ما قبل الحمل حرص الإسلام حرصًا شديدًا علي أن يكون أبناؤه صالحين أقوياء، ينشأ أحدهم في محضن أمين، وينبت صغيرهم من أصل طيب، فيصبح مثله:{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} [إبراهيم: 24-25]. ومن هنا كان حرص الإسلام واضحًا علي حسن اختيار الأبوين، لأنهما أصل الأبناء ومحضنهم، فلقد حث الإسلام المرأة وأولياءها علي اختيار الزوج الصالح، وإن كان فقير المال، فقال تعالي: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم} [البقرة: 221]. وقال (: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [الترمذي وابن ماجه]. كما حثّ الإسلام الرجل علي اختيار الزوجة الصالحة، فهي أم بنيه، قال تعالي: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم} [البقرة: 221]. وذلك ليضمن الأصل الصالح والمنبت الطيب للأبناء، فلا ينبغي للمسلم أن يتزوج المرأة لمالها أو لجمالها أو لحسبها فقط، بل عليه أن يبحث عن الدين مع كل ذلك، يقول رسول الله (: (لا تَزَوَّجُوا النساء لحسنهن ؛ فعسي حُسْنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن ؛ فعسي أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن علي الدِّين) [ابن ماجه]. وقد أوصي الإسلام الرجل أن يختار الزوجة الصالحة التي عُرفت بالشرف الرفيع والدين القويم، وحث علي الزواج بالبكر؛ لأنها أكثر إنجابًا للأولاد، وأوثق علاقة بالزوج. كما حث علي الزواج بالمرأة الولود الودود، قال رسول الله ( (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم) [أبو داود]. ويحسن الزواج من الأباعد؛ حرصًا علي صحة المولود من الأمراض والعاهات الوراثية التي قد تنتج من زواج الأقارب، وإلي هذا يشير عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقوله: (اغتربوا؛ لا تَضْوُوا). أي تزوجوا من غير القريبات حتى لا تضعفوا، ولقد أكد علماء الوراثة أن زواج الأقارب -إذا تكرر في أجيال متعاقبة وكثر حدوثه- يؤدي إلي ضعف النسل، حيث تنتقل الصفات الوراثية السيئة من أسرة الوالدين إلي الأبناء. وبوجه عام، فإن حسن اختيار كل من الزوجين يعتبر حقّا من حقوق الطفل في الإسلام . فإذا حَسُن دين الزوجين، وسَمَتْ أخلاقهما؛ كوَّنا معًا بيتًا مسلمًا، ومَنبتًا صالحًا للأبناء. قال أبو الأسود الدؤلي ممتنَّا علي أبنائه: أحسنت إليكم كبارًا وصغارًا وقبل أن تولدوا. قالوا: كيف أحسنت إلينا قبل أن نُولد؟! قال: اخترت لكم من النساء من لا تَُسبُّون بهن. وقال أبو عمرو بن العلاء: لا أتزوج امرأة حتى أنظر إلي ولدي منها. فقيل له: كيف ذلك ؟ فقال: أنظر إلي أبيها وأمها؛ فإنها تأخذ منهما. ومثلما وضع ديننا الإسلامي الحنيف القواعد والأسس التي يختار كل من الزوجين الآخر في ضوئها، فإنه شرع من الآداب ما يحمي الذرية منذ تكوينها في رحم الأم، فَوَجَّه الآباء لاتخاذ كل التدابير الوقائية التي تصون الطفل مما قد يصيبه من نزعات الشياطين وغيرها -حتى عند الإخصاب- حيث قال (: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله، اللهمَّ جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقدر بينهما ولد في ذلك، ما لم يـضرَّه شيطان أبدًا) [متفق عليه]، وبذلك يجعل الإسلام من المرأة تربة خصبة لإنبات الذرية الصالحة النافعة لدينها ووطنها. مراحل النمو: تقسم هذه المراحل تقسيمًا تقريبيًا؛ لأنها تتداخل وتتشابك فيما بينها، إذ ليست هناك حدود فاصلة بينها بشكل حاسم . وعلي كل أم أن تدرك طبيعة كل مرحلة وسماتها وخصائصها، لتتخذها معيارًا تنظر من خلاله إلي طفلها؛ لتتأكد من نموه نموَّا طبيعيَّا. علي أن تدرك أن هذه الأمور تقريبية، قد تختلف من طفل إلي آخر، ومن بيئة إلي أخري بنسبة ما، وأنها ليست قوانين جامدة. الحمل: أبشري أنت حامل!! إنها أسعد اللحظات عند المرأة، تلك اللحظات التي تشعر فيها أنها ستكون أمَّا لطفل تعطيه حبها وحنانها. وفترة الحمل فترة شاقة متعبة، عبر عنها القرآن الكريم بقوله: {حملته أمه وهنًا علي وهن} [لقمان:14]، وبقوله: {حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا} [الأحقاف:15]. واعتني الإسلام بالجنين عناية بالغة، فمن ناحية صحته وكمال نموه، أباح الإسلام للحامل أن تفطر في شهر رمضان؛ إذا خافت عليه الضرر، بعد استشارة طبيب مسلم ثقة؛ وذلك لما في الصوم من مشقة عليها، ولأن الجنين يحتاج إلي الغذاء حتى يكتمل نموه . فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله ( قال: (إن الله -عز وجل- وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، وعن الحامل والمرضع) [النسائي]. كما حرص الإسلام علي الجنين عند إقامة الحد علي المرأة الحامل، حتى تضع حملها؛ حماية له. وقد أجمع فقهاء المسلمين علي عدم جواز القصاص من الحامل قبل أن تضع جنينها، سواء كانت حاملا وقت الجناية أم حملت بعدها، وسواء كان القصاص في النفس: كالرجم في حالة زني المحصنة أو في طرف من أطرافها، كقطع اليد في حالة السرقة. كل ذلك صيانة ووقاية للجنين. علامات الحمل: هناك بعض العلامات أو الأعراض التي يمكن أن تشير إلي وجود حمل، ومن هذه العلامات: * انقطاع الدورة الشهرية: ففي معظم الحالات يكون انقطاع الدورة الشهرية مؤشرًا لحدوث الحمل . * تغير في الثديين: فحجم الثديين يكبر، ويصبحان أكثر نضوجًا وأطري ملمسًا، ويتحول لون المنطقة المحيطة بالحلمة إلي لون داكن . * الغثيان أو القيء: فالشعور بالقيء يعتبر أمرًا طبيعيَّا للحامل، وخصوصًا في الشهور الأولي . الرغبة في التبول المستمر: تشعر الحامل بالرغبة في التبول، وهذا عارض مؤقت لا يدوم، ولكن هذه الرغبة تعود خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، نتيجة لوجود الجنين في أسفل البطن، فيعود الضغط علي المثانة. * حركة الجنين في بطن الأم: ويتطور الأمر تدريجيا؛ حيث تشعر المرأة الحامل خلال منتصف الشهر الرابع بحركة الجنين، وتقوي هذه الحركة شيئًا فشيئًا إلي حد أن تتمكَّن الأم من ملاحظة حركات جنينها بوضوح إذا وقفت أمام المرآة. * التغيرات العاطفية: ويعتبر تغير الهرمونات في جسد المرأة الحامل أحد العوامل المهمة التي تسبب لها التغيرات العاطفية، وعمومًا، فإن التقلبات العاطفية تعدُّ من الأعراض الملحوظة عند الحامل، فتارة تشعر بالسعادة، وتارة أخري يخيِّم عليها جو من الكآبة، ولكن الحامل تعود إلي حالتها الطبيعية خلال الشهر الرابع عندما تعود الهرمونات المختلفة إلي التساوي. رعاية الأم الحامل: اهتم الإسلام بالمرأة الحامل، وأمر بالعمل علي راحتها، وتوفير الغذاء لها، قال تعالي: {أسكنوهن من حيث سكنتم من حيث وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخري. لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرًا يسرًا} [الطلاق: 6- 7]. والحامل تحتاج إلي تناول غذاء كامل يحتوي علي جميع العناصر الغذائية حتى ينمو جنينها قويًّا صحيحًا؛ لأنها هي المصدر الوحيد لغذائه، وعليها أن تحرص علي تناول البيض واللحم والحليب والجبن والسلطات والخضراوات والحبوب والخبز، والدهنيات -بنسبة بسيطة- والفاكهة، وغير ذلك من الأغذية الضرورية في هذه الفترة . وعلي الحامل أن تدرك أن راحة النفس لا تقل أهمية عن راحة البدن، وأن الانفعال أو التوتر النفسي يؤثر علي الجنين تأثيرًا سلبيا، فالراحة النفسية للحامل من الأمور المهمة التي لا تقل في أهميتها عن الراحة البدنية، فيجب علي الحامل ومن يعيشون معها الحرص علي أن يكون جو البيت ممتلئًا بالسعادة والانشراح، حيث إن الحالة النفسية من فرح أو حزن لها تأثيرها في إفراز الهرمونات في جسم الأم، ويتأثر الجنين بهذه الهرمونات منذ الشهور الأولي. وهناك بعض العوامل الأخرى المفيدة للحامل منها: المشي، والقيام ببعض التمرينات الرياضية البسيطة، وذلك في الشهر أو الشهرين الأخيرين من الحمل؛ وذلك مما يسهل عملية الولادة . ويجب أن تهتم الحامل اهتمامًا كبيرًا بصحتها، استعدادًا لتحمل مسئولية الإنجاب، وتربية الطفل والعناية به وإرضاعه، فتهتم بنظافتها وتغسل ثدييها، ولا يفوتها أن تكون ملابسها فضفاضة بقدر ما تسمح به حالة الجو -مع مراعاة الجانب الشرعي في الملابس- وألا تكون ضاغطة علي جزء ما من جسمها، وأن تتجنب استعمال الأحذية عالية الكعب؛ لأنها ترفع الجسم، وتلقي بالثقل علي الكعبين وأصابع القدمين؛ مما قد يسبب آلامًا في الظهر والساقين، ويفضل زيارة الحامل للطبيبة بصورة دورية إذا أمكنها ذلك، حتى تطمئن علي صحتها وسلامة حملها من آن لآخر . ويمكن للحامل في كثير من الأحيان أن تكون طبيبة نفسها، وذلك بتجنبها ما يضر حملها عملا بمبدأ: (الوقاية خير من العلاج) . والسيدة الحامل يصيبها الأرق أثناء فترة الحمل . وللتغلب علي ذلك، عليها أن تسير في الهواء الطلق قبل وقت النوم، وأن تتناول كوبًا من اللبن الدافئ، وأن تتكئ علي وسائد عند نومها، فإن ذلك يساعد علي ارتخاء ومرونة عضلات الجسم ويهيِّئ لها نومًا مريحًا. من كل ما سبق يتضح أن برنامج رعاية الأم الحامل يجب أن يشمل الاهتمام بالنواحي الغذائية والطبية، والتي يجب أن تقوم بدورها الوقائي، فالإشراف الكامل علي صحة الأم الحامل يحميها من الاضطرابات التي قد تتعرض لها أثناء الولادة وتقلِّل آثار العوامل التي لا تخضع للتحكم. متي سيري المولود النور؟ هذا أول سؤال توجهه السيدة لطبيبتها عندما تخبرها بأنها في انتظار مولود جديد، وتظل تتساءل، وقد تكون في حَيْرة من أمرها، كيف أعرف ميعاد الولادة!! وقد اتفق الأطباء علي أن مدة الحمل العادي هي 280 يومًا، ولمعرفة موعد الوضع يجب أن تعود الأم إلي ثلاثة أشهر من تاريخ أول يوم من آخر حيض، ثم تزيد سبعة أيام، وذلك في العام التالي. فمثلا لو كان أول يوم لآخر حيض هو أول أغسطس تعود إلي الوراء ثلاثة أشهر، أي إلي أول مايو ثم تزيد سبعة أيام. أي (8) مايو، فيكون هذا هو ميعاد الولادة، مع العلم أن هذا الموعد يكون تقريبًا، حيث إن نسبة الأطفال الذين يولدون في موعدهم بالضبط تكون قليلة. مشكلات الحمل: اهتم الإسلام بصحة الجنين، ودعا إلي توفير الرعاية الصحية للحامل ؛ لأنَّ الجنين يتأثر بما تتأثر به الأم من عوامل خارجية. ومن العوامل التي قد تُعَرِّض الحامل للخطر: - سوء التغذية: فعندما يكون غذاء الأم غير كافٍ،سواء من حيث نوعه أو كميته، فإن ذلك يضر بالجنين . - التدخين والإدمان: فالتدخين يسبب زيادة خطر حوادث الإجهاض أو موت الجنين . وقد لوحظ أن السيدات اللاتي يدخِّن يضعن عادة مواليد أوزانها أقل من المعتاد؛ مما يعرِّض صحة المولود للخطر، بالإضافة إلي أن نسبة المواليد المُشوهين من السيدات المدخنات تكون كبيرة بالمقارنة بغيرهم . أمَّا الإدمان: فإنه يؤدي إلي عيوب وراثية في الجنين، ينشأ عنها طفل يعاني من خلل في جزء أو أكثر من أجزاء جسمه، وقد يؤدي إلي الإعاقة العقلية والبدنية ؛ ولذا حرص الشرع الحنيف علي تحريم تعاطي المخدِّرات، وحذَّر من الوسائل التي تؤدي إلي إسقاط الجنين أو إضعافه وتشويهه، بل فرض علي الأم عقوبة إن فعلت ذلك، وذلك يعتق رقبة، ودفع غرة والغرة: هي عبد أو أمة، أو قيمتها: خمسمائة درهم أو مائة شاة أو خمس من الإبل، أو قيمتها بالذهب (5ر212 جم) تقريبًا. -العوامل الوراثية: يعتبر إجراء الفحوص الطبية علي الزوجين قبل زواجهما من الأمور المهمة، فهناك بعض الأمراض والعوامل الوراثية التي تؤثر تأثيرًا سلبيا علي الجنين، سواء كان هذا التأثير في تكوينه الجسماني أو العقلي، مثل: أنيميا البحر المتوسط، والهيموفيليا (مرض سيولة الدم الوراثي)، ولذلك ينصح بإجراء الفحوص الطبية قبل الزواج لتجنب هذه الحالات والوقاية منها . -اختلاف دم الأم والأب أو عامل R.h : وهو مرض دموي يصيب الوليد، ويظهر هذا المرض عندما تكون الزوجة (- Rh) سالب، والزوج (+ Rh) موجب، وفي هذه الحالة يكون نوع دم الأبناء دائمًا موجبًا (R.h+)، فيولد الطفل الأول بدون مشاكل، وتظهر المشكلة مع الطفل الثاني دائمًا، حيث إنه عند ولادة الطفل الأول يختلط بعض من دمه بدم الأم، فيكوّن دم الأم أجسامًا مضادة للدم الموجب، وعند اختلاط دم الأم بالطفل الثاني. تسبب الأجسام المضادة هدم الخلايا الدموية للجنين، وبذلك قد يولد الطفل وهو يعاني من فقر الدم (الأنيميا)، واليرقان (الاصفرار) أو غيرها، وقد تنتج عن ذلك وفاة الطفل بنسبة حالة في كل ثلاثين حالة، أو قد يتسبب ذلك في الضعف العقلي للأطفال. وقد أتاح الطب الحديث اكتشاف الوسائل التشخيصية والعلاجية لهذا المرض الخطير، ويتلخص الاحتياط والوقاية منه في إعطاء الأم حقنة خاصة ضد إنتاج الأجسام المضادة لفترة الحمل التالية المحتملة. إصابة الأم بمرض مُعْدٍ: فتعرُّض الأم للإصابة ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية أثناء الشهور الثلاثة الأولي من الحمل، أو أصابتها بالأمراض التناسلية كالزهري والسيلان؛ يؤدي إلي حدوث نمو شاذ للطفل. الأدوية والعقاقير: فاستخدام الأدوية والعقاقير مثل: الإسبرين، والمهدئات، والمنومات، والمضادات الحيوية دون استشارة الطبيب يشكل خطرًا علي السيدة الحامل، وعلي صحة الجنين. التعرض للإشعاع: فتعرض السيدة الحامل للإشعاع يعرض الجنين للتشوه ، أو الاضطرابات العصبية والضعف العقلي وفقدان البصر. الحالة الانفعالية للأم: من العوامل ذات التأثير القوي علي الجنين من حيث استجابته وتطوره: حالة الأم الانفعالية، فقد ثبت أنَّ لاضطراب غدد الأم أثرًا في نقص أو زيادة إفراز الهرمونات، وقد يؤدي هذا إلي نقص في نمو العظام أو الضعف العقلي، كما ثبت أن الخوف والغضب والتوتر والقلق عند الأم يؤدي إلي إفراز الغدد وتغير التركيب الكيميائي للدم؛ مما يؤثر بدوره في نمو الجنين. عمر الأم: حيث يعتبر عمر الأم هامَّا لصحة الوليد، فالأم التي يزيد سنها علي الخامسة والثلاثين قد تكون أكثر عرضة للأخطار عن غيرها ؛كما أن الحمل بالنسبة لصغيرات السن قد يشكل خطورة عليهن، لذلك فإنَّ أفضل عمر للحامل يكون ما بين 20 إلي 30 سنة. صحة الأم: العناية الطبية خلال فترة الحمل تعتبر غاية في الأهمية للتقليل من مشكلة ولادة أطفال غير أصحاء . تكرار الحمل: يؤثر تكرار الحمل في صحة الأم، وينعكس ذلك بصورة سلبية علي الجنين . الإجهاض: وهو الخطر الأول والأكبر علي الأم الحامل والجنين، وهو يعني ولادة الجنين قبل نضج تكوينه الجسماني، وأول علامة تنذر بحدوث الإجهاض هي خروج الدم من المهبل . ويحدث الإجهاض نتيجة الأمراض، فقد يحدث بسبب إصابة الأم بمرض الزهري، أو أمراض الكلي، أو البول السكري،أو الحميات المعدية والتسمم، أو التهابات الجهاز التناسلي، كما أن الانفعالات النفسية والصدمات العصبية والحزن والخوف لها تأثير كبير في إحداث الإجهاض . ومن العوامل الأخري التي تسبب الإجهاض وقوع ضرر جسماني علي الأم: كالوقوع علي الأرض، أو حمل أشياء ثقيلة، أو القيام بمجهود شاق . -تلوث المجاري البولية: فانقطاع البول أو الانخفاض في كميته يعني علامة خطر يجب أن تنتبه لها السيدة الحامل، وعليها في هذه الحالة الإسراع بمراجعة الطبيبة قبل أن يسبب ذلك مضاعفات قد تكون خطرة . تسمم الحمل: قد يبدأ التسمم فجأة ويتضاعف، ويسبب صداعًا مستمرّا أو زيادة محسوسة في الوزن، أو انخفاضًا في كمية البول، ويمكن اكتشاف التسمم عن طريق ملاحظة الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم وزيادة (الزُلال) في البول . وهناك العديد من الوسائل التي تقضي علي تسمم الحمل بسهولة، ولكن اكتشاف التسمم في مراحله الأولي أفضل كثيرًا ؛ حتى لا يسِّبب أضرارًا للحامل والجنين . وعلي الحامل أن تتصل بالطبيبة فورًا، دون انتظار للزيارات الدورية، إذا ظهرت عليها الأعراض التالية: حدوث نزيف دموي أثناء الحمل، أو صداع شديد في الرأس، أو قيء مستمر،أو شعور دائم بالرغبة في القيء، أو تورم في القدمين، أو ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو آلام البطن المستمرة، أو اندفاع الإفرازات السائلة من المهبل فجأة، أو انخفاض في كمية البول، أو عدم تحُّرك الجنين لمدة 24 ساعة متصلة من الشهر الثامن. ومن الطبيعي أن ُتصاب المرأة الحامل بالإمساك، والذي يمكن أن يضر الأم والجنين، حيث إنَّ استمرار البراز داخل الجسم لمدة طويلة يؤدي إلي امتصاص الدم للسموم؛ فتُضَار الأم وجنينها . ويمكن تفادي الإمساك بالطرق الطبيعية دون الاستعانة بالأدوية -قدر المستطاع- وذلك إذا أكثرت الحامل من شرب اللبن وأكل الفواكه التي تساعد علي تليين البراز، كذلك الخضروات الطازجة النيئة والمطبوخة . والكثيرات من السيدات المتزوجات اللاتي لم يحملن من قبل قد تظهر عليهن الأعراض الأولي للحمل، والتي يمكن أن تتشابه مع أعراض مرضية، وخصوصًا أمراض الجهاز الهضمي أو البولي أو بعض الحميات، ولعدم معرفتهن بأعراض الحمل ؛ فقد يتناولن الأدوية والعقاقير، أو يجرين فحوصًا بالأشعة، لذلك عليهن التأكد بواسطة الطبيبة المختصة أنهن غير حوامل قبل تناولهن أي دواء ؛ حتى لا يسبب ذلك ضررًا جسيمًا للجنين في الشهور الأولي من الحمل .
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:37 pm
مرحلة الجنين تمثل مرحلة الجنين العمر الأول للإنسان في رحم الأم حيث تبلغ مدة هذا العمر مائتين وثمانين يومًا، وتعتبر هذه الفترة من أخطر مراحل عمر الإنسان علي الإطلاق. وتبدأ هذه الفترة بالصفر التكويني الذي يتمثل في لحظة الإخصاب، ومع بداية هذه المرحلة ينتقل الكائن الحي من مجرد مخلوق أحادي الخلية عند كل من الأب والأم إلي كائن مكتمل في أحسن تقويم. ويتميز النمو في هذه المرحلة بالسرعة الشديدة، ولذلك تعتبر هذه المرحلة أسرع مراحل النمو وأهمها، حيث تتحدد أهميتها في: (1) تحديد الخصائص الوراثية للإنسان، وهي المكونات التي يترتب عليها النمو اللاحق. (2) قد تساعد الظروف الملائمة في جسم الأم علي تنمية الخصائص الوراثية، بينما تؤدي الظروف غير الملائمة إلي تعويق هذه التنمية؛ مما قد يؤدي إلي تعويق النمو اللاحق. (3) يحدث في هذه المرحلة أكبر نمو نسبي في حياة الإنسان، لا يقارن بأية مرحلة أخري، وبمعدلات سريعة لا نجدها في أية مرحلة نمائية أخري. وتنقسم مرحلة الجنين من وجهة النظر الإسلامية إلي خمسة أطوار، تتمثل في: طور النطفة، طور العَلَقة، طور المضغة، طور تكوين العظام والعضلات، وطور التسوية. يقول الله سبحانه وتعالي: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 12- 14]. والنطفة: عبارة عن خلية ذكرية أو أنثوية ذات طبيعة خاصة تختلف عن باقي خلايا الجسم الإنساني، فهي الخلية الأولي التي تبدأ منها الحياة الإنسانية للفرد. النطفة الأمشاج: وبعد عملية الإخصاب يطلق علي النطفة هذا الاسم، وهي تتألف من 46 كروموزوم، ولا يزيد طولها على 1/10مم، ولا يزيد وزنها على 1مجم، ويحيط بها الماء المهين. ويتوالي انقسام النطفة الأمشاج في البداية إلي خليتين ثم أربع فثمان وهكذا، وخلال الأيام الثلاث الأولي من الحمل يصل عدد خلايا النطفة الأمشاج إلي 16 خلية، وتصبح في شكل ثمرة التوت أو ثمرة الفراولة. وتنتقل النطفة الأمشاج خلال قناة فالوب إلي الرحم حيث تلتصق بجداره، وتتلقي عنه غذاءها، وفي الرحم يطرأ تغير في شكلها حيث تتحول إلي كرة جرثومية. العلقة: هي الطور الذي تعلق فيه الكرة الجرثومية بالرحم، حيث يبدأ الغشاء المشيمي في التكون، وتبدأ تغذية العلقة. ويعيش الجنين من هذا الطور في محيط مائي معلقًا برحم الأم بواسطة الحبل السري (المعلاق). ويستمر طور العلقة لمدة أسبوع، وفي هذه الفترة يتم إفراز هرمون يمنع الأم من إفراز الدورة الشهرية، ويتوزع هذا الهرمون علي الجسم كله، ويظهر في البول. المضغة: تتكون المضغة بعد مضي أسبوعين من الحمل، حيث تتكون كتلة داخلية من الخلايا نتيجة نشاط الشريط الأول، حيث يظهر ما يسمي الكتل البدنية التي تبدأ في الظهور بعد انقضاء ثلاثة أسابيع من الحمل. وبنهاية الشهر الأول من الحمل (من حياة الجنين) تشكل هذه الكتل ثلاث طبقات: * الطبقة الخارجية: ومنها ينمو الجلد وأعضاء الحس والجهاز العصبي. * الطبقة الداخلية: ومنها تنمو الأجهزة الداخلية (الجهاز الهضمي- الجهاز التنفسي). * الطبقة المتوسطة: ومنها تنمو الأجهزة الدورية والإخراجية والعضلية، وينتهي طور المضغة بنهاية الأسبوع السادس من الحمل، وبنهايتها يأخذ الجنين شكل اللحم الممضوغ (المضغة). المضغة المخلقة: يحدث النمو بسرعة كبيرة حيث يتكون الرأس والمخ والنخاع الشوكي، ثم يتكون القلب والأوعية الدموية، وفي الأسبوع الرابع يبدأ القلب في النبض ليدفع الدم في الشرايين والأوردة الصغيرة في المضغة، وتتكون العينان والأذنان والأنف والفم. وفي الأسبوع الخامس تتكون الأطراف العليا والسفلي، وفي الشهر الثاني من الحمل يتحول الجسم إلي الشكل الإنساني، حيث تنمو العينان وينمو المخ. وفي نهاية هذه المرحلة يصل طول المضغة إلي حوالي 5ر2سم، ووزنها 14جم. تكوين العظام والعضلات: (فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكًسَوْنَا العِظَامَ لَحْمَا) [المؤمنون: 14] وفي هذا الطور من النمو تتكثف الطبقة المتوسطة علي هيئة كتل بدنية وتنقسم إلي قسمين: * القسم الأوسط الداخلي الذي يتحول بعد ذلك إلي النسيج العظمي أو الهيكلي. * القسم الجانبي الخارجي والذي يتكون من عضلات الهيكل. طور التسوية: (ثُمَ أنشأْناهُ خَلْقًا آخَرَ) [المؤمنون: 14]، ويجمع المفسرون علي أن المقصود به هو نفخ الروح في الجنين، ويبدأ هذا الطور مع بداية الشهر الرابع من الحمل، ويمتد حتى الولادة. وبنهاية الشهر الثالث يظهر جنس الجنين، ويبدأ في الحركة داخل الرحم، وتشكل هذه المرحلة في حياة الجنين الفصل الثاني من عمره. وفي سن 16 أسبوعًا يكون طول الجنين من 20- 25 بوصة، ووزنه 200 جم، وله نشاط حركي يصل إلي مص أصابعه، وحركات أكثر عنفًا، مثل الرفس، ويستطيع الطبيب أن يسمع دقات قلبه. ومع نهاية الشهر الرابع يكون للجنين مظهر بشري متميز، ولكنه لا يستطيع العيش خارج الرحم، وفي الأسبوع العشرين تنشط الغدد الدرقية، وتزداد دقات القلب قوة، ويصل طول الجنين إلي 30 سم، ووزنه من 400 - 500 جم، ويستطيع فتح عينيه وغلقهم، ويستطيع أن يسمع، وفي الشهر السادس يصل طول الجنين إلي 37 سم، ووزنه إلي 750جم. وفي نهاية الشهر التاسع من الحمل يصل طول الجنين إلي 50 سم، ووزنه إلي حوالي 3كجم تقريبًا، ويصبح مستعدًا للخروج من بيئة الرحم إلي بيئة العالم الخارجي. تلك هي المرحلة المعجزة التي وصفها القرآن منذ أربعة عشر قرنًا، ولم يكشف العلم الحديث عن بعض أسرارها إلا منذ وقت قريب. يقول تعالي: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمي} [الحج: 5]. ولد أم بنت؟! الله -تعالي- يتفضل بنعمه علي من يشاء، فيهب لمن يشاء الذكور، ويهب لمن يشاء الإناث، ويجعل من يشاء عقيمًا ؛ وذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو . ولا شك أن نوع الوليد، ذكرًا كان أم أنثي رهن مشيئة الله -عز وجل- مصداقًا لقوله -تعالي-: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير} [الشوري: 49-50]. فالله تعالي هو المعطي الوهاب، وعلي المؤمن الحق أن يكون -دائمًا- راضيًا بقضاء الله وقدره، قانعًا به؛ لأن الله تعالي يختار للإنسان ما فيه الخير: {وعسي أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216]. وقد عنَّف الله -جل شأنه- هؤلاء الذين لا يرضون بقضائه فقال سبحانه: {وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودًا وهو كظيم. يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} [النحل: 58-59] . ومن طرائف ما يروي في ذلك أن أميرًا من العرب يطلق عليه أبو حمزة تزوج امرأة، وطمع أن تلد له غلامًا، فولدت له بنتًا، فهجر منزلها، وأقام ببيت غير بيتها، ثم مرَّ علي بيتها بعد عام، فسمعها تداعب ابنتها بأبيات من الشعر تقول فيها: ما لأبي حمــزة لا يأتينـا يظل في البيت الذي يلينا غضــبان أن لانلد له البنيـنا تالـله ما ذاك في أيدينـا وإنمـا نأخذ مـا أُعطِينـــا فعاد الرجل إلي بيته، بعد أن أعطته زوجته درسًا في الإيمان والرضا، وثبات اليقين، فقبَّل رأس امرأته وابنته، ورضي بعطاء الله وقدره . ويقول أحمد شوقي مبينًا فضل البنات: إن البنات ذخائرٌ من رحمةٍ وكنوز حبٍ صـــادق ووفاء وقد أثبت الطب الحديث أن الزوجة ليس لها دخل في تحديد جنس الوليد، فمن المعروف أن جميع البويضات التي تفرزها المرأة تحتوي علي نوع واحد من الكروموزمات، التي يرمز لها بالرمز [X]، بينما الحيوانات المنوية لدي الرجل لها نوعان من الكروموزمات، أحدهما يحمل المُذكَّرة وُيرمَز له بالرمز [Y]، والنوع الآخر يحمل المُؤَّنثة ويرمز له بالرمز [X]، فإذا تم التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات المذكرة [Y] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين ذكرًا ويرمز له بالرمز [XY]، وإذا كان التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات المؤنثة [X] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين أنثي، ويرمز له بالرمز [XX]. من هنا يتضح أن الذي يحدد جنس الجنين هو الحيوان المنوي للذكر، فلقد جعله الله سببًا لتحديد نوع الجنين بما أودعه الله إياه من قدرة علي إنجاب الإناث فقط، أو الذكور فقط، أوهما معا، ولا يعني هذا أن للرجل أدني تدخل، بل الأمر بدءًا ونهاية لله وحده. وقد أشار القرآن الكريم إلي هذه الحقيقة عندما قال: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثي. من نطفة إذا تمني} [النجم: 45- 46]. لهذا كله لابد من أن نأخذ في اعتبارنا شعور الأم تجاه المولود الجديد. خاصة فيما يتعلق بجنسه، حيث إن لموقف الوسط الاجتماعي تجاه البنت أو الصبي أثرًا مهمًا لا يمكن إنكاره علي نفسية الأم، ففي بعض الأحيان تعم البهجة والفرحة عند الإعلان عن ولادة صبي، بينما يحصل العكس بالنسبة لولادة بنت، فهذا التقليد بالإضافة إلي أنه يعبر عن عدم الرضا بقضاء الله، فهو أيضًا يؤثر تأثيرًا سلبيًا في معنويات المرأة وفي استعادتها لنشاطها وحيويتها بعد الولادة، وكذلك في قدرتها علي التعامل مع الطفل وتنمية علاقة سليمة معه.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:39 pm
الولادة الاستعداد لعملية الولادة: قبل عملية الولادة تكون السيدة الحامل قلقة مضطربة حيث إن هذه العملية تكون قد ارتبطت في ذهنها بالألم والمعاناة مما يبعث علي زيادة توتر الحامل بدلا من استرخائها، ويؤدي ذلك إلي عرقلة التطور الطبيعي لعملية الولادة، وبالتالي إلي مضاعفة الآلام وتضخمها، وجعل الولادة صعبة ومعقدة. وقد ثبت حديثًا أنه من الممكن اتباع بعض الطرق التي تجعل الولادة تحدث دون خوف أو ألم، وذلك من خلال التحضير الجسدي والنفسي لتحقيق ذلك الهدف: فإعطاء الحامل بعض الإرشادات المبسَّطة حول ما يجري أثناء الحمل وأثناء الولادة؛ يمكِّن الحامل من التعرف علي مراحل تطوُّر الجنين، والمكان الذي يحتله والطريق الذي سيتبعه كي يري النور، وبذلك يمكن استبدال مشاعر الخوف بالثقة والمشاركة النشطة في عملية الولادة بدلا من الخوف منها، كما أن هناك بعض التمارين الرياضية التي تُسهِّل حدوث الولادة، بحيث لو نفذتها المرأة أثناء الحمل، فإن ذلك يجعلها تواجه لحظات الولادة بهدوء وطمأنينة. عملية الولادة: هناك علامتان علي درجة كبيرة من الأهمية تدلان علي أنَّ الحامل صارت في المخاض، وهما: أولاً: حدوث الطلقة: وهو عبارة عن انقباضات رحمية مؤلمة، وهذه العملية هي التي تدفع بالجنين إلي خارج الرحم، وتحدث خلال فترة تمتد لبضعة ساعات أو بضعة أيام . وينقسم المخاض إلي ثلاث مراحل: * المرحلة الأولي: تمتد من (12- 15) ساعة في حالة الولادة الأولي، من (6 - 8) ساعات للولادة الثانية، وفيها يتسع عنق الرحم، خلال سلسلة من التقلصات العضلية التي تتم علي فترات زمنية طول كل منها (20) دقيقة، وتؤدي هذه التقلصات إلي تمزق الأغشية التي تحيط بالجنين حيث يتدفق السائل الأميني إلي الخارج، ويصل اتساع عنق الرحم بذلك إلي أربع بوصات. * المرحلة الثانية: تكون أكثر زمنًا وأكثر حدة، وتبدأ مع اكتمال اتساع عنق الرحم، وتنتهي بخروج الجنين، ومن خصائص هذه المرحلة أن الأم تقوم بدور إيجابي في دفع الجنين خلال قناة الولادة، حيث يمثل جهدها حوالي (50 %) من المجهود المطلوب، وتلعب عضلات البطن دورًا أساسيّا في هذه المرحلة . وبعد خروج الجنين يتم قطع الحبل السري الذي يكون ما زال متصلا بالمشيمة إذ إنه بمجرد أن تستقبل رئتا الطفل الوليد الهواءَ خلال القناة الأنفية تتوقف وظيفة الحبل السري نهائيَّا عن استقبال الأوكسجين من المشيمة، حيث يتم إفراز مادة هلامية تغلق أنبوب الهواء فيه. * المرحلة الثالثة: هي تلك التي تحدث بعد الولادة بعشرين دقيقة، حيث تشعر الأم ببعض التقلصات القوية والتي تدل علي إخراج الأم للمشيمة والحبل السري والأغشية الأخري التي كانت تحيط بالطفل، وبذلك تكون عملية الولادة قد انتهت. ثانيا: الإفراز المختلط بدم (البشارة): وقد تراه الحامل علي ملابسها الداخلية، أو تكتشفه الطبيبة بواسطة الفحص . وينصح الأطباء بالحركة وعدم الكسل، خصوصًا في الأيام الأخيرة من الحمل ؛ لأن الحركة تسهل عملية المخاض . وتجدر الإشارة إلي أن هناك بعض الأغذية المفيدة للحامل مثل تمر (الرطب)، ولقد أثبت الطب الحديث أن له فوائد في حالة الولادة؛ لأنه يحتوي علي مواد قابضة للرحم، فتنقبض العضلات الرحمية؛ مما يساعد علي إتمام الولادة، ويمنع النزيف أثناء وبعد الولادة، وذلك لأن الرحم الذي لا ينقبض انقباضًا سريعًا يكون أكثر تعرضًا لهجوم الميكروبات، والرطب يحتوي علي أنواع من السكر مثل الجلوكوز والفركتوز، والبروتينات، والمعادن؛ مما يقوي المرأة علي تحمُّل الطلق، ويمدها بما تفقده من طاقة بسرعة كبيرة . كما أن الرطب مادة سهلة الهضم، تنظف الأمعاء بسهولة. ونحن نعلم أن المرأة كي تلد سريعًا تُعطي حقنة شرجية تُسهل خروج البراز الذي قد يعوق حركة الرحم وانقباضاته. ويحتوي كل مائة جرام من التمر الخالص علي (65) ملليجرام من الكالسيوم (72) ملليجرام من الفوسفور (1ر5) ملليجرام من الحديد، ويمكنها من أن تفيد الجسم بـ (353) سعرًا حراريا، كما ثبت أن التمر غني بفيتامين (أ)، وفيتامين ( ب )، بالإضافة إلي ما به من ماء وكربوهيدرات، ودهنيات، وبروتين، وألياف . وبهذا يعد التمر غذاء كاملا للفرد، والأم الحامل بصورة خاصة، ومن هنا كان التوجيه الإلهي للسيدة مريم -رضي الله عنها- عندما شعرت بآلام الوضع فأوحي إليها:{وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا} [مريم: 25]. وشرب السوائل له أهمية كبيرة في تعويض ما تفقده الحامل أثناء معاناة الطلق، وتصبب العرق المصاحب له. لذلك دعا الله السيدة مريم إلي شرب الماء بقوله: {فكلي واشربي}، [مريم: 26] كما وجهها إلي الهدوء والاطمئنان والراحة النفسية: {وقري عينًا}، [مريم: 26] لأن أكثر أسباب تعثر الولادة هو الخوف والقلق، في حين أن الهدوء والاتزان يؤديان إلي ولادة ميسرة، فالله -تعالي- هو الذي يتولي إخراج المولود بلطفه ورحمته . وقد وجهنا الرسول ( إلي قراءة بعض الآيات القرآنية التي تيسِّر عملية الولادة، فعندما اقتربت ولادة السيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- وجاءها المخاض أمر النبي ( السيدة أم سلمة والسيدة زينب بنت جحش -وهما من نساء النبي (- أن تأتياها وتقرأ عندها: آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض مَنْذَ الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} [البقرة: 255]. وقوله تعالي: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفًا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين} [الأعراف: 189]. والمعوذتين: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس من السور المحبب قراءتها أثناء عملية الولادة. وكذلك قراءة قوله تعالي: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف 54]. وعملية الولادة لها تأثير علي عملية النمو فيما بعد، فقد تكون الولادة عسرة، فتُستخدم الآلات في إتمامها، ونتيجة لذلك قد يحدث نوع من الاختناق أو نقص في الأوكسجين لدي الجنين؛ مما قد يتسبب في تلف بعض خلايا المخ أو تعويق نموها. كما أن هذه الظروف قد تؤدي إلي حالات الضعف العقلي، بالإضافة إلي إمكانية حدوث بعض التشوهات الخلقية الأخرى، إذا طالت مدة الولادة بعد انفصال المشيمة وانفجار كيس الجنين. وقد تكون الولادة مُبْتَسَرة، وهي التي تتم قبل مرور شهور الحمل كاملة، وأخطرها ما يتم قبل مرور سبعة أشهر، وهذا النوع من الولاده قد تترتب عليه أضرار جسمية أو نفسية للطفل ؛ فقد لا يتحقق لمثل هؤلاء المواليد درجة كافية من نضج المخ، وتكون نسبة ذكائهم أقل من المعتاد. أمَّا الأضرار النفسية التي يمكن أن تلحق بهم، فإنهم كنتيجة للحماية والرعاية الزائدة من قبل الوالدين نتيجة للولادة المبتسرة، فإن هؤلاء الأطفال لا تكون لديهم الخبرات العقلية والاجتماعية التي يستطيعون من خلالها مواجهة المشكلات المختلفة. وعلي الأم ألا تقلق، فقد تمكن الطب الحديث من رعاية صحة المواليد الذين يولدون قبل الشهر السابع عن طريق توفير الغذاء لهم داخل حضانات خاصة. أمَّا الولادة السعيدة فهي التي تتم بعد فترة الحمل كاملة، وتتراوح بين 259 إلي 293 يومًا دون الالتجاء إلي عمليات جراحية أوقيصرية. استقبال المولود : تشعر الأم بسعادة كبيرة حينما تري وليدها وقد خرج إلي الحياة، وعلي الأم أن تقرب طفلها إليها، وتضمه إلي صدرها بعد الولادة مباشرة، وذلك لأهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم، فالتَّماس الجسدي بين الاثنين يوفِّر فرصة الاتصال بينهما، مما يمكن الطفل من تطور أمثل فيما بعد، فالنقص في الاتصال خلال هذه المرحلة يمكن أن يؤثر سلبيًا في سياق التعلق، وفي روابط الطفل والأم. ومن الآداب الإسلامية المستحبة بعد الولادة: (1) شكر الله علي المولود: علي الوالدين والأهل شكر الله علي ما رزقهم ولدً كان أو بنتًا، ويكون هذا الشكر والامتنان باللسان والقلب والفعل، ومن المستحب أن يصلي الأب ركعتين، ويسجد شكرًا لله علي نعمة الولد وسلامة الأم . (2) التأذين والإقامة في أذن المولود: ويستحب ترديد الأذان في الأذن اليمني للمولود، وترديد الإقامة في أذنه اليسري ؛ ليكون أول ما يصل إلي حواسه هو ذكر الله -تعالي-، فعن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: رأيت رسول الله ( أذَّن في أذن الحسين بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة. [أبو داود والترمذي]. (3) تحنيك المولود بعد ولادته: والتحنيك معناه مضغ تمرة، ودلك حنك المولود بها، وذلك بوضع جزء من الممضوغ علي الإصبع ، وإدخال الإصبع في فم المولود، ثم تحريكه يميًنا وشمالا بحركة لطيفة، وإن لم يتيسر التمر، فليكن التحنيك بأية مادة حلوة ؛ تطبيقًا للسنة واقتداءً بفعله ( . فعن أبي موسي -رضي الله عنه- قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي ( فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة، ودفعه إلي، وكان أكبر ولد أبي موسي. [البخاري]. ولعل الحكمة في ذلك إثارة اللسان ليتحرك، ولتتحرك عضلات الفم مما يهيئ المولود للرضاعة، وكذلك إيصال كمية من السكريات إلي دم الوليد للوقاية من نقص السكر في الدم الذي يمثل أحد الأخطار التي يتعرض لها الوليد. (4) التهنئة والبشارة بالمولود: يستحب لمن ُولِد له مولود أن تزف له البشري، وأن تقدم له التهنئة بأن يقال له كما جاء في الأثر عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما-: (بورك لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره) [النووي في الأذكار]. والبشارة بقدوم الأولاد سنة مستحبة، تطيب بها نفوس الآباء والأمهات، وتنشرح لها صدورهم . ومما يذكَر في كتب السيرة أن النبي ( لما وُلد بَشَّرت به ثويبة عمه أبا لهب - وكان مولاها- فأعتقها سروًرا بولادته. ويروي أن العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حَوْل في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين. وهو اليوم الذي ولد فيه الرسول ( . وهذه البشارة والتهنئة يجب أن تشمل كل مولود ذكرًا كان أو أنثي دون تفريق بينهما. (5) تسمية المولود: علي الأبوين أن يحسنا اختيار اسم المولود، فقد أوصي رسول الله ( بحسن اختيار الأسماء، إذ جاء رجل فسأله عن اسمه فقال: اسمي (حَزن) فقال (: (أنت سهل). وسأل امرأة عن اسمها، فقالت: اسمي (عاصية) . قال: (بل أنت (جميلة)) [أحمد والدارمي]. وقد بين الرسول ( أن خير الأسماء وأحسنها عبد الله، و عبد الرحمن، قال رسول (: (إن أحب أسمائكم إلي الله: عبد الله وعبد الرحمن) [مسلم]. ويستحسن أن يختار للمولود أحسن الأسماء: قال رسول الله (:(إنكم تُدْعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم) [أبو داود وأحمد]. ولا يجوز تسمية المولود بالأسماء التي تشير إلي عبادة غير الله: كعبد العزي، وعبد هبل، وعبد الكعبة، وعبد الرسول، وعبد النبي، وما شابه ذلك . ومن الأسماء المكروهة التي نهي النبي ( عن التسمي بها ما رواه ابن ماجه في سننه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (: (لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح) [أبو داود] حتى لا يساء استخدام الاسم، كأن يقول أحد: هنا رباح؟ فيقال: لا، وهكذا. كما لا يجب تسمية الأبناء بأسماء الشياطين والجبابرة: كالأعور، وفرعون، وقارون، وهامان وكذلك لا يجوز التسمية بأسماء الله -عز وجل- وكذلك لا ينبغي التسمي بالأسماء الغربية، مثل: ديانا، وليزا، وسيمون . فذلك من مظاهر التغريب الذي يحدث للمجتمع المسلم . (6) تكنية المولود: ومن المرغوب فيه تكنية المولود: كأبي الخير، وأبي عمير؛ وذلك تكريمًا له وإشعارًا له بالاحترام في كبره بما يقوي شخصيته اجتماعيا ونفسيا، فضلا عن أنها سنة من السنن التي سنها لنا الرسول (. (7) حلق رأس المولود: يستحب حلق رأس المولود ذكرًا كان أو أنثي في اليوم السابع لإزالة شعر الرأس، ولعل في إزالته تقويةً له، وفتحًا لمسام الرأس، وكذلك تقوية لحاسة البصر والسمع والشم، فعن علي -رضي الله عنه- عق رسول الله ( عن الحسن بشاة، وقال: (يا فاطمة، احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة) [الحاكم]. والتصدق بوزن شعره فضة فيه دعوة رمزية إلي التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وفي ذلك تحقيق للتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع. (8) العقيقة: وهي من السنن التي حث عليها الإسلام، فعن أم كرز الكعبية أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال: (عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاه، لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا) أي الذبائح . [أبو داود والنسائي]. يستحب أن تذبح العقيقة في اليوم السابع لولادة المولود . قال النبي ( (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق رأسه، ويسمي) [أصحاب السنن]. ويستحب في العقيقة التصدق وتوزيع اللحم، والأفضل أن تُطبَخ العقيقة، ويهدي منها إلي الفقراء والمساكين . والعقيقة فيها معني القربان، والشكر، والفداء، والصدقة، وإطعام الطعام شكرًا لله، وإظهارًا للنعمة. (9) الختان: وهو من سنن الفطرة، قال رسول الله (: (الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الآباط) [متفق عليه]. والختان بجانب كونه من سنن الفطرة فهو واجب في الذكور ومكرمة في الإناث. والختان للرجال من تمام الحنيفية التي شرعها الله علي لسان إبراهيم -عليه السلام- كما أنه يميز المسلم عن بعض أصحاب العقائد الأخري. وهناك فوائد صحية عديدة للختان أوضحها الأطباء، ومنها: - التخلص من الإفرازات الدهنية والسيلان الشحمي المقزز للنفس. - تقليل الإصابة بالسرطان. - تجنب الإصابة بسلس البول الليلي الناتج من التهاب المثانة. - التقليل من الالتهابات في الحشفة وقناة مجري البول. - تجنب اختناق المخرج في بعض الحالات. والختان مستحب للأنثي، وهو مكرمة لها، وتزيين لها، ونظافة، وتهذيب للشهوة، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار عدم المبالغة فيه؛ لأن ذلك يضعف شهوتها. فعن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي (: "لا تَنْهِكِي (لا تبالغي في القطع)؛ فإن ذلك أحظي للمرأة وأحب للبعل" [أبو داود]. وعن ميمونة زوج النبي ( أنها قالت للخاتنة: إذا خفضت فأَشِمِّي ولا تنهكي، فإنه أسري للوجه، وأحظي عند زوجها. والمعني أنَّ الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة ؛ فَقَلَّت حظوتها عند زوجها، كما أنها إذا تركتها كما هي، فلم تأخذ منها شيئًا زادت شهوتها، وإذا أخذت منها وأبقت، كان ذلك تعديلا للخلقة والشهوة، فالأولي الاعتدال في الأخذ.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:40 pm
الوليد من الميلاد حتى نهاية الأسبوع الثاني تمتد مرحلة الوليد من لحظة الميلاد، حتى الأسبوع الثاني، والبعض يري أنها تستمر حتى الأسبوع الرابع، أو حتى تلتئم سُرَّة المولود، وهي أيام قليلة، لكنها في غاية الأهمية بالنسبة للأم وطفلها، فإذا أدت الأم ما عليها، وساعدت طفلها علي التكيّف علي الحياة الجديدة، فسوف يريحها ذلك في رعاية مولودها مستقبلا. وقد استطاع الطب الحديث تقييم درجة كفاءة الوليد بعد دقائق من ولادته، ومعرفة ماإذا كان الطفل سويا أو غير سوي، وذلك عن طريق العديد من المقاييس، والتي من أهمها مقياس "أبجر Apgar"، ويطبق هذا المقياس في الخمس دقائق الأولي بعد الولادة، ويتناول نواحي خمس، هي: النبض - التنفس - قوة العضلات - درجة الاستثارة الانعكاسية - لون الجلد. وتُقيَّم هذه النواحي بدرجات تتراوح بين (صفر-2) لكل ناحية، وبذلك تكون النهاية العظمي هي (10) درجات، فإذا كانت الدرجة تتراوح بين (7-9) يعني ذلك أن الطفل سيكون قادرًا علي مواجهة تحديات البيئة الجديدة، وإذا قلّت درجاته عن ثلاث درجات فيعني ذلك أنه في مشكلة، ويتطلب رعاية طبية خاصة، أمَّا إذا وقعت الدرجة بين (4-6) فإن ذلك يعتبر مؤشرًا علي أنَّ الطفل قد يواجه بعض الصعوبات في النمو مستقبلا. رعاية الوليد: بعد خروج الطفل إلي الحياة فإنه يحتاج إلي الراحة، والأم هي خير من يوفر له ذلك، فعليها أن تحمله برفق، وتجعله قريبًا منها، ملاصقًا لها ؛ لتمنحه الشعور بالدفء والأمن . وما أجمل أن تسرع الأم، وتضم وليدها إلي صدرها ناحية قلبها ! فهذا الوضع يساعد الطفل علي الرَّضاعة والنوم، وعلي عدم البكاء. وعلي الأم أن تحمل طفلها بطريقة سليمة، وذلك بأن تسند رأسه أثناء رفعه وحمله ؛ لأن وليدها في هذه الفترة لا يتحكم في رأسه مطلقا. وهناك العديد من الأمور التي ينبغي علي الوليد أن يتكيف معها، وتتلخص فيما يلي: - الحاجة للتكيف مع درجات الحرارة المتغيرة في البيئة الخارجية بعد أن كانت درجة الحرارة ثابتة في الرحم. - الحاجة للتكيف مع عملية التنفس، والذي يعني اتساع الرئتين بوصفهما مصدر الإمداد بالأكسجين، بدلا من المشيمة والحبل السري اللذين كان يعتمد عليهما الجنين في التنفس قبل ذلك. - الحاجة للتكيف في عملية المص حيث يتم التآزر بين التنفس والمص والبلع، بوصف المص والبلع هما الوسيلة المثلي للحصول علي الغذاء بعد الولادة بدلا من التغذية التي كان يتلقاها الجنين من المشيمة والحبل السري. - الحاجة إلي التكيف مع عملية الإخراج من خلال أجهزة التبول والتبرز، وليس عن طريق الحبل السري كما كان قبل الولادة. وهذه العمليات الأربع تكون بالغة الصعوبة علي الوليد، ويستدل علي ذلك من نقص وزنه. نظافة الوليد: قد تفضِّل الأم إعطاء حمام لمولودها يوميا، ولا بأس من ذلك، ولكن عليها أن تراعي أن يكون مكان الحمام مغلقًا بإحكام حتى لا يتعرض لتيارات هوائية قد تصيبه بنزلة برد، وأن تسرع بتجفيفه وإلباسه بعد الحمام، ويمكن تنظيف المولود عن طريق غسل أعضاء جسمه، دون إعطائه حمامًا كاملا علي أن يكون التركيز علي الأعضاء الحساسة مثل: العينين، والأنف، والأذنين، واليدين، ومؤخرة الطفل، وبين فخذيه. بكاء الوليد: البكاء هو اللغة الوحيدة التي يعبر بها الطفل عما يريد، وعلي الأم أن تتعرف علي سبب بكاء طفلها، وأن تقرر كيفية الاستجابة له، فالوليد لا يبكي دون سبب، بل إن هناك بعض الأسباب التي تؤدي إلي بكاء طفلها في الأيام الأولي من حياته منها: الجوع، والألم، والخوف، والصدمات، والرغبة في تغيير الملابس، والبرد، والرغبة في النوم، و افتقار الوليد إلي التلامس الجسدي. ومع الخبرة تعرف الأم سبب بكاء طفلها، وبالتالي يمكن أن تعمل علي منعه. نوم الوليد: ينام الوليد معظم يومه ولا يستيقظ إلا للتغذية، ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبًا حيث إن هذا هو الوضع الطبيعي له. متي يحتاج الوليد إلي الذهاب للطبيب؟ * عند وجود تسلخات شديدة وتقرحات بالجلد، لأن ذلك يدل علي نقص شديد في كمية السوائل، أما إذا كانت تسلخات بسيطة فلا داعي. * إذا وجد فتق أعلي الفخذ. * وجود كحة أو شرقة أثناء الرضاعة، فلعل هناك عيبًا خلقيا في الجهاز الهضمي. * عند الفشل في الرضاعة، وكثرة التقيؤ، وعدم التبرز. * عند وجود إفرازات صفراء بشكل مستمر في العين. * عند عدم قيام رجل الوليد بحركات طبيعية؛ لأنه قد يكون هناك خلع في مفصل الفخذ. * حدوث كسر في عظمة الترقوة أثناء عملية الولادة، خاصة إذا كان الوليد كبير الحجم . * إذا حدث تجمع دموي في رأس الوليد أو ظهور زرقة في جسمه . * عند ملاحظة أية ظواهر غير طبيعية مقلقة للأم. جسم الوليد وخصائصه لا يوجد وليدان متشابهان تمامًا في الحجم أو مظاهر النمو. ولجسم الوليد بعض الخصائص التي يجب علي الأم أن تعلمها؛ حتى تستطيع أن تكتشف الأعراض الشاذة التي قد تظهر علي وليدها، وحتى لا تنزعج إذا بدت عليه أعراض تعتبر غير طبيعية أو غير عادية، ويراعي أن بعض المعدلات تختلف من بلد إلي آخر . خصائص جسم الوليد: الوزن: عادة ما يكون وزن الطفل حديث الولادة (3 - 3.5 كجم)، ويكون الذكر أثقل من الأنثي بحوالي (0.5 كجم )، وقد يقل وزن الوليد في الأيام التسعة الأولي بمقدار 6 - 7 % من وزنه عند الولادة، ثم يستعيد الوليد ما فقد من وزنه بعد ذلك . الطول: يصل طول الذكر إلي حوالي 50 سم، ويكون أطول من الأنثي بنسبة 2% . النسبة الجسمية: يتسم جسم الوليد بعدم التناسب بين الجذع والأطراف والرأس. الــرأس: يبدو رأس الوليد بعد الولادة طويل الشكل، أما الأطفال المولودون بعملية قيصرية، فإن رءوسهم تكون أكثر استدارة، ويكون محيط الرأس عند الولادة حوالي 35 سم، ويكون رأس الوليد كبيرًا نسبيًا حيث يشكل ربع طول الجسم، بينما عند الراشد تشكل العُشر من طوله تقريبًا، مما يدل على كبر نسبي للرأس. العضلات: العضلات ملساء يصعب التحكم فيها، وتنمو عضلات الرقبة والساقين بدرجة أقل من عضلات اليدين والذراعين، وهي عضلات ضعيفة لا يسيطر الوليد علي حركتها وتتعب بسرعة . العينان: صُلبة عين الوليد تكون رمادية مائلة للون الأزرق، ولكن هذا اللون يتغير تدريجيًا إلي اللون الثابت للعين، كما تكون العينان كبيرتين بالنسبة إلي باقي الوجه . وغدد الدموع لا تكون نشطة في البداية، ولكن الوليد بدءًا من اليوم الخامس يبكي بدموع، كما أن خلايا الإحساس البصري لاتصل إلي نموها عند الميلاد، ومعني ذلك أن الوليد قد يكون لديه عمي ألوان عند الميلاد كلي أو جزئي، وخلال الأسبوع الأول من الميلاد يستجيب الوليد للضوء بعدم الارتياح، ولاتخضع حركة العين للتحكم بسبب ضعف عضلاتها . الجلد: جلد الطفل حديث الولادة يكون رقيقًا، يميل لونه للّون الوردي، وملمسه يكون ناعمًا . العظام: تكون العظام لينة، غضروفية غالبًا. القلب: يكون القلب عند الميلاد أعلي في الصدر، ويتخذ وضعًا أفقيًا أكثر نسبيًا من أي وقت آخر من مراحل الحياة، وتكون دقات القلب سريعة حتى يستطيع المحافظة علي ضغط الدم العادي. الرئتان: تكون الرئتان صغيرتين عند الميلاد، حيث يكون محيط الصدر أصغر من محيط الرأس . والواجب علي الأم: أن تعتني بصحة الطفل الجسمية وأن تبادر إلي استدعاء الطبيب إذا اكتشفت أعراضًا غير طبيعية أو شاذة علي جسد وليدها.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:41 pm
النمو الحركي السلوك: يبدأ النشاط أثناء الحمل، ويزداد قوة مع اضطراب نمو الجنين . وبعد الولادة تظهر حركات الوليد بوضوح، وتتسم بعدم التحكم وعدم التحديد، حيث يكون نشاطه عشوائيًا، ويرجع السبب في ذلك إلي عدم اكتمال النضج الفسيولوجي للجهاز العصبي، وينقسم نشاطه إلي قسمين: أ- النشاط الكتلي: ويشمل الحركات العامة للجسم كله، فعندما تقع استثارة علي أي جزء من أجزاء الجسم؛ يستجيب الوليد بحركة الجسم كله، وإذا كان المثير شديدًا؛ استجاب بالصراخ . وبسبب هذا النشاط الكتلي يبذل الوليد ثلاثة أمثال ما يبذله الشخص الراشد من طاقة، ولذلك يُجهد الوليد ويتعب بسرعة. ب- النشاط النوعي: ويشمل أجزاء محددة من الجسم، ومن هذه الأنشطة الأفعال المنعكسة . وهناك فروق فردية بين الأطفال حديثي الولادة، فالبعض يكون نشطًا، والبعض الآخر يكون هادئًا، ومنهم من يكون وسطًا. الأفعال المنعكسة: الأفعال المنعكسة هي التي لا يمكن التحكم فيها، وهي تهدف إلي المحافظة علي حياة الوليد . ومن الأفعال المنعكسة ؛ الحركة غير الإرادية للعين، والشرقة لطرد الطعام من القصبة الهوائية، وانعكاسات الألم التي تجعله ينسحب بعيدًا عن مصدره، وانعكاسات الثني في الأطراف والركبة، والعطس .. وغيرها . إلي جانب الأفعال المنعكسة تظهر استجابات عامة تستخدم مجموعة من العضلات أكبر مما يستخدم في الأفعال المنعكسة، مثل: تثبيت البصر علي الضوء، والحركة التلقائية للعين، وإفراز الدموع، واستجابات المص والبلع، وحركة اللسان والشفتين، ومص الأصابع والحركات الإيقاعية للفم، وتقطيب الحاجبين، وإدارة الرأس، والجذع، وحركات الرفس .. وهي جميعها غير تآزرية (أي غير متوافقة) وغير هادفة . ويجب علي الأم أن تعمل علي عدم تعرض الوليد للمثيرات القوية، مثل الضوء أو الصوت القوي، حتى لا تكون سببًا في فزعه. وكذلك المثيرات المفاجئة مثل تغيير وضع الوليد فجأة، أو تقييد حركاته التلقائية، أو وضعه في فراش مبلل، أو وضع شيء بارد جدًا علي جسمه. حواس الوليـد: السمع: يكون السمع عند الوليد في أدني درجاته إذا ما قارناه بالحواس الأخري، فمعظم الأطفال يكونون في حالة صمم كلي تقريبًا عند الميلاد، ولعدة أيام بسبب انسداد الأذن الوسطي بالسائل الأميني، ولذلك فإنه لا يسمع حتى الأصوات العالية القريبة من أذنه، وتظهر علامات الاستجابة للصوت بدءًا من اليوم السابع بعد الولادة . وهناك أصوات ذات معني كبير جدًا للوليد، منها صوت نبضات قلب الأم الذي وُجد أن لها تأثيرًا مهدئًا علي الطفل، إذ تقلل من توتره، كما أن الأصوات المنتظمة الهادئة تسبب له ارتياحًا. البصر: شبكية العين التي تحتوي علي خلايا الحس البصري لا يكتمل نموها عند الميلاد . وهذا يعني أن الوليد يوجد لديه عند الميلاد عمي ألوان جزئي أو كلي . ويستطيع الطفل حديث الولادة أن يستجيب بعدم الارتياح للضوء خلال الأسبوع الأول من ولادته. ومع ذلك يستطيع الوليد أن يركز بصره علي مصدر الضوء، وقد يغلق عينه أمام الضوء الشديد، ولايستطيع أن يركز علي المرئيات المتحركة بعينيه معًا، فالتآزر العضلي بين العينين لا يكون قد اكتمل بعد الميلاد. الشم: إحساس الشم يكون كاملا عند الولادة، وفي الأيام الأولي يتمكن الوليد من التمييز بين رائحة ثدي أمه ورائحة ثدي أية سيدة أخري. حساسية الجلد: يمكن للوليد الإحساس باللمس، والضغط، والألم، والحرارة والبرودة، ويكون هذا الإحساس موجودًا عند - أو بعد - ولادته بقليل، إذ إن هذه الأحاسيس بدأت عملها قبل الميلاد بفترة . ويلاحظ أن نشاط الوليد يزداد في الجو البارد، ويقل في الجو الحار. الإحساس بالجوع والعطش: إيقاع الجوع عند الوليد يكون غير منتظم، ليس بالنسبة للزمن فقط، ولكن أيضًا للكمية . ويحتاج الوليد إلي عدة أسابيع حتى ينتظم إيقاع الجوع، ومواعيد وجبات الرضاعة، ويعتبر الإحساس بالجوع أحد أسباب بكاء الطفل، حيث تستطيع الأم أن تتعرف من صوت البكاء علي حاجة الطفل إلي الغذاء. التذوق: حاسة التذوق تكون علي درجة عالية من النمو عند الميلاد مباشرة . وتستوي حاسة الشم مع هذه الحاسة؛ ولذلك يستطيع الوليد أن يتعرف علي أمه عن طريق هاتين الحاستين. وعلي الأم ألا تقلق وليدها بالتغيير المفاجئ في وضعه أو بتعريضه للضوء المبهر الشديد، وعليها أن ترضعه في فترات متقاربة، ولا تلتزم بمواعيد معينة للرضاعة، لأن إيقاع الجوع وكميات الحليب التي يرضعها تكون أيضًا متفاوتة، وعليها أن تغير ملابسه في فترات متقاربة، وأن تحميه من بلل الفراش، ومن الضغط، وتقلب درجات الحرارة، وكذلك عليها أن تعمل علي مساعدته علي النوم والاسترخاء، ويمكنها أن تشدو لوليدها؛ حتى يغمض عينيه وينام. ويمكن للأم -كذلك- أن تتحدث للطفل، وتغني له، وتناغيه خلال العناية به وأثناء فترات الرضاعة. النمو اللغوي عند الوليد: صيحة الميلاد: تعتبر صيحة الميلاد البداية الحقيقية لعملية التنفس، وتنتج عن اندفاع الهواء بقوة عبر الحنجرة في طريقه إلي الرئتين، فتهتز الأحبال الصوتية للمرة الأولي، ولهذه الصرخة وظيفة فسيولوجية تتمثل في توسيع الرئتين بحيث تسمحان بالتنفس، وتزويد الدم بكمية الأوكسجين. الصراخ: بعد الميلاد بقليل تتنوع صرخات الوليد في الشدة والحدة والاستمرار، وتصبح لها معان مرتبطة بالأحوال الفسيولوجية للوليد، مثل: الجوع، والألم، وعدم الراحة، والتعب. ويصاحب صراخ الوليد حركات جسمية مختلفة، وكلما زاد الصراخ حدة، زادت معه الحركات الجسمية، وهذه الحركات تعني أن الوليد يريد جذب الانتباه إليه، أي أنها نوع من الاتصال غير اللفظي. ويصرخ الطفل نحو ساعتين في اليوم، ولكل صرخة مدلولها، فالصرخة المتقطعة تدل علي الضيق، والصرخة الحادة تدل علي الألم، والصرخة الطويلة تدل علي الغيظ والغضب. ويكثر صراخ الوليد مع التبلل والقيء والانفعال، ويقل كلما كانت صحته جيدة. الأصوات العشوائية: يصدر الوليد أصواتًا عشوائية مبهمة، غير منتظمة، وتكون متكررة، وبدون سبب، أي أن هذه الأصوات العشوائية هي التي تتعدل فيما بعد، وتتشكل، وتعتبر المادة الخام للحروف والكلمات. وأحيانًا يُصدر الوليد أصواتًا انفجارية تشبه التنفس العميق دون أن يكون لها معني، وإنما تحدث بالصدفة، ثم تقوي هذه الأصوات، وتتحول إلي ما يسمي المناغاة في المرحلة التالية، وهي تعتبر أساس الكلام. وعلي الأم أن تسهم في النمو اللغوي لوليدها من خلال مناغاته والتحدث معه، فالوليد وإن كان لا يفهم معني الكلمات إلاَّ أنَّها تسهل له عملية النطق بعد ذلك. النمو الانفعالي عند الوليد: البكاء: يعتبر البكاء أمرًا عاديا في هذه المرحلة، حيث يبكي الطفل ويصرخ؛ استجابة لبعض المثيرات، مثل الحركة المفاجئة أو تغيير الوضع المفاجئ للطفل، أو تعريضه للمثيرات الباردة جدًا، أو الضغط الشديد علي الجسم أو بسبب بلل الفراش. الحالة الانفعالية: لا يمكن أن نتوقع أن تكون الحالة الانفعالية للوليد عند الميلاد محددة تحديدًا جيدًا في شكل انفعالات معينة، ولهذا نجد الباحثين يصنفون انفعالات الوليد إلي نوعين:استجابات سارة موجبة، واستجابات غير سارة سالبة . ومن الخصائص المميزة للتكوين الانفعالي عند الوليد عدم وجود تدرج في الاستجابات يشير إلي درجات مختلفة من الحدة، فمهما تغير المثير تكون الاستجابة بنفس الدرجة. المظاهر الجسمية المرتبطة بالانفعال عند الوليد: يتأثر الجهاز العصبي للوليد بالانفعال، ويصحب ذلك زيادة ضربات القلب، وزيادة ضغط الدم، واحتقان الوجه، وسرعة التنفس، وانقباض عضلات المعدة، وازدياد التوتر العضلي، وإفراز هرمون الأدرينالين. ويجب علي الأم أن تحيط طفلها بالدفء العاطفي والمحبة، وتوفر له الاستقرار النفسي، ولا تقلق بسبب بكاء الطفل فهو شيء طبيعي، بل ثبت أن البكاء والصراخ يساعدانه علي تنمية الأحبال الصوتية وتوسيع الرئتين، فيحصل الطفل علي كمية كبيرة من الأوكسجين الضروري للجهاز العصبي، ولكن هذا لا يعني أن تهمل الأم في سرعة الاستجابة لبكاء الطفل. النمو الاجتماعي عند الوليد: التنشئة الاجتماعية للوليد: تعتبر الأم أهم الأشخاص في عملية التنشئة الاجتماعية للوليد، وبمقدار نجاح الأم في القيام بهذه المهمة، يكون نجاح الطفل اجتماعيًا بعد ذلك. والطفل في البداية يكون أنانيًا متمركزًا حول ذاته، وهو لا يكاد يدرك الفرق بين وجوده الحالي خارج الرحم، وبين وجوده السابق في الرحم. ولا يبدأ البعد الاجتماعي في الظهور إلا بعد تقدم الطفل في العمر، ونمو إحساسه بوجود الآخرين. ويجب علي الأم أن تحرص علي أن يكون الترابط بينها وبين وليدها قائمًا علي أساس متين من الحب المتبادل والتفاعل السليم. النمو الفسيولوجي عند الوليد: ضربات القلب: تكون ضربات القلب عند الوليد أسرع منها عند الكبار، ثم تتناقص مع النمو (عند الميلاد تصل ضربات القلب إلي حوالي 160 ضربة في الدقيقة، في حين تصل عند الرشد إلي حوالي 72 ضربة في الدقيقة ) . التنفس: التنفس عند الوليد يكون أسرع منه عند الكبار، ثم يتناقص وينتظم مع النمو . وعدد مرات التنفس عند الوليد من 30 - 40 حركة تنفس في الدقيقة، وهذا هو المعدل الطبيعي له، أما إذا زادت ووصلت إلي 60 مرة في الدقيقة فيجب اللجوء إلي الطبيب في أسرع وقت . ضغط الدم: يكون ضغط الدم أضعف منه عند الكبار، ثم يزداد مع النمو . الرضاعة: يحتاج الوليد إلي الرضاعة علي فترات متقاربة وغير منتظمة، نظرًا للكمية القليلة التي يرضعها، وعدم قدرته علي الحصول علي الكمية التي يحتاجها فعلا بسبب عدم انتظام إيقاع الرضاعة، ويحتاج الوليد إلي الرضاعة كل ثلات ساعات تقريبًا. التبرز والتبول: يحتاج الوليد إلي التبرز من أربع إلي خمس مرات في اليوم، ويتبول من 16- 18 مرة في اليوم . النوم: يقضي الوليد معظم وقته في النوم؛ حيث ينام حوالي 80 % من الوقت. ويقل تدريجيا حتى يصل إلي 49% في نهاية السنة الأولي. ولا يوقظه إلا بعض المثيرات الداخلية، مثل عدم الراحة أو الألم أو الجوع، ولا يؤثر فيه من المثيرات الخارجية إلا الضوضاء الشديدة جدًا والتغيرات المفاجئة في درجة الحرارة. وعلي الأم أن تعمل علي إشباع الحاجات البيولوجية الأساسية للوليد، وأن تهتم بعملية الرضاعة الطبيعية بقدر الإمكان، وأن تعمل علي راحته أثناء نومه، وتقوم علي نظافته وتغيير ملابسه المبللة. الرضاعة بعد خروج الطفل من محضنه الدافئ الذي اعتاد عليه فترة طويلة يحتاج إلي التغذية الجسمية والنفسية ليعوض ما اعتاده وهو في بطن أمه، لذلك يكون من الطبيعي أن تبدأ الأم بعد الوضع مباشرة ممارسة عملية التغذية لطفلها عن طريق إرضاعه. ولبن الأم هو أمثل غذاء للطفل، فهو معد إعدادًا ربانيّا، حيث إنه ليس غذاءً جسديَّا فحسب، وإنما غذاء نفسي أيضًا، يتمثل في الشفقة عليه والرفق به، لذلك حث الإسلام علي إرضاع الطفل حولين كاملين؛ حتى يكون بمأمن من الأمراض الجسمية والتوتر النفسي الذي يتعرض له الطفل الذي يتغذي بجرعات من الحليب الصناعي . يقول سبحانه وتعالي: {والدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [لبقرة: 233] . وعملية الرضاعة تفجر في الأم منابع العطف والحنان الذي ينعكس علي الرضيع بالسعادة والأمان، فعندما يمص الرضيع حلمة ثدي الأم يتولد في كيانها انعكاسات عصبية تنتج عنها في النهاية إفرازات هرمونية تعمل علي توتر الثديين وامتلائهما باللبن الذي ينبض عبر الحلمتين. ويتأثر الطفل بحالة أمه النفسية أثناء عملية الرضاعة، ومن هنا وجب عليها أن تكون في حالة نفسية هادئة بعيدة عن التوتر والقلق، فكلما كان اتجاه الأم نحو عملية الرضاعة اتجاهًا إيجابيًا مليئًا بالدفء والهدوء؛ انعكس ذلك علي حالة وليدها، والشعور بالأمن والدفء والحنان من خلال ثدي أمه يزيد من عاطفته نحوها في المستقبل، بحيث يكون أكثر عطفًا وحنانًا عليها. ومن فوائد الرضاعة الطبيعية للأم نفسها؛ أنها تساعد علي عودة قناة الولادة (الرحم والمهبل) تدريجيًا إلي الحجم الطبيعي قبل الحمل، وتقلل كذلك من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي. والرضاعة من الثدي حق للطفل أقره الله عز وجل، إذ إن هذا اللبن رزق الوليد، وحرمانه منه دون سبب شرعي أو عذر قهري ظلم وإجحاف تأثم به الأم. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين ينعمون بالرضاعة الطبيعية تقل بينهم نسبة الإصابة بأمراض الإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض المعدية وأمراض الحساسية؛ وأمراض سوء التغذية. ولبن الأم يخلو من الجراثيم المرضية ولا يتعرض لها؛ لأنه ينساب من الثدي إلي داخل الفم مباشرة دون أن يتعرض للمحيط الخارجي، مما يعطي الطفل المناعة ضد الكثير من الأمراض، كما أنه يمده بالمواد الغذائية اللازمة بالنسب المطلوبة. والأطفال الذين يتغذون علي لبن الأم يكونون أكثر ذكاءً من الأطفال الذين يتغذون علي الرضاعة الصناعية. والطفل الذي يرضع من ثدي أمه يتمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل من غيره. متي يرضع الطفل؟ يمكن للأم إرضاع طفلها بعد مضي ثلاث ساعات من الولادة تقريبًا، فبعد الوضع تفرز من ثديها سائلا يميل إلي الصفرة اسمه (اللباء)، وهو الغذاء الوحيد للطفل، ويجب تناوله، ولا يفرَز اللبن الحقيقي قبل اليوم الثالث أو الرابع. وبداية الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة تساعد علي زيادة إدرار اللبن، وإذا كانت حالة الأم لا تسمح لها بالجلوس، فيمكنها القيام بعملية الرضاعة وهي في وضعها المريح. وتستطيع الأم إدرار كمية كبيرة كافية من اللبن إذا كان الطفل في الوضع المناسب للرضاعة، أما إذا كان الوضع غير مناسب للطفل أثناء عملية الرضاعة، فإنه يكون سببًا لكثير من المشاكل. ومن العلامات التي تطمئن الأم إلي أنَّ وضع الطفل مناسب للرضاعة الطبيعية: - أن يلتفت الطفل بكل جسمه ناحية الأم. - أن يستطيع الطفل القيام بمصات طويلة وعميقة من ثدي الأم. - أن يكون الطفل سعيدًا ومستريحًا وغير عصبي. طريقة الرضاعة الطبيعية: هناك عدة أوضاع لإرضاع الطفل، وكلها تتطلب أن تكون الأم ووليدها في حالة مريحة؛ حتى تتم الرضاعة بنجاح. يمكن للأم أن تقوم بعملية الرضاعة وهي جالسة علي كرسي مريح، بحيث يكون وضع الطفل فوق بطنها؛ ليصبح كل جسمه مواجهًا وملاصقًا لجسمها، ويصبح رأسه فوق كوعها ليكون مواجها للصدر الذي سيرضع منه، وبذلك تكون الحلمة في فمه مباشرة، وعليها أن تجعل ذراعها التي تحمل الطفل تحت ظهره، أمَّا الذراع الأخرى فتسند بها ثدييها. وتجعل الحلمة تلمس شفتي طفلها بخفة ورقة، فتكون استجابته فورية وتلقائية بأن يفتح فمه، وتقربه من جسمها أكثر وأكثر لتسهيل عملية المص عليه، فيتمكن من الضغط بلسانه وفكيه علي مخازن اللبن في المنطقة المحيطة بالحلمة . وعليها أن تلاحظ أنَّ أنف الطفل سيكون قريبًا، أو ملامسًا للثدي، فإذا كانت فتحات الأنف مسدودة نتيجة لضغط الثدي عليها، فيجب أن ترفع ثديها قليلاًَ بأصابعها مع تجنب الضغط بإصبع الإبهام علي الثدي؛ لأن ذلك يسبب طرد الحلمة من فم الطفل . مدة الرضاعة: لا يمكن تحديد زمن الرضعة بالضبط، لأنها تختلف حسب قوة امتصاص الطفل، فالطفل القوي إذا ما رضع ثديا يحتوي علي كمية وافرة من اللبن تكفيه خمس دقائق، أمَّا إذا كان ضعيفًا هزيلا، أو كانت كمية اللبن غير كافية؛ فإنه يستمر في الرضاعة عشرين دقيقة أو أكثر، يترك خلالها الثدي ليستريح .. وبصفة عامة فإن متوسط الرضعة (15 دقيقة) تقسم علي الثديين . زيادة إدرار لبن الأم: من الأمور المفيدة في زيادة كمية اللبن وإدراره إذا كان غير كافٍ: 1- أن تشرب المرضع الكثير من الماء والسوائل، وأن تأكل التمر، وهو ما أوحى الله به إلى السيدة مريم كما جاء في قوله عز وجل: {فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحت سريًا. وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليكم رطبًا جنيًا. فكلي واشربي وقري عينًا} [مريم: 24-26]. 2- قوة امتصاص الطفل للثديين، فيجب أن يرضع الطفل من الثديين كل مرة . 3- علي الأم أن تنام جيدًا، وتأكل جيدًا، وتقوم برياضة يومية كالمشي . 4- الإكثار من شرب اللبن بمقدار نصف لتر يوميَّا، وتدليك الثديين وضغطهما نحو الحلمة، وقد يفيد وضع كمادات ساخنة وباردة بالتناوب علي الثديين بعد التدليك . الرضاعة الصناعية: هناك بعض الحالات التي يتعذر فيها قيام الأم بإرضاع طفلها، مثل غيابها، أو إصابتها بأحد الأمراض التي تقلل من إفراز اللبن، وفي مثل هذه الحالات لابد من استخدام الرضاعة الصناعية لتغذية الطفل، وذلك علي الرغم من وجود أضرار كثيرة لاستخدام هذه الطريقة مثل: - حرمان الطفل من حقه الطبيعي في الحصول علي أفضل غذاء (لبن الأم)، وهو الذي يحتوي علي كل العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل، وكذلك الأجسام المضادة التي تحميه من مختلف الأمراض. - يزداد استعداد الأطفال الذين تم إرضاعهم صناعيَّا للإصابة بالسمنة في المستقبل. - تكون لدي الأطفال استعدادات للإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي. - يحتاج اللبن الصناعي إلي تحضير، واعتناء شديد بالتعقيم أثناء إعداد الرضعة. - في حالة اللجوء إلي الرضاعة الصناعية لتغذية الطفل ؛ يجب علي الأم معرفة كيفية تحضير الرضعات بالطريقة السليمة . وهناك الكثير من النصائح التي يجب أن تقدم للأم في هذا المجال منها: (1) يجب ألا يكون ثقب حلمة الزجاجة واسعًا؛ حتى لا يُسبِّب للطفل الشَّرْقة،، كما لا يصح أن يكون ضيقًا فيصعب نزول اللبن مما يجهد الطفل، ويسبب حدوث التقلصات بالبطن . (2) يجب أن تغسل الأم يديها بالماء والصابون، وتحرص علي تقليم أظافرها جيدًا مرتين في الأسبوع علي الأقل. - يجب غَلْي الماء لمدة خمس دقائق قبل استعماله . - يجب تعقيم زجاجات الرضاعة وغسلها بالماء الساخن بعد الرضعة مباشرة . - يجب علي الأم أن تُعوض طفلها عن قدر الحنان الذي حُرِم منه نتيجة الرضاعة الصناعية، فعند إعطاء الزجاجة التي بها الرضعة، تضُّمه إلي صدرها حتى يشعر بالأمان، ويأخذ نصيبه من دفء الأم وحنانها.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:42 pm
مرحلة المهد الرضاعة من أسبوعين إلي سنتين هي المرحلة التي تبدأ من نهاية مرحلة الوليد -أي بعد أسبوعين- وتستمر حتى نهاية السنة الثانية. قال -تعالي-: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]. وقال -عز وجل-: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} [الأحقاف: 15]. وَُتعُّد هذه المرحلة من أهم مراحل الطفولة؛ حيث يوضع فيها أساس نمو الشخصية فيما بعد، ويشهد الطفل نموًا جسميَّا سريعًا، وتآزرًا حسيّا حركيّا ملحوظًا، فيستطيع تأدية بعض الحركات كالجلوس والحبو والوقوف والمشي، وفيها يتعلم الكلام، ويستطيع الاعتماد علي نفسه -نسبيًا- ويبدأ الاحتكاك بالعالم الخارجي . ودور الأم في هذه المرحلة مؤثر للغاية ؛ فعليها أن تساعد طفلها على الانطلاق إلى المرحلة التالية، دون أن يتعرض لصعوبات قد تعوق نموه، وتكون العلاقة بينها وبين طفلها أساسها العاطفة والوعي. ولكي تنمي الأم هذه العلاقة، عليها أن تسارع إلي تلبية حاجات طفلها دون بطء،وتحرص علي التفاعل المستمر بينها وبين طفلها، فتُلاعبه وتُعاِنقه وتتحدث معه، بل وتشترك معه في ألعابه، كما تشجعه علي استطلاع البيئة من حوله . ومن الأشياء المهمة أن تكون علي علم تام بشخصية طفلها وحالته المزاجية ؛حتي يمكن تربية طفلها علي أساس سليم . فالطفل في مرحلة المهد (الرضاعة) لا يريد سوي إشباع حاجاته الأساسية: حاجته إلي الراحة والبعد عن الألم، وحاجته إلي التعلق والدفء العاطفي، وحاجته إلي الاستقرار والثبات في المعاملة وفي البيئة المحيطة، وحاجته إلي الاستثارة والتنشيط، هذا إلي جانب حاجاته البيولوجية الأخرى من تغذية وإخراج وغير ذلك. فمعرفة الأم وفهمها للحالة المزاجية للطفل تجعلها في موقف أحسن من حيث توجيه عملية النمو بالنسبة له. النمو الجسمي في مرحلة الرضاعة الأسنان: يبدأ ظهور الأسنان في الشهر السادس غالبًا، ويكون ظهورها علي مرحلتين: الأولي الأسنان اللبنية المؤقتة وعددها (20)، والثانية: وهي الأسنان المستديمة وعددها (32)، وقد يصاحب ظهور الأسنان إسهالٌ وارتفاعٌ في درجة الحرارة، وتظهر عند الإناث مبكرة عنها عند الذكور. الطول: في العام الأول تكون الزيادة في الطول أكبر من الزيادة في الوزن، وفي العام التالي يحدث العكس، فيزداد الطول زيادة مطردة، ثم يقل في نهاية المرحلة فيصبح (60) سم بعد أربعة أشهر ثم يصبح (75) سم بعد سنة، ثم يصبح (85) سم بعد سنتين، أي حوالي نصف طوله عند تمام نموه. الوزن: في العام الأول تكون الزيادة في الوزن أكبر من الزيادة في الطول، وفي العام التالي يحدث العكس، وتقل الزيادة في نهاية المرحلة، وتصل إلي (6) كجم بعد خمسة أشهر، ويمكن للأم الوصول إلي أفضل مستوي للنمو الجسمي عن طريق التغذية الجيدة والنوم المنتظم، والوقاية من الأمراض وحرية الحركة . النسب الجسمية: لا ينمو الجسم في هذه المرحلة دفعة واحدة، وفي كل الاتجاهات في وقت واحد، وإنما تحدث تغيرات في أبعاد الجسم ونسبه، ففي النصف الثاني من العام يلاحظ نمو الرأس وزيادة نمو الجذع والأطراف، وهذا عكس ما حدث في النصف الأول وتدريجيًا يزداد ضخامة حجم الرأس، ويزداد طول الذراعين واليدين خلال السنتين الأوليين العضلات: تنمو العضلات بمعدلات مختلفة، ويلاحظ أن العضلات القريبة من الرأس والرقبة تنمو مبكرًا عن العضلات التي تتصل بالأطراف السفلي . الفروق الفردية: تتضح الفروق الفردية خاصة في الحجم والطول والوزن. وكذلك البدايات المختلفة لمظاهر النمو مثل ظهور الأسنان والجلوس والحبو والمشي والكلام . اليافوخ الخلفي والأمامي: يقفل اليافوخ الخلفي في سن أسبوعين، أما اليافوخ الأمامي فيقفل في سن يتراوح بين 12 - 18 شهرًا. الفروق بين الجنسين: يظل الذكور أكبر حجمًا وأثقل وزنًا وأطول قليلا من الإناث، لكن الأسنان عند الإناث تظهر مبكرة عنها عند الذكور، حيث تتفوق البنات في نمو العظام والأسنان علي الذكور. ويجب علي الأم إرضاع الطفل من صدرها طالما لا يوجد لديها موانع طبية تمنعها من ذلك، وعليها أن تعمل علي وقاية الطفل من الأمراض، وتنمية المناعة عنده، وذلك من خلال تحصينه وتطعيمه ضد الأمراض الشائعة وتغذيته بالغذاء المناسب؛ حتى ينمو نموّا سريعًا، كما يجب عليها الإكثار من الحديث معه، وعدم عزله عن الأطفال الآخرين. النمو الحسي للرضيع: البصر: يزداد الإدراك البصري تمايزًا ووضوحًا، ويستطيع الرضيع إدراك الألوان العادية في الشهر الثالث، إلا أن التمييز في الألوان يكون صعبًا ويستطيع أن يربط بين ما يراه وما تصل إليه يده. وفي الشهر التاسع يري الأشياء الدقيقة، ويمكنه التقاطها، وهو يستجيب للأضواء البرَّاقة والأشياء اللامعة، وينتشر طول البصر بين الرُّضَّع، ويستمر حتى فترة الالتحاق بالمدرسة . السمع: في حوالي الشهر الثاني يستطيع الرضيع التمييز بين الأصوات، وتحديد مصدرها، وقد لوحظ أن الأصوات الجميلة الهادئة تؤدي إلي تهدئة الطفل وارتياحه. وتزداد دقة السمع في الرضيع، ويستدل علي ذلك من استجاباته المبكرة لسماع الصوت البشري، وفي نهاية الشهر الثاني يستجيب بنفس الجودة للأصوات من جميع الأنواع. الشم: تظهر قدرة الرضيع -بالتدريج- علي الاستجابة للمثيرات الشمية المختلفة، ويظهر ذلك في ارتياحه لرائحة معينة، وانزعاجه من رائحة أخري. التذوق: يظهر الرضيع القدرة علي التذوق، فيميز بين الحلو والمالح، والمر والحامض. الإحساس: يستمر تطور إحساس الجلد باللمس، والضغط، والإحساس بالسخونة والبرودة. و يكون لدي الطفل إحساس بالتوازن والاتجاه، ويوجد بصورة مبكرة لدي الرضيع، ويظهر ذلك من خلال ارتياح الطفل عندما تهز الأم سريره، أو عند خوفه من السقوط . كما تنمو أعضاء الحس بسرعة ففي الشهر الثالث تزداد عضلات العين تآزرًا؛ حيث يصبح الطفل قادرًا علي رؤية الأشياء بوضوح ويزداد السمع دقة، كما أن التذوق والشم يزدادن نموًّا، ويكون الرضيع حساسًا جدًّا لجميع المثيرات الجلدية. وعلي الأم أن تعتني بحواس طفلها؛ لما لها من أهمية كبري في إدراكه العالم الخارجي، وتوفير البيئة المساعدة علي ذلك مثل الإضاءة الجيدة، والبعد عن الأصوات المزعجة، أو كل ما يضر الحواس. النمو الحركي في مرحلة الرضاعة: التطور الحركي: يتحكَّم الرضيع في حركة الرأس أولاً، ثم الجذع، ثم الأطراف، ثم يرفع الرضيع أجزاء جسمه ثم يلي ذلك الجلوس، ثم الوقوف، ويتبع ذلك الحبو، ثم المشي، ثم الجري. ونتيجة لهذا النمو الحركي المتزايد توصف مرحلة الرضاعة بأنها المرحلة التأسيسية لمعظم المهارات الحركية، وخاصة المهارات اليدوية، ومهارات استخدام الساقين، ويمكن تفصيل التطور الحركي في الآتي: في الشهر الأول يستطيع الوليد أن يقبض علي شيء إذا وقع في كفه، وفي حوالي الشهر الثالث يمكن للرضيع أن يمسك برأسه مرفوعًا عندما يكون في وضع الجلوس، كما يمكنه أن يرفع رأسه والجزء الأعلى من صدره عندما يكون منبطحًا. ويمكن أن يتتبع ببصره كرة تتحرك رأسيًا . وفي سن ستة أشهر يستطيع أن يجلس مستندًا، وأن يرفس بقوة، وأن يمسك برجليه، ويمكن أن يقبض علي شيء بيديه ويحركه إلي فمه، ويقوم بمتصِّه . وفي سن تسعة أشهر يمكن للطفل أن يجلس بمفرده وأن يرفع نفسه لوضع الوقوف، وأن يبدأ في الحبو . وعندما يصل عمره إلي سنة يستطيع الرضيع أن يحبو، ويستطيع البعض المشي .وفي سن ثمانية عشر شهرًا يتعلم الأطفال صعود السلم وهبوطه مع المساعدة، ويمشون حاملين للأشياء الخفيفة . تطور المهارات: يزداد التآزر الحسي الحركي، وتتطور قدرة الرضيع علي تناول الأشياء والقبض عليها. وعندما يصل الرضيع إلي الأسبوع الستين، نجد قبضته وإمساكه وتناوله للأشياء قريبة النسبة بما نجده عند الراشد، ويستطيع الطفل السيطرة علي الحركات، كالمسك والفتح واللعب بالمكعبات في السنة الثانية. ويفضل الطفل في هذه المرحلة استخدام إحدى اليدين أكثر من استخدام الأخرى في نشاطه الحركي، والغالبية العظمي من أطفال هذه المرحلة يفضلون استخدام اليد اليمني . وعلي الأم أن تتيح حرية الحركة لطفلها، وتنمي لديه المهارات الحركية، ولكن عليها ألا تتعجل في إجبار طفلها علي المشي، كذلك عليها أن تشجعه علي تناول طعامه بنفسه وارتداء ملابسه . النمو الفسيولوجي في مرحلة الرضاعة: الجهاز العصبي: ينمو الجهاز العصبي بسرعة كبيرة؛ حيث يزداد حجم المخ ووزنه من (350)جرامًا في المتوسط إلي (1000) جرام في المتوسط، وذلك في نهاية السنة الثانية. ومعني ذلك أن حجمه ووزنه يصلان إلي حوالي ثلاثة أرباع وزنه عند الراشد . الجهاز التنفسي: ينمو الجهاز التنفسي، ويزداد حجمه، وتزداد سعة الرئتين للهواء. الجهاز الهضمي: يكون حجم المعدة صغيرًا، وعلي ذلك فإنها تأخذ كميات صغيرة من الغذاء . الإخراج: قدرة الرضيع في هذه المرحلة علي ضبط عملية التبرُّز تسبق قدرته علي ضبط عملية التبول . النوم: في بداية هذه المرحلة يكثر نوم الطفل، ثم تتناقص كمية النوم، وتطول فترة اليقظة بالتدريج . وعلي الأم ألا تلجأ إلي الرضاعة الصناعية إلا في حالة الضرورة القصوي، وعليها ألا تستعجل الرضيع في ضبط عملية الإخراج قبل الوصول إلي مستوي النضج اللازم لذلك، ويجب تدريب الطفل علي عادات النوم الصحيحة. النمو الاجتماعي في مرحلة الرضاعة: الاستجابة الاجتماعية: يبدأ الرضيع في الاستجابة الاجتماعية للمحيطين به، ويظهر اهتمامه بما يجري حوله، وذلك في النصف الأول من العام الأول، ويمرح إذا داعبه أحد . العلاقات الاجتماعية: وعندما يصل الرضيع إلي نهاية السنة الأولي، تكون علاقاته الاجتماعية مع الكبار أكثر منها مع الصغار، ويبدأ الاتصال الاجتماعي بالأم، ثم الأب ثم الآخرين الموجودين بالبيت ثم خارجه. وعندما يصل الرضيع إلي السنة الثانية يزداد اتساع البيئة الاجتماعية حوله، وتبدأ علاقته مع الأطفال. الابتسام والبكاء: ولهما دلالة اجتماعية، حيث إن لبكاء الرضيع أثرًا في استدرار الاهتمام والعطف من الكبار، كما أن الابتسامة الاجتماعية تظهر في الشهر السادس للميلاد؛ حيث يبتسم الطفل لوجوه دون أخري. التعلق: وهو مظهر آخر من مظاهر السلوك الاجتماعي عند الطفل، فالطفل تكون لديه رغبة في أن يكون قريبًا إلي حد الالتصاق من أفراد آخرين لهم مكانة معينة لديه، ويظهر هذا التعلق بشكل واضح قبيل نهاية السنة الأولي من عمر الطفل. وعلي الأم في هذه الحالة أن تشجِّع طفلها الرضيع علي التفاعل الاجتماعي السليم، وأن تعمل علي أن تكون علاقته مع الأطفال قائمة علي الحب المُتبادَل. النمو العقلي في مرحلة الرضاعة: التصنيف: تظهر قدرة الطفل في هذه المرحلة من العمر علي ملاحظة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الأشياء، ويتعلم بالتدريج تصنيفها في ذهنه، ثم القيام بذلك عمليًّا مع التقليد، فقد يحتار الطفل عندما يفكر: هل البرتقالة توضع مع الكرة، لأن كليهما مستديرة؟ أم البرتقالة توضع مع البسكويتة لأن كلتيهما تؤكل؟!! الإدراك: يتزايد إدراك الرضيع للعالم المحيط به، لكن إدراك الزمن بالنسبة إليه يكون غامضًا، فهو لا يستطيع أن يفرِّق بين الماضي والحاضر والمستقبل. التعلُّم: يبدأ الرضيع في التعلُّم من الخبرات البسيطة، ويقلِّد الكبار، خاصة الوالدين والإخوة، لكن التعلُّم يكون بطيئًا نسبيًّا، وينمو عن طريق المحاولة والخطأ . التذكُّر: يشير علماء النفس إلي أنَّ الطفل يستطيع أن يتذكر الخبرات السارَّة التي حدثت له في هذه المرحلة، وينسي الخبرات المؤلمة . وينسي الرضيع في السنة الأولي بسرعة، والدليل علي ذلك نسيانه لأبيه إذا غاب عنه، لكنه يستطيع من بداية السنة الثانية وحتى منتصفها أن يستدعي ذهنيًا صور الأشياء الغائبة عنه، بمعني أنه يمكنه تصور الشيء في حالة غيابه . الذكاء الحركي: يكون الطفل مشغولا في هذه الفترة بالإحساسات التي تنتقل إليه عن طريق جهازه العصبي، وتنمو أنشطته الحركية، ولذلك ففي خلال هذه المرحلة يتعلم الطفل أن يتحكم في حركاته في الفراغ، وأن يكون فكره عن الأشياء أنها دائمة، ويتحقق من أنه شيء في الفراغ، وشيء من بين الأشياء. وكل هذه التحصيلات توفر له بدرجة كبيرة الإحساس بالثقة. وعلي الأم أن تحرص علي إشباع ميل الرضيع إلي الاستكشاف وحب الاستطلاع، وأن تساعده علي اختبار قدراته والتعبير عن نفسه، وأن توفر له فرص التنوع في المثيرات اليومية، وكذلك مواد اللعب المناسبة التي تنمي قدرات طفلها. النمو اللغوي في مرحلة الرضاعة: المناغاة: بعد مضي شهر إلي شهر ونصف تقريبًا يستطيع الرضيع إصدار أصوات مسترخية تصدر من خلف الفم، وتعبر عن الارتياح والاسترخاء، يطلق عليها: أصوات المناغاة Babbing وتعتبر المواد الخام التي تتكون منها لغة الطفل فيما بعد. إدراك الأصوات: يستطيع طفل عمره ثلاثة أشهر أن يميز بين الأصوات الكلامية من الفئات الصوتية المختلفة أي التي تصدر من أماكن مختلفة من الأجهزة الصوتية . اللعب الكلامي: فيما بين الشهر الثالث والسادس تقريبًا يبدأ الرضيع في تشكيل مقاطع مكونة من حرفين أو أكثر مثل ماما، بابا، وهذه المقاطع هي الوحدات الصوتية التي تتكون منها الكلمات في اللغات المختلفة . اللغة الإشارية: في أواخر السنة الأولي يبدأ الأطفال في استعمال بعض الإشارات لجذب انتباه الكبار لما يريدون الحصول عليه، وقد تكون هذه الإشارات شبيهة بالهمهمة . مرحلة الكلام: ويبدأ الطفل في نطق كلماته الأولي في مدي الستة أشهر التالية للسنة الأولي من حياته، وتعبر كلماته الأولي عن اهتماماته المباشرة، وعما يجذب انتباهه من الأشياء التي تقع في محيط بيئته . وتزداد مفردات الطفل علي مدي السنة الثانية إلي حوالي خمسين كلمة . الفروق الفردية: أظهرت الدراسات أن هناك فروقًا فردية في السرعة والقدرة علي اكتساب اللغة فقد وجد أن البنات أسرع في اكتساب اللغة عن البنين . وعلي الأم أن تشجع طفلها علي النطق، فلا تجيب مطالبه بمجرد الإشارة، وأن تعمل علي تجنيبه عيوب النطق والكلام قدر الإمكان، وأن تعمل علي استخدام النماذج السمعية السليمة، وأن تكثر من التحدث إلي الطفل، وتعمل علي تعزيز الكلمات التي ينطق بها، حيث إن الرضيع يحتفظ بالكلمات التي تُعَزِّز، ويميل إلي نسيان تلك التي لا ينالها التعزيز. نوم الرضيع: يلاحَظ أن الطفل الصغير ينام كثيرًا جدّا، فقد لا يستيقظ بعض صغار الأطفال إلا للغذاء، ولكن مدة النوم عند الأطفال تقل تدريجيا إلي أن تصل إلي حدها الأدني عند البالغين . وهناك بعض القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها لنوم الطفل: * يُستحسَن أن يتعود الطفل منذ الصغر النوم علي شقه الأيمن، كما يوصي رسولنا (، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن النوم علي الشق الأيمن أكثر فائدة للجسم . * تحاول الأم - قدر الإمكان - أن تجعل من عملية النوم عملية سارة، فعند نومه تلاعبه وتُقبِّله قبيل نومه، وُتسمعه كلمات من أسماء الله الحسني، وتردد علي مسامعه كلمات الحمد والتسبيح والتكبير والتهليل، والطفل يسمع هذه الجمل الجميلة ولا يفهم معني الألفاظ، ولكن ترديدها علي مسامعه سيجعله مطمئنَّا مرتاحًا ساكنًا، ينام في هدوء، كما أنَّ الغناء للطفل وتحريكه بلطف في مهده أو هدهدته.. كل ذلك يجعله يقبل علي نوم هادئ خالٍ من المخاوف والاضطرابات، و يملؤه الاطمئنان والراحة. وتاريخنا الإسلامي حافل بهذا اللون من الأغاني، ومن ذلك قول الشيماء-أخت النبي ( من الرضاعة- وهي تغني له في طفولته وتلاعبه: يا ربنا أبق لنا محمدًا حتى أراه يافعًا وأمردَا ثم أراه سيدًا مسودًا وأعطه عزا يدوم أبدَا وكان الزبير بن عبد المطلب يلاعب رسول الله ( وهو طفل فيقول له: محمد بن عبـدم عشت عَيْش أنعـــم ودولــة ومنعــم في فرع عز أسنـــم مكـرم معظــــم وكانت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله ( تلاعب الحسين بن علي قائلة له: إن بُني شبه النبي.. ليس شبيهًا بعلي. ولم تكن هذه الأغنيات الرقيقة في مداعبة الأطفال السعداء بين أيدي الأمهات والآباء قاصرة علي الأبناء دون البنات، فيرَوي أن أعرابية علي عهد معاوية كانت تلاعب ابنتها، فتقول في سرورها بها: وما هناك أن تكون جارية تصلح بيتي وترد العارية حتى إذا ما بلغت ثمانية زوجتها مروان أو معاوية فهذه الأغاني الرقيقة بإيقاعاتها الجميلة الهادئة، تجعل الطفل هادئًا غير منفعل، وتهيئ الطفل للنوم وهو سعيد قرير العين. ومن الأساليب التي تساعد الطفل علي التهيؤ للنوم اقترانه بنشاط معين يوحي للطفل بانتهاء النشاط اليومي، والاستعداد للذهاب إلي الفراش، فالأم إذا قامت بمساعدة الطفل علي التبول، وعملت علي تنظيف جسمه وتغيير ملابسه، وإلباسه ملابس النوم بصورة تتسم بالثبات والاستقرار،فإنها تشعره باقتراب النوم حيث ترتبط هذه الأنشطة تدريجيًّا عند الطفل بموعد النوم . والوضع السليم للطفل أثناء نومه أن تكون رأسه أعلي من بقية جسمه، وذلك بوضع وسادة صغيرة تحت رأسه؛ لأن ذلك يمنع رجوع اللبن والقيء. والأم عليها دور كبير في تكوين عادة صحيحة للطفل، وذلك فيما يتعلق بالنوم عن طريق التشجيع واقتران السلوك المرغوب فيه بكل ما هو محبب، وليس بكل ما هو مؤلم أو مخيف. إخراج الرضيع: التدريب علي ضبط الإخراج عملية صعبة، وهناك أمور يجب علي الأم مراعاتها في ذلك، منها: ألا تسرع في البدء في تدريب الطفل علي التحكم في الإخراج ؛ فلن تستطيع الأم أن تحُرِز أي نجاح ما لم يكن الطفل مستعدًّا لهذا من الناحيتين الجسمية والإدراكية، وهو لا يكون لديه هذا الاستعداد إلا فيما بين السنة والنصف والسنتين من عمره . ويمكن أن يستجيب الطفل للتدريب علي عملية الإخراج إذا روعي في عملية التدريب ما يلي: - أن يكون الوعاء الخاص لهذا الغرض مريحًا للجلوس عليه، ثابتًا لا يتحرك، سهل التنظيف . - يمكن تقدير وقت إخراج الطفل قبل أن تتم العملية بفترة كافية، وذلك عن طريق بعض العلامات التي تستطيع الأم التعرف عليها بمرور الوقت . - إذا رفض الطفل الجلوس علي الوعاء، فلا ينبغي الإلحاح عليه، وإنما ينبغي الانتظار قليلا حتى يهدأ . - والطفل يتبول عدة مرات في اليوم علي عكس التبرز، فعلي الأم أن تكون مُتفهمة ورقيقة مع طفلها إلي أقصي الحدود، حتى لا يشعر بالضيق والإحباط، وتتأكد أن طفلها بمجرد تدريبه علي التحكُّم في التبرز سوف يشعر بنفسه بالضيق وعدم الارتياح إذا ما بلَّل نفسه، ولا داعي لأن تزيد لديه هذا الشعور . والتربية الإسلامية تنظر إلي مسألة الإخراج علي أنها أمر عادي لا يستوجب الاهتمام الزائد، أو التأفُّف والاشمئزاز أمام الطفل بقصد أو بغير قصد . فعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: بال الحسين بن علي في حجر النبي (، فقلت: يا رسول الله، أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره؛ حتى أغسله. فقال: (إنما يغسل من بول الأنثي، وينضح من بول الذكر) [أحمد، وأبو داود، وابن ماجه] . فرسول الله ( لم يغضب من الحسين -رضي الله عنه- ولم يَقْسُ عليه، أو يبادره بالعقاب؛ لأنه لم يضبط نفسه حين بال عليه . كذلك الحال فيما ترويه أم قيس بنت مِحْصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله ( فبال علي ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله . ولايصح الانزعاج من التبول اللاإرادي ليلا قبل بلوغ الطفل السنة الرابعة من عمره.. فهو حالة طبيعية. اللعب: فطر الله تعالي الطفل علي حب اللعب وكثرة الحركة؛ لأن ذلك وسيلة للتعبير عما بداخله من طاقات طفولية متوقدة. ولعب الطفل تلقائي غير مخطط ولا منظم، وهو في العادة لعب فردي. ويجب علي الأم في هذه الحالة مداعبة طفلها، ما دام ذلك يجلب له السعادة، ويكون سببًا في راحته النفسية، لذلك فإن أي طفل تبدأ الأم في ملاعبته علي الفور يسارع بالاستجابة، ويطلب المزيد. وإذا كانت الأم لا تزال تنظر إلي اللعب علي أنه مجرد وسيلة لملء وقت الفراغ فعليها أن تغير وجهة نظرها هذه، بل عليها أن تعتبر اللعب عملا. إن اللعب هو الذي يسعد الطفل ويساعده علي النمو من جميع النواحي، فهو الفرصة المثلي التي يجد فيها الطفل مجالا لا يعوض لاكتساب كل ما يعز عليه اكتسابه في مجال الجد. وعلي الأم أن تلاعب وليدها؛ ففي خلال الستة أشهر الأولي يحب الطفل أن يلعب معها طوال فترة يقظته، فيجب أن تقضي معه أوقاتًا ممتعة بقدر الاستطاعة، وتعلم أن الأساس المتين الذي يمكن أن يبني عليه شعور الطفل بالثقة والأمان مستقبلا هو مقدار تقبلها له ولعبها معه. وعلي الأم محاولة التوفيق بين نوع اللعب وحالة الطفل النفسية، فإذا كان الطفل يشعر أنه قوي، فإن اللعب العنيف إلي حد ما سوف يوافق مزاجه، أما إذا كان الطفل يشعر بالتعب والمرض فإن مثل هذه الألعاب تشعره بالإحباط والمضايقة، وفي هذه الفترة من عمر الطفل يمكن مساعدته علي القيام بكثير من الأشياء والحركات مما لا يستطيع أن يقوم بها بمفرده. وللأم دورها في انتقاء اللعبة المناسبة لقدرات طفلها، وذلك حتى تؤدي اللعبة الغرض منها. والطفل في هذه المرحلة يحتاج إلي لُعَب مُصمَّمة بطريقة آمنة، ومُلونة ويسهل الإمساك بها، وأفضل أدوات اللعب هي التي تمد الطفل بخبرات متعددة، وتكوين أشكال وأوزان وملابس مختلفة، ويمكن للأم أن تمد الطفل بالأشياء الموجودة في المنزل بشرط ألا تكون ضارة، فلا تجرحه أو تسبب له أية إصابة. وفي هذه المرحلة يحتاج الطفل إلي مكان متسع، خال من قطع الأثاث، ذي أرضية ناعمة، سهلة التنظيف، وذلك حتى ُتتاح للطفل حرية الحركة. الفطام: الفطام يعني انتقال الطفل من الرضاعة إلي الاعتماد علي تناول الطعام، لذلك يجب أن تتم عملية الفطام بصورة تدريجية غير مفاجئة؛ حتى لا تسبب صدمة نفسية وعاطفية للطفل، ويمكن أن يبدأ ذلك بعد الشهر الأول بإعطائه العصائر الطازجة، وفي الشهر الرابع من عمر الطفل يتم تقديم اللبن المطبوخ (المهلبية) أو الزبادي مكان إحدي الرضعات، وفي الشهر الخامس حساء (شوربة) الخضروات برضعة أخري، حتى إذا ما جاء الشهر التاسع، تكون الفترة بين الأكلات قد زادت إلي أربع ساعات، ويكون عددها قد صار خمسًا بدلا من ست. وهكذا يزداد تدريجيا عدد الوجبات التي تحل محل الرضعات بزيادة عمر الطفل،حتى تبقي رضعة في الصباح، ورضعة في المساء مثلا، ثم رضعة المساء فقط، وهكذا . وتستمر الأم في هذا الفطام الجزئي دون التنازل عن إعطاء لبنها لوليدها، كما أمر الله - جل شأنه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]. وعند بلوغ السنتين تقريبًا يكون الطفل قد أصبح مستعدّا تمامًا لتقبل عادات جديدة في تناول الطعام بالمضغ والشرب بدلا من المص . وتتطلب هذه المرحلة من الأم التدرُّج والصبر والحلم، وأن تضع في اعتبارها أن عملية الفطام قد يصاحبها اضطراب انفعالي، وهذا يتطلب منها أن تتعود الهدوء والاتزان خلال هذه العملية . الحركة: وقد يبدأ الطفل في الجلوس من الشهر الرابع إلي السادس، ويمكن أن يبدأ الطفل حبوه في الشهر السادس حتى السنة الأولي من العمر، ومهما كانت طريقة الطفل في الحبو فيترك وشأنه ولا يحاول أحد تعليمه كيف يحبو. وتخطئ كثير من الأمهات حينما يحاولن مساعدة أطفالهن علي الجلوس أو الوقوف، وقد يتسرعن في شراء المعدات اللاتي يعتقدن أنها تساعد الطفل علي المشي أو الوقوف، وهذا لا فائدة منه بتاتًا؛ فقد أثبتت التجارب أن الطفل يمشي أو يقف عندما يتمكن من ذلك، فالتعجل في مشي الطفل؛ يسبب تقوس رجليه، بل الأفضل أن يترك للتطور الطبيعي. فالحبو أمر طبيعي ويفيد عضلات الطفل، ويجب أن يأخذ وقته حتى يتهيأ للوقوف ثم المشي. التسنين: يختلف وقت التسنين كثيرًا بين الأطفال، إلا أن بدايته تبدأ غالبًا في الشهر السادس من عمر الطفل.. مع الإشارة إلي أنه قد يحدث بعض الشذوذ في تاريخ ظهور الأسنان، ولكن ينبغي ألا يسبب ذلك قلقًا أو توترًا للأم، لأن ذلك لا يعد مؤشرًا علي حدوث مرض للطفل.
الشهر: التغيرات الملحوظة فيه. السادس: ظهور القاطعين الأوسطين (السنتين الأماميتين) في الفك السفلي للفم. الثامن: ظهور القاطعين العلويين (السنتين الأماميتين في الفك العلوي). العاشر: ظهور القاطعين الوحشين العلوين. الثاني عشر: ظهور القاطعين الوحشين السفلين (ويكون للطفل بذلك ثماني أسنان في نهاية السنة الأولي من العمر). سنة ونصف: ظهور الضروس الأمامية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا عادة. سنتين: ظهور الأنياب في الفكين، وتظهر الأنياب السفلي قبل العليا. سنتين ونصف: ظهور الضروس الخلفية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا (وبذلك تكتمل الأسنان اللبنية وعددها 20 سنة، عشر في كل صف). 5 - 6 سنوات: تبدأ أسنان الطفل اللبنية في السقوط، حيث يظهر مكان السن الحليبي سن دائمة لا تتغير وملازمة للطفل مدي الحياة. 6 - 7 سنوات: ظهور الطواحن الأولي الخلفية. 7 - 8 سنوات: ظهور القواطع المركزية. 8 - 9 سنوات: ظهور القواطع الجانبية. 10- 12 سنة: ظهور الطواحن الأولي الأمامية، والطواحن الثانية الأمامية. 12 - 14 سنة: ظهور الأنياب. والواجب علي الأم: - أن تعمل علي نظافة أسنان طفلها، وأن تجنبه الإكثار من أكل الحلوي والسكريات. - أن تقدم للطفل غذاء متوازنًا محتويًا علي البروتينات، والسكريات والدهون، والأملاح المعدنية، والفيتامينات وخاصة فيتامين (د) الذي يساعد في تكوين العظام والأسنان. - أن تعرضه بين الحين والآخر لأشعة الشمس حيث إنَّ لها دورًا أساسيا في تكوين الأسنان، وذلك لأن الأشعة فوق البنفسجية تسهل إنتاج فيتامين (د)، وبالتالي عمليات دخول الكالسيوم والفسفور في العظام والأسنان. - أن تعلم أنه ليس للتسنين أية علاقة بالمتاعب التي تحدث للطفل في هذه الفترة، مثل: الإسهال أو فقدان الوزن أو الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، وأن هذه الأمراض التي تصيب الطفل ترجع نتيجة لإصابته ببعض الجراثيم التي تنتقل لجسمه عن طريق عض الطفل للأشياء الملوثة.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:43 pm
الطفولة المبكرة 2-6 سنوات تمتد مرحلة الطفولة المبكرة من العام الثاني في حياة الطفل إلي العام السادس، وفي أثناء هذه الفترة ينمو وعي الطفل نحو الاستقلالية، وتتحدد معالم شخصيته الرئيسية، ويبدأ في الاعتماد علي نفسه في أعماله وحركاته بقدر كبير من الثقة والتلقائية . ومن أهم مميزات هذه المرحلة: * استمرار النمو بسرعة، ولكن بمعدل أقل من المرحلة السابقة. * ازدياد النضج الحركي بدرجة ملحوظة، فالطفل في سن الخامسة يظهر فيه التوافق العصبي العضلي في العضلات الصغيرة الدقيقة باليدين، بحيث يستطيع استعمال القلم العريض في رسم السطور المستوية والدوائر والمثلثات . وفي هذه المرحلة تنمو حواسه حتى تكاد تبلغ نموها الكامل، وبالتالي تبلغ قوة الملاحظة عنده درجة كبيرة . وتظل قدرة الطفل علي التركيز والانتباه محدودة، بالرغم من إقباله علي التعلم، واكتشاف العالم من حوله، ولكن الطفل يظل متمركزًا حول ذاته، بحيث لا يستطيع رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخرين، رغم إمكان تصوره للأشياء والأحداث وتمثلها ذهنيا. - الطفل في هذه المرحلة يستطيع التحكم في عملية الإخراج، بالإضافة إلي أنه يكتسب مهارات جديدة، ويكوِّن العديد من المفاهيم الاجتماعية، ويستطيع أن يفرق بين الصواب والخطأ، والخير والشر . - يبدأ الطفل في تعلم لغة الأم في بداية هذه المرحلة من (2 - 6) سنوات، ويستطيع التمثيل الرمزي للأشياء مع التفكير البسيط، كلون من ألوان النشاط العقلي، كأن يكون الطفل قادرًا علي تقليد أصوات بعض الحيوانات، مثل: (العصفور، والقط، والكلب، والديك) إلي غير ذلك مما يحيط بالطفل من أشياء وموجودات . - مع تعلم الطفل لغة أبويه والمحيطين به؛ تنمو قدرته علي التقليد والمحاكاة، وتزداد قدرته علي الكلام بسرعة أكبر تدريجيًا، حتى يستطيع التعبير عن حاجاته وانفعالاته مستخدما الكلام البسيط بدلا من البكاء . وتيسيرًا علي القارئ فسوف نعرض فيما يلي إيجازًا واضحًا لخصائص النمو التي يمر بها الأطفال في هذه المرحلة من النواحي المختلفة: النمو الجسمي- النمو الفسيولوجي- النمو الحركي- النمو الحسي- النمو الانفعالي- النمو اللغوي- النمو العقلي- النمو الاجتماعي. النمو الجسمي في مرحلة الطفولة المبكرة: الأسنان: تستمر الأسنان في الظهور، ويكتمل عدد الأسنان المؤقتة فيما بين العام الثاني والثالث، وتظل الأسنان اللبنية حتى سن السادسة أو السابعة إلي أن تستبدل بها الأسنان الدائمة، ومع ذلك فأسنان الطفل اللبنية في حاجة إلي الرعاية الطبية حتى لايصيبها التسوس. الرأس: يصل حجم الرأس في نهاية هذه المرحلة إلي مثل حجم رأس الراشد، ومع ذلك فإن الرأس والوجه تظل نسبتهما أكبر بالمقارنة بأجزاء الجسم الأخري، علي الرغم من أن معدل نمو الرأس يكون أبطأ من المراحل السابقة. الجذع: ينمو الجذع بدرجة متوسطة، ويستمر نمو الجذع بحيث يصبح الطفل أكثر استقامة وأقل استدارة، ويبدأ الطفل في هذه الفترة في التخلص من الدهون التي تراكمت في الفترة السابقة، ويتم ذلك خلال عمليات الهدم والبناء التي تتعرض لها الأنسجة الدهنية. الطول: يصل الطول في نهاية السنة الثالثة إلي حوالي (90) سم، ثم يزداد ببطء نسبي بمعدل (9 - 8 -7 - 6) سم خلال السنوات (3 - 4 - 5 - 6)، ويكون معدل الطول أكبر من معدل الوزن في هذه المرحلة، ويكون الذكور أطول من الإناث، وفي بداية العام الثالث يكون طول الطفل - سواء ذكر أو أنثي - (84) سم تقريبًا، وفي نهاية العام الخامس يكون متوسط طول الولد (108) سم ومتوسط طول البنت (107) سم، وفي نهاية هذه المرحلة يصل طول الطفل ضعف طوله عند الولادة. الوزن: يزداد وزن الطفل بمعدل كيلو جرام تقريبًا في السنة، ويكون معدل الوزن أقل من معدل الطول، ويكون الذكور أثقل من الإناث. ويصل متوسط وزن الطفل في بداية هذه المرحلة إلي (12) كيلو جرامًا تقريبًا للجنسين. وفي نهاية المرحلة يكون متوسط وزن الولد (18) كجم، ومتوسط وزن البنت (17.5) كجم، ويصل في نهاية هذه المرحلة إلي سبعة أمثال وزنه عند الولادة. وعلي الأم أن تعتني بصحة طفلها، وتهتم بتغذيته وتحصينه ضد الأمراض، كذلك عليها أن تكون علي دراية كافية بمعدل نمو طفلها مع ضرورة العناية بالأسنان، ومساعدة الطفل وتشجيعه علي القيام بالأنشطة الحركية المناسبة لعمره. النمو الفسيولوجي في مرحلة الطفولة المبكرة: المخ: الجهاز العصبي هو أكثر أجهزة جسم الطفل استمرارًا في النمو في هذه المرحلة، فمع بلوغ الطفل سن الثالثة يصل وزن مخه إلي حوالي 75 % من وزن مخ الراشد، ويتقدم نمو لحاء المخ في هذه المرحلة، وهذا الجزء من المخ يتألف من عدد كبير من الألياف العصبية، وهو أكثر أجزاء المخ تطورًا، ويرتبط بالسلوك الإرادي والنشاط العقلي، وهو الذي يساعد الطفل علي التفكير واكتساب المعلومات، ومعني هذا أن النمو العقلي والمعرفي في هذه المرحلة قد يكون وثيق الصلة بنمو لحاء المخ. ويستمر في هذه المرحلة ترسيب الأنسجة الدهنية المحيطة بنهايات الخلايا العصبية بدرجة تجعل التواصل العصبي في المخ أكثر كفاءة. التنفس: يصبح التنفس أكثر عمقًا وأبطأ من ذي قبل. القلب: تكون نبضات القلب بطيئة، وتصبح ثابتة نسبيا، ويزداد ضغط الدم ازديادًا ثابتًا. المعدة: يزداد حجم المعدة، ويستطيع الجهاز الهضمي للطفل هضم الأطعمة الجامدة. الإخراج: يستطيع الطفل التحكم في عمليات الإخراج والتخلص من الفضلات في الأمعاء والمثانة. النوم: كلما تقدَّم الطفل في السن يقل عدد ساعات النوم، حتى تصل إلي (10) ساعات تقريبًا في الطفولة المتأخرة. وعلي الأم أن تهيئ جوّا مريحًا حتى تساعده علي الاستقرار نفسيا، وذلك من خلال العادات الصحية في الأكل والنوم، ومعرفة أسباب فقد الشهية أو الإفراط في الأكل. النمو الحسي في مرحلة الطفولة المبكرة: الإدراك: لا يستطيع الطفل في بداية هذه المرحلة إدراك العلاقات المكانية للأشياء، ويكون إدراكه للمسافات والأحجام والأوزان والأعداد غير دقيق، ولكن عندما يتقدم الطفل في العمر يستطيع التمييز بين المثيرات. وفي سن الثالثة يستجيب للمثيرات ككل، وبعد ذلك يبدأ في الاستجابة للأجزاء المنفصلة، وتوجد صعوبة لديه في التمييز بين الشكل والصورة في المرآة. إدراك الزمن: لا يستطيع الطفل إدراك غير الحاضر، ثم يزداد إدراكه ليدرك الغد والمستقبل في سن الثالثة. أما في سن الرابعة فيستطيع إدراك المدلول الزمني للماضي، ويدرك اليوم، ثم الغد، ثم الأمس. وفي سن الخامسة يدرك تسلسل الحوادث، ويعرف الأيام وعلاقتها بالأسبوع، ويظل الطفل في هذه المرحلة متمركزًا حول ذاته. البصر: يحدث في هذه المرحلة تحسن كبير في قدرة الطفل علي الإبصار والتركيز البصري، ومع بلوغ الطفل سن السادسة لا يكون جهازه البصري قد اكتمل، فهو لا يكتمل إلا مع البلوغ، وهذا يعني أن النمو البصري مازال مستمرًا في المراحل التالية حتى يتحقق التركيز البصري الواضح. ويحتاج بعض الأطفال في هذه المرحلة إلي نظارات طبية. السمع: يتطور السمع تطورًا سريعًا، ومع تقدم الطفل في العمر لا تكاد تظهر مشكلات سمعية إلا لدي قليل من الأطفال بنسبة لا تتجاوز 2% . وعلي الأم تنمية النمو الحسي لدي طفلها، وذلك بالمساعدة علي اتصاله المباشر بالعالم الخارجي عن طريق الزيارات والرحلات، وتعويد سمعه علي كل ما هو جميل، مع الحرص علي معالجة العيوب التي تصيب الحواس لدي طفلها. النمو الانفعالي في مرحلة الطفولة المبكرة: السلوك الانفعالي: ينمو السلوك الانفعالي تدريجيًّا في هذه المرحلة من ردود الأفعال العامة نحو سلوك انفعالي خاص، وتحل الاستجابات الانفعالية اللفظية محل الاستجابات الانفعالية الجسمية، كما تكون الانفعالات شديدة ومبالغًا فيها ومتنوعة ومتناقضة، وتسمي هذه المرحلة باسم "مرحلة عدم التوازن"، وتظهر علامات شدة الانفعالات في صورة حدة المزاج وشدة المخاوف وقوة الغيرة، ويرجع ذلك كله إلي أسباب نفسية أكثر منها فسيولوجية، ذلك أنَّ الطفل يشعر بقدرة غير عادية، وكذلك يثور علي القيود التي يفرضها عليه الوالدان. انفعال الحب: في البداية يتركز حب الطفل علي ذاته؛ حيث يكون هو موضوع الحب من الآخرين ومن نفسه، وحبه لوالديه ما هو إلا استثارة لحبهما له حتى يلبيا له كل رغباته؛ ذلك أن الطفل يشعر بقدرة غير عادية، ويثور علي القيود التي يفرضها عليه الوالدان. الخوف: تزداد مثيرات الخوف في هذه المرحلة لقدرة الطفل علي إدراكها، فيخاف بالتدريج من الحيوانات والظلام والفشل والموت، ويمكن أن تكون هذه المخاوف أكبر عائق في سبيل نموه الصحي السليم . الغضب: تظهر نوبات الغضب المصحوب بالاحتجاج اللفظي، والأخذ بالثأر أحيانًا، ويصاحبها أيضًا العناد والمقاومة والعدوان، وخاصة عند حرمان الطفل من إشباع حاجاته . الأحلام المزعجة: تنتاب الطفل في هذه المرحلة بدرجة أكبر نسبيًا من أية مرحلة أخري ويكون نومه مضطربًا. الغيرة: شعر الطفل بالغيرة عند ميلاد طفل جديد، وذلك بسبب تحول الاهتمام عنه بعد أن كان موضع الاهتمام . التعبير الانفعالي: يجد الطفل تعبيرًا عن حياته الانفعالية في مجالات عديدة، مثل: الأحلام، واللعب، مما قد يخفف عنه حدة تلك الانفعالات، كما يعتبر في نفس الوقت وسيلة جيدة للكشف عنها، بل ولعلاجها أيضا. وعلي الأم أن تحيط طفلها بالدفء والحنان، وأن تعلِّمه ضبط الانفعالات في هذه السن المبكرة، وتحميه من مصادر الخوف، ولكن عليها ألا تلجأ إلي العقاب البدني كوسيلة لضبط الانفعالات، ولا تفرض عليه الأوامر والنواهي، أو تكلفه مالا يطيقه، كذلك عليها أن تعدل بين أبنائها؛ حتى لا تتولد مشاعر الغيرة والحقد بينهم. النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة: سرعة النمو: تعتبر هذه المرحلة من أسرع مراحل النمو اللغوي تحصيلا وتعبيرًا وفهمًا. وهناك علاقة وثيقة بين قدرة الطفل علي الكلام وقدرته علي المشي، فكلما كان الطفل قادرًا علي المشي الصحيح؛ تزداد قدرته علي تعلم الكلام واكتساب كثير من الكلمات. مظاهر النمو اللغوي: من مظاهر النمو اللغوي في هذه المرحلة: الوضوح، ودقة التعبير، والفهم، وتحسُّن النطق، واختفاء الكلام الطفولي، وازدياد فهم كلام الآخرين، والقدرة علي الإفصاح عن الحاجات والخبرات، والقدرة علي صياغة جمل صحيحة طويلة، وكذلك استخدام الضمائر والأزمنة. مراحل النمو اللغوي: يمر التعبير اللغوي في الطفولة بمرحلتين: مرحلة الجمل القصيرة، حيث تكون من (3) إلي (4) كلمات، وتعبر عن معني، رغم أنها لا تكون صحيحة من ناحية التركيب اللغوي، أما المرحلة الثانية: فهي مرحلة الجمل الكاملة، حيث تتكون الجمل من (4) إلي (6) كلمات، وتتميز بأنها جُمَل مفيدة تامة أكثر تعقيدًا في التعبير. القدرة علي التواصل: علي الرغم من تمكن الطفل من اللغة في هذه المرحلة، فإنه يظل يعاني قصورًا من حيث القدرة علي التواصل مع الآخرين. علي الأم ألا تُسمِع طفلها الألفاظ البذيئة، بل تقدم له النماذج الكلامية الجيدة، ويمكنها من خلال القصص والحكايات التحدث معه، وأن تدربه علي الكلام. النمو العقلي في مرحلة الطفولة المبكرة: المفاهيم: في هذه المرحلة تتكون المفاهيم المختلفة عند الطفل، مثل: الزمان والمكان والاتساع والعدد، ويتعرف أيضًا علي الأشكال الهندسية. ومعظم المفاهيم التي يستطيع الطفل إدراكها تكون حسية، أما المفاهيم الُمجرَّدة فلا يستطيع إدراكها إلا فيما بعد. الذكاء: يزداد نمو الذكاء، ويستطيع الطفل التعميم، ولكن في حدود ضيقة، ويري "بياجيه" أن الذكاء في هذه المرحلة يكون تصوريًا تستخدم فيه اللغة بوضوح، ويتصل بالمفاهيم والمدركات الكلية. التعلم: تزداد قدرة الطفل علي التعلم عن طريق الخبرة والمحاولة والخطأ، وعن طريق الممارسة والاستفادة من خبرات الماضي. الانتباه: لا يستطيع الطفل في بداية هذه المرحلة التركيز والانتباه، لكن تزداد بعد ذلك قدرة الانتباه. الخيال: تتميز هذه المرحلة بصفة عامة باللعب الإيهامي أو الخيالي، ويطغي خيال الطفل علي الحقيقة، لذلك فإن أطفال هذه المرحلة يحبون اللعب بالعرائس وتقليد الكبار، والقيام ببعض الأدوار الاجتماعية وتقمص الأدوار. التذكُّر: يتذكر الطفل العبارات السهلة المفهومة أكثر من تذكُّره للعبارات الغامضة، كذلك يتذكر الأسماء والأشخاص والأماكن والأشياء. التفكير: ويسمي طور التفكير في هذه المرحلة باسم "طور ما قبل العمليات"، وهو ينقسم إلي قسمين: (أ) فترة ما قبل المفاهيم، وهي من سنتين إلي أربع سنوات. ويظهر في هذه المرحلة خاصية التمركز حول الذات، بمعني أنه لا يستطيع أن يتخذ وجهة نظر الآخر في أحكامه أو في إدراكه للأشياء. (ب) فترة التفكير الحدسي، من 4 - 7 سنوات وفيها يتحرر الطفل من بعض عيوب المرحلة السابقة، فيعتمد علي الحدس العام الغير واضح التفاصيل، فالطفل في هذه المرحلة يعتمد في تفكيره بشكل أكبر علي حواسه وتخيله أكثر من أي شيء آخر. وعلي الأم أن توفر لطفلها الجو المناسب لتنميته عقليا، فتتيح له الفرصة ليكتشف ويجرب، وتجيب عن تساؤلاته بما يتناسب مع نموه العقلي، ويمكنها تنمية هوايات الطفل مثل الرسم واللعب، والتي تسهم في تنمية الابتكار عنده. النمو الحركي في مرحلة الطفولة المبكرة: نمو العضلات: يسيطر الطفل علي العضلات الكبيرة، وبالتدريج يستطيع السيطرة علي عضلاته الصغيرة، ويكتسب الطفل مهارات حركية جديدة: كالجري والقفز، والتسلق، وركوب الدراجة، والحركات اليدوية الماهرة: كالرسم والكتابة، ويعتمد نوع المهارات التي يتعلمها الطفل علي مستوي نضجه واستعداده، وعلي الفرص التي تتاح له لتعلمها والتوجيه الذي يلقاه لإتقانها. ومن الملاحظ أنَّ الأطفال الذين يعيشون في بيئات فقيرة يكتسبون المهارات مبكرًا عن الأطفال الذين يعيشون في بيئات ثرية، وتوجد فروق فردية بين الجنسين في نوع المهارات الحركية وذلك راجع إلي عمليات التنميط الجنسي. الكتابة: يستطيع الطفل في نهاية هذه المرحلة رسم الخطوط الأفقية والرأسية والأشكال البسيطة، كما يستطيع تشكيل بعض الأشكال باستخدام طين الصلصال، ومع التدريب يستطيع الطفل الكتابة والرسم بشكل جيد. العوامل المؤثرة في النمو الحركي: من أهم العوامل التي تؤثر في النمو الحركي في هذه المرحلة حالة الطفل الجسمية، وصحته العامة، وقدرته العقلية، إضافة إلي حالته النفسية، وكذلك العوامل البيئية من حيث الفقر والثراء، وعوامل التنشئة الاجتماعية، وعمليات التنميط الجنسي للذكورة والأنوثة والإمكانيات والفرص المتاحة للتعلم. وعلي الأم أن تشجع طفلها علي الحركة والنشاط، وتُعلِّمُه المهارات المختلفة كالرسم وتشكيل الصلصال، أما بخصوص تعلم الكتابة، فلا تحاول إجباره علي تعلُّمها. وهذه الفرص عادة ما تتوفر في دور الحضانة الحديثة، حيث تتاح الكثير من الفرص أمام الطفل لتعلم الكثير من المهارات الحركية والعقلية . النمو الاجتماعي في مرحلة الطفولة المبكرة: العلاقات الاجتماعية: تتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة، ومع جماعة الرفاق باتساع عالم الطفل. ويزداد اندماج الطفل في الكثير من الأنشطة وتعلم الجديد من الكلمات والمفاهيم، ويمر بخبرات جديدة تهيئ له الانتقال من كائن بيولوجي إلي كائن اجتماعي. نمو السلوك الخلقي: يكتسب الطفل قيم الوالدين واتجاهاتهما ومعاييرهما السلوكية خلال هذه الفترة، نتيجة لتعرضه لمتغيرات التنشئة الاجتماعية من ثواب وعقاب وتقليد وتوحد، وغيرها من الأساليب. الصداقة: يستطيع الطفل أن يصادق الآخرين، ويلعب معهم، ويستطيع أن يحادثهم. ونجاحه في العلاقات الاجتماعية خارج المنزل يتوقف علي نوع الخبرات التي يتلقاها في تربيته علي أيدي والديه . التعاون: يظهر (الفريق) في حياة الطفل، وفيه يصبح الطفل واعيًا بوجود الآخرين الزعامة: الزعامة عند الطفل في هذه المرحلة وقتية، لاتكاد تظهر عنده حتى تختفي، و عندما يصبح الطفل علي أعتاب دخول المدرسة تكون معالم شخصيته قد تميزت بخصائصها وسماتها، فنجد أن بعض الأطفال يتسمون بالزعامة والقيادة والبعض الآخر يحب الظهور، ومنهم من يفضل الانطواء. المكانة الاجتماعية: تعتبر هذه الفترة هي السنوات الحرجة في عملية التطبيع الاجتماعي للطفل، ويتوقف السلوك الاجتماعي كمّا وكيفًا علي خبرات الطفل والظروف البيئية التي يتعرض لها وعلاقته بها، ويشمل ذلك سلوك القيادة، والسيطرة والتبعية والمسايرة الاجتماعية. سلوك الطفل: يبدأ الطفل في تعلم السلوك الخلقي، ويظهر لديه أيضًا سلوك العناد وعدم الطاعة، فيجذب الانتباه إليه، وتوجد فروق فردية بين الجنسين في السلوك، فالأولاد يميلون إلي التخريب، بينما تميل البنات إلي العناد، وتظهر مشكلات السلوك في التبول اللاإرادي والتخريب، ونوبات الغضب، والعصبية. المنافسة: يميل الطفل إلي المنافسة التي تظهر لديه في الثالثة، وتبلغ ذروتها في الخامسة. العناد: يكون العناد في ذروته حتى العام الرابع، ويتضح ذلك في الثورة علي النظام الأسري، وعلي سلطة الكبار، وعصيان أوامرهم، وإذا كان نظام التربية تسلطيًّا عقابيًّا فإنه يؤدي بالطفل إلي تنمية العصيان والتمرد، وكذلك القيام بالسلوك العدواني والانسحابي. الاستقلال: يميل الطفل نحو الاستقلال في بعض الأمور، مثل: تناول الطعام، واللبس، إلا أنه ما زال يعتمد إلي حد كبير علي الآخرين، والاستقلال لا يتحقق لجميع الأطفال حيث توجد فروق فردية وسمات شخصية مختلفة. وعلي الأم أن تعلم الطفل السلوك الاجتماعي كالتعاون، واحترام الآخرين، وتعلمه القيام بالدور الاجتماعي المتناسب مع المرحلة، وأن توفر لطفلها الجو الاجتماعي الذي يشبع حاجاته إلي الرعاية والتقبل، وتستخدم الثواب بدلا من العقاب كوسيلة للإصلاح، مع مراعاة البعد عن التسلطية والدكتاتورية في التربية، حتى يتكون لدي الطفل إحساس إيجابي بالذات.
موضوع: رد: الولد الصالح الأحد مارس 25, 2012 6:43 pm
حضانة الطفل الحضانة شرعًا: هي حفظ الصغير ورعايته والقيام علي تربيته. فالطفل في سنواته الأولي يحتاج إلي من يقوم بشئونه، ويعتني به، ويسهر علي تربيته ؛ وذلك لعدم استطاعته القيام بنفسه بما يحتاج إليه في حياته الأولي، ومن ثم، لزم أن يكون هناك من يتولي حضانته. حق الحضانة: الأصل في الرعاية والحضانة أنها مشتركة بين اثنين:الرجل وزوجه، وما من عمل اشترك في أدائه اثنان، كل منهما يرجو نجاحه، إلا كتب له النجاح. ولكن قد تعترض الحياة الزوجية أمور تؤدي إلي الانفصال، فلا يمكن للصغير إلا أن يكون مع أحد أبويه، وهنا تكون الأم أولي بحضانته ؛ لأن المرأة أقدر علي تربية الطفل، وأدري بما يلزمه، وأكثر شفقة عليه، لكن النساء لسن في مرتبة متساوية في مقدرتهن علي حضانة الصغير، لذا فإن بعضهن أحق بها من بعض ؛ بسبب التفاوت فيما يملكن من شفقة وحنان وصبر علي التربية والدراية بفنونها وأساليبها. وقد وكل الإسلام القيام علي أمر تربية الصغير إلي أمه؛ لأنها ترضع، والصغير يحتاج إلي الرضاعة، ولأنها أكثر صبرًا علي مجاراة الصغير في طلباته الكثيرة وحاجاته العديدة، ولأنها تملك من الوقت الذي تستطيع أن تتفرغ فيه لرعاية الصغير، ما لا يملكه الزوج، ثم إنها بطبيعتها وما جُبلت عليه ستكون أكثر حنانًا، وأشد حبًا وارتباطًا بالصغير من الرجل. وقد أتت امرأة إلي النبي ( فقالت له: يارسول الله؛ إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء (أي حملته بطني، وضمه صدري، وسقاه ثدياي) وزعم أبوه أن ينزعه مني، فقال لها رسول الله (: (أنت أحق به مالم تنكحي) [أحمد، وأبو داود، والبيهقي]. فالطفل بطبيعته يقبل علي أمه للغذاء والرعاية أكثر من أبيه الذي لا يحقق له مباشرة حاجاته الغريزية، مع قدرتها علي العطف في مرحلة يكون الحنان فيها غذاء لا يقل عن أي غذاء ؛ لذلك فقد قرر الفقهاء أن حضانة الطفل تقتضي أن يظل في حضانة أمه سبع سنين، وأن تظل البنت في حضانتها تسع سنوات. وتري التربية الإسلامية أن حرمان الطفل من أمه والتفريق بينهما، من العوامل التي تؤثر عليه تأثيرًا سلبيَّا خلال السنوات الأولي من حياته، بل إن الإسلام قد حرم التفريق بين الولد وأمه صغيرًا كان أو كبيرًا، من غير ضرورة تقتضي التفريق بينهما ؛ فعن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ( يقول: (من فرق بين الوالدة وولدها؛ فرق الله بينه وبين أَحِبَّتِه يوم القيامة) [الترمذي وأحمد والحاكم]. والشرع الحنيف حين أعطي حق الحضانة للأم، لأنه يعلم جيدًا أن المرأة إذا استقامت فطرتها، وحسنت سيرتها، وصلح دينها، لم تمنع شيئًا لديها أن تعطيه لصغيرها ؛ كي ينمو سليم البدن والعقل والروح؛ فإنما صلاح الدين والدنيا بالأصِحَّاء الأقوياء، وقد جاء في الحديث الصحيح: (المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) [مسلم]. وهكذا نري أن الإسلام قد جعل حق الحضانة مشتركًا بين الصغير وأمه، وحق الصغير مقدم علي حق أمه؛ لأنها يمكنها التخلي عنه، ولا يمكنه ذلك، لذا، فالشرع قد يجبر الأم أحيانًا علي الحضانة إذا أبتها، ولم يكن بها موانع تمنعها من ذلك. شروط الحاضن: (1) الإسلام: فلا حضانة لغير المسلمة ؛ لأن الحضانة ارتباط بين الصغير وحاضنته، وهي في الأصل ولاية علي الصغير، والله - تعالي - لم يجعل للكافر حقَّا في الولاية علي مسلم، ولو كان صغيرًا {ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141]. (2)عدم الزواج: لأن الحضانة تقتضي وضع الصغير في مناخ يشعر فيه بالمحبة والتفرغ له، فإذا تزوجت الأم تغير ذلك المناخ، فوجب انتقال الحضانة من الأم إلي امرأة أخري غيرها، هذا مالم تكن الأم قد تزوجت أحدًا من محارم الصغير وأقاربه ؛ فإن الحضانة تصح مظنة أن يعطف عليه ويحبه. (3) الأمانة والخلق وحسن السيرة: فالمرأة الفاحشة المتفحشة غير مأمونة علي تربية الصغار، وكيف تؤمن علي صغير امرأة غير مأمونة علي نفسها ؟! (4) العلم بأصول التربية مع القدرة عليها: فكيف يُترك الصغير لأم جاهلة بكيفية رعايته، وتلبية احتىاجاته، وحسن تنشئته، وصلاح عقله ونفسه ؟! أم كيف يُترَك الصغير لامرأة لا تقوي علي أمره ؛ كفيفة أو مريضة أو قعيدة مشلولة، أو غيرهن ممن يحتجن في أنفسهن إلي من يرعاهن ويقوم علي أمرهن. (5) السلامة من الأمراض النفسية والعقلية أو الأمراض المعدية: فالمرأة التي تعاني من مرض نفسي أو عقلي - وإن كان ينتابها بعض الوقت - أو التي تعاني مرضًا معديًا، أو التي تعيش في مكان تنتشر فيه الأمراض المعدية، لا تصلح لرعاية الطفل الصغير. (6) البلوغ: فغير البالغة قليلة الخبرة والدراية، وتحتاج هي إلي من يقوم علي أمرها ويوجهها، فكيف ترعي شئون غيرها؟! (7) التفرغ لحضانة الصغير: إذ هو الأصل والعلة الأولي التي جعلت للأم حق الحضانة . وكل عمل تقوم به الأم، أو أي نشاط تمارسه - إلا إذا كانت مضطرة إلي ذلك - يكون من شأنه أن يقلل من عطائها لأبنائها واهتمامها بهم، فهو عمل أو نشاط غير مقبول ؛ لما يترتب عليه من حرمان الطفل حقه في الحب والرعاية، ومن مخالفة لفطرة المرأة ورسالتها التي جُبِلت عليها . دور الحضانة: الأصل أن تظل المرأة في البيت مشغولة بشئون أسرتها وبيتها، وإذا كان لابد من عمل خارج البيت، فلا بد أن يكون هذا العمل صالحًا. وعمل الأم لا يعطيها وقتًا كافيًا لتربية طفلها؛ لذلك فهي تلجأ إلي وسيلة أخري لرعايته، فتأتي بجليسة طفل (مربية)، أو تتركه عند الجدة - إن وجدت- أو لدي إحدي دور الحضانة . ولما كان هناك الكثير من العوامل المعوقة للأسرة في رعاية أبنائه، مثل: خروج المرأة إلي العمل ؛ فقد أصبحت دور الحضانة ضرورة من ضرورات الحياة الجديدة في المجتمع الحديث، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه مهما بلغت أوجه الرعاية التي تقدمها دور الحضانة، فهي لا تخرج عن كونها عوامل مساعدة للأم علي القيام بمسئولية التربية،،وليس الغرض منها أبدًا أن تحل محلها، أو تحمل عنها المسئولية. الطفل ودخول الحضانة : قبل ذهاب الطفل إلي الحضانة بمدة كافية، يجب علي الأم أن تهيئ طفلها للذهاب إليها، وتعده نفسيًّا لذلك، وتمدح أمامه بقدر الإمكان دار الحضانة التي سيذهب إليها ؛ كي يحبها ويقبل عليها دون خوف، بل وتحاول أن تذهب معه، خصوصًا في الأيام الأولي لدخوله دار الحضانة، وتشعره بالثقة والطمأنينة، وأنه في طريقه لقضاء وقت سعيد مع أطفال آخرين من نفس سنه. وكثيرًا ما يرفض الطفل -رغم كل هذه الإغراءات- الذهاب إلي الحضانة، وفي هذه الحالة يجب ألا تستعمل الأم القسوة مع طفلها، أو ترغمه علي الذهاب إلي دور الحضانة، ولكن عليها أن تعاود التجربة مرة ثانية، ويمكنها التغلب علي هذه المشكلة بالتدريج، وذلك بأن تترك طفلها يذهب إلي دار الحضانة مع أحد الأطفال الأكبر سنّا، والذين التحقوا بها قبله. ولإدخال السرور علي نفس طفلها تعطيه صندوقًا صغيرًا مغلقًا، وتضع له فيه مفاجأة سارة، وتطلب منه أن لا يفتحه إلا بعد وصوله هناك. وقد تتساءل إحدى الأمهات: إنني أقوم بكل هذه الأشياء، وعلي الرغم من ذلك يظل طفلي عنيدًا، ويرفض الذهاب إلي دار الحضانة، بل وتزداد حالته سوءًا، وقد يصل به الأمر إلي نوع من العصبية الزائدة، والخوف المستمر ليلا، إلي جانب اعتلال صحته، وعدم رغبته في تناول الطعام، أو الارتفاع المستمر في درجة حرارته وما شابه ذلك. في هذه الحالة تنصح الأم بإرجاء موضوع إدخال طفلها إلي دار الحضانة لفترة، ثم محاولة إدخاله الحضانة المرة تلو الأخرى، تحاول أثناءها معرفة الأسباب التي تؤدي إلي إصرار الطفل ورفضه دخول دار الحضانة، وتعمل علي أن يختلط طفلها شيئًا فشيئًا بعدد من الأطفال الصغار؛ حتى يتعود علي جو دار الحضانة فيما بعد، وكذلك يجب استشارة أخصائي نفسي، ليرشدها إلي العلاج الصحيح لهذه المشكلة. ولا ينتهي دور الأم بدخول طفلها الحضانة، بل عليها متابعته، فإذا كان يتناول طعامه في دار الحضانة، فعليها أن تعتني به من حيث احتوائه علي العناصر الغذائية الكاملة. وعلي الأم أن تكون علي علاقة طيبة بمشرفات الحضانة حتى يمكنها التعاون معهن علي التغلب علي المشكلات التي تواجه طفلها. اختيار دار الحضانة المناسبة: يجب علي الأم اختيار دار الحضانة المناسبة، خصوصًا وأن هناك بعض دور الحضانة الأجنبية ذات الطابع التبشيري، التي يكون لها آثار خطيرة علي أطفالنا ؛ وخاصة عندما يدرِّسون اللغة الأجنبية للصغار منذ نعومة أظفارهم، باعتبار أن اللغة وعاء لما يراد إكسابه من عادات أو ثقافات، في حين يؤكد التربويون علي ضرورة تأجيل تعلُّم أية لغات أجنبية حتى بداية الصف الرابع من المدرسة الابتدائية، حتى يتفرغ الطفل إلي تعلم لغته القومية وإجادتها وممارستها علي أسس سليمة صحيحة. وقد تتساءل الأم: ما أفضل دور الحضانة إذًا ؟ علي الأم أولا أن تسأل عن القائمين علي إدارة الحضانة من حيث مدي حرصهم علي أداء واجبهم، ومراعاة ضمائرهم، والتفاني في خدمة الطفل، حيث إن طفلها سيكون أمانة بين أيديهم، وعليها أن تدرك أن دار الحضانة المناسبة هي الدار ذات الموقع الممتاز الجيد التهوية، الذي تدخله الشمس باستمرار، والذي يتوافر فيه مكان واسع للعب الأطفال في الهواء الطلق، وقلة عدد الأطفال، مع توافر عدد مناسب من المشرفات المتخصصات، بالإضافة إلي الإشراف والعناية الصحية الملائمة. وعلي الأم أن تحرص علي إلحاق طفلها بدار الحضانة التي تتيح له فرصة أكبر للعب بأشكاله المختلفة، حتى يتمكن من النمو النفسي والعقلي والوجداني السليم، كذلك عليها اختيار دار الحضانة التي لا ترهق الطفل بالواجبات وأعمال الدراسة والحفظ؛ حتى يستطيع الطفل الاستمتاع بطفولته، كذلك التي تعمل علي تعريض الطفل في هذه السن لجميع أنواع المثيرات التي تفيده حسيًّا ووجدانيًّا، مع ضرورة وفرة الإثراء البيئي في بيئة الحضانة؛ لأن ذلك يساعد علي النمو العقلي للأطفال، ولا تنسي أن تحرص علي اختيار دار الحضانة التي تعمل علي تزويد طفلها بمعارف مبدئية عن الحلال والحرام، لتنمية الاتجاه الخلقي الصحيح لديه. ومن الناحية التربوية ينبغي أن تشبع دار الحضانة الناجحة رغبات الطفل وميوله وحاجاته، وتقدم المناهج التي تتناسب مع مداركه، كذلك تستكمل عملية التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة، فيتعود الطفل آداب السلوك الاجتماعي المقبول، والاعتماد علي نفسه في تصريف شئونه . بالإضافة إلي تعريف الطفل ببيئته الطبيعية، ومساعدته علي فهمها، وتجنيبه ما بها من أخطار عن طريق الملاحظة والمشاهدة. وتعتبر هذه الفترة فرصة لتعويد الطفل علي الآداب الإسلامية السامية، لهذا قالوا: التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر. والطفل لا يولد مزودًا بأية معرفة، ولا يعرف شيئًا عن الحياة، ولهذا فإن مسئولية الآباء كبيرة خلال هذه الفترة من عمر الطفل؛ لذلك يقع علي الأم العبء الأكبر في تربية الطفل، وذلك لأن الأب يكون مشغولا عنه لكثرة مهامه وأعماله، فإذا لم تقم الأم بهذا الواجب أو تخلت عنه، فإن الطفل ينشأ نشأة اليتيم، وإن كان أبواه علي قيد الحياة، يقول الشاعر: ليسَ اليتيمُ من انتهي أبواه من همِّ الحياةِ وخلّفاهُ ذليـــلا إن اليتيمَ هو الذي تَلْقَــــي له أُمَّا تَخَلَّتْ أو أبًا مشغولا