حسن الكلام هو المفتاح لقلوب الناس ووسيلة للتواصل الناجح بهم
قال صلى الله عليه وسلم:(( الكلمة الطيبة صدقة )) لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس ، واسمع إلى يحيى بن معاذ يقول : (( أحسن شئ كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق )) وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت الصفوف وزرعت الحقد والبغضاء والكراهية والشحناء في النفوس
من أساليب جذب الناس اختيار الأحاديث التي يحبونها ... وإثارتها ...
فإذا جلست مع أحد فأختر الأحاديث المناسبة له ..
وهذا من طبيعة البشر .. فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ..
ومع العالم تختلف عن الجاهل .. ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..
و الاختلاف يعنى أسلوب عرض القصة وربما كيانها كله، وبالمثال يتضح المقال..
وقد كان النبي يراعي ذلك ..
فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة.. أو الطفل..
وفي أحد الأيام يجلس إلى النبي شاب اسمه جليبيب .. من خيار شباب الصحابة .. لكنه كان فقيراً معدماً ..
وكان في وجهه دمامة ..
جلس يوماً عند رسول الله .. فما هي الأحاديث التي حرص النبي على إثارتها معه ؟ شاب في ريعان شبابه .. أعزب ..
أثار معه الرسول موضوع الزواج والحديث حوله .. فلطالما طرب الشباب لهذه المواضيع ..
ثم عرض عليه رسول الله التزويج ..
فقال : إذن تجدني كاسداً ..
فقال : غير أنك عند الله غال ..
فلم يزل النبى يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..
حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله .. ليتزوجها ..
فقال النبى : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..
قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..
فقال : إني لست أريدها لنفسي ..
قال : فلمن ؟!
قال : لجليبيب ..
قال الرجل متفاجئاً : جليبيب !! جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..
أتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..
قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله ..
قال : إنه ليس يريدها لنفسه ..
قالت : فلمن ؟
قال : يريدها لجليبيب ..
فتفاجأت المرأة أن تُزف ابنتها إلى رجل فقير دميم .. فقالت : حَلْقَى !! لجليبيب ..؟ لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً ..
فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله ..
فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟
قالا : رسول الله ..
قالت : أتردان على رسول الله أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله .. فإنه لن يضيعني ..
فكأنما جلَّت عنهما .. واطمأنّا ..
فذهب أبوها إلى النبي فقال : يا رسول الله .. شأنك بها فزوِّجها جليبيباً ..
فزوجها النبي جليبيباً ..
ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً .
هكذا كان النبى يختار لكل أحد ما يناسبه من أحاديث حتى لا تمل مجالسه.
جلس صلى الله عليه و سلم يوماً مع زوجه عائشة.
قال لها بعاطفة الزوجية: إني لأعرف إن كانت راضية عني.. وإذا كنت غضبى.. !!
قالت : كيف ؟
قال: إذا كنت راضية قلت: لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم .
فقالت : نعم .. والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك..