توافقت
دول منطقة اليورو صباح الثلاثاء على خطة انقاذ جديدة غير مسبوقة لليونان
تناهز قيمتها 230 مليار يورو بهدف تفادي افلاس هذا البلد الذي ستكون له
تداعيات لا يمكن التكهن بها على اوروبا برمتها.
وجاء الاتفاق ليلا بعد اكثر من 12 ساعة من المفاوضات بين وزراء مال منطقة اليورو، وفق مسؤولين اوروبيين رفضوا كشف هوياتهم.
ويشتمل
الاتفاق من جهة على مساعدة من القطاع العام محورها قروض تصل الى 130 مليار
يورو، بعد برنامج اول من القروض لليونان اتخذ قرار في شانه في ايار/مايو
2010 وبلغ نحو 110 مليارات يورو.
ويتصل الجانب الاخر من الاتفاق بشطب لديون اليونان لدى دائنيها في القطاع الخاص من مصارف وصناديق استثمار.
وستوافق
هذه الجهات على خسارة نهائية نسبتها 53,5 في المئة، ما يعني بذل جهد اضافي
مقارنة بالهدف السابق الذي تجلى في نسبة خمسين في المئة. وهذا يعني تقليص
دين اليونان بمئة مليار يورو، وهو مبلغ قياسي في التاريخ الاقتصادي
العالمي.
وبفضل خطة الدعم هذه، ستتمكن اليونان من تسديد 14,5 مليار يورو في 20 اذار/مارس وتفادي خطر الافلاس.
والتزمت
اثينا الجانب المتعلق بها عبر الرضوخ لشروط دائنيها في القطاع العام،
وتبنت خطة تقشف جديدة بعد تظاهرات عنيفة في الشارع ومزيد من الاضطراب
السياسي، تقضي بتوفير 3,3 مليارات يورو خلال هذا العام عبر خفض الحد الادنى
للاجور وتقليص تعويضات التقاعد.
والتزم زعيما حزبي الائتلاف
الحكومي، اي الاشتراكيون والديموقراطية الجديدة، خطيا احترام هذه الوعود
الاصلاحية على ان يشمل ذلك مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية المقررة في
نيسان/ابريل.
وكانت المفاوضات طالت لان اكبر دائني اليونان اثاروا
ضرورة ملء ثغرة بمليارات اليورو للتمكن من تقليص الدين اليوناني حتى 120 في
المئة من اجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2020، وذلك بناء على رغبة
صندوق النقد الدولي وبعض دول منطقة اليورو على غرار المانيا ولوكسمبورغ.
وفي
النهاية، ستتيح خطة الانقاذ تقليص الديون اليونانية حتى 120,5 في المئة
بحلول 2020 في مقابل 160 في المئة اليوم، وفق ما اوضح مصدر حكومي اوروبي.
في المقابل، ستخضع اليونان لمراقبة شديدة من جانب دائنيها لضمان عدم انحرافها عن الاهداف المحددة.
وما
اضفى صعوبة على المفاوضات ان دولا عدة شككت، رغم الوعود المتكررة، في قدرة
اليونان على تنفيذ الاصلاحات الضرورية، وخصوصا ان الانتخابات التشريعية
المقبلة من شانها خلط الاوراق.
ويتخبط هذا البلد في انكماش اقتصادي
حاد ادى الى تراجع اجمالي الناتج المحلي لخمسة اعوام متتالية، في موازاة
استياء شعبي عارم من الاصلاحات المالية التي يطالب بها الدائنون.
وفي هذا الاطار، يشكك العديد من الاقتصاديين في ان تكون هذه الخطة الجديدة الفصل الاخير في الازمة اليونانية.
ويخشى
هؤلاء ان تكون اثينا في حاجة سريعة الى اموال اضافية، او ان تجبر على
الخروج من منطقة اليورو، اما لانها لن تتمكن من تحقيق الاصلاحات الموعودة
واما لان التقشف سيبقيها غارقة في الانكماش.
ولتحقيق هدف ابقاء نسبة
الدين العام ضمن سقف 120 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، من دون زيادة
قروض الحكومات المترددة، لجأ وزراء المال في منطقة اليورو الى حلول اخرى.
وقال مصدر حكومي ان مساعدة القطاع العام وكذلك جهود المصارف الدائنة تمت زيادتها.
ويقترن
هذا الامر بخفض نسبة الفوائد على قروض الجهات العامة لليونان في اطار خطة
الانقاذ الاولى التي اقرت في ايار/مايو 2010، اضافة الى اشراك المصارف
المركزية الوطنية في منطقة اليورو في هذا الجهد. وقد وافقت المصارف على
خسارة اكبر من المتوقع.
وكانت هذه العملية حساسة لان الجهد من جانب المصارف ينبغي ان يبقى طوعيا.
كما ان خطة شطب ديون اليونان ينبغي ان تبدأ الاربعاء لتجنب سقوط هذا البلد في الافلاس قبل حلول العشرين من اذار/مارس.
وتتجه
الانظار ايضا الى صندوق النقد الدولي الذي يبدو مستعدا للمشاركة في
المساعدة العامة البالغة 130 مليار يورو، ولكن بقيمة لم تحدد بعد.
من جهته، رحب رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي بالاتفاق في شان اليونان واصفا اياه بانه "اتفاق جيد جدا".
وقال "احيي التزام الحكومة اليونانية اعادة النمو والاستقرار".
كذلك، رحب ب"التزام الدول الاخرى (في منطقة اليورو) الاستمرار في مساعدة اليونان لتتمكن من العودة الى النمو وتأمين الوظائف".
بدوره، رحب رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي بما اعتبره "نتيجة جيدة لليونان والاسواق ومنطقة اليورو".