فن التشبيه:
التشبيه لغة هو التمثيل . وفي اصطلاح البلاغيين له عدة تعاريف وإن اختلفت الألفاظ فهي متفقة في المعنى.
1.
صفة الشيء بما يقاربه ويشاكله من جهة واحدة أو عدة جهات لا من جميع جهاته
لإنه لو ناسبه مناسبة كلية لكان هو. وفي قولهم ( خد كالورد ) إنما المراد
حمرة أوراق الورد وطراوتها لا ما سوى ذلك من صفرة وسطه وخضرة كمائمه.
2.
الوصف بأن أحد الموصوفين ينوب مناب الآخر بوجود أداة تشبيه حل محله أو لم
يحل فقد جاءت الصور في الشعر وسائر الكلام بغير أداة التشبيه, في قولنا (
رجل قوي كالأسد ) وهذا هو الصواب في العرف وداخل في محمود المبالغة وإن لم
يكن ذلك الرجل في قوته كالأسد على حقيقته.
3. الإخبار بالشبه,: وهو اشتراك الشيئين بصفة أو أكثر ولا يستوعب جميع الصفات...............الخ
4.
بيان أن شيئا أو أشياءً شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة الكاف أو نحوها
ملفوظة أو مقدرة للتقريب بين المشبه والمشبه به في وجه الشبه.
* يعد
التمثيل نوعا من أنواع التشبيه ولأن التشبيه عام فإن التمثيل أخص منه في
الذكر, لذلك فكل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه يعتبر تمثيلاَ.
فالتشبيه
العام هو ما كان فيه وجه الشبه مفردا أي صفة أو صفات اشتركت بين شيئين ليس
غير, أما تشبيه التمثيل هو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء
متعددة نحو:
( والبدر في كبد السماء كدرهم ملقى على ديباجة زرقاء )
صورة شيء ابيض لامع مستدير على سطح ازرق//// وهنا صح التمثيل.
* أركان التشبيه:
1- المشبه.
2- المشبه به. والإثنان يسميان طرفي التشبيه.
3- أداة الشبه.
4- وجه الشبه: الصفة الجامعة بين الطرفين.
* طرفا التشبيه:
المشبه والمشبه به وهما الركنان الأساسيان وبدونهما لا يكون التشبيه.
إن
قدامة بن جعفر هو أول من بحث التشبيه بحثا أقرب إلى المنهاج العلمي حيث أن
أساس التشبيه عنده أن يقع بين شيئين بينهما اشتراك في معان تعمهما بها
وافتراق في أشياء ينفرد كل واحد منهما بصفتها.
المعنى: أن
الشيء لا يُشبه بنفسه ولا بغيره من كل الجهات لأن الشيئين إذا تشابها من
جميع الوجوه ولم يقع بينهما تغاير اتحدا فصارا واحدا وبطل التشبيه.
وأحسن التشبيه عنده هو ما وقع بين شيئين من اشتراكهما في الصفات أكثر من الإنفراد.
فعند
قولنا ( وجهك كالشمس ) لا يعقل أن يكون وجهها كالشمس فعلا في الضياء ولا
لعظمة الشمس وإنما كان التشبيه لمعنى يجمع بينهما وهو الحسن, وفي قوله
تعالى( وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) فقد شبه المراكب بالجبال من
جهة العظمة لا من جهة الصلابة والرسوخ والرزانة......................
( علي كالبحر) لم يكن المقصود أن عليا كالبحر في الملوحة والزعوقة, بل كان المقصود السماحة والعلم على ما أظن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
يأتي طرفا التشبيه كما يلي:
1-
حسيان: والحسي هو ما يدرك أو مادته بإحدى الحواس الخمس الظاهرة, فقد يكونا
من المبصرات أو المسموعات أو المذوقات أو المشمومات أو الملموسات.
المبصرات مما يدرك بالبصر من الألوان والأشكال والمقادير, ففي قوله تعالى( كأنهن الياقوت والمرجان) الجامع البياض والحمرة.
المسموعات مما يدرك بالسمع سواء كان الصوت قويا أو ضعيفا وما بين بين ( صوتها كالبلبل)
المذوقات والمشمومات والملموسات أيضا تفهم من خلال الحواس.........
2-
عقليان: أي أنهما لا يدركان بالحس بل بالعقل كتشبيه العلم بالحياة والكفر
بالظلمات والجهل بالموت, فالمشبه معقول والمشبه به معقول.
3- مختلفان: أحدهما حسي والآخر عقلي ( كتشبيه الرائحة العطرة بالخلق الكريم والمرأة الصالحة بالنور)
[size=21]*** يلحق بالتشبيه الحسي ما يسمى بالتشبيه الخيالي وهو المركب من أمور كل واحد منها يدرك بالحس لكن هيئته التركيبية ليس لها وجود حقيقي في الواقع وإنما لها وجود خيالي أو متخيل مثل:
وكأن محمر الشقيق أذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد
فالهيئة
التركيبية التي قصد با التشبيه هنا هي نشر أعلام مخلوقة من الياقوت على
رماح مخلوقة من الزبرجد لم تشاهد قط لعدم وجودها في عالم الحس والواقع,
ولكن العناصر التي تألفت منها هذه الصورة المتخيلة من الأعلام والياقوت
والزبرجد هي موجودة في عالم الواقع وتدرك بالحس.
*** يلحق بالتشبيه العقلي ما يسمى بالتشبيه الوهمي
وهو ليس مدركا بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ولكنه لو وجد فأُدرك لكان مدركا
بها كما في قوله تعالى( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) فالشياطين لا تدرك
بإحدى الحواس الخمس لكنها لو وجدت فأُدركت لكان إدراكها عن طريق حاسة
البصر..... وكذلك الغول أيضا لا تدرك بالحواس.......
*****ويدخل
في العقلي أيضا ما يدرك بالوجدان كاللذة والألم والشبع والجوع والفرح
والغضب. وما يدرك بالوجدان يعني ما يدرك بالقوى الباطنية مثل القوى التي
يدرك بها الشبع والتي يدرك بها الجوع..........الخ
[/size]