(( متعة اكتشاف الأشياء ؟ )) لنا نحن العرب منطق غريب في التعامل مع الأشياء و تقييمها أو تقييم الأشخاص و إطلاق الأحكام المسبقة عليها وعليهم . ففي حين نجد الغرب يقدر و يشجع كل باحث أومستكشف في أي مجال كان ، بدءا بأحقر الحشرات إلى أبعد المجرات ، واصفا من يتمتع بمثل هذا الشغف في اكتشاف الأشياء بالذكي أو الموهوب أو المغامر أو..أو.. تجدنا نحن العرب نصفه (( بالفضولي ؟)) بمعنى أنه يحشر أنفه فيما لا يعنيه أو فيما لا طائل منه له أو لمجتمعه . و أظن مبعث هذا النعت يعود للعقلية العربية التي لا تستطيع التفكير إلا ضمن حدود معينة سواء كانت حدودا اجتماعية أودينية أو مبعثها الأنظمة السياسية .. ففي كل الأحوال عقلية كهذه،لاتفكر إلا ضمن حدود موضوعة بموضوعية أو ملفقة ، لابد و أن تنعت كل مستكشف أومغامر أو باحث '' بالفضولي؟" ولعل الأمر له علاقة وثيقة بميراثهم التاريخي الذي ربما يعود إلى ما عرف بالجاهلية ما قبل الاسلام (( ما عرف بحزب الفضول؟)) حيث لا يعنينا هنا صحة وثوقية الحدث التاريخي المذكور من عدمه ، بقدر ما يهمنا من أمر التسمية التي أعطيت له أي (( حزب الفضول ؟)) ولعله مذاك التاريخ صار لكل من يبحث عن متعة في اكتشاف الأشياء الجديدة سمي عندهم فضوليا – ولازلت أتذكرمجلة الأطفال العربية الشهيرة في وقتها والمسماة ''ماجد" فقد كنا نعيش شغفا لايضاهيه شغف في تبادل أعدادها فيما بين تلامذة الأقسام أو فيما بين الأصدقاء بمبلغ زهيد قدره 20 سنتيما أو مقابل عدد لاحق من الأعداد – ولازلت اذكركيف كنا نقفزعلى الصفحات بحثا عن "فضولي ؟" وهو ما برعت أغلب صحفنا العربية في ممارسته مؤخرا ؟ ولعله أيضا منذ ذلك التاريخ و المسؤولون عندنا تكادهذه الصفة لا تفارقهم ، فلذلك نجد أحدهم عندنا ،مؤهل مسبقا لتبوء أي منصب في أي مجال اقتصادي أو اجتماعي او تربوي او سياسي أو علمي حتى وإن كان لاعلم اودراية له البتة بذاك المجال أو العلم أو..أو.. ولايقف الأمرعند تعيين الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب في التوقيت غير المناسب بل يتعداه إلى أن هذا الأخير متى عين كان غير مناسب في مكان غير مناسب ،مارس اختصاصات ومسؤوليات بشكل غير مناسب ، أضف إلى ذلك صفة الفضولية اللصيقة بأي مسؤول ،فيحق له وحده أن يحشر أنفه في كافة القطاعات و الاختصاصات : فمثلا لو عين في قطاع الرياضة ،بجثته الضخمة و عينيه المثقلتين نوما وكسلا وبطنه المنتفخ و بدنه المكسو لحما وشحما بعظام رخوة وخلاصة القول تجد مسؤول الرياضة العربي يتحكم في دواليب وماضي وحاضر ومستقبل الرياضة في بلده ، وهو لم يسبق أن مارس غير رياضة البوكر أو البليارد على أغلب تقدير ...أفلا يكون فضوليا و الحالة هذه ؟ ثم إنك تجد مسؤولا آخر يعين في قطاع الثقافة وهو لم يسبق أن ألف أو أرخ أوحقق أو أشرف على بحث مع أنه حاصل على دكتوراه فخرية أو شرفية في كذا وكذا ، عدا قرائته لكفه و بانتظام عند قارئي الكف و الفناجين قبل تقلده منصب المسؤولية و أثناءها وبعدها..فالقراءة الوحيدة التي يمارسها هي الكف و أوراق الأوامر وتقارير الموظفين ثم من بعد الجرائد اليومية ليقيس مدى شعبيته أو مغموريته من صحيفة لأخرى...وقس على ذلك أغلب القطاعات ومناصب المسؤوليات في البلدان العربية ، (( فالفضولية ؟)) في دمهم وبالتالي انتقلت لشعوبهم،ففي اجتماعاتهم دائما هناك فضولي ما ، و احزابهم أغلبها فضولية على طموحات شعوبها و هيئا تها وجمعياتها المدنية وغيرها فضولية في انشطتها ومهامها ، فتجد الأحزاب وزعماء الأحزاب أول الفضوليين على الديمقراطية أو الاشتراكية أو العدالة أو المعاصرة أو..أو.. وتجد رؤساء الجمعيات أول الفضوليين على انشطة تلكم الجمعيات تفردا واستئثارا بالنشاط و القرار و..و.. و اخيرا تنطبق الفضولية بالضرورة على ما اكتبه هنا في هذا الركن ، فلا انا بكاتب متخصص ولا بصحافي متمرس . ولكني فقط أحب متعة اكتشاف الأشياء الجديدة ، وكم اتمنى عزيزي القارئ أن تصاب بمثل هذه العدوى ،فتصير عندك متعة في اكتشاف الأشياء مهما كانت أرضا ، بحرا ، وجوا ،فيك وحواليك ، تتعلق بك أو بجنسك أو بباقي الأجناس ، فثق عزيزي القارئ أن القفزات التي قام بها الغرب حيث تركنا في الدرك الأسفل من سلم التقدم و الرقي و الحداثة، لم يبلغها لأنه أذكى أو أنه منح عبقرية فريدة لم تتأتى لنانحن معشر العرب . فالأمربسيط لدرجة أنه لايخرج عن كونه يملك متعة في اكتشاف الأشياء . وهذا ما ينقصنا لا غير ،فانطلق وحرر عقلك من الآن وصاعدا و تمتع باكتشاف الأشياء صغيرها وكبيرها و اسأل و تساءل و ابحث لك عن أجوبتك في داخلك أو في العوالم المحيطة بك، وحتى إن تعذر عليك ذلك ،فلا تحرم نفسك من متعة اكتشاف الأشياء افتراضيا في عوالم حاسوبك أو فضائيتك المفضلة . فتمتع و إلى آخر ساعة بشغف اكتشاف الأشياءوحتما سيأتي اليوم الذي ستعمل على تحقيقها على أرض الواقع