ملك اليابان أرسل سبعة طلاب في بداية النهضة اليابانية إلى أوروبا وأمريكا للدراسة، هؤلاء كانوا في بلد متخلف, " اليابان كان متخلفاً " فلما وجدوا في بلاد ومدن كبرى فيها مفاتن وأشياء جميلة وأشياء رخيصة فانغمسوا في الملذات الرخيصة وقصّروا في تحصيل العلم ولم ينجحوا, وعادوا إلى اليابان فأعدمهم الملك لأنه أرسلهم لمهمة محددة فنسوها وانغمسوا في شيء آخر وحينما عادوا أعدمهم، والإنسان أرسل إلى الدنيا لمهمة محددة فإذا عرفها ونفذها وكان في مستواها سعد في الدنيا والآخرة، وإذا تغافل عنها أو جهلها أو عمل عملاً يتناقض معها حينما يموت يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا قال تعالى:
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً ﴾
( سورة الفرقان الآية: 27-29)
هذا الكلام خطير, يضعك أمام مسؤولياتك ويقول لك إنك مخلوق في هذه الدنيا من أجل أن تهيئ نفسك لسعادة أبدية فإن لم تفعل فلك الشقاء الأبدي، لقد خُلِقتَ للسعادة وجئت إلى الدنيا من أجل أن تؤهل نفسك من أجل سعادة الأبد في جنة عرضها السموات والأرض.
أنت ممن قبلت حمل الأمانة, وقلت: أنا لها يا رب، جاء بك إلى الدنيا من أجل هدف واحد، أن تؤهل نفسك لهذه السعادة الأبدية، فواحد منا يتلهى بالمال والآخر بمشكلات الحياة، وهذا الآخر لتحقيق أهداف أرضية محدودة، وهذا تلهى بالسخف، وهذا يقضي حياته بالخصومات وبأشياء لا قيمة لها قال الله تعالى:
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾
( سورة الليل الآية: 1-4)
يوجد سعي واحد صحيح أن يكون سعيكم لمعرفة الله عز وجل " أصل الدين معرفته "، أنت في الدنيا من أجل مهمة خطيرة جداً فالمؤمن صار كله متعلقاً بهذه المهمة، زواجه فهو يحب أن يتزوج امرأة صالحة لأنه مخلوق للاستقامة والعمل الصالح، فإذا اختار امرأة سيئة فاسقة لا تُرضي الله يكون الزواج مِعولاً لهدّمَ سعادته الروحية، فأي عمل يمتص وقتك كله ترفضه, لأن لكل إنسان مهمة كبيرة جداً.