إياك وما يُعتذر منه
يحكى أن رجــــــــلا قد وهــــــــبه الله طفلا صغـــــــيرا ......
وكان هذا الطفل شقيا جدا لدرجة انه كان يغضب أباه وأمه وجيرانه وأقاربه وأصدقائه أيضا ودائما ، كان لا يرعى لأحد منهم حقا .........
وكان
هذا الطفل ووالده يقيمون في منزل جميل جدا حوله حديقة جميلة فيها ثمار
وأشجار وورود كثيرة وجميلة تقر برؤيتها الأعين وحول تلك الحديقة سور خشبي
جميل ... ما أبدعه !!!...........
ونشأ هذا الطفل على تلك الحالة .......
حتى كبر وأصبح شابا وهو لا يزال على تلك الحالة ..........
حاول أبوه أن يصلح من شانه بكل وسيلة وطريقة ولكنه لم يستطع..............
وفى ذات يوم أراد الوالد أن ينهج نهجا آخر في سبيل إصلاح ولده بعد أن أصبح ذلك الابن يعقل الأمور ويٌعمل فيها عقله.....
قال له أبوه ذات يوم : أي بني أريد منك إذا اقترفت ذنبا واحدا في حق الله أن تدق مسمارا في سور حديقتنا ....
وكذلك إذا أسأت في حق واحد من المسلمين إساءة واحدة أن تدق مسمارا واحدا في سور حديقتنا
وكذلك إذا أسأت في حق نفسك إساءة واحدة أن تدق مسمارا واحدا في سور حديقتنا...
!!!!!!!
فسمع الابن كلام أبيه وكان لا يعي مغزى ما يقوله أبوه .....
فلا
زال على حالته يتخبط يمينا وشمالا يقترف الآثام في حق الله ... ولا زال
يؤذى المسلمين بلسانه وبيده .... ولا زال يؤذى نفسه ويقترف الإثم في حق
نفسه ....
وهو على تلك الحالة لم ينس كلام أبيه
فبدأ كلما يخطئ خطأ واحدا في حق الله أو في حق الناس أو في حق نفسه
كان يبادر إلى سور الحديقة يدق فيها مسمارا .....
ومر يـــــــوم ويــــــــــــومان وثلاثة
ومر أسبـــــــوع وأسبـــــــــــــــــوعان وثلاثة
ومر شهــــــــــــــــر وشهـــــــــــــــــــــران وثلاثة
!!!!!!!
وبعد ثـــــــــــلاثة أشـــــــــــــــهــر
لم يتبق في السور الخشبي مكان إلا وفيه مسمار قد دقه ذلك الابن!!!
دعاه
أبوه يومها فقال له : أي بنى ... انظر إلى السور الخشبي لحديقتنا بعد أن
كان جميلا نظيفا تقر برؤيته الأعين ... فلقد أصبح الآن قذرا متسخا ملئ
بالمسامير التي تؤذينا عند دكلمة ممنوعةنا الحديقة أو عند خروجنا منها
.....
فحاول يا بنى أن تنزع تلك المسامير بأن تعيد الحقوق إلى أصحابها
فكل ذنب اقترفته في حق الله تب إليه منه وعد وانزع مسماره .....
وكل ذنب اقترفته في حق المسلمين اعتذر لهم واطلب منهم العفو والسماح ثم عد وانزع مسماره..
وكل إساءة اقترفتها في حق نفسك حاول إصلاحها وبعد إن تصلحها عد ثم انزع مسمارها....
فهم الابن ذلك الكلام جيدا وبدأ في إصلاح ما قد ارتكبه من ذنوب ومعاص وإيذاء وغيرها ...
فكلما يصلح شيئا يعود ثم ينزع مسماره
ظل ينزع المسامير في فترة طويلة دامت لأكثر من ثلاثة أشهر
حتى انتهى من نزع المسامير كلها وأصبح السور الخشبي لا يوجد عليه مسمار واحد
ثم
دعاه والده مرة أخرى بعدها فقال له : أي بنى انظر إلى سور حديقتنا بعد أن
كان نظيفا جميلا فهو الآن لا زال به أثر المسامير التي كنت قد زرعتها فيه
من أثر إيذاءك للمسلمين
وهؤلاء
المسلمين لا زال فيهم ذلك الأثر يؤثر في نفوسهم وفى قلوبهم ولم تصف قلوبهم
صفاءً تاما لك حتى بعد إن طلبت منهم أن يسامحوك وحتى بعد أن سامحوك
فلا تدع ذلك الأثر في نفوس المسلمين بأن لا تؤذيهم أصلا
وتذكر جيدا لا تفعل شيئا يجر من ورائه اعتذار
ثم قال له : يا بنى " إياك وما يعتذر منه ...!!! "