا المقام العتيد من حيث هي لغة المدنية
الإسلامية"
قال المستشرق الفرنسي رينان :" من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ
القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل ، تلك
اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ
مبانيها ، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ ، ولا
نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى ، ولا نعرف
شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً
لكيانها من كلّ شائبة "