لله في الافاق آيات لعل اقلها هو ما إليه هداكا*
ماهذا النجم المتلألئ في السماء ؟ كيف صار هكذا ؟ وفي نفس الوقت كيف نسير نحن على الأرض بثبات وهذه النجوم تتحرك حولنا؟
هل جلست من قبل مع ذاتك وسألت مثل هذه الأسئلة ؟
هل سألت نفسك كم مرة ذكر في القرآن الكريم عبارات : " لقوم يعقلون ، لقوم يتفكرون ، لقوم يتدبرون "
هل تأملت في يوم كنت وحدك ما يدور حولك وكيف يسير بنظام لا إعوجاج فيه ؟
التدبر
، التفكر ، التأمل في خلق الله ، موضوع جد خطير للغاية ، هل أنت من
المتأملين في خلق الله ، هل تعلم أنك مع تفكرك في خلق الله تزداد خشيتك له
جل وعلا ؟
إن نعمة التفكر والتدبر في خلقه تعالي ميز الله بها ابن أدم
عن سائر خلقه ،ومنحه نعمة العقل كي يستخدمه في اصلاح الأرض وإعمارها
مستخلفا إياه عليها .
ولكن تخيلوا معي لو لم يكن الإنسان مع وجوده على الارض قد استخدم عقله ،هل كانت ستستمر حالة الإنتاج البشري علي كل المستويات ؟
من
فوائد التفكر والتدبر في خلق الله إحداث انشراح في الصدر وسكينة للقلب
،وهو الطريق المؤدي إلى الله و محبته، يصنع خوفا وخشية من الله ، يزرع
الحكمة ويُحيي القلوب.يزيد من الاعتبار والاتعاظ من سير السابقين، يؤدي إلى
يقظة الأفراد ونهضة الأمم.
أبرز وأشهر من عرفهم تاريخ البشرية ، كان أول الطريق لتسطير أسمائهم فيه هو أن أعملوا عقولهم وتدبروا مسار الكون الدائر بهم.
والتفكر
كلمة تعني في مضمونها النظروالتفهم ،وفي اللغة أصل الكلمة (فـَكــَر) أي
أعمل العقل في شئ ورتب مابعلم منه حتي يصل للمجهول ، و( فكر مع تشديدها وهي
الأكثر شيوعا) هي إعمال العقل لحل مشكلة ما.
ومن خلال فضيلة التفكر يتسم المرء بالترفع والتخلي والوصول إلى مقام التحلي والتجلي، لتخلق بالتدريج فضيلة التقوى.
قال عمر بن عبد العزيز: الفكرة في نِعم الله من أفضل العبادة.
والتفكر
والتدبر إما أن يأتي عن طريق منحة إلهية ، فطرة زرعها الله في قلب عبده ،
أو عن طريق التعلم والممارسة، فيفكر ويتدبر، فيصير الأمر عادة، حتي تتعمق
وكأنها طبيعة. ومن الأشياء التي تساعد على التأمل والتفكر والتدبر، الصمت
والسكون الحقيقي بغرض التأمل .
يقول الشافعي: استعينوا على الكلام
بالصمت، وعلى الاستنباط بالفكر. ولكن ليس كل صمت يؤدي إلى فضيلة التفكر،
فقد يصمت الإنسان عن غفلة، وقد يسكت عن بلادة، وعن شرود .
والتفكر يخلق
إطارا واسعا من الخيال والإبداع لدى الفرد فيخرج به من الصندوق الضيق الذي
ولد فيه نتيجة البيئة ومقوماتها ، فيصير سقف التفكير عاليا متسعا لكن دون
جموح حتي لايصل في لحظة يجد نفسه قد اخترق جدرا اوصلته لباب قد يفقده رشده
وإيمانه ويقينه .
عن ابن عباس قال: تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله.
والقرآن
الكريم وإن كان في تدبره صعبا ،فهذا دليل على صلاحيته لكل زمان ومكان ،حتى
يتدبر الإنسان كل يوم شيئاً جديداً من ملكوت الله.
قال تعالي في سورة
الرعد بسم الله الرحمن الرحيم " المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ
أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يُؤْمِنُونَ (1) اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ
تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ
الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)وهُوَ الَّذِي
مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ
الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ
النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)وَفِي
الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ
وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ
وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)
هل سألت نفسك ذات مرة لماذا ميز
الله الأنسان عن باقي خلقه بنعمة العقل ؟ وهل سألت نفسك لماذا خلقت إنسانا
ولم تخلق نباتا أو حيوانا ؟ هل أغلقت قلوبهم من لم يتأملوا هذا الكون
الفسيح؟ يقول أحد الدعاة :
لله في الافاق آيات لعل اقلها هو ما إليه هداكا
ولعل مافي النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تذكيرا لها أعياكا
قل للجنين يعيش معزولا بلا راع ومرعى مالذي يرعاكا
قل للنبات يجف بعد تعهد ورعاية من بالجفاف رماكا
واذا رأيت البدر يسري ناشرا أنواره فأساله من أسراكا
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمدا وليس لواحد إلاكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شئ استبين علاكا