الدراسة أهم من التطبيق العملي
في أي مشروع هناك قاعدة مهمة غالباً ما يهملها كثير من الناس، وهي دراسة المشروع دراسة كافية، فكلما كانت الدراسة أفضل وأشمل وأدقّ، كانت النتائج العملية للمشروع أفضل وكان المشروع ناجحاً. ولذلك قبل أن تبدأ هذه التجربة "تجربة إدارة الوقت" يجب أن تدرك فوائد هذه التجربة وما ستحققه وكيف ستتغير كثير من الأشياء من حولك، ويجب أن تخطط جيداً لهذه التجربة وتعيش "فن إدارة الوقت" في كل لحظة.
فوائد إدارة الوقت
يؤكد علماء النفس أن أي عمل تريد تنفيذه ينبغي قبل كل شيء أن تدرك فوائده، ليكون العمل فعالاً ويعطي النتائج المطلوبة. وعندما كنتُ أتأمل كتاب الله تعالى وجدتُ أن البارئ عز وجل يرغّبنا في الجنة، وعندما يأمرنا بعمل ما يتبعه بالفوائد التي سنجنيها من هذا العمل. وعندما ينهانا عن عمل ما فإنه يوضح لنا سلبيات هذا العمل وأضراره والآيات كثيرة في هذا المجال.
ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يحدثنا عن أهمية الوقت استخدم أهم لحظة في تاريخ المؤمن، وهي وقوفه بين يدي خالقه سبحانه وتعالى، فقال: لا تزولا قدما عبد حتى يُسأل عن أربع... ومنها عن وقته فيما أنفقه. فربط بين استثمار الوقت بما يرضي الله، وبين دخول الجنة والأسئلة التي سيواجهها كل منا. ولذلك سوف نعدد بعض الفوائد لاستثمار الوقت واستغلال كل ثانية دون في عمل مفيد.
إدارة الوقت والسعادة
تقول الدراسات الحديثة إن الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة! فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة. وتعود بي الذاكرة إلى أيام دراستي الجامعية حيث كان لدي الكثير من الوقت ولم أكن وقتها أعرف شيئاً عن استغلال الوقت حتى بدأت بحفظ القرآن الكريم، وعندها بدأت رحلة السعادة مع كتاب الله تعالى. فالقرآن يعلمك كيف تستثمر وقتك بالكامل، فكل لحظة هناك عبادة أو ذكر أو صلة رحم أو عمل نافع أو علم نافع...
وهذا ما جعلني أشعر بسعادة غامرة لم أكن أعرفها من قبل، فكان استغلال الوقت هو المفتاح للسعادة الحقيقية. فإذا أردتَ أن تحصل على السعادة فتعلم كيف تستثمر وقتك، ولا تترك حياتك ووقتك تبعاً للظروف المحيطة مثل قارب تتقاذفه الأمواج دون توجيه، فإن النتيجة ستكون الغرق!
إدارة الوقت تمنحك الرضا والنجاح
معظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت، وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس يؤكدون على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع. وهذه المسألة تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام العضوية. وقد وجدتُ بعد تجربة طويلة بأن أفضل طريقة للتغلب على هذه المشكلة أن تفرغ جزءاً من وقتك وتستثمره في تدبر القرآن والاستماع إليه.
إن تأمل آيات القرآن وتدبّر معانيها يجعلك تدرك أن كل شيء في هذا الكون بيد الله تعالى، ولا يتم أمر إلا بإذنه، ولا يحدث معك شيء إلا بتقدير وعلم وحكمة منه عز وجل. وهذا يجعلك ترضى عن كل ما يحدث معك، ويجعلك تشعر بمراقبة الله لك وعلمه بما يحدث معك. فكثير من الأطباء النفسيين لا يفعلون أي شيء لمرضاهم أكثر من الاستماع إلى همومهم ومشاكلهم، وهذا بحد ذاته علاج للمريض النفسي. وعندما تعلم بأن الله تعالى يرى ويسمع ويعرف كل ما يحدث معك، فإنك ستشعر بالرضا عن الواقع الذي تعيشه لأنه مقدر عليك.ٍ
وبالنتيجة فإن استثمار الوقت في ذكر الله تعالى يمنحك الرضا عن واقعك، وهذا يشعرك بالسعادة ويزيد من طاقتك في إنجاز أعمالك أو دراستك، وبالتالي تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح. إذاً إدارة الوقت الناجحة تعني النجاح في الدراسة والعمل.