القوامة الشرعية للرجل
بين فقه النص وظروف الواقع
أحمد
الله تعالى أبلغ الحمد وأكمله، وأزْكاه وأشمله، وأشهد أن لا إله إلاَّ
الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله،
المصطفى بتعميم دعوتِه ورسالته، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من
النبيِّين، وآل كل، وسائر الصَّالحين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين،
وبعد.
فإنَّ التَّشريع الإسلامي قد أثبت القوامة الشرعيَّة للرَّجل
بضوابطها الشَّرعية، قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا
أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وإنَّ هذه القوامة من تَمام
نعمة الله - سبحانه وتعالى - عليْنا، فإنَّها ملائمة ومناسبة لكلٍّ من
الرَّجُل والمرأة، وما فطرنا الله عليه من صفات جبلّية، ومن استعدادات
فطريَّة.
بيد أنَّ الأزمان تغيَّرت، والثَّقافات تداخلتْ، وكثُرت
محاولات أعداء المسلمين تشويه صورة هذا الدين الحنيف، بطرقٍ مُباشرة وأخرى
غير مباشرة، بل بطرُق ظاهرُها الرَّحْمة، والشَّفقة والعَطْف على المرأة،
وباطِنُها العذاب، كلّ هذه الأمور، مضافًا إليْها سوء الفهم لدى كثيرٍ من
المسلمين لمعنى القوامة ووظيفتِها الشَّرعية، جعل من الأهمية بمكانٍ الحديث
عن هذه الوظيفة الشَّرعيَّة السامية، بِما يوضِّح حقيقتَها الشَّرعيَّة،
ويبيِّن زيف تلك الشبه والادِّعاءات التي وجهت لهذا الدين عبر قوامة
الرَّجُل الزَّوجيَّة في الشَّريعة الإسلاميَّة.
وقد اقتضت طبيعة البحث أن تكون خطَّة الدراسة في تمهيد، وستَّة مباحث، وخاتمة، وبيان ذلك فيما يأتي:
التمهيد: جعلتُه عن تكريم الإسلام للمرْأة.
المبحث الأوَّل: تناولت فيه تعْريف القوامة في اللُّغة والاصطِلاح.
المبحث الثَّاني: ذكرت فيه النُّصوص الشرعيَّة من القرآن والسنَّة على القوامة، وفقْه تلك النصوص.
المبحث الثالث: تكلَّمت فيه عن الأسباب الشرعيَّة للقوامة.
المبحث الرابع: تناولتُ فيه الضَّوابِط الشَّرعيَّة لقوامة الرَّجُل.
المبحث الخامس: تكلَّمت فيه عن مقتضى قوامة الرجل الشرعيَّة.
المبحث السادس: تناولت فيه الشُّبهات المعاصرة حوْل القوامة الشَّرعيَّة للرَّجُل، والرَّد عليْها.
الخاتمة: ذكرت فيها أبرز النَّتائج التي توصَّلتُ إليْها من خلال البحث.
وأخيرًا:
فقد حاولتُ من خِلال هذا البحث الإسهامَ في معالجة هذا الموضوع، معالجة
شرعيَّة مفيدة للأُسْرة والمجتمع، فما كان من صوابٍ فمِن الله - عزَّ وجلَّ
- وما كان من زللٍ فمِن نفْسي، وأستغفر الله، ولا غرْو؛ فإنَّ العصمة
والكمال لمن تفرَّد بالجلال، وهو حسبي وعليه الاتِّكال، {وَمَا تَوْفِيقِي
إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].