أعرفُ أن الجمال للنساء والوسامة للرجال.
لكن الجمال الذي أتحدث عنه هنا يتعدى قسمات الوجه
إلى الجمال المعنوي الذي هو أصل كل وسامة وسحر وجاذبية.
هذا الجمال ينبع من القلب
فيسري عبر مسالك حيوية دقيقة
إلى الدماغ لينتقل بعدها إلى باقي أجزاء الجسم
فتتشرب بسيّاله
وتقبس من نوره
وتتحلى بجوهره اللطيف.
طبيعة الإنسان الحقة تبدو معكوسة في عينيه
متماوجة في انعطافات صوته
بادية في حركاته وسكناته.
الرجلُ جميلٌ في ثباته على مبدأ أصيل..
في مواجهته للواقع بجرأة وبسالة..
في سعة أفقه ورحابة صدره..
في إيمانه بالله وبنفسه وبالآخرين..
في نزاهة دوافعه
ونقاء قصده
وانفتاحه على الآخر..
جميلٌ في وقاره وحبوره..
في جدّه وضحكته..
في عمقه وشموخه..
في صفائه وثورته على الظلم والقهر..
في صدق تعبيره ونبل عواطفه..
جميلٌ في كلامه يرن طيبة ويزأرُ غيرة ً على المبادئ عندما تكون في خطر
فتحمل نغمته صدقاً ودفئاً.. وتنقل تأكيداً أكيداً
جميلٌ في التزامه وهمّته
في تحكمه بانفعالاته
وفي الإفصاح عنها أحياناً ما دامت لا تتحول إلى
إعصار يتقاذفه أو طاغية يستبد به.
جميلٌ في مثابرته وإصراره..
في الإصغاء لصوت الحكمة ونداء الواجب..
في الإهتمام بالآخرين والعمل لأجلهم..
في وضوحه وتفننه وأصالته..
وفي رسوخه يشع طمأنينة على
الواثقين به، المعولين عليه
أن الدنيا ما زالت بخير وأن لا داعٍ للقلق.
جميلٌ في قيمه الإنسانية
وخياله الرحب وإدراكه المميِّز..
في أفكاره المنطقية
ونفسه العزيزة
وطموحاته الجريئة.
في حبه الراسخ حتى النهاية
ومشاعره الفياضة بالمعاني الكبيرة.
جميلٌ في تنقيبه عن السعادة
لنفسه ولمن وضعتهم الحياة معه..
في محاولته تحطيم صخور المصاعب
بمطرقة المثابرة والعزيمة..
في صعوده عن جدارة
وصموده في وجه التحديات..
وفي عمل ما بوسعه لتخفيف أعباء الحياة
عن كاهله وكاهل غيره.
جميلٌ في تلقائيته
وأحاسيسه الطيبة المتدفقة من ينبوع قلبه..
في قوله المدعوم بالفعل..
في تنسيقه بينه وبين نفسه قبل التنسيق مع الآخر.
في تفاؤله بغد أفضل مهما كانت غيوم يومه كثيفة ربداء..
جميلٌ في حسن ظنه وحذره..
في موازنته بين السعي الدؤوب
وتجديد النشاط بإراحة الفكر والجسم.
في إصاخته السمع لنداء الواجب..
في عناده المنطقي..
وفي القوة تتدفق من عينيه وصوته وقلمه..
جميلٌ في احترامه للمرأة
في مراعاته لشعورها
ودعمه لحقوقها.
جميلٌ في قناعته وقناعاته..
في حبه للخير..
ومحاولته الجادة في أن يترك العالم
عندما يحين الرحيل
بعد عمر طويل
أفضل مما وجده