علم طاقة المكان وعلاج الأمراض بالألوان
الألوان نعمة لا تقدر بثمن، بالنسبة لمنحة البصر التي أنعم بها علينا
الخالق، كي نتمكن من رؤية الانسجام والتناسق الموسيقي الهارموني سواء في
هيآتنا أو في هيآت سائر المخلوقات والأشكال الأخرى من صور الحياة• لكن
النعمة قد تنقلب إلى نقمة في عالم اليوم الذي يعج بغابات لا متناهية من
الألوان الاصطناعية التي صبغت كل شيء في حياتنا اليومية، بشكل قد يلحق بنا
الضرر جسمانيا ونفسيا، كيف ذلك؟ هذا ما نحاول التعرف عليه في الفسحة
التالية•
من أجل إلقاء نظرة على هذا العالم الشاسع، لا بد أن ننطلق من ثقافتنا
الشرقية، كونها أحد أهم الأساسيات التي اعتمدت عليها العلاجات الشرقية
القديمة التي ترى أن العالم الذي نعيش فيه يحتوي على العديد من الطاقات
والمؤثرات التي لا تدركها حواسنا لمحدودية قدرتها على تلقي تلك الأحاسيس،
حيث تقع مجالات الطاقة التي يستقيها الإنسان من العالم المحيط ضمن نطاقات
معينة• فالحياة بأكملها ما هي إلا طاقة بحالاتها المتباينة أو بدرجات
متراوحة ومختلفة تؤثر على وجودنا وحياتنا• وعليه فإن الطاقة تعتبر عنصراً
أساسياً في العلاجات الشرقية ومن بينها العلاج بالألوان، سواء تم استقطابها
من أشياء حية أو تم التعرض لها مباشرة بغرض تحقيق الشفاء• وهذا يعني أن
أجسامنا وأنفسنا وعقولنا لا تزال تشكل أسرارا مغلقة في انتظار من يزيح عنها
الستار ليكشف بعضاً من خباياها•
توازن ألوان الفصول
يأتي علم ''الفونغ شوي'' أو علم طاقة المكان، كأحد أسس العلاج بالألوان
الذي يعتبر فناً صينياً قديماً يعود لأكثر من ألفي سنة، ويعتمد في استنباط
أساسياته ونظرياته على فلسفة ''التاو'' التي تهتم بملاحظة الأشكال
والألوان، وبها تتم معالجة المكان من أجل تعديل مستويات الطاقة في مكان
معيشتنا وعملنا• والعلاج بالألوان كعلم يرتبط بمفهوم الألوان كجزء من طاقة
المكان، ويقسم الألوان إلى خمسة أساسية ويضعها في دائرة واحدة تسمى بدائرة
الإبداع• ومن هذه الألوان الخمسة تنبثق ألوان أخرى تبعا لاختلاف درجات
الألوان الأساسية وهي اللون الأحمر ثم الأصفر والرمادي والأزرق وأخيرا
الأخضر• هذه الألوان الخمسة تعبّر عن خمس عناصر طبيعية، وترتبط بخمسة أعضاء
مهمة في جسم الإنسان، كما ترتبط كذلك بفصول السنة الأربعة ودورتها وبالوقت
في اليوم الواحد•
كما أن كل لون يرمز لعنصر معين• فاللون الأحمر يرمز للنار، والأصفر للتراب،
والرمادي للمعدن، والأزرق للماء، والأخضر للشجر أو الخشب، وبالتالي فإن كل
لون يرتبط بعنصر من عناصر الطبيعة الخمسة، وهي النار والتراب والمعدن
والماء والخشب• وقد يتساءل البعض لماذا سميت الدائرة التي حملت هذه الألوان
وتلك الرموز بدائرة الإبداع؟ والإجابة على ذلك بسيطة، لوجود علاقة تربط
بين كل رمز وآخر لتشكل في النهاية دورة مستمرة، فمثلا الماء يسقي الشجر حتى
ينمو ويعيش، والنار لا تتكون بدون احتراق الشجر الذي يتحول إلى رماد أو
تربة وهي بدورها تعطي المعدن إلى التراب، والمعادن بصهرها أو ذوبانها تؤدي
إلى تكون المياه ويعود الماء ليسقي الشجر، وهكذا فإن كل عنصر من عناصر
الطبيعة الخمسة يحتوي على طاقة معينة، فالنار التي يرمز لها باللون الأحمر
هي أعلى الطاقة أو قمة الطاقة، أما التراب الذي يرمز له باللون الأصفر
فيمثل مرحلة هبوط الطاقة، وتستمر الطاقة في الهبوط خلال هذه الدورة إلى أن
تصل إلى مرحلة السكون في الماء الذي يرمز له باللون الأزرق، ثم تعود إلى
الصعود عندما يسقي الماء الشجر الذي ينمو إلى أعلى وتنمو الطاقة معه، أما
بالنسبة للهواء كعنصر طبيعي فيرتبط بكافة العناصر الخمسة الأخرى، فالماء
الساكن يحركه الهواء، والشجر يزداد اشتعاله بفعل الهواء•
إضاءة جسم الإنسان
من ناحية أخرى ترتبط دائرة الإبداع بإضاءة معينة في جسم الإنسان• فاللون
الأحمر يرتبط بالقلب والأصفر بالطحال، والرمادي بالرئة والأزرق بالكلية،
والأخضر بالكبد• وإذا ربطنا بين الألوان وأعضاء الإنسان بشكل آخر، سنجد أن
القلب يتخذ لونا أحمر لأنه يضخ الدم لكل الجسم• والشجر الأخضر بعناصره
وفيتاميناته هو المغذي للكبد، وكذلك المعدن والتراب والألوان المرتبطة بهما
ترتبط بتركيبة الرئة والطحال ودوران الدم في الجسم• وقد تم التوصل لكل هذه
النتائج والاستنتاجات بعد تشريح الجسم البشري وفقا للتأملات التي قام بها
الحكماء والأطباء في الحضارات القديمة كالصينية واليابانية، كون هذا العلم
يعتمد على الكثير من التأمل أولاً وأخيراً•
ولفهم هذه العملية لابد أن نعرف أن الألوان لا تنتج إلا عن الضوء الذي
يعتبر طاقة بحد ذاته• وفيزيائيا عرفت الألوان على أنها جزئيات من الضوء تمر
عبر موجات مختلفة السرعة والطول، ووفقا لذلك نجد أنه توجد ألوان نستطيع
رؤيتها وأخرى لا نستطيع رؤيتها لأن أعيننا تبصر ألوانا تحمل موجات وذبذبات
معينة ونحن لن نستطيع أن نرى الألوان بدون ضوء• وعليه فنحن نحتاج الضوء
والظلام والألوان لأنها تؤثر فينا جسدياً ونفسياً• وكذلك فإن كثرة تعرضنا
لألوان معينة يؤثر على أجسامنا بالدرجة الأولى ثم على حالتنا الشعورية
بالدرجة الثانية•
ألواننا الداخلية
إذا توقفنا وحاولنا تفسير طبيعة العلاقة بين الألوان وجسم الإنسان، سنجد أن
الضوء هو مصدر الألوان الذي يؤثر على غدد معينة في أجسامنا فيحفزها على
إفراز هرمونات معينة أيضا• ولذلك نجد أن الجسم يزداد نشاطاً ويميل للحيوية
والتيقظ خلال النهار، ويميل إلى السكون والهدوء في الليل• ومثل هذه العملية
تتم تلقائيا وبالفطرة، والدليل على ذلك أننا ننام جيداً بالليل وإذا
حاولنا النوم في النهار يكون نومنا مزعجاً وغير مفيد للجسم•
فكل عضو أو عضلة أو عظمة في جسدنا لها ذبذبة محددة، ومن ثم يتم اختيار
اللون الذي يتوافق مع هذا التردد، وإذا تغير تردد أي ذبذبة في أي جزء من
أجزاء الجسم، ينتج عنه المرض الذي يمكن علاجه ببساطة عن طريق إمداد الجزء
الذي تغيرت ذبذبته بلونه المناسب• وإذا حاولنا صياغة هذه العلاقة بشكل آخر
نجد أن كل عضو من أعضاء الجسم له لون معين• فالقلب لونه أحمر، والكبد لونه
عنابي مائل إلى البني، والرئة يكون لونها فاتحا جدا يميل إلى الرمادي، وهذه
حقيقة أثبتها علم الجراحة والتشريح بعد إطلاع العلماء على جسم الإنسان من
الداخل، فأثبتوا أن الأعضاء والعضلات ملونة•
لون طعامك وبيتك
يعتمد العلاج بالألوان على إمداد جسم الإنسان ومناطقه المختلفة وتحديدا
المريضة بالألوان المناسبة، حتى يتحقق الشفاء• أبسط الطرق، التعرض لأشعة
اللون العلاجي نفسه، أو تناول الأطعمة التي تتفق ألوانها وطاقتها مع لون
وطاقة العضو المراد علاجه• وقديما قال الحكماء ''أخبرني ماذا تأكل أخبرك من
أنت؟''• فاللون الأخضر الذي يمثل لون الطبيعة والنمو والتوازن ويعبر عن
التناغم مع الأشياء من حولنا، ومن حيث الطاقة هو لون متوسط الطاقة
والذبذبة، وتبلغ طاقته 3500 ''أنجستروم''، وطاقته إيجابية 100% ومعروف عنه
قدرته على امتصاص كل الطاقات السلبية من كل الأجسام الحية وغير الحية التي
تتعرض له،والدليل على ذلك أن الإنسان المكتئب أو الحزين عندما يجلس في مكان
مليء بالأشجار والنباتات الخضراء يزول اكتئآبه ويصبح سعيداً ونشطاً•
وقد كان الفراعنة أول من استخدم الألوان للعلاج، واللون الأخضر كانت له
مكانة خاصة عندهم، حيث استخدموه كغطاء لجسد الفرعون بعد تحنيطه ومن ثم وضع
الجسد المحنط والمكفن باللون الأخضر في الثلث الأول من مقبرته على شكل هرم،
لأنه وفقا لعلم ''الفونغ شوي'' أو طاقة المكان يعمل الشكل الهرمي على
تركيز وتجميع الطاقة بداخله، والجزء الأول من قمة الهرم تتركز فيه أعلى
طاقة، وقد أشار القرآن الكريم إلى اللون الأخضر واعتبره لون أهل الجنة، من
خلال الآية الكريمة: (ويلبسون ثياب خضر من سندس وإستبرق)،
فالطاقة في اللون الأخضر تكون متزنة ومجردة من كل السلبيات، كما أنه مناسب
جداً لغرف النوم لأنه يساعد على الاسترخاء والهدوء، وهي صفات مطلوبة حتى
ينام الشخص براحة وبدون تعب• ولا يناسب اللون الأخضر أماكن العمل التي
نحتاج فيها إلى بذل مجهود ذهني أو جسدي، لأنه يشجع على الراحة التي لا
تناسب طبيعة ومتطلبات أي عمل•
لون الأرض
أما اللون الأصفر فهو لون الأرض ويعبر عن الصلابة وقوة العقل• وتحمل أشعته
التيارات المغناطيسية الموجبة التي نتنفسها وتثيرنا فتقوي وتنشط حركة
الأعصاب وتنبه العمليات العقلية العليا، كما أنه يولد الطاقة في العضلات
ويحسن البشرة، وينظف ويعالج الجروح، وخصوصا مرض الأكزيما• كما يستخدم لكل
حالات الروماتيزم والتهابات المفاصل، لأنه يساعد على تحلل الترسبات الكلسية
في المفاصل• وفي حالة نقصان أشعة الأصفر في أي جزء من أجزاء الجسم فإنه
يؤدي إلى الشلل الجزئي أو الكلي، فهو اللون المناسب لعلاج هذه الحالة•
نبل الأخلاق
في حين أن اللون الأزرق السماوي الباهت يعبر عن نبل الأخلاق والمثالية في
التقوى• ويشير الأزرق الناصع إلى الإخلاص والوفاء• فاللون الأزرق هو لون
الصفاء والهدوء ويناسب كثيرا غرف النوم وأماكن الراحة لأنه يقلل الشعور
بالغضب ويزيل ضغوط الحياة، كما يناسب أماكن الاجتماعات التي تكثر فيها
المجادلات والمشاحنات لأنه يساهم في تقليلها وتهدئتها، لذلك نجد الأشخاص
الذين يعانون من ضغوط وحالات قلق يلجؤون بالفطرة لإستنشاق هواء البحر،
فلونه الأزرق يساعد على سحب الطاقة السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية ..