فكرة آمل أن تجد طريقها للحياة
د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام
فكرة
"مسكني" التي أطلقها عبدالله الغذامي تحتاج إلى دعم ومساندة من القطاعين
الرسمي والشعبي، كما أتمنى أن تدرس الجهات المعنية فرض ضريبة على الأراضي
الداخلة في النطاق العمراني التي وصلت إليها الخدمات الأساسية.
سأطرح
اليوم توصية لمجلس الشورى الموقر انتظرها موظفو القطاع العام ومازالوا
ينتظروها بشغف، وهي الخاصة بإقرار ثلاثة رواتب كبدل سكن، هذه التوصية
المحورية والهامة للمواطن السعودي كان يفترض أن يعيد المجلس مناقشتها نهاية
الشهر الماضي، ومع أن بدل السكن قضية لا تعنيني بشكل مباشر فقد وفرت لي
جامعة "الدمام" بحمد الله سكنا جيدا وبسعر رمزي، إلا أن هذه القضية تطرح
على الدوام من قبل الشباب والشابات أيضا، مما دفعني لتخصيص هذه السطور
للحديث عنها.
وآمل أن يتدبر الأعضاء الموقرين عند مناقشتهم لهذه
القضية واقع موظفي الدولة على اختلاف مراتبهم الوظيفية، فموظفو القطاع
الخاص ينالون على الأغلب "بدل السكن" بمعدل راتبين إلى ثلاثة رواتب، وقد
يحصل في شهر رمضان على راتب كمكافأة أو تعطى له مع نهاية العام المالي من
كل عام، وهذا ما يفتقده موظفو الدولة، وإذا ما عمدنا لإعداد إحصائية عن
موظفي الدولة خاصة العاملين في الوظائف البسيطة، فسنجد أن الكثير منهم لا
يملك السكن، بل لا يستطيع امتلاك حتى شقة من غرفتين، فالأسعار مبالغ فيها
بشكل يدعو للسخرية، كما أن الأراضي المطروحة ارتفع سعرها بشكل جنوني بسبب
مضاربات مدروسة ومخطط لها من تجار الأراضي.. وبالتالي فتوفير السكن للمواطن
أصبح معضلة تحتاج إلى تدخل الأجهزة الرقابية.
إن الأسواق في
بلادنا حرة إلا أنها مقننة بشروط، أهمها عدم الإضرار بالمجتمع، والمواطن
بسبب عدم إدراكه لحقوقه يسكت ويكتفي بالتذمر الذي لا يغني من الحق شيئا، في
حين كان الأجدى به أن يستفسر عن حقوقه وكيفية الحصول عليها وإلى أي قنوات
رسمية يتوجه، بدل أن يبيع المواطن نفسه للبنوك أو الشركات العقارية، لعله
يحصل على سقف يضمه وأسرته.
ومن جانب آخر أتمنى أن تدرس الجهات
المعنية فرض ضريبة على الأراضي الداخلة في النطاق العمراني التي وصلت إليها
الخدمات الأساسية من مياه وشبكات الصرف الصحي والكهرباء، فقد نجحت هذه
الضريبة في التخفيف من الأزمة العقارية في دولة الكويت الشقيقة، إذ انخفضت
أسعار الأراضي الكويتية إلى 35% كما أكد البعض.
أما ارتفاع أسعار
الشقق في بلادنا فأعتقد أن سرعة تنفيذ الأوامر الملكية التي أصدرها مؤخرا
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وأدام عليه
الصحة والعافية، كفيلة بإذن الله في تخفيض أسعارها، فالأوامر الملكية تقتضي
بناء 500 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة، واعتماده 250 مليارا
لذات الهدف، وقراره عدم اشتراط امتلاك الأرض للحصول على قرض من صندوق
التنمية العقاري، ورفع مبلغ القرض إلى 500 ألف ريال بعد أن كان في السنوات
الماضية 300 ألف ريال، وتمويل الصندوق بما يدعمه ويسهل تحركه وخدمته لأكبر
شريحة من المواطنين.
ويجدر بي وأنا في هذا المقام أن أشير إلى فكرة
رائعة آمل أن تجد طريقها للحياة، صاحبها هو الدكتور (عبد الله بن محمد
الغذامي) وقد طرحها عبر حسابه "توتير" ولخصها في خمس نقاط سأشير إليها ها
هنا.
لقد (تمنى من مالكي الأراضي التبرع بشيءٍ منها لمصلحة مشاريع
الإسكان، فلو تبرع الواحد منهم بأرض لأسهم في حل المشكل وشجع غيره على عملٍ
مماثلٍ تتدافع فيه النفوس إلى الإحساس بالوازع الاجتماعي والتكافلي، ففي
النوائب رأينا الناس نساء ورجالا يهبون بالتبرعات، ومشكلة الإسكان مثلها..)
ثم تسأل: (هل تهب نفوسنا لحل المشكلة كل بما يجود من أرض، فالأراضي
البيضاء المملوكة وسط المدن كنز كبير، ولو تبرع أهلها ببعضٍ منها لمصلحة
مشاريع الإسكان فسيكون في ذلك حل كبير وتنفيس عظيم، واستشهد بمقولة الكاتب
الاقتصادي عصام الزامل، عندما قال إن التبرع بالأراضي سيحبب الناس في تجار
الأراضي الذين يخافون من كره الناس لهم).
والجميل أن الدكتور
عبدالله وبمجهوده الشخصي استطاع جزاه الله خيرا تحفيز المؤيدين الداعمين
لفكرته عبر صفحات "توتير" فتكاثر عدد المغردين لفكرته، كما جذب اهتمام عدد
من ملاك الأراضي فكان أول من ساهم في هذا السباق الخيري الدكتور عبدالله
الفارس الذي بادر بالتبرع بأرض زراعية بمساحة 200 ألف متر بارك الله فيه،
كما أن الدكتور رشيد العيد ذكر أن لديه عددا من المتبرعين سيعلن عنهم فور
حسم النواحي القانونية جزاهم الله خير الجزاء وكثر من أمثالهم.
هذه
الفكرة تحتاج إلى دعم ومساندة من القطاعين الرسمي والشعبي، فلو سخر لها
الإعلام قنوات تعمد لبيان سمو أهدافها، ولو أظهرت وزارة الإسكان بيان شكر
وتقدير لصاحبها، وللمتبرعين، ولو عمد الأئمة الأفاضل إلى الحديث عنها في
خطبهم، ولو عمد الشباب إلى نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعية، ولو تبناها
التلفزيون السعودي من خلال تخصيص برامج حوارية تناقش الفكرة مع صاحبها، من
خلال بثه لشريط إعلاني قصير يخدم الفكرة وبدون مقابل مادي يحصل عليه؛
لحصدت بلادي وشبابها بإذن الله الخير الكثير، ولخففت من ضخامة أزمة
الإسكان.
علما بأن وزارة الإسكان المعنية بهذه التبرعات حديثة
النشأة، فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله قرار إنشائها منذ أشهر
قليلة، فهي مطالبة بإيجاد الحلول لإنهاء مشكلة الإسكان التي تعاني منها
البلاد، والسعي لتنفيذ مشروع بناء وحدات سكنية للمواطنين. ودعم ملاك
الأراضي لتوجه وزارة الإسكان من شأنه التخفيف من حملها والتعجيل في تحقيق
المراد والله الموفق لسواء السبيل.