من وقت إلى آخر لا بد للقلب من أن ينفجر ...
لابد للقلب من أن يخلع أقنعته وقفازاته وياقات التهذيب البيضاء المنشّاة.ويترك ابتسامة التفهم الصفراء تسقط عن شفتيه كورقة خريف ... ويدمر كأس المجاملة .
من وقت الى آخر لابد للقلب من أن ينفجر ...
لابد للقلب من أن يركض في الشوارع عاريا من كل شيء إلا من جرحه صارخا من مدينة عربية إلى أخرى كسيارة إسعاف أسطورية الجنون.
من وقت الى آخر دعوا القلب ينفجر ... يشهر في وجه الغرباء أحزانه ويتركها تعوم في قلب الليل نحو صدورهم كباخرة محملة بالجرحى وأنينهم الدامي.
من وقت الى آخر لابد للقلب من أن ينفجر ...
إن لحظة صدق واحدة ينظر بها الانسان العربي الى ما يدور حوله لحظة نادرة
ينتزع خلالها نفسه من مستنقع التفاهة والزيف.لحظة صدق واحدة تدفعه الى أن
يغمض عينيه لهول ما يرى ويسد أذنيه ويصرخ ... ويصرخ بلا صوت ... ويركض مثلي
لا إلى علماء الاجتماع والساسة والعقائديين وحتى ثوار الأرصفة
والاقتصاديين والمنجمين... وإنما الى أول طبيب نفسي يلقاه ليسأله عن ذلك
المستشفى الكبير غير المسوّر الممتد من المحيط الى الخليج والذي لا يعي
مرضاه مرضهم ولا يعون أن بعض مدراء هذا المستشفى الكبير ومسؤوليه والقيّمين
عليه هم أشد الجميع مرضا وهم الذين يتسببون في نشر الوباء ... وإذا كان
عالمنا العربي بحاجة الى شيء فهو بحاجة الى طبيب نفسي بقدر ما هو بحاجة الى
القائد والاقتصادي والعقائدي... إن ما يدور حولنا لاتفسير له سوى أن هنالك
خللا ما قد أصاب الشخصية العربية النبيلة الفذة.
سادتي ... أضحى لسان الفرد العربي هو زائدته الدودية الحقيقية ... استعماله مباح لأي شيء الا للغرض الأساسي الذي وجد من أجله في الجسم : الحوار ...