حول مصطلح (الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فاصطلاح: "الدولة المدنية" نشأ في الغرب لترسيخ فصل الدين عن الدولة،
فالـ"دولة المدنية" لا تعني أنها "غير عسكرية" كما يظن البعض، بل تعني
أنها: "لا دينية"، ولا دخل للدين -أي دين- في توجيه شئونها ومبادئها.
وبالتالي.. فتعبير: "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية" كلام متناقض..
معناه: "دولة لا دينية ذات مرجعية دينية إسلامية"! فهل هذا إلا تناقض؟!
ولا يجوز لقائله أن يقول: "إنما قصدت أنها غير عسكرية"! إذ ليس هذا هو المعنى المقصود من الاصطلاح.
وهل يصح -مثلاً- أن نقول: "دولة عِلمَانية ذات مرجعية إسلامية"،
ونقصد بالعِلمَانية: أننا سوف ننتفع بالعلوم الحديثة والتكنولوجيا.. ! أم
سينادي علينا الجميع بالجهل أو التلاعب بالألفاظ؟!
لأن العِلمَانية هي: "فصل الدين عن الحياة.. وعن الدولة بالأخص"!
فلابد أن نكون واضحين في تحديد هويتنا، ولن يقبل الغرب -إذا كان غرضهم إرضاء الغرب، وأظنه كذلك- مجرد ألفاظ لا حقيقة لها.
أما مصطلح الدولة الدينية عند الغرب: فهي دولة يحكم فيها الحاكم
الديني أو الدنيوي "البابا أو الملك والرئيس" بالحق الإلهي؛ فكلامه كلام
الإله، وتحريمه وتحليله تحريم الرب وتحليله!
فنحن نرفضه أيضًا؛ لأن الحاكم في الإسلام: "وكيل عن الأمة في إقامة الدين وسياسة الدنيا بالدين".
ثم إن في العبارة خللاً آخر، وهو القول: بأنه مِن أهم قيم الإسلام: "الحرية، والمساواة"؛ فليست هذه العبارات صحيحة مِن كل وجه.
فليس عندنا: حرية الطعن في الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكتبه وآياته، وهي عند القوم داخلة، بل أساسية في مفهوم الحرية!
وليس عندنا: حرية الردة.
وليس عندنا: حرية الإباحية والفواحش.
وإن كنا نعلم أن مِن الحرية: حرية الكافر في أن يبقى على دينه؛ لا يُكره على الدخول في الإسلام { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } (البقرة:256)، وحرية ممارسة شعائره -وإن كانت باطلة- في بيعهم وكنائسهم.
وحرية الإنسان في: أن يجهر بالحق، ويعلن ما يراه؛ طالما انضبط بضوابط الشرع.
ونقر بحق كل إنسان في حياة كريمة، وأن لا يُعتدى عليه في: بدنه أو دمه، أو ماله، أو عرضه بغير حق، ولا يعذب، ولا يحبس بغير حق.
أما المساواة: فواجبة بيْن ما سوَّى الله بينه.
وأما بيْن ما فرَّق الله بينه؛ فباطلة: شرعًا، وعقلاً، وحسًا.