العروس هربت في شهر العسل تركت رسالة لزوجها وأسرتها قالت فيها: لا تبحثوا عني!
قصة
دينا درس لكل أسرة تُجبر ابنتها على زواج لا تريده. هي ضحية للقهر
العائلي، غلطة كبرى وقع فيها والدها وخالها، ودفعت هي ثمنها عندما أجبراها
على الزواج من رجل يكبرها بثلاثين عاماً... حاولت أن ترفض لكن والدها
أجبرها فكانت النتيجة التي يدفع الجميع ثمنها الآن.
البقاء في منزل والدها كان أشبه بالبقاء في الجحيم. شعرت بأنها حمل ثقيل
على الأب الذي لم يعتد أن يعيل ابنته اليتيمة التي ماتت والدتها بعد
ولادتها مباشرة، وانشغل الأب في عمله بإحدى المحافظات البعيدة، وأصبحت
دينا يتيمة الأبوين رغم أن والدها على قيد الحياة!
قررت
الزوجة الشابة أن تضع حداً لمأساتها بالهرب وهي في شهر العسل، رغم أنها
كانت تحمل في أحشائها جنيناً من زوجها الذي يكبرها بسنوات عدة.
لم
يكن لابنة السابعة عشرة خيار، حاولت أن تعترض على هذا الزواج لكن والدها
وخالها زوجاها بالإكراه. كانت دينا تشاهد أفلام السينما، تقرأ الروايات
والقصص الغرامية... تمنت أن ترتبط بشاب تحبه ويحبها، وتعيش معه حياة
جميلة، لكن كل أحلامها تحطمت على صخرة واقع مرير!
كانت تحسد صديقاتها عندما تشاهد حفلات زفافهن إلى شباب، تتمنى لهن حظاً وحياة سعيدة، وتتمنى لنفسها حياة مشابهة.
عاشت
دينا حياة قاسية منذ نعومة أظافرها. توفيت والدتها بعد ولادتها بفترة
بسيطة، وقرر الأب أن يتخلى عن دوره باسم السفر إلى إحدى المحافظات بحكم
عمله، ولم يكن باستطاعته أن يصطحب ابنته معه فقرر تركها لأخوالها، وعهد
إليهم بمهمة تربيتها.
اليتيمة
تحولت
دينا إلى يتيمة الأب والأم، اذ صار الأب ضيفاً لا تشاهده إلا في
المناسبات، لذا لم تكن تشعر نحوه بعاطفة حقيقية لأن أخوالها كانوا أقرب
إليها من أي شخص.
لكن
العبء كان ثقيلاً على الأخوال الذين تمنوا أن يعود الأب ليأخذ ابنته، أو
أن تتزوج لتتخلص الأسرة من عبء الإنفاق عليها. وحين وصلت دينا إلى سن
السابعة عشرة بدأت الأسرة تستقبل العرسان الذين طرقوا الباب راغبين في
الزواج من الحسناء الصغيرة.
كانت دينا تتمتع بروح جذابة ومرح ولباقة في الحديث، وهذه الصفات كانت تجذب إليها الشباب.
ذات
يوم استيقظت من نومها على صوت خالها الذي كان يبتسم ابتسامة لم تفهم
معناها إلا في ما بعد. أخبرها بأنه أحضر لها عريساً ثرياً وافق عليه
والدها. أسقط في يد دينا، انهارت أحلامها فجأة، لأنها كانت تتمنى أن تختار
بنفسها فتى أحلامها.
حاولت
أن تعترض لكن رد خالها ووالدها كان حاسماً: لا رأي لها. ووجدت الفتاة ابنة
السابعة عشرة نفسها في موقف لا تحسد عليه، وقررت في النهاية أن تستسلم
لرأي أسرتها، آملة أن يكون العريس القادم فيه بعض الصفات التي كانت تحلم
بها.
اللقاء الأول
كان
اللقاء الأول مؤسفاً، فقد أصيبت دينا بصدمة حين شاهدت عريسها حسن. عمره ٤٧
عاماً، أي يكبرها بثلاثين عاماً، ليس وسيماً، ولم تجد فيه أي صفة من صفات
فتى الأحلام.
ظلت
الفتاة لدقائق عاجزة عن النطق، شاردة الذهن، تستمع إلى الأحاديث الدائرة
حولها وهي لا تدري ماذا تفعل، وكيف تهرب من هذا المأزق الذي أصبح مصيرها
المحتوم. في نهاية الجلسة حدد الأب والخال موعداً للزفاف، وتقاضيا ثمن
العروس الشابة التي هبّت من مكانها واتجهت إلى غرفتها.
أصيب
العريس بالدهشة لكن والد دينا أخبره بأنها تخجل من الموقف... وفي الغرفة
غرقت العروس الشابة في دموعها، ولم تنم ليلتها وهي تفكر في ما يحدث لها.
وكان ثمة سؤال محيّر يهاجمها: لماذا يبيعها والدها رغم أنها ابنته
الوحيدة؟!
حاولت
دينا أن تناقش الأب لكن رد فعله جاء عنيفاً، أخبرها أنه لن يتراجع عن
قراره. لم يهتم ببكائها، ولا امتناعها عن الطعام، تحول قلب الأب إلى صخر،
كان يهمه المال فقط!
أجمل أيام العمر
تزوجت
دينا الرجل الذي يكبرها بسنوات بعدما اغتالت الأسرة فرحة هذه الشابة التي
كانت تتمنى أن تكون مثل أي عروس تفرح في أجمل أيام العمر.
ازدادت
مشاكل العروس التي لم تجد من يفهمها، وحاولت أن تشرح لوالدها أنه ارتكب
جريمة في حقها، لكن الأب صمّ أذنيه عن كلامها، وطلب منها أن تنسى كل شيء
وتتذكر فقط أنها أصبحت زوجة وعليها أن تهتم بزوجها.
بعد
أسابيع على زواجها قررت دينا الهرب. لم تهتم بما سيحدث في ما بعد لأن
الجميع تخلوا عنها، والدها وخالها قدماها كسلعة لرجل يكبرها بثلاثين عاماً
لمجرد أنه سيدفع أكثر!
هربت
العروس في شهر العسل وهي تحمل في أحشائها جنيناً من زوجها حسن الذي جن
جنونه وراح يبحث عن عروسه في كل مكان ولكن بلا جدوى، فقد تبخرت العروس
الشابة بعدما تركت رسالة خاطبت فيها الجميع، والدها، وخالها، وزوجها.
وأكدت لهم فيها أنهم تخلوا عنها ودمروا شبابها بهذه الزيجة، وطلبت منهم
ألا يبحثوا عنها، وطلبت من زوجها تطليقها لعدم وجود تفاهم وتكافؤ بينهما،
وكان الأب هو الأكثر تأثراً مدركا أنه أخطأ في حق ابنته.
يقول الأب:
«بحثت عن دينا في كل مكان، لم يعد لي أي هدف سوى الوصول إليها. علمت أنها
سافرت من الإسكندرية إلى القاهرة، وبالتحديد الى مدينة السادس من أكتوبر
لتقيم عند إحدى صديقاتها. لكن أثرها انقطع. أتمنى أن تعود حتى أعتذر لها
وأعوضها عن كل ما فاتها، فأنا في النهاية أب لا يهمه سوى مصلحة ابنته.
اعتقدت في البداية أنها صغيرة السن وأيام الزواج ستعلّمها الكثير، ولم
أتصوّر مطلقاً أنها ستهرب في شهر العسل
».