كثيرون
لديهم بعض الأفكار السلبية التي تراودهم أحياناً، إلا أن البعض تراوده
مثل هذه الأفكار دائماً، وتعيش معه إلى ألأبد، بل وتتكاثر مع الأيام وتمسك
برقبته شيئاً فشيئاً لتتحكم به وتدير حياته كما تريد. فتجعله أسير المضي
وتسرق منه الحاضر والاستمتاع بحياته ليمرض جسده لأنه يشغل عقله.
تبدأ العملية بأنك لا تحبذ الجلوس أو التواصل مع شخص معين، ثم تجد نفسك
تكره رؤيته ثم لا تطيق أن تسمع بسيرته، وأخيراً يتطور الموضوع بأن تزداد
دائرة الأشخاص الذين تكرههم وتتسع شيئاً فشيئاً. فإن كنت رجلاً وكرهت امرأة
في حياتك قد تكره فيما بعد جنس النساء جميعه، وإن كنت تكره شخصاً من برج
الأسد مثلا فستجد نفسك تكره كل من ينتمي لهذا البرج وتعتقد بأنهم يملكون
نفس صفاته وخصائصه.
لا تسمح لأفكارك السلبية أن تسيطر عليك وتتطور.
- كن واعياً لوجود هذه الأفكار السلبية داخلك; فهناك مؤشرات لوجودها
كانخفاض طاقتك ونشاطك، شعورك بالتشاؤم، كثرة مرضك, ميلك للوحدة وشعورك
بالقسوة، اعلم أن ما تعاني به هذا هو بسبب أفكارك السلبية الساكنة داخلك.
- حاول أن توقن اللحظة التي تراودك فيها الفكرة السلبية; فعندما تبدأ
بالتفكير بسلبية عِ بنفسك. تخيل أن الفكرة قد تحولت إلى إنسان له أرجل
وبدأت تمشي بعيدا عنك، أو لطائر يطير بعيداً. ارم الفكرة إلى الأرض أو إلى
البحر أو افتح سلة المهملات وانفض جسدك فوقها وتخيل أنك تخرجها من داخلك
إلى السلة. كما يمكنك كتابة مشاعرك والموقف الذي أوجد الفكرة عندك على ورقة
ومزقها أمامك. قم بذلك عدة أيام.
اعلم
أن هناك منطقة في الجبين "الناصية" هي بمثابة باب تدخل منه الطاقة. فأكثر
من السجود لتخرج الطاقة والأفكار السلبية من جسدك إلى الأرض وتخيل فعلاً
أنها تخرج منك، كما يمكنك السير حافي القدمين على الأرض لتخرجها منك، كما
أن الدراسات قد أثبتت أن لبس المرأة الذهب والرجل الفضة يساعد بهذا أيضاً.
- راجع نفسك أولاً قبل أن تحكم على الناس أو الأشياء وتتخذ موقفاً ضدهم،
فقد تكون أنت السبب... فإن كنت تتساهل كثيراً أي أكثر مما يجب في تعاملك مع
الآخرين، فاعلم أنك أنت من جعلت الناس يتهاونون معك. إن كنت ضحية فتعلم
كيف تواجه المواقف بحزم وأن تقول "لا" بصوت عال وتأخذ حقك ممن ظلمك. وإن
كنت أنت من النوع الذي يقسو على الآخرين فتعلم قليلاً من اللين واعلم أنهم
لم يسخروا لخدمتك. إن كان هذا الشخص ممن تتعامل معهم كثيراً فحاول اختصار
التعامل معه، عندها ستبدأ بأنه ليس أكثر من شخص عادي وتتوقف عن إضمار
مشاعر سيئة له.
- العب مع هذه الفكرة قليلاً.. فكبرها وبالغ فيها تارة وصغرها تارة أخرى.
فلو كنت تكره شخصاً معيناً فتخيل أنك تنازعت معه نزاعاً شديداً لدرجة أن
الناس تجمعت عليكما وأن كاميرات التصوير التلفزيوني نقلت الحدث وأنك
انتقمت منه أشد انتقام وهكذا، كبر الموضوع بقدر ما تستطيع وأوصله لأبعد
مكان يمكن لخيالك أن
يصله. ستكتشف فجأة بأنك بدأت بالتحسن. ثم تكلم مع نفسك بشأن هذه الفكرة
بأنها بسيطة للغاية بل أن لا وجود لها أصلا; قل لنفسك أنك لا تكرهه ولكنك
"تفضل غيره عليه ليس أكثر". كما أن هذا الشخص الذي يضايقك لا يستحق منك
تكبيره لدرجة أنك تسمح له بأن يتحكم بحياتك ويعكر عليك صفو مزاجك ويقلق
راحتك... ببساطة يمكنك أن تتجاهله.
- قم باستعراض بعض إيجابيات الشخص أو المكان أو الشيء الذي تكرهه وتحتضن
في داخلك أفكاراً سلبية بشأنه; لا تقل إنه ليس هناك إيجابيات في الموضوع،
فقط ابحث عنها جيداً وستجدها حتماً.
-
قم مباشرة بإبدال أفكارك السلبية هذه بأفكار إيجابية لتحل محلها، ففكر
مثلا بخطة لقضاء إجازة نهاية الأسبوع أو بموقف جميل تحبه أو استرجع ذكريات
تحبها.. اجعل ذلك عادة لك بأن توقف التفكير بها وتفكر بشيء محدد كل مرة
"نفس الشيء".
- أُخرج عن الروتين واسخَ
على نفسك وراحتك فدللها بأن تكثر من التنزه والتواصل مع الأصدقاء
الإيجابيين المرحين وأن تشتري ما تريد من لباس وطعام شهي وهكذا.
- عود نفسك الحياة الصحية فابتسم عندما تصحو من نومك، مارس التمرينات
الرياضية وتمارين الاسترخاء وهواياتك وتعود التنفس الصحي العميق من البطن،
وتوقف عن التدخين وتناول الطعام المعلب أو الجاهز وكن أكثر تنظيماً وتعلم
فن التدليك الذي يمكنه أن يخفف توترك ويريح أعصابك. يمكنك مثلا أن تدلك
المنطقة التي في منتصف راحة يدك بإبهامك بشكل دائري فور شعورك بالتوتر، هذا
يساعد جسدك على إفراز هرمون السعادة ومن ثم التفاؤل والمحبة بدلا من
الكراهية. واستمع لصوت القرآن الكريم، أصوات العصافير وخرير الماء.
يساعد التنفس العميق على إخراج الأفكار السلبية من داخلك وذلك بإضمار
الفكرة والتفكير فيها لثوان ومن ثم إخراج زفير عميق مع التخيل أنها تخرج مع
الهواء المنطلق من جسدك.
اعلم أن الحياة
قصيرة ولكنها مليئة باللحظات الجميلة، وأن إغماض العين عن تلك اللحظات
يعتبر إجراماً بحق الروح التي هي أيضاً من مكونات الإنسان التي من حقها أن
تشفى هي كذلك من أمراضها شأنها بذلك شأن باقي المكونات.