موضوع: سِلْسِلَة مُحَاضَرَات الشرح النفيس علي الباعث الحثيث الْشَّيْخ الحويني الأربعاء فبراير 15, 2012 7:32 am
سِلْسِلَة مُحَاضَرَات
الشرح النفيس علي الباعث الحثيث
فَضِيْلَة الْشَّيْخ
أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي
حَفِظَه الْلَّه
الدرس الأول
فهذا هو الدرس الأول من الشرح النفيس لعلوم الحديث ، وبداية لابد أن نعرف أهمية هذا العلم ، ولماذا اشتدت الحاجة إليه في هذا الزمان ثم ماهية هذا العلم وحدوده وقوانينه ، ثم نذكر بعد ذلك الطريقة المثلى لتحصيل هذا العلم والنبوغ فيه . أسباب الحاجة الشديدة لعلم مصطلح الحديث: فأنا لا أعلم زمانًا اشتدت فيه الحاجة إلى هذا العلم مثل هذا الزمان ، وذلك بسبب التطاول من الجهلة على المصادر الأصلية التي هي عمود الإسلام ، فإننا نعلم أن الله- سبحانه وتعالى- أنزل الكتاب على نبينا- صلي الله عليه وسلم- وأمره بتبليغ الكتاب وبيان معناه ، ففي القرءان أشياء كثيرة مجملة بينها رسول الله- صلي الله عليه وسلم- بالتفصيل ، وكانت منزلة السنة بالنسبة للقرآن بمنزلة المبين للمجمل قال تعالي:﴿ وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ ﴾(النحل:64). الرد علي القرآنيين الذين يقولون نعتمد علي القرآن وحده: فالجماعة الذين ظهروا وسموا أنفسهم بالقرآنيين ويقولون نعتمد على القرءان وحده هؤلاء قصدوا تضييع القرءان ، وهؤلاء هم أعداء القرءان على الحقيقة ، لأن السنة النبوية بينت القرءان ،حتى لو افترضنا جدلًا أن الآية قد تحتمل معنى أو معنيين من خلال الأحاديث ، فإن هؤلاء يقولون نفسر القرءان ونأخذه بلسان العرب . مثال يوضح أن العربية لا تكفي لمعرفة مراد الله: ومعلوم عند أهل العلم أن العربية وحدها لا تكفي لمعرفة مراد الله تعالى ، ففي الصحيحين من حديث بن مسعود- رضي الله عنه- لما نزل قوله تبارك وتعالي:﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾(الأنعام:82)، شق ذلك على أصحاب النبي- صلي الله عليه وسلم- وجاءوا فقالوا: يا رسول الله أينا لم يلبس إيمانه بظلم "، وهذا هو المفهوم العربي أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وهذه قاعدة في العربية ، وقاعدة في أصول الفقه أيضًا ، ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ ﴾ ، (وَلَمْ) هذا حرف النفي ، ﴿ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ ، هذا ظلم نكرة ،فأي نكرةٍ جاءت بعد نفي تفيد العموم ، فمعنى الكلام:﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ ﴾ بأي ظلم كان مهما كان دقيقًا جليلًا ، فشملت كل أنواع الظلم ، حتى لو أنك عبثت في وجه أخيك ، لو أنك لم ترد عليه بالحسنى . لو فعلت أي شيء من المظالم ، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾(الزلزلة:7)، فمثقال الذرة هذا داخل في معنى ظلم ، فأتوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالوا أيّنا لم يلبس إيمانه بظلم ، قال ليس كذلك . إذًا ما هو مراد الله- عز وجل- ؟ليس مراد الله- عز وجل- ما فهموه من ظاهر العربية ، قال ليس كذلك ، ألم تسمعوا قول العبد الصالح:﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (لقمان:13)، فهذا هو الظلم ، فلا تكفي العربية وحدها فإن مراد الله- عز وجل- لا يتضح باللغة وحدها : واللغة مهمة ، لكن لا يتضح باللغة وحدها ، لكن الذي بين لنا مراد الله- تبارك وتعالى – هو رسول الله- صلي الله عليه وآله وسلم- . فجاء هؤلاء ولم يحترموا التخصص في العلوم ، يحترمون التخصص في كل شيء إلا في الدين ، فيعرضون المرويات على عقولهم ويتجاوزون قانون الرواية ، الشبهات التي يطرحونها الآن بعضها قديم ، أو جلها قديم ، ولكن في الزمان السالف كان أهل العلم كثرة فلا يستطع المبتدع أن يجهر ببدعته ، وإن جهر وجد ألوفًا يردون عليه ، أما في زماننا هذا فقل المحسنون لهذا العلم بحيث أنه لو مات واحدً من المحسنين لظل مكانه شاغرًا دهرًا من الدهور حتى يملأه إنسان . الشَيخ الأَلبَاني– رَحِمَهُ اللهُ-:صاحب مدرسة في الحديث وفي التخريج وفي النقد على نهج القدامى ، وهو في اعتقادي أول من طول في النقد من المعاصرين . الشيخ أَحمد شَاكر:- رحمة الله عليه- وكان له نفس ، لكن لم يكن عند الشيخ أحمد شاكر من الكتب الحديثية ما يعينه على أن يخرج موهبته كلها ، بحيث أنه لم يرى أغلب الكتب التي بين يدي طلبة العلم الآن مصنف عبد الرزاق لم يره بعينيه ولا مصنف بن أبي شيبة ، بل موارد الظمآن إلى زوائد بن حبان لم يره بعينيه ، وقال: لو ظفرنا بهذا الكتاب لكان نافعًا لنا في إخراج صحيح بن حبان , وأخرج من صحيح بن حبان جزءًا واحدًا تقريبًا مائة وثمانية وعشرون حديثًا ولم يطل عمره حتى يخرج الذي عنده ، حتى في مسند الإمام أحمد ، في تخريجه لمسند أحمد ترى أن نفسه يزداد وبدأ يظهر إلى حد ما بعد نصف الكتاب تقريبًا ، إنما في أول كان يقول مثلًا وأخرجه أصحاب السنن كما في المنتقى لابن تيمية ، السنن موجودة والسنن مطبوعة ، فكيف يشير على السنن بواسطة ؟ لم تكن هناك فهارس علمية ، والكتب كنوز مغلقة لا تفتح إلا بالفهارس .لأن مسألة الحفظ انتهى زمانها ، وصرنا الآن نعتمد علي الأفراد والفهارس في الوصول إلى الحديث ، فلأجل أن يصل مثلًا إلى حديث رواه أصحاب الكتب التسعة ، الستة: البخاري ومسلم والنسائي وأبي داود والترمذي وبن ماجه والدارمي والموطأ وأحمد ، وهذه هي الكتب التسعة فضلًا عن الدار قطني أو البيهقي ، وتدخل على الطحاوي في كتبه شرح معاني الآثار ؟أو مشكل الآثار ، أو بن خزيمة الذي لم يره بعينيه ، لأن بن خزيمة طبع من حوالي ثلاثة عشر أو أربعة عشر أو خمسة عشر سنة فقط لم يرى هذه الكتب ، لو أن هذا الحديث في هذه الكتب التسعة وأنت أحببت أن تخرجه من هذه الكتب بدون فهارس يلزمك أن تقرأ الكتاب كله لتخرج هذا الحديث من الكتاب ، أي أنني كلما أردت أن أخرج حديث من الكتب التسعة أقرأ الكتب التسعة ، هذه مسألة لا تطاق ، فلم يكن عنده الفهارس العلمية التي هي عندنا ، فلو كان موجودًا عنده من الكتب كما هو عندنا الآن لرأيت شيئًا عجيبًا . لتحميل السلسلة كاملة ولاتنسو ا اختكم من دعوة بظهر الغيب http://tafregh.a146.com/play.php?catsmktba=243