دليلك لطفل ذكي عاطفيا
كثيراً ما نرى نزاعات تنشب بين الأطفال ونستغرب كآباء لاختلاف التعامل مع هذا النزاع، ويرجع هذا الاختلاف في التعامل مع الأمور لاختلاف الذكاء العاطفي بينهم، فما هو هذا الذكاء العاطفي؟
تقول الدكتورة منى موفق الدالاتي الأستاذة المساعدة في كلية التربية (قسم رياض الأطفال بجامعة الملك سعود):
"الذكاء العاطفي يتضمن قدرة الفرد على التحكم بعواطفه والتمييز بينها وبين عواطف الآخرين واستخدام هذه المعلومات لتوجيه تفكيره وأعماله وتصرفاته".
وعن مهارات الذكاء العاطفي ودور الأسرة في تنمية وتوجيه تقول الدكتورة منى:
"للذكاء العاطفي مهارات تتداخل مع الذكاء الإدراكي أو مهارات معدل الذكاء وتتفاعل مع بعضها البعض بطريقة ديناميكية، ويمكن لأي شخص أن يتفوق في مهارات الذكاء الإدراكي وفي المهارات الاجتماعية والعاطفية.
ويتضمن مصطلح الذكاء العاطفي الخواص العاطفية التالية:
التقمص العاطفي،
ضبط النزاعات أو المزاج،
تحقيق محبة الآخرين،
المثابرة والإصرار،
التعاطف أو الشفقة،
التعبير عن المشاعر والأحاسيس وفهمها،
الاستقلالية القابلة للتكيف،
حل المشكلات بين الأشخاص،
المودة أو الود،
الاحترام،
النجاح الأكاديمي والعلمي
وكيف ندرب الطفل على اكتساب مثل هذا الذكاء العاطفي؟
تعتبر الفترة الممتدة من الولادة وحتى سن الخامسة فترة نمو فكري سريع لذا فمن الأفضل أن يعيش الأطفال تجارب تعليمية ذات نوعية عالية وأن يتعلموا التصرف كأعضاء في مجموعة اجتماعية أكبر خارج العائلة وتطوير قدراتهم كي يواجهوا التحديات العاطفية والجسدية والفكرية في المجتمع.
وكيف ننمي الذكاء العاطفي لدى الأطفال؟
يسعى غالبية الآباء والأمهات والمربين لتوفير فرص النمو الجيدة للأطفال ويعتقدون أنه كلما أمكن تهيئة أنشطة متنوعة فهذا يعني تهيئة فرص أكبر لنجاح الأطفال وقد بينت الدراسات التربوية والنفسية أن تكوين علاقة بناءة بين الآباء وأبنائهم لها أهم الآثار على مستقبل حياتهم ومن هنا ظهرت اتجاهات متزايدة تدعو لتعليم الوالدين الطرق الناجحة في التعامل مع أبنائهم وإظهار الاهتمام الإيجابي بهم ومن هذه الطرق:
مساعدة الأطفال على التعبير عن عواطفهم كطريقة لفهم مشاعر الآخرين.
تعليم الأطفال مهارات تعاونية من خلال أنشطة جماعية تخفف من الضغط الذي يعاني منه الطفل لكي ينجح ويتدرب على كيفية السيطرة على الغضب والتمكن من تكوين صداقات.
إثارة بعض العواطف السلبية لدى الأطفال لندفع بهم الى تعلم سلوكيات وممارستها لصالح المجتمع ومنها:
1- الخوف من العقاب (والمقصود هنا الخوف البسيط الذي يحمل الطفل على عدم ارتكاب الأخطاء بحق المجتمع وأن لا يبالغ في هذا الخوف ويصل الى حد التهديد والوعيد مما سيكون لديه رعباً دائماً).
2- القلق بشأن عدم رضا المجتمع.
3- الخجل والارتباك عند القيام بعمل لا يقبله الآخرون.
4- إثارة بعض العواطف الإيجابية التي تشكل التطور الأخلاقي لدى الأطفال منها مثلاً تشجيع التعاطف والاهتمام بالآخرين، ويعتبر التعاطف أساساً لجميع المهارات الاجتماعية، ويعتبر التعاطف أساساً لجميع المهارات الاجتماعية، فقد تبين من خلال التجارب أن الأطفال المتعاطفين يستحوذون على الحب من أقرانهم ومن الكبار ويصلون الى نجاح أكثر في الدراسة والعمل . ويذكر أن التعاطف يبدأ عند الطفل منذ عامه الأول لكنه يكون تعاطفاً غير إدراكي ويصبح في السنة السادسة تعاطفاً إدراكياً، فمثلاً في البداية يبكي إذا رأى طفلاً يبكي لكنه فيما بعد يمتلك القدرة على رؤية الأشياء من وجهة نظر الشخص الآخر ويتصرف تبعاً لذلك.
كيف ينجح الآباء في تنمية الذكاء العاطفي لدى أطفالهم؟
ينصح المختصون في التربية الآباء والأمهات أن يبتعدوا عن السلوكيات الخاطئة التي تؤثر سلباً في الأطفال كأن يلجأ بعض الآباء الى تنمية تقدير الذات للطفل عن طريق كيل المديح والثناء الدائم له والتعزيز المستمر مما ينتج عنه آثار غير محمودة العواقب، فكثرة المدح تعادل كثرة العقاب من حيث النتيجة السلبية المؤثرة على نفسية الطفل وسلوكه.
يعرّف الذكاء العاطفي بالقدرة على التعامل مع المعلومات العاطفية، وذلك من خلال استقبال هذه العواطف واستيعابها، فهمها وإدارتها.
والذكاء العاطفي هو عبارة عن المهارات العاطفية والاجتماعية التي تشكل ما نسميه بالشخصية، علماً انه يتم قياسه من خلال حساب معدل الذكاء العقلي.
«سيدتي» اطلعت من استشاري الطب النفسي بمستشفى جدة الوطني الدكتور خالد النجار عن كيفية تنمية الذكاء العاطفي لدى الطفل.
إن تنمية الذكاء العاطفي يساعد الطفل في كل المراحل العمرية على التكيف مع الضغوط التي قد تحيط به أو عند تعرضه للمشاكل الطبيعية للنمو.
وثمة جوانب أساسية للذكاء العاطفي تتمثل في معرفة العواطف واستقبالها والتعبير عنها، بالإضافة إلى محاولة تحقيق هذه الأخيرة وتنمية القدرة على امتلاكها، وذلك من خلال:
> تعابير الوجه أو الصوت أو أوضاع الجسم وحركاته.
> الألحان الموسيقية أو مضامين القصص والحكايات.
> حسن التعبير عن العواطف والمقدرة على التمييز بين العواطف الحقيقية والمصطنعة.
> ربط عواطف معينة بحالات عقلية محددة كالحواس، من روائح وألوان.
ويمر النمو العاطفي لدى الطفل بمراحل عدّة يمكن تقسيمها حسب المراحل العمرية الخمس التالية:
من الولادة حتى 18 شهراً
يتمثل الهدف الرئيسي للنمو العاطفي في هذه المرحلة بنمو الثقة عند الرضيع. فالطفل يبدأ خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الأولى من حياته بالابتسام عندما يشعر بالاطمئنان والراحة. كما ويقوم، قبل الأسبوع الثامن، بالابتسام لرؤية وجوه وأصوات من حوله.
وتكون تعبيرات وجه الطفل في هذه المرحلة المبكرة هامة جداً لأنها تساعد على التعلق بمن يرعاه كوالديه، ما يشجعهما بالتالي على مزيد من التفاعل مع الرضيع في هذه المرحلة العمرية.
بين الشهور 12 إلى 15
خلال هذه الفترة، يكون الطفل قد تعلق بشكل أكيد بواحد أو اثنين ممن يقومون برعايته كأمه وأبيه. ونلاحظ أن مظاهر وأعراض القلق تبدو عليه عندما يكون بصحبة أناس غرباء أو غير مألوفين لديه، ويحاول الطفل حتى عمر الـ18 شهراً أن يراقب ويقلّد ردود الأفعال العاطفية لمن حوله عندما يتفاعلون مع موقف معين.
من 18 شهراً حتى 3 سنوات
يبدأ الطفل خلال هذه المرحلة بالشعور باستقلاليته عن الآخرين.
كما يميز بين الطرق الصحيحة وتلك الخاطئة عندما يرغب في الحصول على ما يريده. ومعلوم ان الطفل الذي لا يتجاوز عمره السنتين لا يعرف سوى كلمات قليلة للتعبير عن عواطفه، إلا أنه عندما يصل للمرحلة العمرية التالية ( 2 إلى 3) سنوات فإنه يتمكن من الحديث والتعبير عن عواطفه ومشاعره.
من 3 إلى 5 سنوات
يبدأ الطفل، في هذه المرحلة، بتعلم وتطوير بعض المهارات الاجتماعية، ويزداد فهمه لمشاعره والأفكار والزمن والعلاقات الاجتماعية واللغة. ويتمكن من إظهار ذلك من خلال روح الدعابة والفكاهة التي يتمتع بها، بالإضافة إلى أنه يبدأ بالشعور بمشاعر الآخرين.
ومن تحديات هذه المرحلة مدى قدرة الطفل على إقامة صداقات مع الأطفال الآخرين.
من 5 إلى 12 سنة
خلال هذه المرحلة، يتعلم الطفل القواعد والضوابط التي تحكم الأعمال، ومفهوم العدل ووجود الأسرار والقدرة على إخفاء المعلومات بشكل مقصود وشعوري.
واذا سارت هذه المرحلة بشكل طبيعي وسليم، يكون لدى الطفل القدرة على الفهم الجيد لعواطفه ومشاعره والتعبير عنها.
دور الاهل
بالمقابل، تنقسم مراحل تنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال من قبل الوالدين إلى مرحلتين، على الشكل التالي:
الأطفال الصغار:
تحتاج هذه الفئة عادة إلى أسلوب معين في التعامل معها، وعلى الأهل استخدام ثلاث طرق أساسية وهي:
> تعبير الوالدين عن مشاعرهم وعواطفهم أمام الأطفال، كأن يقول أحدهم: «أشعر بالانزعاج. أشعر بالتردد. أشعر بالقلق».
> مساعدة الطفل في وضع مسميات لعواطفه والتعبير عنها، وذلك من خلال القول له: «تبدو غاضباً».
> تسمية العواطف التي يلاحظها الأطفال عند الآخرين لأن ذلك يعمل على تنمية إدراك الأطفال العاطفي بالغير. وتجدر الإشارة إلى أن تنمية هذه الخاصية تبدأ من الام التي تردد على طفلها: «يبدو أن والدك يشعر بالتعب»، حين يكون كذلك.
الأطفال الأكبر سناً:
أما في ما يتعلق بالأطفال الأكبر سناً فيجب استكمال ما سبق ذكره، باتباع الآتي:
1ـ البدء بشرح العواطف والمشاعر للأطفال مستفيدين من بعض الأسئلة المبسطة، كأن نقول لهم: لماذا الغضب عاطفة ثانوية؟ ما هي العواطف المرافقة عادة للاكتئاب؟
2 ـ مساعدة الأولاد على تنمية إمكانياتهم وتوليد خيارات لتحسين عواطفهم ومشاعرهم.
3 ـ تسمية عواطف الأطفال.
بين الذكاء العاطفي والذهني
ومعلوم ان ثمة فارقاً بين الذكاء العاطفي والذكاء الذهني، إذ غالباً ما يتضح الذكاء الذهني أو المعرفي لدى الأطفال أكثر، حيث يحقق صاحبه نجاحاً في حياته الدراسية نتيجة لامتلاكه القدرة على التعلم.
لكن الحقيقة أن الذكاء العاطفي ما هو سوى جزء من تركيبة الذكاء الذهني الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
مستوى ذكاء طفلك
ويمكننا معرفة ما إذا كان طفلنا يمتلك صفات الشخص الذكي عاطفياً عندما نشعر أنه يمتلك عدداً من المفردات العاطفية ويعرف الاستعمال الدقيق لها.
وتكون لديه المقدرة في أن يستعمل هذه المفردات عندما يتعامل مع عواطفه وعواطف الآخرين.
كما أن الطفل الذكي عاطفياً هو من يستطيع التفاعل باتزان مع الطاقة الوجدانية المنبعثة من الآخرين، وبالتالي تكون لديه القدرة على إقامة علاقة إيجابية فعّالة ومنتجة.
نصائح للآباء والأمهات
ينصح الدكتور خالد النجار الآباء والأمهات لتعليم الطفل وتنمية الذكاء العاطفي لديه بـ:
> الحذر من استعمال القوة، العنف والقهر مع طفلهم.
> عدم اللجوء إلى أسلوب يجعل الطفل يشعر بالذنب والتأنيب، لأن ذلك يؤدى إلى نوعين من النتائج السلبية وهما توتر العلاقة بين الآباء والأطفال والتأثير على ثقة الطفل بنفسه.
> إتاحة جو من الراحة والاطمئنان بعيداً عن الخوف والقهر والضغط.
«السيروتونين»
والذكاء العاطفي
يعتبر «السيروتونين» أحد الكيماويات التي يطلق عليها اسم «الموصلات أو الناقلات العصبية» التي تعمل على إثارة ردود الفعل العاطفية لدى الطفل، وذلك عن طريق توصيل أو نقل رسائل عاطفية من المخ إلى مختلف أجزاء الجسم. ولا يمكن إغفال تأثير مادة «السيروتونين» بالنسبة لحياة الطفل العاطفية، والتي لا يحتاج إنتاجها إلى أكثر من ابتسامة، لأنها تؤثر على عدد من أجهزة الجسم كدرجة حرارته وضغطه، فضلاً عن الهضم والنوم.
وتساعد هذه المادة الأطفال في التغلب على الضغوط التي يتعرضون لها، إذ أن زيادة معدل «السيروتونين» يصاحبه دائماً نقص في العدوانية والكراهية