كلنا
كآباء وأمهات مررنا بهذا الموقف، حيث نعود إلى المنزل ينتابنا الشعور
بالتعب والجوع ونحتاج إلى أخذ حمام وإعداد وجبة العشاء أو مجرد أخذ استراحة
قصيرة! ثم تظهر مشكلة: أطفالنا تريد بعض التسلية والترفيه. الحل هو:
التليفزيون!
مشاهدة التلفزيون لمدة قصيرة لا
تشكل أى ضرر، وإنما أصبح التليفزيون في عصرنا الحديث بمثابة "المربية
الافتراضية" لكثير من الآباء والأمهات. فالأطفال تأكل وتلعب وتقرأ أمام
التلفزيون مما أدى إلى جلوسهم ساعات طويلة من المشاهدة في كثير من الأحيان.
ماهي المشكلة؟
المشكلة
تكمن في أن مشاهدة التلفزيون تأخذنا بعيداً عن التواصل مع بعضنا البعض وهو
الأمر الذي يحتاجه الطفل للتعلم والنمو. وفي واقع الأمر، توصي الأكاديمية
الأمريكية لطب الأطفال بعدم تعرض الأطفال تحت سن سنتان إلى التليفزيون. كما
أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن كل ساعة في اليوم يقضيها أي طفل تحت سن 3
سنوات أمام التليفزيون تزيد من خطر إصابته باضطرابات الانتباه وفرط النشاط
ADHD بنسبة 10%، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن مخ الطفل في المراحل الأولى
من عمره لا يزال في طور النمو. فالفص الجبهي المسئول عن الذاكرة وحفظ ما
يدور حوله لم يكتمل بعد، لذا فإن التليفزيون بمشاهده وصوره المتغيرة والتي
تُستقطع من خلال الإعلانات التجارية تبدو وكأنها مشاهد منفصلة بلا مغزى أو
صلة حقيقة بالطفل.
هل
تتذكرين حلقات "بيبي أينشتين" Baby Einstein وأشرطة الفيديو التعليمية
التي يلهث وراءها الجميع؟ في الحقيقة لم يثبت من خلال أي بحث علمي أن هذه
الأشرطة التعليمية قد أفادت الأطفال على الإطلاق. على العكس، فقد أظهرت
الأبحاث أن مشاهدة الأطفال في سن 8-18 شهر للمواد الترفيهية للصغار له صلة
وثيقة باحراز درجات متدنية في اختبار تطور اكتساب اللغة لدى هذه الفئة
العمرية. بينما لم تُلاحظ أية آثار جوهرية على الأطفال في سن 17-24 شهر
سواء إيجابية أو سلبية.
ومن
الجدير بالذكر أنه في عام 2009 عرضت شركة والت ديزني إمكانية إسترداد
المبالغ ا للآباء الذين اشتروا أشرطة فيديو "بيبي أينشتين" Baby Einstein
والتي لم تفيد أطفالهم ولم تجعلهم الأذكى على الإطلاق!
غير
أنه قد أشارت بعض النتائج إلى أن القراءة لطفلك يومياً وسرد الحواديت له
ارتباط بارتفاع نسبة الدرجات اللغوية التي يحصل عليها الأطفال الصغار، حيث
أنهم يحتاجون في هذه المرحلة إلى التفاعل مع الآخرين كوسيلة للتعلم.
وتتطابق هذه النتائج مع ما توصلت إليه د. باتريشيا كول أستاذة الصوتيات في
إحدى تجاربها الشيقة عن تطور اللغة والتي أظهرت أن الأطفال الرضع يكتسبون
الأصوات اللغوية من شخص ما وليس التسجيلات الصوتية أو المرئية، حيث عرّضت
بعض الأطفال الصغار إلى شخص يقرأ قصة باللغة الصينية، أو الاستماع إلى
تسجيل صوتي لشخص يقرأ بعض الكتب، أو يشاهد شريط فيديو لشخص يقرأ قصة باللغة
الصينية. وجاءت النتيجة إلى أن الأطفال قد تعلموا الصوتيات الصينية من
الشخص الذي كان يقرأ عليهم القصة بنفسه.
إذن،ماالذي يمكن أن نقوم به؟
قراءة
القصص والغناء مع طفلك. حيث تساعد هذه الممارسة على تطور اللغة وزيادة
نسبة الانتباه لدى الأطفال، كما أنها الخطوة الأولى للتعلم.
استخدمى
بعض اللعب التى تحتوى على الأنشطة مع طفلك. فمن خلال الاستكشاف والضغط على
المفاتيح، إمساك وجذب الأشياء يستطيع الطفل تطوير مهاراته الذهنية،
ومهاراته الحركية الدقيقة والكبيرة إلى جانب فهم الأسباب ورد الفعل للأشياء
والاستمتاع بهذه الممارسات.
إذا
كان طفلك متعِب في الأكل، قومي بإطعامه أثناء الوجبة الرئيسية للأسرة. حيث
أن الطفل عندما يتعود على رؤية أبويه وهما يجلسان معه على مائدة الطعام قد
يتعلم آداب الطعام وأسلوب الأكل السليم.
إجعلي
طفلك يلعب ببعض علب الثلاجة وأنتما في المطبخ. فهذا النشاط يعزز من قدرات
الطفل على الإحساس بالأحجام وذلك من خلال وضع العلب داخل بعضها البعض
وتنمية مهاراته الحركية الدقيقة والكبيرة عند إمساكه بالأشياء ووضع الغطاء
على العلب ونزعه مرة أخرى.
إشركي
طفلك الصغير في مرحلة ما قبل المدرسة في الأنشطة المنزلية اليومية. فأثناء
الطهي، يمكن للطفل أن يقشر البصل أو يساعدك في صب السوائل. وإذا كنت ذاهبة
للتسوق يمكنه مساعدتك في إيجاد الأشياء المدونة في قائمة المشتروات على رف
المتجر. هناك العديد من الاختيارات! وتذكري أن ما تفعلينه أنت في بضع
دقائق قد يستغرق وقتا طويلا من التسلية بالنسبة للطفل وتجربة تتسم بمتعة
التعلم.
ولابد
أن أنوه بأن مشاهدة التليفزيون ليست كلها سيئة بشكل مطلق، لأن هناك برامج
رائعة تتضمن الكثير من الجوانب التعليمية بالنسبة للأطفال.
كيفية اختيار البرنامج التليفزيوني المناسب:
أولاً
يجب مراقبة ما يشاهده الطفل، تجنبي البرامج التي تحتوى على العنف أو
المشاهدة السئية. فقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يتعرضون لمشاهد العنف
في التليفزيون قد يصابوا بعدم المبالاه من هذه المشاهد وبالتالي يبدؤا في
تقبل العنف بشكل تدريجي كوسيلة لحل المشاكل.
بالنسبة
للأطفال أقل من 3 سنوات، يجب اختيار البرامج التي لاتحتوي على مشاهد
متغيرة أو ذات الخلفيات المشوشة غير الواضحة. فالاختيار الأفضل دائماً هو
البرامج التي لها خلفية ثابتة وشخصية رئيسية تتحدث مباشرة إلى الطفل مع بعض
الأشكال التي تظهر على الشاشة بشكل واضح. فهذا النمط يساعد طفلك في
الاستمرار في التركيز على الشخصية ويمكنه فهم الكلمات التي يتم ترديدها
بشكل واضح مثل "موزة" ثم يرى صورة الموزة تظهر على الشاشة أمامه وبالتالي
يستوعب الصلة التي تربط بين الأشياء.
كيفية مشاهدة التليفزيون مع طفلك:
يمكن
أن تكون مشاهدة التليفزيون بمثابة تجربة جيدة وليست سيئة. فيمكنك مشاهدة
البرامج مع طفلك وتشجيعه على الغناء والرقص مع الشخصيات التي تظهر في
البرنامج.
إسألي
طفلك عما يشاهده؟ ماذا يتوقع من الأحداث؟ يمكنك أن تشيري إلى أشياء جديدة
لم يعرفها من قبل. فهذا يساعد على تحويل مشاهدة التليفزيون إلى نشاط مشترك
بينكما وفرصة لتعليم الطفل كلمات جديدة.
استخدمي كلمات جديدة ومضحكة قد سمعتها في التليفزيون.
بعد مشاهدة التليفزيون، يمكنكما ممارسة أحد الأنشطة مثل الرسم أو عمل رحلة لمشاهدة الأشياء التي تعلمتماها في البرنامج.