هذا عنوان بحث كتبه أستاذنا الدكتور سليمان العايد في مجلة الجمعية العلمية
السعودية للغة العربية (ع1، 1429هـ)، وجاء في ملخصه قوله (فكرة هذا البحث
تتناول قضية شائعة في كتب علم اللغة والمؤلفات اللغوية المعاصرة، وهي فكرة
تجعل المدود الثلاثة (الواو والياء والألف) حركات حكمها حكم الضمة والكسرة
والألف، إلا أنها أطول؛ فهي ليست كالحروف الصامتة، وهي فكرة مأخوذة من علم
اللغة الغربي الذي يدرس اللغات الأوروبية) ص159. وعلى الرغم من هذا القول
يحشد أستاذنا على نحو استقصائي رائع طائفة من النصوص ابتداء من كتاب سيبويه
تدل دلالة وافية على إدراك علمائنا الأجلاء أمر التوافق الصوتي بين
الحركات والمدود، وعلق بقوله (وقصارى ما تدلّ عليه هذه النصوص -وأمثالها
كثير- أن القدامى علموا بها، واستبعدوها، ولم يجعلوا من فروضهم العلمية ما
جاء به المحدثون لدواع علمية ومنهجية، وكان حريًّا بهم أن يسألوا: لماذا لم
يقولوا بما قلنا به والأمر لديهم واضح ولا حجة فيما تقدم من نصوص ولا
غيرها) ص168، وهو يعتمد في رده على أمرين أولهما أن عبارتهم هي (الفتحة ألف
قصيرة) ولم يقولوا (الألف فتحة طويلة). وآخرها أن (القرب بين الفتحة
والألف وبين الضمة والواو وبين الكسرة والياء لا يجعلهما شيئًا واحدًا).
وليس الدكتور العايد وحده من يذهب إلى أن المدود ليست بحركات، وقد جرى نقاش
مطول في منتدى الفصيح حول هذه القضية.
كثير من اللبس جاء من كون المدود مثلت في الرسم الكتابي برموز مستعارة من
رموز الصوامت، إذ استعير الألف (الهمزة) للفتحة الطويلة (ألف المد)،
واستعير الواو للضمة الطويلة (واو المد) واستعير الياء للكسرة الطويلة (ياء
المد). وأما قول الأستاذ إن القرب بين الحركات والمدود لا يجعلهما شيئًا
واحدًا فهو قول صحيح كل الصحة؛ ولكنه ليس بحجة؛ فالقول بأن المدود حركات لا
يعني المطابقة بل يعني بيان صفتها، والذي يزعم أن المدود حروف لا يقصد
مطابقتها للحروف فالحروف أنفسها مختلفة متنوعة.
وأما الحجة الأولى التي أوردها أستاذنا فمنقوضة بنصوص
أقوال السهيلي الصريحة التي لا تكاد تختلف عن أقوال اللغويين المحدثين،
يقول في (نتائج الفكر88): (لأن حروف المد واللين هي أنفس الحركات، إلا أنها
مُدَّت وطول بها الصوت). وقال في (ص100) عن إعراب الأسماء الخمسة بالحروف
(فمكنوا الحركات التي هي علامات الإعراب في الإفراد فصارت حروف مد ولين في
الإضافة. وقد تقدم أن الحركة بعض الحرف الذي هو حرف المد، فالضمة إذا التي
هي علامة الرفع في قولك أخ هي بعينها علامة الرفع أخوك، إلا أن الصوت بها
مدّ ليتمموا اللفظ كما تمموا المعنى بالإضافة إلى ما بعد الاسم، ولم
يحتاجوا مع تطويل حركات الإعراب إلى إعادة ما قد حذف من الكلمة رأسًا).
وننتهي من ذلك إلى أن هذه المسألة ذات أصول عربية في الفكر النحوي وإن غاب
هذا عن بعض اللغويين المحدثين، وجدير بنا أن نستفيد من ذلك لتصحيح بعض
الأوهام من مثل القول بأن المدود يمكن أن تحرك كما تحرك الصوامت. ومن حيث
الرسم الكتابي يمكن القول إن المدود والحركات حروف، غير أن حروف المد ترسم
متصلة مع غيرها من الحروف، وأما (حروف الحركات) فترسم منفصلة فوق (حروف
الصوامت) الأخرى أو تحتها، وهذا متعلق بطبيعة الرسم الكتابي، وترى التسوية
في رسم الحركات والمدود والصوامت في الرسم اللاتيني للعربية أو في الرسم
الذي بدأ يشيع عند الشباب وهو ما يسمى العربيزي، تجد كلمة (العربية) ترسم
هكذا(al3arbiyyah).