هل الحلم والتسامح ضعف
من المعروف أن الحُلم ضده الغضب , فقد ورد في السُنّة المطهرة أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له أوصني , فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ( قال لا تغضب ) فردد مرارا لا تغضب ,
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق )
والقرآن ورد فيه قصة عبدالله بن أم مكتوب مع النبي صلى الله عليه ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) والقصة معروفة .
وكذلك ورد ( ما كان الرفق في شي إلا زانه )
ـ يقول الله تعالى في كتابه الكريم ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
ـ وهدوا إلى الطيب من القول و هدوا إلى صراط الحميد
1 – عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق و إن الله يبغض الفاحش البذيء
2 – عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا زعيم بيت و ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا و ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا و ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .
3 – عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون* المتشدقون* و المتفيهقون *
(( الثرثارون : كثير الكلام تكلفا , المتشدق : المتطاول على الناس بكلامه و يتكلم يملئ فيه تفاصحا و تعظيما لكلامه , المتفيهق : الذي يملأ فمه بالكلام و يتوسع فيه و يغرب به تكبرا و ارتفاعا و إظهارا للفضيلة على غيره ))
4 – عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأشج عبد القس إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم و الأناة
وقال أيضا : إن الله رفيق يحب الرفق و يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف و مالا يعطي على ما سواه
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه و لا ينزع من شيء إلا شانه .
5 – ورد في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوى بها في النار سبعين خريفا و إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيرفع بها في عليين
6 – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت .
7 – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه و سلم أوصيني , قال (( لا تغضب )) فردد مرارا قال ((لا تغضب ))
السؤال
هل الحلم والتسامح اصبح ضعف يراه البعض
واصبح ضعاف النفوس يتجرؤون على الحليم
وانا هنا اذكر الحليم بأن لا يجتر وراء من يريدون ان يفقدوه خصله من خصال الفضيله
وله في معن ابن زايده خير مثل
وقيل ;كان معن بن زائده رجلا حليما سخيا كريما جواداكثير العقل سديد الراي فشاع بين جماعه من العرب انه لايقدر احد من خلق الله تعالى على اغضابه لكثرة عقله وحلمه . فقال اعرابي منهم انا اقدر على اغضابه فقالوا له ان فعلت ذلك كان لك علينا مائة ناقه حمراء ,فدخل عليه وقت جلوسه وامتنع بان يسلم عليه ثم انشده هذه الابيات:
اتذكر اذ لباسك جلده شاة واذ نعلاك من جلد البعير
فقال معن اذكر ذلك ولا انساه,
فقال الاعرابي ثانيا
فسبحان الذي اعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير
فقال معن ذلك من فضل الله لا من فضلك يا اخا العرب
, قال الاعرابي ثالثا
فلا والله ما عشت يوما على معن اسلم بالامير
فقال معن يا اخا العرب السلام سنة من سنن الاسلام فلو نطقت بها لاجرت وان تركتها اثمت ,
فقال الاعرابي رابعا
سارحل عن بلاد انت فيها ولو جزت الشام مع الثغور
فقال معن يا اخا العرب ان سكنت لم تلق منا الا خيرا وان رحلت فمصحوبا بالسلامة
,فقال الاعرابي خامسا
فجد لي يابن ناقصة بشئ فاني قد عزمت على المسير
فقال معن يا غلام اعطه الف دينار يستعين بها على بعده منا, ,ورحيله من ارضنا
فقال الاعرابي
قليل ما مننت به واني لاطمع منك بالشئ الكثير
فقال معن اعطه الف دينار اخرى
فقال الاعرابي
سالت الله ان يبقيك دهرا فمالك في البرية من نظير
فمنك الجود والاحسان حقا وفضل نداك كالبحر الغزير
فقال معن ياغلام اعطه الف دينار اخرى , فقال الاعرابي يا ايها الامير اني لمختبر لحلمك بما سمعته مني اما والله فقد جمع الله فيك من العلم والجود ما لو قسم على اهل الارض لكفاهم . قال معن يا غلام كم اعطيته على نظمه قال ثلاثة الاف دينار ,قال اعطه على نثره مثلها فاخذه الاعرابي ثم انصرف بالمال شاكرا وهو يبكي فقال له معن ما يبكيك يا اخا العرب ,فقال تذكرت ان مثلك يموت ثم قال:
لعمرك مالرزية فقد مال ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر يموت بموته خلق كثير
واليك بعض ما ورد في الحلم وحسن الخلق
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)
قال اللَّه تعالى: { وإنك لعلى خلق عظيم } .
وقال تعالى: { والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس } الآية.
ـــــــــــــــــــــ
وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لأَشَجِّ عبْدِ الْقَيْس: « إِنَّ فيك خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الحِلْمُ وَالأَنَاة » رَواهُ مُسلم .
وعن جرير بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال : سمعتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ » رواه مسلم .
يقول الحق تبارك وتعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم
ما معنى حسن الخلق؟؟؟؟
بين العلماء رحمهم الله معنى حسن الخلق كما يلي:
قال علي رضي الله عنه: حسن الخلق في ثلاث خصال: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسعة على العيال.
قال الحسن: حسن الخلق بسط الوجه وبذل الندى وكف الأذى.وقال الواسطي: هو أن لا يخاصم ولا يخاصم من شدة معرفته بالله تعالى.
وقال هو إرضاء الخلق في السراء والضراء.
وقال الكرماني: هو كف الأذى واحتمال المؤمن،
وقال بعضهم: هو أن يكون من الناس قريبا وفيما بينهم غريبا.وقال أبو عثمان: هو الرضا عن الله تعالى.
وسئل سهل التستري عن حسن الخلق فقال: أدناه احتمال وترك المكافأة والرحمة للظالم، والإستغفار له والشفقة عليه، وقال أيضا: أن لا يتهم الحق في الرزق، ويثق به، ويسكن إلى الوفاء بما ضمن فيطيعه ولا يعصيه في جميع الأمور.
وقال الغزالي رحمه الله: يحصل حسن الخلق بأربعة:قوة العلم، وقوة الغضب، وقوة الشهوة، وقوة العدل.أما قوة العلم: فيفرق فيها بين الصدق والكذب في الأقوال والحق والباطل في المعتقدات، وبين الجميل و القبيح في الأفعال.وبذا تجنى ثمرة الحكمة التي هي رأس الأخلاق الحسنة. قال تعالى في سورة البقرة: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)
ــــــــــــــــ
الحلم سيد الاخلاق ( للامام الشافعى )
اذا سبني نذل تزايدت رفعة ~ و ما العيب الا ان اكون مساببه
و لو لم تكن نفسي علي عزيزة ~ لمكنتها من كل نذل تحاربه
و لو انني اسعى لنفعي وجدتني ~ كثير التواني للذي انا طالبه
و لكنني اسعى لانفع صاحبي ~ و عار على الشبعان ان جاع صاحبه
***
يخاطبني السفيه بكل قبح ~ فأكره ان اكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما ~ كعود زاده الاحراق طيبا
***
اذا نطق السفيه فلا تجبه ~ فخير من اجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه ~ و ان خليته كمدا يموت
وإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
( أحمد شوقي )
* * *
صَلاحُ أَمْرِكَ لِلأَخْلاقِ مَرْجِعُهُ
فَقَوِّمِ النَّفْسَ بِالأَخْلاقِ تَسْتَقِمِ
( أحمد شوقي )
* * *
وَإِذَا أُصِيبَ القَوْمُ فِي أَخْلاقِهِمْ
فَأَقِمْ عَلَيْهِمْ مَأْتَماً وَعَوِيلاَ
( أحمد شوقي )
* * *
هِيَ الأَخْلاقُ تَنْبُتُ كَالنَّبَاتِ
إِذَا سُقِيَتْ بِمَاءِ المَكْرُمَاتِ
فَكَيْفَ تَظُنُّ بِالأَبْنَاءِ خَيْراً
إِذَا نَشَأُوا بِحُضْنِ السَّافِلاتِ
( معروف الرصافي )
لا مروءة لكذوب ، ولا وَرَعَ لِسَيِّىءِ الخلق
( الجاحظ )
تواضع عن رِفْعَه وازهد عن حكمه وأنصف عن قوه واعف عن قدره
( قول عربي )
تنكشف الأخلاق في ساعة الشده
( أندريه موروا )
حسن الخلق أحد مراكب الحياة
( جعفر الصادق )
أدنى أخلاق الشريف كتمان سِرِّهِ ، وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسِرَّ إليه
( المهلب )
ولكن هناك تحذير ايضا من غضب الحليم لمن تستهويه اقل مايقال عنها البلطجه
واستغلالهم حلم الحليم
في قديم الزمان...قصة صغيره لها معاني جمه وعظيمه..قصة الأسد والذبابه
ففي يوم من الإيام أتت الذبابه مرحة تلف وتدور حول الأسد في محاوله لإستفزازه
الأسد كان يعرف مقدار نفسه ولم يأبه بالذبابه لأنه قال لنفسه صبرا جميلا وبالله
المستعان ورغم صبر الأسد على حماقات الذبابه إلا أن الذبابه أصرت وبشده
في إزعاج..وبدأت تضايقه بشده..إلا ان الأسد ضل ساكناً بدون حراك ..وبدأ
الامر يأخذ منحى أخر فقد بدأت الذبابه تتعدي ليس فقط على الأسد ولكن أيضاً
على أصدقاء الأسد...وضل هذا الحال ذهاباً وإيابا..حتى ضاق الأسد بها ذرعا
وبضربة واحد من يد الأسد قضى على الذبابه..فنظر الأسد في الذبابه المتهشمه
وقال..لا تختبري صبر الأخرين..وإجتنبي غضب الحليم إذا غضب..