الحمد لله إقراراً بوحدانيته والشكر له على سابغ نعمته اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته ومن على العاصي بقبول توبته ومدّ للمسلم عملاً صالحاً بوصيته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضَّل على جميع بريته صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
أحبتى فى الله
إعلموا حفظكم الله أن من أدب الوصية أن يوصيَ المسلم بنيه وأهله وأقاربه ومن حضره واطَّلع على وصيته عليه أن يوصيهم بتقوى الله وطيب العمل وإن لكم في إبراهيم وبنيه عليهم السلام أسوةً وفي نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أعظم قدوة
وَوَصَّى بِهَا إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
وأوصى محمدٌ صلى الله عليه وسلم بكتاب الله، وقال:
(الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)
وحذَر من الفتن وأمر بالطاعة ولزوم الجماعة وأوصى بأصحابه السابقين وبالمهاجرين وأبنائهم، كما أوصى ابنته فاطمة رضي الله عنها إذا هو مات أن تقول:
إنا لله وإنا إليه راجعون
أيها الأحبةُ في الله
هذا ما وجدنا من وصايا من طيب ما أوصى به أهل الحق والصدق أأئمة المسلمين من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم
حيث رأوا أن يقول الموصي مخاطباً أهله ومن حضره واطَّلع على وصيته:
أوصى فلانٌ وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً ولم يشرك في حكمه أحداً ويشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ويشهد أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، والجنة حق وما أعده الله لأوليائه حقٌ والنار حقٌ وما أعده الله لأعدائه حقٌ وهو قد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرآن إماماً على ذلك يحيا وعليه يموت إن شاء الله ويشهد أن الملائكة حق والنبيين حقٌ وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور
ثم يقول:
اعلموا أني مفارقكم وإن طال المدى فهذه أدوات السفر تُجمع، ومنادي الرحيل يُسمع والمرء لو عُمِّر ألف سنة لا بدَّ له من هذا المصير كما ترون.
إن الله كتب الموت على بني آدم فهم ميتون فأكيسهم الطائع لربه سبحانه وتعالى وأدومهم على أعمال يوم المِعاد
وهذه وصية من عرف أنه ميت ومن وضع الله في قلبه حب إخوانه لذالك ينصحهم بالحق حتى يتبعون
ويقول لهم اعلموا أن حسبي وحسبكم الله الذي لم يخلق الخلق عبساً ولا سدىً ولكن ولكن خلقهم ليبلوهم أيهم أحسنُ عملاً
هكذا تكون الوصية
أحبتي ً في الله
(يَابَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
يابُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(
أنظروا إلى جوامع ما ينجيكم من أهوال يوم المعاد
(يابُنَىَّ أَقِمِ الصلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاْمُورِ وَلاَ تُصَعّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى الأرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(
إعلم غفر الله لى ولك أن
أعظم فريضة الله بعد التوحيد:
الصلاة
الله الله في الصلاة فإنها خاصة الموحدين ودأب الصالحين وهى أم العبادة والزكاة أختها الملازمة والصوم عبادة السر لمن يعلم السر وأخفى والحج مع الاستطاعة ركنٌ واجبٌ هذه عُمُد الإسلام وفروضه فحافظوا عليها تعيشوا مبرورين وعلى من يناوئكم ظاهرين
وتلقوا ربكم غير مبدلين ولا مغيرين
واسلكوا في الاعتقاد مسلك السلف الصالح وأئمة الدين، ولا تخوضوا فيما كره السلف الخوض فيه، وعليكم بالعلم النافع، فالعلم وسيلة النفوس الشريفة، وشرطه الإخلاص والخشية لله مع الخيفةِ وخير العلوم علوم الشريعة وانبذوا العلوم المذمومة فإنها لا تزيد إلا تشكيكاً
وأطيعوا أمر من ولاه الله عليكم
واجتنبوا الفتن وأسبابها ولا تدخلوا في الخلاف، والتزموا الصدق فإنه شعار المؤمنين
والكذب عورة لا تُوارى
وحافظوا على الحشمة والصيانة
وأوفوا بالعهد
وابذلوا النصح ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تطغوا في النعم، ولا تنسوا الفضل بينكم ولا تنافسوا في الحظوظ السخيفة
وإذا أسديتم معروفاً فلا تذكروه وإذا برز قبيحٌ فاستروه وأصلحوا ذات بينكم واحذروا الظلم وصلوا الأرحام وأحسنوا إلى الجيران واعرفوا حقَّ الكبير وارحموا الصغير وأجلوا علماء المسلمين وأأمتهم واحذروا التباغض والتحاسد واعلموا أن جماع الأمر تقوى الله
هذا ولله الحمد والمنة نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل لنا في كل شئٍ يقين
وأن يجعل يقين الموت بين عيوننا
وأن يجعل لنا قبل الموت توبةً ومغفرةً من الذنوب والمعَاصي
وصلى الله على رسول الله