1- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ وَلاَ بِالآدَمِ، وَلاَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلاَ بِالسَّبِطِ، بَعَثَهُ اللهِ عَلَىَ رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللهِ عَلَىَ رَأْسِ سِتَّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
2- وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنُونَ: ابْنَ جَعْفَرٍ- ح، وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، كِلاَهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ -يَعْنِي: ابْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَزَادَ فِي حَدِيثِهِمَا: كَانَ أَزْهَرَ.
-----------------------------------------
ذكر في الباب ثلاث روايات:
إحداها: أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- توفي وهو ابن ستين سنة.
والثانية: خمس وستون.
والثالثة: ثلاث وستون وهي أصحّها وأشهرها، رواه مسلم هنا من رواية عائشة وأنس وابن عباس -رضي الله عنهم-.
واتفق العلماء على أن أصحها ثلاث وستون، وتأولوا الباقي عليه، فرواية ستين اقتصر فيها على العقود وترك الكسر، ورواية الخمس متأولة أيضاً وحصل فيها اشتباه وقد أنكر عروة على ابن عباس.
قوله: (خَمْسٌ وَسِتُّونَ) ونسبه إلى الغلط وأنه لم يدرك أول النبوة ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين.
واتفقوا أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، وبمكة قبل النبوة أربعين سنة، وإنما الخلاف في قدر إقامته بمكة بعد النبوة.
وقيل: الهجرة، والصحيح أنها ثلاث عشرة فيكون عمره ثلاثاً وستين، وهذا الذي ذكرناه أنه بعث على رأس أربعين سنة هو الصواب المشهور الذي أطبق عليه العلماء.
وحكى القاضي عياض عن ابن عباس وسعيد بن المسيب رواية شاذة أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة والصواب أربعون كما سبق، وولد عام الفيل على الصحيح المشهور. (ج/ص: 15/100)
وقيل: بعد الفيل بثلاث سنين.
وقيل: بأربع سنين.
وادعى القاضي عياض الإجماع على عام الفيل وليس كما ادعى.
واتفقوا: أنه ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، وتوفي يوم الاثنين من شهر ربيع الأول.
واختلفوا في يوم الولادة: هل هو ثاني الشهر أم ثامنه أم عاشره أم ثاني عشره؟ ويوم الوفاة ثاني عشره ضحى، والله أعلم.
قوله: (لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ)، المراد بالبائن: زائد الطول أي: هو بين زائد الطول والقصير وهو بمعنى ما سبق أنه كان مقصداً.
قوله: (وَلاَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ وَلاَ بِالآدَمِ).
(الأَمْهَق) بالميم: هو شديد البياض كلون الجص، وهو كريه المنظر وربما توهمه الناظر أبرص.
والآدم: الأسمر، معناه: ليس بأسمر ولا بأبيض كريه البياض بل أبيض بياضاً نيراً، كما قال في الحديث السابق: (أَنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ)، وكذا قال في الرواية التي بعده: (كَانَ أَزْهَرَ). (ج/ص: 15/101))صلى الله عليه وآله وسلم