يرتكب المعاصي ويقول : الإيمان في القلب!
سؤال:
بعض الناس
يرتكب المحرمات كحلق اللحية وشرب الدخان وإذا نصح بترك ذلك يقول : الإيمان
في القلب ، وليس الإيمان في تربية اللحية وترك الدخان ، ويقول : إن الله لا
ينظر إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ؟ فكيف نجيب عليه ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه الكلمة
كثيراً ما يقولها بعض الجهال أو المغالطين ، وهي كلمة حق يراد بها باطل .
لأن قائلها يريد تبرير ما هو عليه من المعاصي ؛ لأنه يزعم أنه يكفي الإيمان
الذي في القلب عن عمل الطاعات وترك المحرمات ، وهذه مغالطة مكشوفة ، فإن
الإيمان ليس في القلب فقط ، بل الإيمان كما عرفه أهل السنة والجماعة : قول
باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح .
قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ، ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال .
وعمل المعاصي
وترك الطاعات دليل على أنه ليس في القلب ، إيمان أو فيه إيمان ناقص .
والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
الرِّبا) آل عمران/130 ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/35 . (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً) المائدة/69 ، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) البقرة/277 ، ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً) البقرة/62 ، فالإيمان لا يسمى
إيماناً كاملاً إلا مع العمل الصالح وترك المعاصي . ويقول الله تعالى :
(وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ) العصر/1-3 ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) النساء/59 ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا
يُحْيِيكُمْ) الأنفال/24 ، فلا يكفي العمل الظاهر بدون إيمان بالقلب ؛ لأن
هذه صفة المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار .
ولا يكفي
الإيمان بالقلب دون نطق باللسان وعمل بالجوارح ؛ لأن هذا مذهب المرجئة من
الجهمية وغيرهم ، وهو مذهب باطل ، بل لا بد من الإيمان بالقلب والقول
باللسان والعمل بالجوارح ، وفعل المعاصي دليل على ضعف الإيمان الذي في
القلب ونقصه ، لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/19) .
وهذا الحديث
الذي أشار إليه ذلك المجادل (ولكن ينظر إلى قلوبكم) قد جاء في صحيح مسلم
(2564) بلفظ : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ
وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)
وهو نص صريح أن إصلاح القلوب وإصلاح الأعمال كلاهما مقصود ، يؤمر به
الإنسان ، فلا يجوز لمسلم أن يقصر في الأعمال أو يرتكب المحرمات ، ثم يقول :
إن الله ينظر إلى القلوب ، بل ينظر إلى القلوب والأعمال ، ويحاسب على ما
في القلوب والأعمال .