بسم الله الرحمن الرحيم


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

وقف زوجان أمام قاضٍ يتشاجران من منها يتحمل مسؤولية ما أصاب طفلتهما التي ترقد الآن في المستوصف بعد الذي أصابها.

و القصة تبدأ ظهراً بعد أن كانت
الصغيرة تلعب في غرفة أبيها الذي كان متشاغلاً بتعاطي نبتة القات، و لأن
البراءة لا تعرف معنىً للزمان أو المكان، شعر الأب بضيق و انزعاج من لهوها
عنده و تعكير صفو المتعة الوهمية التي تخلقها وريقات القات الممضوغة في
فمه.


صرخ بأعلى صوته: يا حرمه وينك... تعالي... ابعدي عنى ابنتك.

فجاءت كعادتها ( مطيعة ) لتطيع أمر ( سي السيد ) و أخذت ( جميلة ) معها و أبعدتها عن محراب الضياع إلى غرفة مجاورة.

و لأنهم يقولون: كل فتاة بأبيها مغرمة.

أبتِ الصغيرة إلا أن تجاور أباها، فعاودت الكرة مرة بعد أخرى.

و عاود هو الصراخ على زوجته بصوت أعلى مرة بعد أخرى.

و كررت الأم نفس التصرف الأول ولكن هذه المرة مع تهديدٍ منه أشد من تهديد إسرائيل بإعلان الحرب على الحجر و الشجر و البشر في غزة؟

و لأن البراءة لا تعرف حداً لبراءتها عادت الصغيرة للمرة العاشرة إلى وكر أبيها غير أن هذه المرة كشّر الشر عن أنيابه.

فأحضر حبلاً و ربط كفيَّ الصغيرة معاً
ربطاً آلمها ألماً شديداً، الأمر الذي جعلها تطلق صيحات الاستغاثة لأمها
التي جاءت مهرولة نحو مصدر الصراخ، فوجدت أبنتها مشدودة الوثاق و كأنها
نعجة يخطهما راعٍ.


أرادت الأم فك وثاق الصغيرة و لكن عبثاً حاولت، إذ أنذرها ثلاثاً و غلّظ في يمينه بأنها لو فعلت لألقى عليها يمين الطلاق.

فانزوت المسكينة مغلوبةً على أمرها و الدمع يخضّب صدرها و صدى صرخات الصغيرة يصم آذانها.

و ظلت الصغيرة هكذا حتى مغيب الشمس،
تئن ....و تئن .....و تئن، و كان أنينها يضمحل شيئاً فشيئاً، و الأم جالسة
خلف باب الحجرة قريباً من صوت أنين أبنتها.


فلما أن فاق الواهم من نشوته نظر إلى الصغيرة المسجاة أمام قدميه و قد أسود كفاها اللذان لم تعدْ تشعر بوجودهما في جسدها.

صاح بأعلى صوته: يا حرمة أين أنت .... يا حرمة.

و لم ينهِ نداءه الثاني حتى كانت المسكينة قد احتضنت صغيرتها بين ذراعيها، و هي تنوح.

فأسرعا يحملانها إلى أقرب مستوصف، و سلّماها إلى ملائكة الرحمة.

و بسرعة أدخلتِ الصغيرة غرفة الفحص و
المعاينة، و بعدها إلى غرفة العمليات، و لم تمضِ إلا دقائق معدودات حتى
خرج إليهما الطيب يزف خبراً إليهما: أن كفي الصغيرة قد انتقلا قبلها إلى
الآخرة.


و أخرجت الصغيرة من غرفة العلميات، و فاقت من المخدر، فرأتْ أباها فوقها.

نظرتْ إلية نظرة برئة قائلة:

( خلاصْ.... بابا..... ردْ عليّ كفيَّ و أعدك بأني لن أدخل مرة أخرى غرفتك ......).

و هنا أسألك:

لو كنت أنت القاضي و أمامك حيثيات القضية، من تحمل المسؤولية ؟؟


و أتركُ الحكمَ لكم بعد المداولة

ملحوظة:

القصة حقيقية و صغتها بتصرف.