– لا تغتابوا الناس
أولاً : المعنى
-
شبَّه الله من يغتاب أخاه، ويذكره بما يكره، ويتحدث عن عيوبه في غيابه،
كمن يأكل لحم أخيه الميت، فقال تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن
يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم } [الحجرات:
12].
- وقد حذَّرنا النبي منها : فقال الله صلى الله عليه وسلم :
(أتدرون ما الغِيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال الله صلى الله عليه
وسلم: (ذِكْرُكَ أخاك بما يكره)، فقال أحد الصحابة: أرأيتَ إن كان في أخي
ما أقول؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن كان فيه ما تقول فقد
اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه) [مسلم].
- ومن أعظم أضرارها :
أنها تؤدي إلى تقطيع روابط الألفة والمحبة بين الناس ، تزرع بينهم الحقد
والضغائن والكره، وهي تدل على خبث مَنْ يقولها وامتلاء نفسه بالحسد والظلم ،
كما تجلب لصاحبها الكراهية ، قال أحد الحكماء: إذا رأيتَ من يغتاب الناس
فابذل جهدك ألا يعرفك ولا تعرفه
ثانياً : الثمار
1 – دفاع الملائكة :
ذات يوم جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فجاء رجل وشتم أبا بكر
الصديق -رضي الله عنه- وآذاه، فسكت أبو بكر ولم يرُدَّ عليه، فشتمه الرجل
مرة ثانية، فسكت أبو بكر، فشتمه مرة ثالثة فرد عليه أبو بكر، فقام صلى الله
عليه وسلم من المجلس وتركهم، فقام خلفه أبو بكر يسأله: هل غضبتَ علي يا
رسول الله فقمتَ؟ فقال الله صلى الله عليه وسلم: (نزل مَلَك من السماء
يكذِّبه بما قال لك، فلما انتصرتَ (أي رددتَ عليه) وقع الشيطان (أي: حضر)،
فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان) [أبو داود].
2 - الرفع في الدرجات : في
الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إن العبد
ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن
العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في نار
جهنم" .
3 – حفظ اللسان لك لا عليك : في قصة مؤثرة أن غلاماً استشهد يوم
أحد ، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع ، فمسحت أمه التراب عن وجهه ،
وقالت : هنيئاً لك يا بني لك الجنة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
وما يدريك ؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ، ويمنع ما لا يضره "
4 –
حفظ اللسان ينجيك : روي عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر له عن
رجل شيئاً ،فقال له عمر : إن شئت نظرنا في أمرك ، فإن كنت كاذبا فأنت من
أهل هذه الآية : { إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا} وإن كنت صادقاً فأنت من
أهل هذه الآية { همازٍ مشاءٍ بنميم } وإن شئت عفونا عنك ؟ فقال : العفو يا
أمير المؤمنين ، لا أعود إليه أبدا .
5 – يصدقك الله تعالى : يقول تعالى
: { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ
الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ.. } (التوبة:74).وقد نزلت هذه
الآية في رجل من المنافقين يقال له الجلاس بن سويد بن الصامت يوم أن قال عن
النبي صلى الله عليه وسلم :لئن كان هذا الرجل- يعني رسول الله صلى الله
عليه وسلم - صادقاً فيما يقول لنحن شر من الحمير، فسمعها عمير بن سعد وكان
غلاماً صغيراً في كفالة الجلاس فغضب حباً وحمية للنبي صلى الله عليه وسلم
فأبلغ الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم فجاء الجلاس يحلف أنه ما قالها فنزل
القرآن مثبتاً ما قاله الغلام ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام :
أما أنت فقد صدقك الله .
ثالثاً : أفكار ذكية
1 – لا تطلب السمعة
بين الناس : روى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد إني أرى
أمراً أكرهه ، قال : وما ذاك يا ابن أخي ، قال : أرى أقواماً يحضرون مجلسك
يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك ، فقال : يا ابن أخي : لا يكبرن
هذا عليك ، أخبرك بما هو أعجب ، قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : أطعت نفسي في
جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران ، ومرافقة الأنبياء ولم أطع
نفسي في السمعة من الناس ، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي
خلقهم ، فإذا لم يسلم من خلقهم فالمخلوق أجدر ألا يسلم .
2 – حافظ على
ثواب عبادتك : فمن صام واغتاب الناس ضاع ثواب صومه ، وكذلك بقية العبادات ،
ويروى أن امرأتين صامتا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانتا
تغتابان الناس، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال عنهما : (صامتا
عما أحل الله ، وأفطرتا على ما حرم الله) [أحمد] .
3 – عدم الرد على
الإساءة بالإساءة : لقيام النبي من المجلس الذي رد فيه أبو بكر قائلاً :
(نزل مَلَك من السماء يكذِّبه بما قال لك، فلما انتصرتَ (أي رددتَ عليه)
وقع الشيطان (أي: حضر)، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان) [أبو داود].
4 –
التزم بالكلام المفيد : فقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أوجه الكلام
المفيد ، عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : "كل كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا أمراً بمعروف أو نهياً عن
منكر أو ذكر لله عز وجل" قال الترمذي: حديث حسن.
5 – الحرص على الكلمة
الطيبة : عندما قالت السيدة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية
كذا وكذا - تعني أنها قصيرة- فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد
قلتِ كلمة لو مُزِجَتْ بماء البحر لمـَزَجَتْهُ (عكَّرته). [أبو داود
والترمذي]، أي أن تلك الكلمة قبيحة لدرجة أنها تُنْتِنُ ماء البحر
لِقُبْحِها وسوئها.
6 – احذر معاصي اللسان : من الكلام بما حرم الله من
الآفات التي بلغ بها الإمام الغزالي عشرين آفة ؛ من الكذب والغيبة والنميمة
والسخرية واليمين الفاجرة والوعد الكاذب والخوض في الباطل والكلام فيما لا
يعني، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وشهادة الزور والنياحة واللعن
والسب...