عززت الحكومة الليبية الجديدة اجراءات الامن في العاصمة طرابلس بمزيد من حواجز الطرق والتفتيشات من منزل لمنزل يوم السبت بعد نشوب معارك مسلحة مع أنصار للزعيم المخلوع معمر القذافي مما أثار مخاوف من حدوث تمرد على الحكام الجدد لليبيا.
وفي الغالب لم يظهر سوى بضع عشرات من المقاتلين المؤيدين للقذافي يوم الجمعة في عدد قليل فقط من أحياء المدينة المعروفة بتعاطفها مع الزعيم المخلوع ولكنها كانت أول علامة على المقاومة المسلحة للمجلس الوطني الانتقالي في طرابلس منذ سيطرت عليها قواته وانهت في اغسطس اب حكم القذافي الذي استمر 42 عاما.
وأقامت قوات المجلس الانتقالي المزيد من حواجز الطرق في أنحاء العاصمة وجرى تعزيز الامن بشكل خاص في منطقة أبو سليم وهي منطقة سكنية تضم مباني سكنية متهالكة.
وتمركزت داخل المنطقة شاحنات صغيرة مزودة بأسلحة ثقيلة تطلق دفعات من الذخيرة من حين لاخر على البيوت للاعلان عن وجودها في المنطقة. بينما فتش جنود من المشاة تابعون للمجلس الانتقالي المباني.
قال زياد أحد مقاتلي المجلس الانتقالي "أثناء الحرب قام القذافي باخفاء أسلحة بين الناس هنا."
وأضاف أنه ورفاقه من المقاتلين عثروا على خمس بنادق كلاشنيكوف مخبأة في خزان للمياه أعلى أحد المباني وعلى بندقتين أخريين في القبو.
وقال سكان ان القتال اندلع عندما ظهرت مجموعة تضم ما يصل الى 50 مسلحا في منطقة أبو سليم يوم الجمعة وفي منطقة أخرى على الاقل قريبة ورددوا شعارات مؤيدة للقذافي.
وهرع مئات من مقاتلي المجلس الانتقالي على متن شاحنات صغيرة باتجاه منطقة أبو سليم التي تعد مركزا لمؤيدي القذافي وهم يهتفون"الله اكبر". وتبادل الجانبان اطلاق النار من الاسلحة الالية والرشاشات الثقيلة.
وقال عبد الرزاق العريضي المسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي خلال مؤتمر صحفي في طرابلس ان اثنين من انصار القذافي ومقاتلا من المجلس الوطني قتلوا في اعمال العنف.
ودعا القذافي الذي فر بعد أن سيطرت قوات المجلس الوطني على طرابلس أنصاره في عدة تسجيلات صوتية الى محاربة الحكومة الجديدة ولكن الزعيم المخلوع لم يشاهد منذئذ ويعتقد أنه مختبئ في مكان ما في الصحراء الليبية الشاسعة.
ولكن أنصاره لا يزالون متحصنين في مدينة سرت مسقط رأسه المطلة على البحر المتوسط والتي تتوسط البلاد وفي بلدة بني وليد جنوب شرقي طرابلس.
وواصلت القوات الحكومية قصف منطقة صغيرة من سرت بقاذفات صواريخ جراد المتعددة الصواريخ وبالدبابات وبالمدفعية المضادة للطائرات ولكن كانت هناك علامات محدودة على أنه يجري الاعداد لهجوم كبير يشنه المشاة.
وتحاصر قوات تابعة للمجلس الوطني الانتقالي سرت منذ أسابيع وتحكم قبضتها عليها ببطء الى الحد الذي لم يصبح معه في المدينة الان سوى عدد قليل من المقاتلين الاشداء الموالين للقذافي والمحاصرين في منطقة مساحتها كيلومتران مربعان تقريبا لا تزال ترفرف فيها أعلام القذافي الخضراء.
وأسفر الصراع الذي اتسم بالفوضى غالبا عن عشرات القتلى والاف النازحين.
وأعاق الاخفاق في السيطرة على ما تبقى من معاقل للقذافي محاولة زعماء ليبيا الجدد بناء حكم ديمقراطي وهي عملية يقولون انها لن تبدأ الا بعد السيطرة على سرت.
قال حسين الطير وهو قائد فرقة مقاتلين في سرت ان السيطرة على المدينة سيستغرق وقتا لانها مكتظة بمبان ولوجود عدد كبير من مقاتلي القذافي يتراوحون بين 400 و500 مقاتل.
وقال المستشفى الميداني الرئيسي التابع للمجلس الوطني الانتقالي انه استقبل قتيلا و12 مصابا من القتال يوم السبت.
ويقول ضباط من المجلس الوطني الانتقالي ان الموالين للقذافي يخشون من الانتقام اذا سلموا أنفسهم وتعرض مقاتلون منهم وقعوا في الاسر لانتهاكات.
وقدر طبيب من منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى ابن سينا في سرت أنه لا يزال هناك نحو عشرة الاف محاصرين بسبب القتال في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 75 ألفا. وكثير ممن تقطعت بهم السبل نساء وأطفال وبعضهم مرضى أو جرحى.
وقال يحيى عليفي وهو متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في المستشفى ذاته "لم ترد الينا أنباء عن الحالة الطبية وراء خط الجبهة ولكن في ضوء مستوى القتال والقصف فان الوضع سيكون على قدر بالغ من الخطورة لو كان هناك مدنيون."
وتجلي اللجنة الدولية للصليب الاحمر 40 جريحا من المستشفى الذي كانت جبهة القتال في سرت تقع عنده لفترة من الوقت. ولحقت أضرار بكثير من منشاته بسبب القتال. وخلف المستشفى تركت ستة جثامين على أسرة خفيفة متحركة في العراء.