هل يجتمعن في بيت إحداهن لأداء صلاة التراويح ؟
نحن في
قرية لا يوجد فيها نساء يذهبن إلى الجامع, والجامع أيضاً لا يوجد فيه مكان
مخصص للنساء, فهل يجوز لمجموعة من النساء التجمع في أحد المنازل لصلاة
التراويح لوحدهن في جماعة ؟
في
جماعة ؟ وإن جاز فهل الصلاة تكون سرية أو ماذا ؟ وكيف يمكن لهن الصلاة في
جماعة إذا كانت الصلاة جهرية كالصبح أو العشاء وكانت إحداهن إماماً فهل
تجهر بالقراءة أو لا ؟. الحمد لله أولاً : يجوز للنساء أن يجتمعن
لأداء صلاة التراويح في بيت إحداهنَّ بشرط عدم التبرج والزينة في الخروج ،
وبشرط الأمن وعدم الفتنة . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولا بأس
بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة ، بشرط أن يخرجن محتشمات غير
متبرجات بزينة ولا متطيبات " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/السؤال
رقم 808) . والأفضل لهن أن تصلي كل واحدة منهن في بيتها ، بل في قعر بيتها ،
وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أن صلاة النساء للفرض في بيوتهن
خير لهنَّ من الصلاة في المساجد ، فأولى أن تكون النافلة مثله . عن أم سلمة
رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خَيْرُ مَسَاجِدِ
النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ ) . رواه أحمد (26002) وحسَّنه الألباني في
"صحيح الترغيب" (341) . بل إن صلاة المرأة في بيتها خير من صلاة جماعة في
المسجد الحرام أو النبوي خلف النبي صلى الله عليه وسلم . عَنْ أُمِّ
حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهَا
جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاةَ مَعَكَ . قَالَ : قَدْ
عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي ، وَصَلاتُكِ فِي بَيْتِكِ
خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ
خَيْرٌ مِنْ صَلاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ
مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ
خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِي . قَالَ : فَأَمَرَتْ ، فَبُنِيَ
لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ ،
فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . رواه
أحمد (26550) وصححه ابن خزيمة (1689) ، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب"
(340) . والحديث بوَّب عليه الإمام ابن خزيمة بقوله : باب اختيار صلاة
المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها ، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها
في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت صلاة في مسجد النبي صلى الله
عليه وسلم تعدل ألف صلاة في غيرها من المساجد ، والدليل على أن قول النبي
صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من
المساجد " أراد به صلاة الرجال دون صلاة النساء . وقال الشيخ عبد العظيم
آبادي رحمه الله : ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل للأمن من الفتنة ،
ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة . " عون المعبود " (
2 / 193 ) . ثانياً : إذا اجتمعت النساء في بيتٍ وفق الشروط السابقة جاز
أن يصلين جماعة ، وتقف إمامتهن في وسطهن ولا تتقدّم عليهن ، ولا تؤم الرجال
ولو كانوا من محارمها ، وتجهر بصلاتها كما يجهر الرجل في الصلوات الجهرية ،
على أن لا تُسمع صوتها الرجال إلا أن يكونوا من محارمها . عن أم ورقة بنت
عبد الله بن نوفل الأنصارية أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ
في دارها مؤذنا فأذن لها ... وأمرها أن تؤم أهل دارها . رواه أبو داود (
591 ) وحسنة الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 493 ) . وعن عائشة أنها
كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقف وسطهن . وعن عائشة أنها أمت نسوة في
المكتوبة فأمتهن بينهن وسطاً . وعَنْ حُجَيْرَة بنت حصين قَالَتْ :
أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ قَائِمَةً وَسَطَ النِّسَاءِ . وعن أم الحسن
أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء تقوم معهن في
صفهن . قال الشيخ الألباني رحمه الله بعد تخريج تلك الآثار : وبالجملة فهذه
الآثار صالحة للعمل بها ولاسيما وهي مؤيدة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم :
" إنما النساء شقائق الرجال " ... . " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "
( ص 153 – 155 ) باختصار . وقال ابن قدامة رحمه الله : وتجهر في صلاة
الجهر ، وإن كان ثَمَّ (أي هناك) رجالٌ : لا تجهر ، إلا أن يكونوا من
محارمها ، فلا بأس . " المغني " ( 2 / 17 ) . والله أعلم .