استكملت نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار هشام بدوى المحامى العام
الأول، اليوم الثلاثاء، تحقيقاتها مع ضابط الموساد الإسرائيلى "آيلان تشايم
جرابيل" المتهم بالتجسس، وحضر المتهم إلى مقر النيابة بالتجمع الخامس
ظهراً، من السجن الحربى وسط حراسة أمنية مشددة وبصحبة 4 شخصيات من جهاز
الأمن القومى، وحضر التحقيقات معه، وزير مفوض من السفارة الإسرائيلية
ومندوب من السفارة الأمريكية، ومترجمة عن الإنجليزية والعبرية.
واجهته، النيابة بكيفية دخوله البلاد وجواز السفر الأمريكى الذى كان يحمله،
وبتأشيرة باعتباره مراسلاً صحفياً لإحدى الجرائد الأجنبية، وباعتباره
سائحاً أمريكياً مرة أخرى، وسؤاله عما إذا كان فى انتظاره مجموعة أخرى من
المراسلين الأجانب الذى جمعته بهم اتصالات مسبقة، بهدف جمع معلومات
والتحرى.
كما واجهته النيابة بإشراف المستشار طاهر الخولى المحامى العام، المتهم،
بالصور التى تم التقاطها له فى ميدان التحرير وفى مناطق مختلفة على فترات
زمنية متباعدة، فرد المتهم، بحضور محامى نقابة المحامين وآخر من السفارة
الأمريكية، أنه جاء باعتباره مراسلاً أجنبياً يقضى فترة فى القاهرة لمتابعة
الثورة المصرية، ومن الطبيعى أن ينتقل فى ميدان التحرير، لافتاً إلى أنه
لم يرتكب أى جرم أو مخالفة تتعلق بالأمن القومى المصرى.
ونسبت النيابة للمتهم، قيامه بإحداث وقيعة بين فئات المجتمع المصرى
(الأقباط والمسلمين)، وأنه استغل حالة الانفلات الأمنى التى أعقبته الثورة،
وساهم فى تأجيج الفتنة الطائفية، كما حدث فى قرية صول بحلوان، واشتباكات
إمبابة، بل وأنتقل منطقة ماسبيرو وشهد اعتصام الأقباط المحتجين على الأوضاع
هناك، بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على الخروج على أحكام الشريعة
القانونية والتصعيد ضد القوات المسلحة.
كشفت التحريات، أنه دخل البلاد قبل قيام الثورة بيومين، وأنه ظل فى القاهرة
حتى يومى 2، 3 فبراير وحدوث الاعتداءات على المتظاهرين والمعروفة إعلامياً
بموقعة "الجمل"، خوفاً من عودة النظام من جديد، فغادر البلاد عبر سيناء
ومنها إلى فلسطين وتل أبيب، وعاد مرة أخرى قبل 11 فبراير عندما أقيل الرئيس
السابق بعض المسئولين، وأوضحت التحريات أن المتهم وضع تصور كامل عبر خرائط
وكاميرات وشبكات رصد ومجموعات عمل لتفجير خط الغاز المصرى لإسرائيل بمنطقة
العريش، لوضع مصر فى موقف محرج أمام الرأى العام الدولى، وإلزامها بدفع
تعويضات كبيرة من جراء ذلك.
وحصل "اليوم السابع" على نسخة من جواز سفر جرابيل الإسرائيلى الذى دخل به
البلاد، ويظهر فيه أنه مزدوج الجنسية ويحمل بجانب الجنسية الإسرائيلية،
جنسية الولايات المتحدة الأمريكية، وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية إلى أن
جرابيل كان يستغل جنسيته الأمريكية ويتجول فى الكثير من الدول العربية،
التى لم تكشف عنها الصحيفة، غير أنها اكتفت بالتأكيد على أن الكشف عن هذه
الدول سيكون مفاجأة للكثيرين.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت السفارة الأمريكية فى بيان لها تحت عنوان
"القبض على مواطن أمريكى فى مصر" أن إيلان تشيم جرابل، الذى تم احتجازه فى
12 يونيو 2011 بواسطة السلطات المصرية –باعتباره جاسوسا إسرائيليا- هو
مواطن أمريكي، وبينت السفارة أن أحد المسئولين القنصليين قام بزيارة جرابل
يوم 13 يونيو بمقر النيابة فى القاهرة الجديدة وأكد أنه بصحة جيدة. وأن
عائلة جرابل على دراية بأنه تم القبض عليه.
وقال بيان السفارة "إنه كما هو الحال مع جميع المواطنين الأمريكيين الذى
يتم اعتقالهم فى الخارج، يتولى مسئول قنصلى زيارة المواطن المحتجز ويساعد
فى التأكد من تلقيه معاملة عادلة وفقاً للقوانين المحلية، وتقديم معلومات
حول النظام القانونى والتمثيل القانونى، بالإضافة إلى تسهيل الاتصال مع
عائلة المواطن وأصدقائه فى الولايات المتحدة".
فيما نشرت صحيفة "هاآرتس" تحقيقا مطولا عن جرابيل، وهو التحقيق الذى تطرق
إلى أصدقائه والمقربين منه، الذين أشاروا صراحة إلى أنه مجرد شاب إسرائيلى
يحب المغامرات، وأنه لا يعمل فى الموساد كما تقول بعض الصحف ووسائل
الإعلام.
وأشار أحد أصدقائه ويدعى حاييم إلى أن جرابيل عاشق لشيئين وهما الشيوعية
والمغامرات، زاعما أن عشقه للمغامرات سيكلفه الكثير مع إلقاء القاهرة للقبض
عليه، وبالإضافة إلى الأصدقاء كان للعائلة دور من الاهتمام الإعلامى
الإسرائيلى، حيث أجرت الصحيفة حوارا مع والد جرابيل، وهو الحوار الذى أعلن
فيه أنه حزين لموقف القاهرة واعتقالها ابنه، مشيرا إلى أن هذه الحادثة تشبه
ما يردده المصريون عن محاولة الإسرائيليين سرقة الأهرامات، زاعما أنه لا
يوجد دليل واحد يدين ابنه أو يؤكد تورطه فى فضيحة التجسس الأخيرة، وكشف
والد جرابيل عن أن عددا من المسئولين الإسرائيليين تعهدوا له بعودة نجله
قريبا، وهو التعهد الذى أشار الأب إلى أنه تلقاه من مصادر عليا فى إسرائيل.
يذكر أن نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار هشام بدوى المحامى العام
الأول، قررت حبس الضابط المتهم 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة التجسس
والإضرار بالأمن القومى للبلاد.
وصادرت النيابة، المضبوطات التى كانت بحوزة المتهم، وإحالتها إلى الأجهزة
الفنية لتفريغها، وكتابة تقرير بشأن المعلومات المتضمنة، تمهيداً لمواجهة
الضابط بها، وتم إخطار وزارة الخارجية لإبلاغ السفارة الإسرائيلية لانتداب
محام يحضر التحقيق.