الموت
, هذا الحدث الأعظم في حياة الإنسان دفع الكثيرين ممن لا يؤمنون بالله
عزوجل إلى تقصي حقيقيته و ماهيته فغاصوا في بحار التخمين و الإجتهاد علهم
يكتشفون أسراره فلما لم يصلوا لشيء أقنعوا أنفسهم و أتباعهم أن طريق العلم
طويل و أن الإنجازات العلمية التي توصل إليها الإنسان في أشياء أخرى هي
إثبات على قدرته على اكتشاف المزيد فالمزيد حتى يبلغ الكمال و لكن هيهات
هيهات ذلك لأنهم بنوا علمهم على تناقضات مخزية حيث أنهم قبلوا التفكير
السليم في أشياء و رفضوه في أشياء أخرى و كل ذلك كي يصلوا بالعلم لقناعات
شهوانية , أما المؤمن بالله عزوجل فقد رضي بالتفكير السليم البسيط البعيد
عن تعقيدات الشيطان و النفس الأمارة بالسوء فَقَبِل ما جاءه من ربه جل
جلاله من دون أن يتشدق بالألفاظ و المسميات فنجا و أفلح في الدنيا و
الآخرة .
و الموت
يأتي لينهي ساعات و أيام عمل الإنسان في الدنيا و لتبدأ معه الرحلة
الأبدية , رحلة الآخرة , رحلة الحساب و الجزاء , رحلة السعادة الدائمة أو
التعاسة الأبدية .
يأتي
الموت ليهز كيان المجرمين في الأرض , الذين رضوا بالحياة الدنيا عن الآخرة
فجعلوا زادهم لدنياهم و لم يأبهوا برحلتهم الطويلة الأبدية و لم يكترثوا
بتلك الدار بل رضوا أن يتلاعبوا بالعلوم و الفكر و المنطق في سبيل بناء
دنياهم و أحلامهم في الخلود فيها .
يأتي
الموت ليأخذ المجرمين الفارين من رحمة الله في الدنيا إلى عذابه في الآخرة
و ليتم عدل الله فيهم , أما أولئك الذين فروا إلى ربهم في الدنيا و لجؤوا
إلى رحمته في الأولى فإنه لن ينساهم في الآخرة و كيف ينساهم و هو الذي
خلقهم ليذكروه و يذكرهم .
أخي المسلم :
ابنِ قبرك الذي هو معادك , ابنِهِ بالعمل الصالح الذي يرضي الله عزوجل و
لا تهرب منه فإنه ملاقيك , اجعل جدرانه و سقفه ذكر ربك , و اجعل خوفك من
الجليل في الدنيا عظيماً يَهُن عليك في الآخرة الحساب , و تذكر أنك إذا
رضيت أن يكون الإله أهون الناظرين إليك فإنك على الله أهون و أن لله
ملائكة غلاظاً شداداً لا يعصونه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون .
أخي المسلم :
إنك مقبل على رحلة بعيدة شديدة مريرة قاسية لا ينجو منها إلا من أعظم
الزاد و فَرّ بقلب سليم إلى رب العباد , فكن نافذ البصيرة عميق الفكر نيّر
الذهن صافي القلب , لا تغرك الأماني و لا تلهيك الشهوات و يخدعك الشيطان ,
و تذكر عذاب القبر و البعث و الحشر و الحساب , اعرف ربك و لا تخاتل فيه ,
و اعرف أوامره لتعمل بها و نواهيه لتهرب منها , و إياك و إياك و التسويف
لأنك لا تدري متى يأمر بك الجبار , و قل يا نفس لا تدرين أتنامين على
سريرك الليلة أم يكون فراشك القبر و هل إذا نمت في سريرٍ يدوم لك الهناء
حتى الفجر .
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق
حَتَّى
إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا
يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ
أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) الأنعام
حَتَّى
إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي
أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ
قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)
المؤمنون
وَلَوْ
تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ
بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ
عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ
الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) الأنعام
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (145) آل عمران
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (78) النساء
كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ
فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل
عمران
قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) السجدة
وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) الأنعام