بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه وبعد :
الدعاء من أعظم القرب إلى الله، بل هو روح العبادة وخلاصتها لقوله صلى الله عليه وسلم "اَلدُّعَاءُ مُخُّ اَلْعِبَادَةِ"، وخالصُ كلِّ شيءٍ مُخُّهُ كما قال أهل اللغة، فسمى الله الإيمان كله والعبادة بالدعاء فقال عز وجل ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَولا دُعَاؤُكُمْ﴾ . ويكفي أن نذكّر أن أعظم عبادة ـ وهي الصلاة ـ معناها الدعاء.
وقد أثنى الله على أنبيائه فقال: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ويَدْعُونَنَا رَغَبًا ورَهَبًا وكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ أي كان حالهم المسارعة في الخير والدعاء لربهم رجاء وخوفا مع ثبات القلب على الخضوع له عز وجل، فعبر عن فعلهم بصيغة الحال:"يسارعون" و"يدعون"، بمعنى أن عملهم هذا كان ورْداً يداومون عليه وذلك بسبب خشوعهم ولزومهم مراقبة ربهم، بسبب تمكنهم في مقام الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يراك" .
فالدعاء ورد المحسنين الخاشعين، وأكمله ما كان لدى ملائكته ورسله، لأنه دعاء شامل جامع، يشمل الداعي وغيره من عباد الله، ويجمع بين خيري الدنيا والآخرة رغبا، والتعوذ من شرّيْهما رهبا. وقد بسط الله عز وجل في مواضع عديدة من كتابه الحكيم أدعية أنبيائه وأثنى عليهم لذلك، وبسط سبحانه في سورة 'غافر' ورد ملائكته مِن حملة العرش ومَن حوله من الملائكة الكُروبيين فقال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ومَنْ حَولَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ويُؤْمِنُونَ بِهِ ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وعَدْتَهُمْ ومَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وأَزْواجِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ومَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَومَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وذَلِكَ هُوالْفَوزُ الْعَظِيمُ (9)﴾ .
هذا ما نطلق عليه "ورد الرابطة" لأنه سبب يربط أهل السماء بأهل الأرض، ومؤمني الدنيا بمؤمني الآخرة، ويربط السابقين باللاحقين مهما تباعدت الجسوم والأماكن، ينطلق الداعي من بث حاجته إلى بث حوائج غيره من ذوي القرابة الروحية والطينية كما هو شأن حملة العرش ومن حوله، فقد استفاد أهل التفسير من هذه الآيات أن نتخلق بخلقهم هذا فقال بن كثير: (يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حَمَلة العرش الأربعة، ومن حوله من الكروبيين، بأنهم يسبحون بحمد ربهم، أي: يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح، {ويُؤْمِنُونَ بِهِ } أي: خاشعون له أذلاء بين يديه، وأنهم { يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } أي: من أهل الأرض ممن آمن بالغيب، فقيض الله سبحانه ملائكته المقربين أن يَدْعُوا للمؤمنين بظهر الغيب، ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام، كانوا يُؤمِّنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب، كما ثبت في صحيح مسلم: "إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله")م 4 ـ ص:130.
وقال في البداية والنهاية :(ولما كانت سجاياهم هذه السجية الطاهرة كانوا يحبون من اتصف بهذه الصفة فثبت في الحديث عن الصادق المصداق أنه قال " إذا دعا العبد لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك بمثل ")ج1ـ ص:52.
وقال أحمد بن عجيبة رحمه الله في تفسيره: (وفي الآية حث على الدعاء للمؤمنين بظهر الغيب،والاستغفار لهم، وهو من شأن الأبدال، أهل الحرمة لعباد الله، اقتداءً بالملأ الأعلى.
همسة حياة عضو موهوب
المشاركات : 451السٌّمعَة : 6بـــلادي :
موضوع: رد: دعاء الرابطة الثلاثاء مارس 06, 2012 5:48 pm
موضوع: رد: دعاء الرابطة الثلاثاء مارس 06, 2012 5:51 pm
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..دائما متميز في الانتقاءسلمت يالغالي على روعه طرحكنترقب المزيد من جديدك الرائعدمت ودام لنا روعه مواضيعك
موضوع: رد: دعاء الرابطة الإثنين مارس 12, 2012 12:53 pm
saso0o كتب:
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..دائما متميز في الانتقاءسلمت يالغالي على روعه طرحكنترقب المزيد من جديدك الرائعدمت ودام لنا روعه مواضيعك