مدح النفس : ثناء الانسان على نفسه ومفاخرته بمحاسنها وبانجازاتها
او الكذب فيها كما يحصل عندما يثني الانسان على نفسه صفات ليس فيها !!
وقد حذر القرآن من تزكية النفس، بمعنى مدحها والثناء عليها، كما قال
تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (النجم: 32).
وذم اليهود والنصارى الذين زكوا أنفسهم، فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء: 49).
وذلك أنهم قالوا، كما حكى عنهم القرآن: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (المائدة: 18)
فرد عليهم بقوله: (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ
يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (المائدة: 18).
ومع التحذير القراني لمثل هؤلاء الا اننا نجد ان المرض في تعظيم
النفس مستفحل لديهم حتى انه وضع غشاوة على اعينهم من ان يرو حقيقة ما هم فيه .
فتجد احدهم يقول انا الفارس الهمام المغوار وهو فيه من الجبن ما لا يعلمه الا الله
واخر يتفاخر انه العابد المطيع وذاك قد دخل بباب الرياء .
وقد رأينا ان اسلوب تزكية ومدح الذات كثر في الشعر الجاهلي اذ كان
الشاعر يمدح نفسه ويتفاخر في صفات فيه واخرى ليست فيه .
اذآ مدح النفس من امراض الجاهلية
وترى جليا ان مادح نفسه كذاب كما قال المثل وان امعنت النظر فيه
لرايته منفوخ (نافش ريشه ) على الفاضي لان صاحب الصفات الحسنة
والاخلاق العالية ليس بحاجة الى مدح نفسه فافعاله هي من تمدحه لا اقواله .
الى هنا تكلمنا عن تزكية النفس ومدحها بالشجاعة والتقوى والذكاء ,
ولكن هناك نوع اخر من مدح النفس قد يختلط على البعض فيظنه نفس الشيء ,
وهو ذكر القدرات المالية والجسدية والعلمية ونوعية واتقان عمل ما في حال اضطر الانسان لذلك
ومنها قول يوسف عليه السلام : اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
فهنا يوسف عليه السلام يذكر قدراته العلمية والنفسية والجسدية التي
تؤهله للقيام بهذا العمل.
ونضرب مثالا اخر
فلو ان ركابا في حافلة في سفر وحصل للسائق مكروه ونادى مناد من
يستطيع القيادة فظهر عدة اشخاص كلهم يقول انا , فسئلوا من لديه الخبرة الكافية للقيادة ؟
فقال احدهم انا لدي الخبرة الكافية وقدت من قبل مثل هذه الالة واحمل مؤهلا لقيادتها
فاذا ثبتت خبرته واهليته للقيادة فيجب عليهم تمكينه من القيادة .
لكن فيما لو لم يظهر هذا الشخص المؤهل - بحكم التواضع - وسمح
لمن هو ادنى منه مرتبة بقيادة الحافلة فهو اثم ولا يعتبر عمله تواضعا بل جبنا
لذلك وجب عليه اظهار نفسه وذكر صفاته التي تؤهله للقيام بهذا العمل
ولو فرضنا عكس ذلك , هذا الرجل الخبير منذ ركوبه الحافلة وهو يقول
ويذكر للركاب ان باستطاعته قيادتها وانه يقود افضل من السائق و.. و .. الخ
ماذا يكون وصف الرجل ؟ هل هو مغرور ؟ هل نقول له ( مادح نفسه كذاب )؟
لان الكثير ممن يمدحون انفسهم غالبا مالاتكون هذه الصفة لديهم
ويثبت ذلك انه لو حصل مكروه للسائق ولم يتقدم او يستطع القيادة للقي
من الشتم والتعزير الكثير الكثير
فهذا هو مرض الغرور برايي.
واسالكم سؤالين:
الاول : هل تعتبرون هذا مرضا ؟
الثاني : ما رأيكم في مثل هذا المرض وما الحل باعتقادكم كي يتركه صاحبه ؟؟