سامحوني إذا طويلة .... لكن الهموم..... بدو لا تنتهي
يا كاشِفَ الهَمِّ إِنَّ الهَمَّ أَضْناني *** أَنْتَ الرَّحِيمُ وإنِّي عَبْدُكَ الجَانِي
بِبَابِ رُحْمَاكَ أُلْقي كُلَّ مَسْأَلَتِي *** مَنْ ذا سِوَى الصَّمَدِ الحَنَّانِ يَرْعَاني
قَدْ جِئْتُ وَالذَّنْبُ يَغْشَى كُلَّ جَارِحَةٍ *** لكِنَني تائِبٌ مِنْ سُوءِ نُقْصَانِي
أَلْقَتْ بِيَ النَفْسُ مِنْ ضَعْفٍ بِمَحْبِسِهَا *** وَزَيَّنَت سِجْنَها بالبَهْرَجِ الفَاني
أَنَا الضَّعِيفُ وَنَارُ الإِثْمِ تَحْرِقُني *** يَا رَحْمَةَ الله رُدِّيهَا بإِحْسَانِ
تِلْكَ الذُّنُوبُ مِيَاهُ العَفْوِ تَغْسِلُهَا *** يَا رَحْمَةَ الله جُودِيهَا بَهِتَّانِ
أَنْتَ الغَفُورُ وَسِعْتَ الخَلْقَ مَغفِرَةً *** فهل أُرَدُّ بِلا عَفْوٍ وَغُفْرانِ؟
فَإِنْ عَفَوْتَ فَذَا مَنٌّ وَمَرْحَمَةٌ *** وإِنْ جَزَيْتَ فَعَدْلٌ مِنْكَ رَبَّانِي
فَأَنْتَ أَنْتَ إِلهُ الكَوْنِ مُبْدِعُهُ *** فَمَنْ سِوَاكَ يُجِيرُ المُثْقَلَ العَاني؟
لَكَ الوُجُوهُ عَنَتْ يَا رَبِّ خَاشِعَةً *** وَذِي الخَلاَئِقُ تُبْدِي كُلَّ إِذْعَانِ
وباسْمِكَ الكَوْنُ يَجْرِي في مَسيرَتِهِ *** كُلٌ يُسَبِّحُ في سِرٍّ وَإِعْلاَنِ
هذي السَّمَاواتُ مَنْ أَعْلى بَنِيَّتَهَا *** مِنْ غَيْرِ مَا عَمَدٍ تَبْدُو وَأَرْكَانِ؟
فانْظُرْ إِلَيْهَا فَهَلْ أَبْصَرْتَ مِنْ خَلَلٍ *** جَلَّ الإِلهُ وَجَلَّتْ قُدْرَةُ البَانِي!
مَنْ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالأَفْلاكَ سَابِحَةً *** في ذَا الفَضَاءِ بِتَدْبيرٍ وَحُسْبَانِ؟
وذِي النُّجُومُ أَطَلَّتْ مِنْ أكِنَّتِهَا *** كَأَنَّمَا وَصْوَصَتْ حُورٌ لإِنْسانِ
فَمَنْ حَبَاهَا جَمَالاً رَاحَ يُكْبِرُهُ *** كُلُّ الَّذِينَ حُبُوا إِحْسَاسَ إيمانِ؟
وَمَنْ حَبَاهَا ضِيَاءً ظَلَّ يَرْقُبُهُ *** سَارٍ بِلَيْلٍ فَتَهْدِي كُلَّ حَيْرانِ؟
وَذَا الهِلاَلُ كَطِفْلِ الأَهْلِ تَنْظُرُهُ *** تِلْكَ العُيُونُ فَيَلْقَى ضَمَّةَ الحَانِي
ورَاحَ يَكْبُرُ حَتَّى صَارَ مُكْتَمِلاً *** بَدْراً تَطوفُ بِهِ أَحْلامُ وَلْهَانِ
لكِنَّهُ زَمَنٌ يَمْضِي فَنَنْظُرُهُ *** قَدْ عَادَ يُشْبِهُ عُرجُوناً بِبُسْتَانِ
سُبْحَانَ خَالِقِهِ أَعْطَى لَنَا مَثَلاً *** كَيْ لا نُغَرَّ بِعُمْرٍ مُسْرِعٍ فَانِ
وَالأَرْضُ تَجْري فَمَنْ أَرْخَى العِنَانَ لَهَا؟** وَمَنْ هَدَاهَا لِسَيْرٍ هَزَّ وِجْدَاني؟
فَذَا مَسيرٌ يُغَشِّيِنَا بِأَرْدِيَةٍ *** مِنَ الظَّلامِ فَيَطْوِي ثَوْبَ يَقْظَانِ
حَتَّى إِذَا الفَجْرُ نَادَى بِالنِّيَامِ جَرَى *** نَهْرُ الضِّيَاءِ فَوَارَى ظُلْمَةَ الجَاني.
تَعَاقَبَ اللَّيْلُ فينا والنَّهارُ فَقُلْ: *** سُبْحَانَ مُجريهِمَا فِينَا بِمِيزانِ
وَسَخَّرَ الأَرْضَ حَوْلَ الشَّمْسِ جَارِيَةً *** في كُلِّ حَوْلٍ فَتَأْتِينا بِأَلْوانِ
هَذا شِتَاءٌ فَيُحْيِي الأَرْضَ إِذْ هَلَكَتْ *** وَذَا رَبيعٌ يُجَلّي كُلَّ فَنَّانِ
والصَّيْفُ فيهِ ثِمارٌ كَمْ تَتيهُ بِها*** تِلْكَ الريَاضُ فَتُعطِينَا بإحْسَانِ
أَمَّا الخَريفُ فيأتي مِثْلَ غَاشِيَةٍ *** تَطْوِي الجَمَالَ وتُبْدِي قُبْحَ عُرْيَانِ
لكنَّها حِكْمةٌ تَخْفَى سَرائرُها *** عَلى العُيُونِ وَعَيْنُ اللهِ تَرْعانِي
سُبْحَانَ رَبِّيَ كم في الأَرْضِ مِنْ عِبَرٍ *** تَهْدي الحَيارى إِلى رُشْدٍ وإيمانِ!
فَسَرِّحِ الطَّرْفَ في الآفاقِ مُتَّعِظاً *** وانْظُرْ إِلى النَّفْسِ تُعْطى أَيَّ بُرْهانِ
في كُلِّ نَظْرَةِ عَيْنٍ آيَةٌ هَتَفَتْ: *** "سُبْحَانَ رَبِّيَ قَدْ سَوَّى بإِتْقَانِ"!
أَنْتَ القَديرُ ولا تُعْييكَ مَسْأَلَةٌ *** فاكْشِفْ إلهيَ عَنِّي كُلَّ أَحْزاني
بِكُلِّ أَسْمَائِكَ الحُسْنَى وَقَدْ عَظُمَتْ *** وبالحَبيبِ وآياتٍ وَقُرْآنِ
أَدعوكَ رَبِّيَ فَاغْفَرْ لي وَقَدْ كَثُرَتْ *** مِنِّيَ الذُّنُوبُ وإلا حَقَّ خُسْراني
وَاكشِفْ هُموميَ مِنْ ضُرٍّ وَمِنْ حَزَنٍ *** وامْنُنْ عَلَيَّ بِجَنَّاتٍ وَرَيْحَانِ
واحْفَظْ إِلهيَ أَوْلادِي وَأُمَّهُمُ *** مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَوَفِّقْهُمْ لِشُكْرانِ
وَآتِهِمْ خَيْرَ ما يُرْضِيكَ مِنْ عَمَلٍ *** وامْنُنْ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ مِنْكَ رَبَّاني
وَوالِدَيَّ وَكُلَّ المؤمنينَ ألا *** فَاغْفِرْ لَهُمْ يا عظيمَ الأَمْرِ والشَّانِ
وانْصُرْ عِبادَكَ يَا مَوْلايَ مَا رَشَدُوا *** واخْذُلْ عَدُوًّا جَرَى في رَكْبِ شَيْطانِ
هَذا دُعائِيَ يَا رَبِّي وَمَسْأَلَتي *** فَمَنْ سِوَاكَ يُلَبِّي دَعْوَةَ العَاني؟