أثينا هي الأرض التي إحتضنت أول بذره
للفلسفه. وفيها كبرت شجرة الفلسفه وتفرّعت وأورقت. كانت أثينا أرضاً يزدهر
فيها العلم بجميع أشكاله. كانت أرضاً للعجائب في ذالك الوقت, فقد كانت دولة
حربٍ وسلم . إجتمع بها الناس على إختلاف مشاربهم. وكانت أسواقها ومسارحها
منبعاً لفنونٍ عدّه مثل الخطابه والفن وجميع أنواع العلوم. وكان لانتصار
أثينا على حكم الفرس دوراً هاماً في إقبال الإغريق على العلوم بنهم شديد
فقد أحسّوا باهمية بناء العقل وتغذيته بالعلوم…كانت أثينا في القرن الخامس
قبل الميلاد مركزاً للعلوم وجميع أشكال المعرفه. واكنت مركزاً تجارياً
هاماً في ذالك الوقت حتى بعد ان فقدت سيطرتها السياسيه. وهذا بالتأكيد كان
له الفضل في إخراج العديد من الفلاسفه العظماء على مر القرون..
بعض فلاسفة العصر الأغريقي:
هنا
سنعرض مختصراً لآراء بعض الفلاسفه في العصر الأغريقي. وهذا العرض لا يغني
عن الرجوع إلى مراجع أكثر تعمّقاً في حالة الرغبه في الإلمام بشكل تفصيلي
عن آرائهم.
1/ طاليس (Talis).
كان
الفيلسوف طاليس ممن يعتقدون بأن الماء هو المكون الرئيسي لكل ماده في هذا
الكون, وأن الماء أصل كل شيء. يرى طاليس بأن الآلهه تسكن كل شيء وهو من
تنسب له المقوله التاليه " إن كل الأشياء مليئه بالآلهه". كان هذا الفيلسوف
رحّال كثير التنقل من بلد لآخر رغبتاً في نشر ما يؤمن به من أفكار
ومعتقدات, ولانه كذالك يرى في التنقل والسفر فرصه لمعرفة المزيد من خلال
التعرف على الثقافات الأخرى وخالطتها ومعرفة معتقداتها ومقارنتها بما لديه.
ومن المهم أن نشير إلى أن طاليس حسب رأي أرسطو في كتابه ( النفس ) هو أول
الفلاسفة اليونان.
2/ أنكسيمندريس.
أحد
الفلاسفه المعاصرين للفيلسوف طاليس. كان يختلف في أشياء كثيره عن طاليس
رغم معاصرته له وتاثره بما لديه من أفكار وفلسفه. كان يرى بان هناك ماده
واحده لأصل الكون ولكنّه لم يشر إليها. كان هذا الفيلسوف يرى بان هناك كثير
من العوالم وأننا نعيش في أحدها. وأن هذه العوالم تولَدْ مما يسمّيه
اللامحدود ومن ثم تعود هذه العوالم لتفنى في هذا اللامحدود الذي لم يبيّنه.
3/ أنكسيمانس(570-526 ق.م).
هذا
الفيلسوف كان يرى غير ما يراه الفلاسفه السابقين. حيث أنه يرى ان الهواء
فقط هو أصل الأشياء. ولكن وبالرغم من هذا إلا اننا نجد أنه قد إتفق مع
طاليس و إنكسيمندريس على أن هناك ماده واحده فقط التي تعتبر أصل الأشياء.
أي أنه إختار ماده واحده من المواد الأربع التي ذكرناها مسبقاً وهي الماء
والنار والهواء والتراب.
ملاحظه:هؤلاء الثلاثة (طاليس-انكسيمندريس-انكسيمانس) يسمون بفلاسفة إيونيا أو ( ملطية (
4/ أناكساجوراس Anaxagoras (500-428 ق.م)
-هذا
الفيلسوف كان من أحد أساتذه الزعيم الأغريقي (بيريكليس). وهو الذي فطن إلى
فكرة وجود العقل الأكبر الذي يسيّر ويحرك الأمور الدنيويه. وهو أول من قال
بأزلية الماده وسرمديتها, وأنها لا تفنى. وقال كذالك بان الوجود يتكون من
ماده تتكون من خليط من الذرات وصفها بالعقل الأكبر.
5/ أمبيدوكليس Empedocles (455-430 ق.م)
-يرجع
هذا الفليلسوف في أصله إلى مدينة أكراجاس (Acragas) وهي أحد المستوطنات
الأغريقيه في صقلّيه. كان فيلسوفاً وشاعراً ورجل سياسه فقد كان زعيماً
للحنحل الديموقراطي في مدينته. يعتبر إمبيدوكليس من أوائل الفلاسفه
القائلين بأن الوجود يتكون من أربعة عناصر. وهنا يقصد, النار والهواء
والتراب والماء. يقول هذا الفيلسوف بان الماده المكوّنه للكون تتكون من هذه
العناصر الأربعه وأن إختلاف ظهور هذه الماده وشكلها يعود لإختلاف تمازج
هذه العناصر الأربعه بعضها ببعض. وقد طرد إمبيدوكليس من بلده بسبب آرائه
الفلسفيه والسياسيه.
6/ ديموقراطيس أو ديموكراتيس (470- 380 ق.م)
-أحد
مواطني أبديرا وهي مدينه في الشمال اليوناني. يرجع إليه الفضل في تطوير
نظرية الذرات (atoma). كان هذا الفيلسوف العظيم مادياً في تفكيره وملحداً
بجميع الألهه الأغريقيه. دعا الناس إلى نبذ الأساطير الدينيه وحثّهم على
إتباع ما يقوله العقل ويشعر به عن طريق التفكير العميق والإدراك الحسي. وهو
بناءاً على هذا يعتبر من الفلاسفه الطبيعيين الذين إهتموا بالماده
والطبيعه في دراساتهم وتأملاتهم.
7/ فيثاغورس Pythagoras (576-497 ق.م)
من
مواطني جزيرة ساموس (Samos). وأول من قال بكروية الأرض. إعتقد فيثاغورس
بخلود الروح وأنها تنتقل من جسد إلى آخر بعد موت الجسد الذي كانت تسكنه.
وقال كذالك بأن الأرواح الشرّيره تسكن الحيوانات لذالك حرّم على أتباعه أكل
اللحوم. ولكن هناك شك في نسب هذه النظريه له لأن الكثير من الفلاسفه يرون
هذه النظريه في تنقل الأروح قريبه من الفلسفه الهندوكيه. إهتم فيثاغورس
بالرياضيات والفلك وأبدع فيها وله تنسب العديد من القوانين الرياضيّه.
8/ هيرقليطس (540-480 ق.م)
فيلسوف
عظيم. ولد في أفسوس في آسيا الصغرى. ينتمي لعائله أرستقراطيه. ويذكر بأنه
عيّن كبيراً للكهنه في عصرهولكنه رفض المنصب (لأنه فيلسوف طبعاً). قال عنه
سقراط " إن ما فهمته من كتبه شيء عظيم, وما لم أفهمه شيء عظيم كذالك…".
هيرقليطش هو أول فيلسوف مذهبي نسقي. فهو أول من أدرك أن الفلسفه ليس لها
موضوع محدد وقال بانها طريق لا نهايه له. من أفكاره الفلسفيه, أن كل
الأشياء في تغيّر مستمر ومتواصل. ويرى كذالك أن الحريه هي جوهر الإنسان.
يقول هذا الفيلسوف واصفاً فلسفته وممارسته لها " لقد نقبّت عن نفسي…". ومن
أقواله أيضاً" هناك تبادل. فكل الأشياء للنار والنار لكل شيء, مثلما يتم
تبادل السلع بالذهب والذهب بالسلع…". وهو بهذا القول يرى أن النار رمزاً
للتكامل. لهذا فأنه يوّحد بينها وبين الأرباب أو ماهو إلهي.ومن مقولات هذا
الفيلسوف الرائع: (( إنك لا تستطيع أن تنزل إلى النهر مرتين )) , وهذه
عبارة تؤكد مذهبه في الصيرورة والتغير الذي كان ردة فعل على مذهب (
بارمنيدس ) صاحب الثبات .. فنحن لا ننزل النهر إلا مرة واحدة , لأنه في
المرة الثانية يتغير حسب ما يعتقده هيرقليطس.
9/ ( بارمنيدس) :
أحد
أعظم الفلاسفة الأوائل , فهو من أعظمهم وأهمهم من الناحية الفلسفية
الخالصة , فهو أول فيلسوف يبحث بحثاً حقيقياً وجدياً عن ( ما وراء الظاهر )
.. عن ( الحقيقة الثابتة ) , والوجود الثابت .. باعتبار الوجود والحقيقة
متطابقين … والميتافيزيقا " التصورية " التي مهد لها سقراط , وأرسى دعائمها
كلاً من أفلاطون وأرسطوطاليس مدينةٌ بالفضل إلى هذا التقسيم الوجودي (
الأنطولوجي ) عند بارمنيدس : ظاهرة + حقيقة .
الظاهرة أو الظاهر
متغير , لذا فهو لا يصلح أساساً للعلم والمعرفة , لأنه وجود زائف , وأما
الوجود الحقيقي فهو الثابت الذي يكمن وراء الظاهر , وعليه يجب تأسيس العلم .