هل تبحث عن السعادة
بالتأكيد نعم !.. فمن الذي لا يبحث عنها؟... كلنا نريد أن نكون سعداء ..
ولكن المشكلة تكمن في أن الكثير منا يبحث عنها في المكان الخطأ.. ولأضرب
على ذلك مثلا أوضح من الشمس ...
دائما أقف مبهور امام قصة ذلك المغني الأسطورة .. ملك الروك أند رول..
الشاب الذي قلب موازين الغناء وسبب رجة وضجة لم يكن لها مثيل في زمانه..
الفس برسلي.. ودعوني أسرد لكم ما كان لدى الفس من نعم : شاب جميل الشكل،
بصحة وعافية ، غني جدا ، لديه من النساء ما يريد وأوتي زوجة من ملكات جمال
العصر، شهرته وصلت مشارق الارض ومغاربها ،لديه من البيوت والسيارات
والجواهر والملابس مالا يعد ولا يحصى... باختصار أوتي - بمفهوم الدنيا- كل
شئ ..نعم كل شئ ... ومع ذلك... مع كل هذه النعم .. مع كل هذه المتع ، هل
تعلمون كيف مات الفس؟؟ .. مات –أعاذنا الله وإياكم- في حمام بيته من جرعة
مخدرات زائدة !! مات كئيبا حزينا وحيدا مهموما !!! ... كيف؟ .. كيف يمكن
لمن ملك الدنيا وما فيها أن يموت بهذه الطريقة ؟ .. السبب أن الفس – وغيره
كثير – بحث عن السعادة في الأماكن الخطأ ... بحث عنها خارج نفسه ... بحث
عنها في الماديات فقط لا غير ... فكانت النتيجة اكتئاب وفراغ ليس له مثيل
... وإني أرى قصة الفس تتكرر في عدد لا بأس به من الشباب المسلمين المترف
... شباب أوتي الدنيا ما فيها ومع ذلك بات حزينا كئيبا!
فما هو الحل إذن ...؟ ... كيف لكل واحد منا أن يحصل على تلك السعادة المنشودة؟
--------------------------------------------------------------------------------
هل تبحث عن السعادة
آمل أن نكون وضحنا بما لا يترك مجالا للشك أن متع الدنيا الظاهرة لا تسبب
السعادة ، بل إن الاستزادة منها قد تؤدي إلى عكس المرجو وتسبب اكتئابا
وحزنا ، وضربنا على ذلك مثل المطرب إلفس بريسلي..
والآن الحل......الحل ييلخص في كلمات بن تيمية الجميلة والتي يجب أن تعلق
بحروف من ذهب في غرفة كل شاب وشابة.....يقول بن تيمية – بعد أن زج في السجن
من قبل أعدائه - :
مايصنع أعدائي بي؟!! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت، فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة
فائدتين رئيسيتين من هذا الكلام الرائع :
1- البحث عن السعادة يجب أن يكون في الداخل...داخل النفس...السعادة لن تأتي
بكثرة السيارات والنساء والقصور ، وإن أحسست بنشوة عند الحصول على هذه
الأشياء فما هي إلا متعة زائفة أو مؤقتة تتبعها عادة حالة فراغ
واكتئاب....فكم من غني مات كئيبا وكم من فقير عليل معدم مات سعيدا !
2- تحويل المحن إلى منح....الاستفادة من أي تجربة يمر بها الانسان وهو المبدأ النبوي (تفاءلوا بالخير تجدوه)...
ولأضرب مثل واقعي جدا في حياتنا اليومية....أنت في السيارة والشوارع زحمة
ويبدو أنك ستكون في السيارة لمدة 30 دقيقة قادمة....فأمامك عدة خيارات :
إما أن تقضي الوقت في شتم ولعن وسب كل من يأتي أمامك في الشارع ..أو أن
تبدأ في الشكوى على سوء تنظيم الطرق وعلى جهل السائقين...وهذان خياران
سيؤديان إلى رفع ضغط الدم والعصبية والغضب...وهذه ظواهر أبعد ما تكون عن
السعادة التي نبحث عنها....أو لديك خيار آخر...أن تستفيد من هذه التجربة في
اختبار وتدريب خصلة الصبر لديك....فبدون زحمة كيف يمكن أن تختبر صبرك
وحلمك على الناس ؟!...الأمر لك وبيدك أنت الخيار في كيفية التفاعل مع
الظروف حولك....
ليس معنى ذلك أن السعيد لا يحزن ولا يغضب ولا يقلق أبدا !..فهذا
مستحيل...وإنما هو الذي يكون في أغلب أوقاته وأحواله مطمئن وسعيد...أما
حالات القلق والحزن وغيرها فتأتي وتمر مرور الكرام بدون اطالة....
اللهم انا نسألك السعادة في الدارين...في الدنيا والآخرة...
--------------------------------------------------------------------------------
هل تعلم أن : كتاب القانون لابن سينا كان هو المرجع الأساسي للأوروبيين في الطب لمدة 600 سنة !
هل تعلم أن : مكتبة الخليفة الأموي في قرطبة كانت تحوي على أربعائة ألف
كتاب (وفي رواية مليون كتاب) وكانت واحدة من سبعين مكتبة في قرطبة
وحدها...هذا في الوقت الذي كانت فيه أكبر مكتبة في أوروبا لا تحتوى على
أكثر من 400 كتاب فقط لا غير!
هل تعلم أن الحضارة الغربية لم تبنى إلا على حركة غزيرة في ترجمة الكتب من
العربية إلى باقي اللغات ابتداء من القرن السادس عشر تقريبا.....ترجمت
الكتب خاصة التي كانت في الأندلس والعراق وعلى أساسها بدأت الثورة العلمية
والثقافية والصناعية في أوروبا وتبعا لها في أمريكا....
وفي المقابل - ومع الأسف - هل تعلم :
بأن الكتب التي ترجمت للعربية في الألف سنة الماضية أقل من عدد الكتب التي تترجم للأسبانية في أسبانيا في عام واحد فقط !!!.....
أنا على قناعة تامة بأن أمتنا لن تنهض إلا عندما تصبح القراءة وحب الاطلاع
سمة وصفة من صفات الشباب...لذلك دائما أحرص على ذكر بعض الكتب المفيدة من
خلال حلقات يلا شباب...وسيكون للقراءة وأهميتها نصيب مستمر من كتاباتي في
هذا الركن بإذن الله....
ومما يلفت النظر ويدعو إلى الحسرة أن القراءة ليست جزءا أساسيا من حياة
أغلب الشباب المسلم اليوم.....وقد رأيت خلال زيارتي لأمريكا الكل
يقرأ.....يقرءون في المطارات ، في القطارات ، في المطاعم ، على البحر ،
الكثير يحمل معه كتاب ليقرأه في وقت الفراغ.....كما أننا زرنا مكتبة
الكونجرس ورأينا فيها عشرات الملايين من الكتب وهي مفتوحة لعامة الشعب...
ومن المحزن أن تنقلب الآية في زماننا هذا....وعلى شباب اليوم تقع المسئولية في اعادة احياء تراث حب العلم والتعلم.....
يجب أن نعلم أن التقدم الذي نراه في الغرب لم يأت من فراغ ولم يأت
صدفة....ويجب أيضا أن نؤمن أن اعادة الحضارة الإسلامية لن يأت صدفة ولن يأت
بين يوم وليلة...وإنما مطلوب العلم أولا...سواء علم الدين أو الدنيا ،
ومطلوب أيضا العمل بهذا العلم.
وستكون لي مقالات قادمة تعالج كيف يمكن للشاب أن ينمي حب القراءة ، وما هي أفضل الطرق للقراءة...
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة
عندما تولد يا ابن ادم يؤذن في اذنك من غير صلاه... وعندما تموت يصلى عليك
من غير اذان... وكان حياتك ليست سوى الوقت الذي تقضيه بين الاذان والصلاه.