يوم سئ في ذاكرة عمار
عمار صبي في التاسعة من العمر ، مرتب ومنظم ، يستيقظ كل صباح ، يصلي الفجر ،
ويتناول إفطاره وكأس الحليب الدافئ ويرتدي ثياب المدرسة ثم يتناول حقيبة
الدراسة التي اعد برنامجها في الليلة السابقة ويذهب للمدرسة .. وهو طالب
مجتهد ، يحل واجباته المدرسية ، ويحضر دروسه ، ويحرص على زيارة المكتبة
العامة آخر الأسبوع واستعارة كتب تساعده في زيادة مداركه ومعرفته .عمار صبي
ذكي يتقن لعبة الشطرنج ويفوز على أقرانه فيها ، وهو حارس مرمى ماهر أيضا ،
قادر على صد أقوى الركلات حتى تلك التي تضربها قدم همام قلب هجوم المدرسة
المنافسة لهم ...
ذات يوم يحضر أبو عمار حاسوبا للبيت مكافأة لولده الذكي لانه تفوق في
دراسته ، وشبك الجهاز على ( الإنترنت ) وسمح لعمار باستخدام الجهاز ساعة
يوميا بعد أن ينهي دراسته ، فرح عمار بهدية والده ، وكان يتمتع باللعب على
الجهاز أوقات فراغه
سافر والد عمار إلى العاصمة لينهي بعض الأعمال المتراكمة وخبر العائلة انه
سيتغيب تلك الليلة عن البيت ، في ذلك اليوم شغل عمار جهاز الحاسوب بعد أن
عاد من المدرسة وشبك على ( الإنترنت ) بعد أن خبر والدته انه سيبحث عن
موضوع لمادة العلوم ، وبدأ بتحميل برامج العاب قدم له صديقه روابطها ..
يحمّل اللعبة ، ينزلها على الجهاز ويبدأ اللعب .. ساعة ، فأخرى .. وينتصف
الليل وعمار جالس خلف الحاسوب
إنها السابعة إلا ربع ، استيقظ عمار هلعا ، لقد تأخر ، ارتدى ملابس المدرسة
، وخرج قبل أن يصلي الفجر ، ودون أن يغسل وجهه ، وركب باص المدرسة ، حين
وصلها دخل صفه ، كم يشعر بالنعاس ، الأستاذ يشرح ، لكن عمار لا يفقه شيئا ،
يتثاءب بكسل .. ما أجمل النوم – يهمس لنفسه - ، يفيق على صوت الأستاذ ،
هيا يا أولادي اخرجوا الواجب .
الواجب ؟! أخ نسيت ... يقولها عمار في نفسه .. يتنبه الأستاذ للفتى فيقول له : عمار ، هل هناك شئ ؟؟
لالالالا يا أستاذ فقط ابحث عن دفتري ، فتح حقيبته ، فتش بين الكتب .. يا ويلي إنها حقيبة أختي لميس !!! لقد أخذ حقيبة أخته بالخطأ
الأستاذ يقول : من لم يقم بحل الواجب فليخرج عندي
لم يتقدم نحو الأستاذ إلا عمار .. نظر الأستاذ للفتى المجتهد باستنكار ..
وبدل أن يوبخه انطلقت منه ضحكة كبيرة طويلة ، ما لبثت أن شاركتها ضحكات
بقية الصف ... كلهم ينظرون لعمار ويضحكون ... نظر بهم متشككا ثم تأمل قميصه
، لا شئ خطأ ، بنطاله ، انه مكوي نظيف ، قدماه ... يا الهي ، ما هذا ؟؟
لقد نسي عمار ارتداء نعليه .. غصة متألمة في حلقه وعيناه تحبسان دمعهما
بحرقة ، يشعر بالخزي ، .. كم يتمنى لو كان يحلم