يوم مضى ... وآخر قد أتى ....
وأنت كما أنت يا فتى ...تشعل الضوء وماتلبث أن تسكن للظلام والسكون مرة
أخرى ...تشعل الحماس ساعة وتطفئه ساعة أخرى ... وماذا بعد؟!وتمضي الأيام
والأسابيع .... وتمضي الشهور ...وأنت في حيرة من أمرك ... وفي تقلب ...
وتذبذب ....يأتي الليل ليعقبه النهار .... ولا زلت تتأرجح مع الأفكار ...لا
زلت تكتب الأحلام .... وتتوسد الأوهام .... وفي كل ليلة تبث الوعود
والعهودوفي الصباح تشتكي من قلة الحظوظ .... وماذا بعد ؟!!وهكذا كلما غربت
الشمس أخذت عروقك تنبض بالطموح ..... غداً سأفعل كذا ... غدا سأشيّد القصور
غداً سأشعل ضوءا لن يزول ...و مع بزوغ الفجر يكسوك التثاؤب ويحملك لسبات
عميق ...وتستيقظ ولسان حالك يقول إلى متى التسويف ... إلى متى التسويف
...إلى متى ... ؟!!!!وكل ما حولك ضجر وتعب ... وأنت نفسك مللت ... التقاعس
والإنكسار ... مللت التذمر والتدثر في فراش الأوهام ... ويأتيك صوت قوي
يدعوك للنهوض ... وما تلبث أن تستجيب له حتى يتسلل إليك صوتيضعف من همتك
.... ونشاطك .... لتعود من جديد إلى !... لا ... لا ... لا تدعه يسيطر عليك
....لا تتراجع عن النهوض ... تجاهل ... إلغي كل صوت سلبي ....واستعذ بالله
من الشيطاناقفز للنهوض ... واستشعر الإنتصار ... وابدأ يومك بسم الله
...تأمل نفسك في المرآة ... ابتسم ... مد قامتك ... خذ أنفاساً عميقة
...اكتب مزاياك ... ألصقها أمامك في المرآة ... اقرأها مرات ومرات عديدة
....وأحسن الظن بالله ... أحسن الظن بنفسك .... وفي الحديث ( لا يحقرن
أحدكم نفسه)وتذكر كم مضى من الوقت .... هاهي ساعات يومك تنقضي سريعاً
لتعقبها ساعات... وساعات !فكم من أيام تمضي ! وكم من أعمار تنقضي ! وقليل
أولئك الذين يحاسبون أنفسهم فيها !وكثيرون ... يغرقون في بحار الغفلة
...كثيرون... يستقبلون يومهم بنية غير صادقة ... كيف؟!قيل لبعض الحكماء ...
بأي نية يقوم الرجل عن فراشه ؟قال : لا يسئل عن القيام حتى ينظر كيف ينام
؟!ثم يسأل عن القيام , فمن لم يعرف كيف ينام , لا يعرف كيف يقوم ؟!إذن نم
بعقد النية على فعل الخير لنفسك وللآخرينحتى تستيقظ بقلب صادق جازم ....قال
بعض الحكماء : ( إذا أ صبح الرجل ينبغي أن ينوي أربعة أشياء :أولها : أداء
ما فرض الله عليهوالثاني : اجتناب ما نهى الله عنهوالثالث :إنصاف من كان
بينهم وبينه معاملةوالرابع : إصلاح ما بينه وبين خصمائه .فإذا أصبح على هذه
النيات, أرجو أن يكون منالصالحين المفلحين !)والآن ... كم بقي من الوقت
....كم بقي ؟!!هذا هو السؤال ..... هل تعلم كم بقيّ لك ؟ يوم ... ساعة ...
دقائق ... ثواني ....العلم عند الله ؟فماذا أعددت للقائه جلّ جلاله
.....؟!!قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اغتنم خمساَ قبل خمس : شبابك
قبل هرمك ,وصحتك قبل سقمك , وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , وحياتك
قبل موتك)رواه الحاكم- صحيح الترغيب للألبانيفالعاقل من يجعل أيامه مزرعة
للآخرة , فيغرسها ويسقيها من العمل الصالح ..ليحصد ثمارها غداَ ... يوم لا
يجد الإنسان أمامه إلاّ ما قدمه من خير أو شرفهل نستفيق ....؟! ونبدأ يوما
جديدا في مزرعة جديدة ....نبدأ كما يقول الشاعر : فإذا كنت بالأمس اقترفت
إساءةفثن بإحسان وأنت حميدفيومك إن أغنيته عاد نفعهعليك وماضي الأمس ليس
يعودولا ترج فعل الخير يوماً إلى غدلعلّ غداً يأتي وأنت فقيدحقا فإن ما مضى
لن يعود ... فهل نبدأ الآن .. قبل فوات الأوان .؟!هل نتخذ قراراً قوياً
بالنصر على كل ما يعيق تقدمنا ؟إن أقوى نصر هو انتصارنا على أنفسنا وعلى
هواها ...فذلك هو جهاد النفس ... ذلك هو الجهاد الأكبر ...سأل أحدهم
عبدالله بن عمر رضى الله عنهما عن الجهاد ...فقال له : " ابدأ بنفسك
فجاهدها , وابدأ بنفسك فاغزها "فلنبدأ يوماً جديداً بعزم ونصر قوي عنيد .