مسك الجنة مشرفة عامة
المشاركات : 603 الجنـس : الـعـمــر : 42 السٌّمعَة : 4 بـــلادي : انـــنــي : مـزاجـي : مـهنـتي : هوايـتـي :
| موضوع: منازل السالكين الى الله - محاسبة النفس الإثنين فبراير 06, 2012 9:51 am | |
| منازل السالكين الى الله - محاسبة النفس إن السائر الى الله تبارك وتعالى لابد أن يمر على منازل ولابد أن ينزل فى هذه المنازل وهذا السفر الى الله تبارك وتعالى يشبه السفر الحسى تماما فلو أنك مسافر الى العمرة بالسيارة ...فهذا طريق طويل وشاق ، فاذا لم يكن على جانبى هذا الطريق فنادق أو محطات وقود فانك ستنقطع حتما وتتوقف لأنك لابد لك أن تستريح وأن تتزود بوقود السيارة التى تحملك وتنطلق بك الى غايتك .
ولابد أيضا أن يكون للطريق علامات تشير الى الغاية وان لم تكن فى الطريق علامات تهت ودخلت فى طريق غير الطريق الذى أردت أن تسلكه لتبلغ غايتك .
وقد ذكر الله عز وجل الطريق المعنوى الذى هو الهداية بعد الطريق الحسى ، قال تعالى :" والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " وانما يركب المرء هذه الأنعام ليصل الى غايته ثم قال تبارك وتعالى :" وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين " ... فهذا هو الطريق الى الله عز وجل وأنه هو الذى يهدى سالكه اليه .
والطريق الى الله عز وجل على جانبيه منازل كالفنادق فلابد أن تنزل فى هذا الفندق لكى تأكل وتشرب وتستريح ثم تنطلق فاذا تعبت وجدت فندقا آخر أكلت وشربت واسترحت ثم انطلقت وهكذا ...حتى تصل الى غايتك .
•فالمنازل الى الله عز وجل كثيرة ولابد أن تنزل فيها طالما سلكت الطريق الى ربك .
وفى شهر رمضان وفى يوم 20 منه يقبل الناس عادة على العبادة ثم بعد ذلك تفتر هممهم فيرجعون الى الاهمال مرة أخرى فيا ترى ما هو السبب الذى يجعلك ترجع الى الله فى رمضان وتدبر عنه فى غير رمضان ؟
فالطبيب لذا عجز عن تشخيص العلة فلن يعطيك دواء ناجحا ، فالطب فى حقيقته هو معرفة العلة ، هذا هو الأصل ثم كتابة الدواء فرع على معرفة هذه العلة .
فما هو الداء الذى يتلبس المرء به ليقصيه عن ربه فى غير رمضان ؟
هذا الداء بسبب أن المرء فوّت منزلا من المنازل كان لابد أن ينزل فيه وهذا المنزل اسمه " منزل المحاسبة " أو " محاسبة النفس " ، وكل بلاء يكون بسبب ترك هذا المنزل لأن هذا المنزل يؤدى الى منزل آخر هو أعظم وأشرف منه ولابد للعبد منه من ساعة أن يُكلف حتى يموت ألا وهو " منزل التوبة " ، فلا يستطيع المرء أن يفارق هذا المنزل طرفة عين . ولماذا ؟ لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل بنى آدم خطّـــــــاء " يخطئ فيتوب ثم يخطئ فيتوب وهكذا ... فهو مخطئ بعدد الأنفاس .
-أحد السائرين اليقظين جلس مرة فحسب عمره فوجد أنه ابن 60 سنة فحول السنين الى أيام واذا هو عاش 21900 يوم فاستهول هذا الرقم ولم يدرى بنفسه الا وهو يصرخ وقال لو أنى أذنب كل يوم ذنبا واحدا أفألقى الله بــــ 21900 ذنب ، هذا رجل متيقظ تلبس بمنزلة اليقظة فنفعته هذه اليقظة .
- وقال رجل مثل هذا اليقظ .... سأله الفضيل بن عياض كم مضى من عمرك ؟ قال مضى من عمرى 60 عام ، قال له : أنت منذ 60 عام وأنت سائر الى الله وتوشك أن تبلغ المنزل ( وهو القبر وهو أول منازل الآخرة ) فكأن الرجل بوغت وفوجئ فقال : إنا لله ، وما العمل يا أبا علي ؟ قال له : أحسِِِِِِِِِن فيما بقى يُغفر لك ما مضى .
-فان الرب ودود وشكور ورحيم وكم من عاصٍ نزل فى جب العصيان فرفعه فجعله على قمة الولاية ... ليس بين الله وبين عباده خصومة أنت عبده وصنعته وأنزل لك الكتب وأرسل لك الرسل وجعل لك على الشيطان سبيلا ولم يجعل للشبطان عليك سبيلا .... فاذا فعلت الشئ الكثير من الذنب وتبت أسقط عنك المؤاخذة ولا يعاتبك ولا يثنى عليك العقوبة مرتين فهذا ليس من فعل الكريم فالكريم يسقط العقوبة فإن كان لابد أ، يعاقب عاقب مرة ولم يعاقب مرتين فاذا آخذك فى الدنيا لم يؤاخذك فى الآخرة ........أين تجد مثل هذا الرب ؟!!!!
- لماذا تشتد فرارا منه ؟!!! كأنما هو عدو لك ! ولماذا وضعت يدك فى يد عدوك وعدوه ألا وهو الشيطان ؟!! قال تعالى : " أفتتخذونه وذريته أولياء لكم وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا "
- يقول أبو نواس : عجبْتُ لإبليس فى كِبْرِه والذى أظهر فى نخوته تاه على آدم فى سجدته وصار قوادا لذريته ، ياللعجب !! إنما رفض أن يسجد لآدم كِبْراً ونخوة قال : أأسجد لمن خلقت طينا وقال : أنا خير منه ( يعنى عنده نخوة ولا يريد أن يسجد للطين ) اذاً كيف صار قوادا للفساق ولأهل الدعارة والزناة والفجور ؟
أين نخوته التى ظهرت فى ترك السجود لآدم ، كان المفترض طالما أنه عنده نخوة وعنده كبر واباء أنه لا ينزل لهذا المستنقع . لكن ... يرفض أن يسجد لآدم ويرفع عقيرته على ربه ويبدى اعتراضه على أمره ثم يكون قوادا للفساق وأهل الدعارة ؟ أين نخوته اذا ؟ هذا هو الشيطان المتلبس بالمستنقع والقاذورات والنجاسات كلها ، هذا ! تتخذونه وذريته أولياء من دون الله وهم لكم عدو ؟ " بئس للظالمين بدلا " فدعى الله عليهم .. ومن يلعنه الله لا تتركه اللعنة ختى جهنم .
فالمسألة خطيرة وينبغى أن تعرف لماذا خُلِقت ؟ " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون فتعالى الله "
- جعل الله عز وجل لك الحجة والسلطان على الشيطان وليس العكس . فاذا قال الشيطان : لا أزال أغويهم ما بَقِيَت فيهم الروح . قال الله عز وجل : وأنا لا أزال أغفر لهم ما بقيت فيهم الروح . فلماذا تشتد هربا منه وهو هو وأنت أنت ، هو هو فى عُلوُه وقدرته وأنت أنت فى الأرض مخلوق من تراب وتمشى على تراب ويُدَاس عليك بعد الموت .... خفف الوطا ماأظن أديم هذه الأرض الا من هذه الأجساد....
فأين القبور من عهد عاد ؟ فأنت تمشى بنعليك على من سبقك ويأتى اللاحق فيمشى بنعليه عليك ، اعرف قدرك اذا ..أنت عبد شئت أم أبيت فكن عبدا مختارا لا مكرها والعبد المختار هو الذى إذا أُمِرَ أتى طواعية ، واذا لم يأتى طواعية سيكون عبدا بالقهر قال تعالى :"ان كل من فى السماء والأرض الا آتى الرحمن عبدا" لابد أن تكون عبد ولكن من أى نوع أنت ؟ هناك عبد سيساق الى النار ذليل خاضع منكسر القلب ..لماذا لا تكون عبدا محترلاما وتأتى طواعية بدل الاكراه ؟؟!!!
والقرآن يخاطب الذين آمنوا ليكونوا عبادا بالاختيار.
-فهؤلاء الذين يتيقظون فى رمضان ثم ينتكسوا الذى حدث معهم أنهم نزلوا منزل المحاسبة غمضة عين ، فكيف اذا إطمأن ونزل منزل المحاسبة وأجال فكره وخاطره لاشك أنه سيكون منتفعا أ:ثر بكثير من رجل نزل ثم خرج .
-فمنزل المحاسبة ..ما أركانه وما صفاته ؟كثير من الناس يرجع ولا يعرف لماذا رجع ويدبر ولا يعرف لماذا أدبر والسبب أنه لم يعرف معنى المحاسبة ومعنى النفس ...فكل كلمة لها معانى .
فمثلا..تختلف المطالع فى بلاد المسلمين وهناك من لا يقوم الا ليلة 27 فمن أدراك أن هذه هى ليلة القدر ؟ ويا ترى ؟أنحن أسعد بالليلة أم الذين سبقونا بيوم أم الذين تأخروا عنا بيوم ؟ وحتى تريح نفسك لا تكن كالذى يعبد على شفا جرف هار فهل هو يتملق ربه فى هذه الليلة ؟ أفيخدع الله ؟ هذا لم يعرف معنى محاسبة النفس .
..وأمرنا النبى أن نجتهد فى العشرة الأواخر كلها ..فمن أقام العشر الأواخر كلها أصاب ليلة القدر حتما .
* ما معنى محاسبة النفس ؟
-هاتين الكلمتين مثل الشجرة لها أصل وفرع أما الأصل فهو النفس فهل تعرفى شيئا عن نفسك ؟ وهل تعرفى شيئا عن النفس عموما ؟
أما النفس : فهى ظلومة جهولة هذا هو أصل خلقتها ويزول ظلمها وجهلها بقدر ما يدخل عليها نور الوحى ، فاذا كانت ظلومة جهولة فلن تأمرك بخير أبدا.." إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى " ولنلاحظ فى هذه الآية الكريمة : ( إنّ – واللام ) حرفان تأكيد – أتى مؤكدان فى ثلاث كلمات فقط ، أي : هى هى لا يأمر بالسوء غيرها إلا ما رحم ربى وعصمها ونفعها بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
يقول الشاعر : والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فَلِعِلة
فالانسان ظالم بطبعه لكنك تجد من هو عفيفا حليما متسامحا ... لماذا ؟؟ لعلة ما ، فالعلة إما أن تكون :
- تقوى وخشية من الله وهى أعظم العلل
-وإما أن يكون جبنا وخوفا ممن هو أقوى منه فأظهر العفة وأظهر المسامحة .
-وإما أن يكون تملقا ونفاقا لتحصيل مصالح .....واما واما عدى من العلل ما شئتِ .
لكن النفس فى الأصل ظالمة والحلم طارئ وقد وصف الله عز وجل المرء بهذين الوصفين اللازمين فقال تعالى : " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ف؟أبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " هكذا خُلِق قال تعالى : " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا " ثم يُدْخِل عليه من أنوار الوحى وكلام النبى ما يزيل هذا الجهل .
* ما هو الكلب العقور ؟
اذا نفسك التى بين جنبيك كلبٌ عقور ( والكلب العقور هو الذى يعض )
يقول العتابى مررت بديل راهب فناديته : أيها الراهب ..أيها الناسك ، فلم يرد على أحد فقال : يا صاحب الديل فخرج اليه وقال : ماذا تريد ؟ قال : ناديت عليك مرة فلم تجيبنى ، قال : لأنك ناديتنى بغير اسمى فأنا لست راهبا ولست ناسكا أنا كلبٌ عقور حبست نفسى فى هذه الصومعة كى لا أعقر الناس ، فنفسك التى بين جنبيك كالكلب العقور متى تركت لها الحبل على الغارب عقرت الناس جميعا فتخيل أنت أن لديك كلب عقور اذا لم تربطه فى حبل أو عمود آذيت الناس جميعا نفسك كذلك .... أتترك هذه النفس هكذا ؟!!
هذه هى النفس التى أهملت النظر اليها ولأأهملت رعايتها وأهملت محاسبتها ، ولذلك لو لم ينتبه العبد مضى الى الله عز وجل خاسرا ، اذاً لابد من محاسبة هذا الكلب العقور .
كثير من الناس يريد محاسبة نفسه ولكنه لا يدرى من أين يبدأ ولا من أين ينتهى ولا كيف يرتب أفكاره واذا لم يرتب المرء أفكاره لا يستطيع أن يقول كلاما مرتبا معقولا مفهوما .
ما معنى المحاسبة ؟
أولا : دليلها من القرآن : قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
وقال تعالى :" ولا أقسم بالنفس اللوامة "قال الحسن البصرى رحمه الله : ( لا تجد المؤمن إلا معاتبا نفسه " ، ان تكلم بكلمة قال لها : ماذا أردتى بهذه الكلمة ؟ أردتى وجه الله أم أردتى الناس ؟ وان أكل الأكلة قال لنفسه : ماذا أردتى بهذه الأكلة ؟ تأكلى وتشربى وتصحى لتتم لكِ الشهوة ؟ أم لتتقوى على عبادة الله بصحة؟ واذا شرب الشربة .......وهكذا
-أما العاجز فيمضى قُدُماً لا يعاتب نفسه ، وهذه النفس اللوامة لا تدع المؤمن يهنأ بشئ دائما تعاتبه ( ماذا فعلتى ؟ أفيرضبك هذا ؟ كيف تقولى لربك غدا اذا لقيتيه ؟ أكسرت قلب هذه ؟ زظلمت هذه ؟وغششت هذه ؟ ) لا تدعه ولا يستطيع أن ينام منها ولا يستريح .
وقد أشار النبى صلى الله عليه وسلم الى هذه النفس اللوامة أى نفس المؤمن التى تلومه دائما فقال فى الحديث الذى رواه الترمذى وأحمد وحسنه الترمذى: " أخرج الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه على الصحيحين من حديث النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبوابٌ مفتحةٌ، وعليها ستورٌ مرخاة، وعلى رأس الصراط داعٍ، يقول: هلم -عباد الله- إلى الصراط ولا تتعوجوا، وفوق الصراط داع، كلما أراد الإنسان أن يفتح باباً قال: ويحك! لا تفتحه؛ فإنك إن فتحته تلجه. فالصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله عز وجل، والأبواب: محارم الله تعالى، والداعي على الصراط: كتاب الله عز وجل، والداعي من فوق الصراط: هو داعي الله عز وجل في نفس كل مسلم) . وهذا حديث صحيح، وهو من أجمل الأحاديث وأعذبها، وهو كثير الفوائد! والمقصود من ضرب المثل: تبيين الفكرة المجملة؛ لأن العمل بالشيء فرعٌ عن تصوره، فإذا تصورت الشيء عملته.
دائما يسمع الوعظ ونفسه تلومه ، فتأملى أختى هذا المثل ما أروعه وما أعجبه .
- ما من عاصى يفعل العصيان إلا وهو يعلم أنه عصيان ، فاذا قلت له لم فعلت ؟ يقول : أنا لا أدرى . بل كل انسان بصير بنفسه وبما يفعل ولكن كلما سألته يلقى معاذيره .. يعتذر يقول ما كنت أعرف ..اشتبه على ، ولكن أنت فى حقيقة الأمر تعرف نفسك جيدا ، قال تعالى : " بل الانسان على نفسه بصيرة ، ولو ألقى معاذيره " - فهذا الواعظ فى داخل نفسك كلما اقتبت من محارم الله يقول لك " ويحك ، لا تفتح الباب فانك متى فتحت الباب ولجتهواذا دخلت على محارم الله عذبك "
- كان السالفون من الفضلاء لا يتركون أنفسهم بلا محاسبة .. عن أنس بن مالك قال : كنت مع عمر بن الخطاب فى بستان فابتعد عمر عن أنس ويقول أنس : وبينى وبينه حائط فسمعنه يقول :" بخ بخ عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ، والله يا ابن الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك " يُسمع نفسه الكلام ....أخيانا تكون المعانى بداخل قلبك لكن تحتاج أن تسمعها قلبك .
- وما ينسب الى عمرأنه قال : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتزينوا ليوم العرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية
-هناك راو ثقة اسمه سعيد بن السائب الكوفى ، قال عنه تلميذه سفيان بن عيينة : " ما رأيت أسرع دمعة من سعيد ، كان يبكى دهره كله إن صلى فهو يبكى وإن طاف فهو يبكى وإن رأيته فى الطريق فهو يبكى ....فعاتبه رجل على ذلك ...فقال له سعيد : " هذا بدلا من أن تلومنى على تقصيرى وتفريطى فانهما قد استوليا على " فلما رأى الرجل منه ذلك تركه كان يجزئه أن تحركه فقط حتى ترى دموعه كالقطر ، يكفى أن تقول له " اتق الله " ما الذى جعل قلبه ساخناً فذرف الدمع الثخين ؟؟؟ ما هى الا المحاسبة ...محاسبة النفس ..
-وهذا أحد العظماء من أمة ملآنة بالعظماء الكبار وهى أمة ولاّدة اذا كانت الجماهير لا تعرفه فان الله يعرفه وهو إبراهيم التيمي قال : " مثلت نفسى فى الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها ، ثم مثلت نفسى فى النار أعانى من حرها وأشرب من صديدها وأتوجع من أغلالها ، فقلت يا نفس ماذا تريدين ؟ ( أى وهى فى النار ) قالت : أريد أن أرجع الى الدنيا فأعمل صالحا فقال : أنتِ فى الأمنية فاعملى " أنتِ مازلتِ على قيد الحياة فاعملى .
واذا قيل للمجرم وهو على شفير النار ماذا تريد ؟ لقال كما ذكر الله عز وجل : " ولو ترى اذ وُقُفُوا على النار فقالوا يا ليتنا نُرَد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " ولو رُدوا لعادوا لما كانو عليه قال تعالى : " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو رُدوا لعادوالِما نُهوا عنه وانهم لكاذبون " سيسلك نفس السيرة الأولى ..والذى يخبر عنهم هو ربهم الذى فطرهم وخلقهم وهو خبير بنفوسهم . أنتِ مازلتِ حيةً ...فاعملى قبل أن يُقَال لكِ : ماذا تريدين ؟؟
- كيف خفت المحاسبة على السلف الأول وكبرت علينا ؟؟
ذلك بسبب الجهل التام بمعنى المحاسبة ، فيا أيتها السائرة الى الله تبارك وتعالى وترجو النجاة غدا وترجى أن تسيرى بنفس قوة دفع الايمان بعد رمضان ولا ترتدى على أدبارك مهملة غدا ؟اعلمى معنى المحاسبة واعلمى أن للمحاسبة ثلاثة أركان : فهى مثل الفندق له ثلاثة أعمدة تقوم عليها فما هى ؟
1-أن تقايسى بين نعمته عليكِ وجنايتكِ ، وتجرى المقارنة .
2-أن تعلمى ما له عليكِ من حق العبودية ووجوب الطاعة واجتناب المعصية ، أى تعرفى ما لكِ وما عليكِ فتؤدى ما عليكِ أما ما هو لكِ فواصل يقيناً
3-أن كل طاعة عملتيها فرضيتِ عن نفسكِ فيها فهى عليكِ وأن كل معصية عيرتى بها غيركِ فهى اليكِ .
-اذا أردتى أن تحاسبى نفسكِ فلتعلمى أن حسابكِ لنفسكِ اليوم مهما كان مُراً فهو أخف بكثير جدا من أن تقفى بين يدى ربكِ يقول لكِ : فعلت لك ِ فماذا فعلتِ أنتى ؟
-والمسألة ليست مسألة عتاب خالى من الجزاء ، فعلت لك كذا فماذا فعلتِ أنتى ؟ لا جواب ..وفعلت لكِ ماذا فعلتى ؟ لا جواب ...فى النهاية هى النار ..فهو عتاب بعده جزاء .
-العاقل الذى يعلم أنه لابد أن يصل الى منزله فى يوم من الأيام لا يهمل أبدا هذه المحاسبة .
-أول شئ يلجم لسانكِ ويكسر قلبكِ ويجعل بصركِ خاشعاً قى الأرض : أن تقايسى بين نعم الله عليكِ وبين جنايتكِ ، هذا الركن فى الحقيقة كافى جدا لانهاء المسألة قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلومٌ كفار "
" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفورٌ رحيم " – هذه الآية انتهت بأن الله غفور رحيم – لأنه سبحانه لو آخذنا بما قصرنا ما ترك على ظهرها من دابة .
= هنا فى هذه الآية الكريمة لفتة طريفة للعلماء كلمة نعمة هى مفردة فأنتِ لا تستطيعى أن تعدى ما بالنعمة الواحدة من النعم فكيف بالنعم كلها ؟؟ سبحان ربى الخلاق
فالعين هذه نعمة واحدة ولكن تشمل على نعم كثيرة .. الحدقة –الشبكية- الخلايا الدمعية الرموش بحركتها الدائمة لتوزيع الدمع والتخلص من الشوائب دون أن تتضايقى من هذه الحركة المتصلة .........الخ كذلك نعمة البنكرياس والكبد والقلب ...والمخ ما هى هذه الذاكرة التى تحفظ القرآن كاملا ولا يتفلت حرف وتتذكر أحداث 50 أو 60 عام قال أحد الباحثين أنه لو أحضر ورقة بحجم الكرة الأرضية بملايين المرات لرسم خلايا المخ على أن تكون كل خلية تساوى سن قلم (نقطة )لن نحيط بعدد خلايا المخ ، " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها أن الانسان لظلوم كفار " كل هذه النعم ويذهب لعبادة صنم أو حجر حقا انه ظلوم كفار !!!!
" وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجئرون "
- فكل نعمة عليك فهى من الله ولكن يجب أن تعرفى أن كل نعمة يكون فى مقابلها عمل وشكر فهى منّة ...وإلاّ فهى حُجّة . انتبهى للكلام فهذا كلام غالى ونفيس ذكره العلماء فى كتبهم .
مثال : أعطاكِ الله نعمة الأولاد وحرم آخرين فاذا أديتى الحق الذى عليكِ فى تربية الأولاد كانت منّة وتصلى بهم الى الدرجات العليا من الجنة ، فكل ما يعمل ابنك حسنة أنتى من علمتيه توضع فى صحيفتك ، قال تعالى :" الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من أعمالهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليصل الى الدرجة فى الجنة يقول يارب ما عملت لها ؟ قال : هذا باستغفار ولدك لك " ولابد ان يكون الولد صالح ليُقبل منه .
وإذا لم تقومى بما أوجبه الله عز وجل عليكِ من رعاية النعمة كانت حُجّة عليكِ .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيقول الله عز وجل له : أي فُلْ ألم أذ1رك ترأس وتربع وأُزوجك النساء وأركبك الخيل والابل أين شكرك ؟ قال : أي ربى نسيت ، قال : اليوم أنساك . "
-نرى كثير من العبا يلومون الله على ما نزل بهم ( لم أنا يارب ؟ ماذا فعلت لأبتلى ؟ ) ويعترضون على قضاء الله مع أنه سبحانه يوم ابتلاه بهذه المصيبة قصد أن يؤبه ويرجعه فهلا رجع ؟ وهلا قال أنا مخطئ ؟ وهلا قال اللهم بك أستجيرفاكشف عنى ، والله عز وجل ودود فلو قال هذا كان رفع عنه ، كان من الواجب اظهار الذل والاخبات والندم ولكن قست قلوبهم .
-جاء أحدهم لأحد العلماء يشكو الفقر فقال له : أتريد سمعك بمئة ألف ؟ قال : لا قال له : أتريد بصرك بمئة ألف ؟ قال : لا . قال له : ورجلك ويدك وقلبك ........الخ قال : لا .قال له العالم : عندك مئين ألوف وجئت تشكو الفقر ؟!!! كل هذه المليارات . فأنت أيها الانسان غالى جدا . قال تعالى :" وفى أنفسكم أفلا تبصرون " فلو ملك أحدهم الدنيا وفقد بصره فيدفع كل ما يملك ليعود اليه بصره .
-وقيل أن هارون الرشيد أخر صلاة العصر مدة نصف ساعة ، وكان قديما الحكام والملوك يقربون العلماء منهم لنصحم ومشورتهم ، فأراد أبو يوسف العالم أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من النصح فقال له : لو أنك تسير فى صحراء واستبد بك العطش وظهر لك أحدهم بكوب ماء وقال لك أتشترى ؟ فكم تفع ؟ قال له : أدفع نصف مملكتى ( وما هى مملكة هارون الرشيد ؟ كان يخطب على المنبر فيرى السحابة تمر فيقول لها : أمطرى هنا او أمطرى هناك فسيأتينى خراجك )
قال له العالم : شربت الماء ثم انحبس فيك البول فكم تدفع ليعالجك طبيب ؟ قال له : النصف الآخر . قال أبو يوسف : يا أمير المؤمنين مملكة لا تساوى شربة ماء، الله سقاكاها مجانا وصرفها لك مجانا .
•انتبهى لا تقابلى نعم الله بجنايتك .
• ما وجدنا أعبد من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلى حتى تتورم قدماه ، ويقول : " أفلا أكون عبدا شكورا " وهذه هى سيما أهل الوفاء .
•ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : " اعلموا أنه لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته "
فأنتى عندما تستحضرى أن النبى صلى الله عليه وسلم مع جلالة قدره وعظم عبادتة ومكانته عند ربه لن يدخل الجنة بعمله ...اذا اغسلى يدكِ وابحثى لنفسكِ عن مخرج فعملك لن يوصلك .. اللهم عاملنا بالفضل ولا تعاملنا بالعدل .
نعود الى الركن الأول من أركان المحاسبة : مقايسة نعم الله بجنايتكِ
" وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
الله عز وجل عجزنا أن نحيط بالنعم فى النعمة الواحدة كيف بل النعم ؟!!!
اذاً يا ربى كيف أوفى كل هذه النعم بالشكر ؟؟؟؟؟؟؟؟
قال ابن تيمية :" اذا عملت طاعة فلم تقبل منك فاتهم نفسك فإن الرب شكور "
فلو أن الانسان عنده ضمير وأخلاق أعتقد أن هذا الركن يكون كافيا لأن يرجع الى الله عز وجل ولا يقيم على معاصى الله طرفة عين | |
|
الدمعة الحزينة مشرفة عامة
المشاركات : 2176 الجنـس : السٌّمعَة : 45 بـــلادي : انـــنــي : مـزاجـي : مـهنـتي :
| موضوع: رد: منازل السالكين الى الله - محاسبة النفس الثلاثاء فبراير 28, 2012 10:06 am | |
| موضوووع راااائع ومميز للغاية
| |
|
مسك الجنة مشرفة عامة
المشاركات : 603 الجنـس : الـعـمــر : 42 السٌّمعَة : 4 بـــلادي : انـــنــي : مـزاجـي : مـهنـتي : هوايـتـي :
| موضوع: رد: منازل السالكين الى الله - محاسبة النفس السبت مارس 03, 2012 9:36 am | |
| بارك الله فيكم على ردكم الجميل وعلى مروركم العطر | |
|