اهتم محدثو الجزائر بكتب السنة وأولوها عناية خاصة
فقد رحل عدد كبير منهم إلى المشرق,
ولقوا العلماء والمحدثين فأفادوا واستفادوا، وأخذوا أمهات كتب الحديث وعلومه, وراحوا ينشرونها في بلادهم,
وعكفوا على دراستها دراسة معمقة شرحا لمعانيها وبيانا لأحكامها وتوضيحا لغريبها وتعريفا برجالها.
ولم تكن عناية علماء الجزائر بالصحيحين أقل من عنايتهم بالموطأ للإمام مالك
بن أنس، فقد انبرت نخبة منهم ومنذ القرن الرابع للهرة لخدمة الجامع الصحيح
المسند من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه لأبي عبد
الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ. واستمرت هذه الجهود إلى
عصرنا الحاضر. وسأعرض في هذا البحث:
- الطرق التي وصل بها صحيح البخاري إلى الجزائر.
- التعريف بالمحدثين الجزائريين الذين خدموا صحيح البخاري مع الإشارة إلى مؤلفاتهم, مرتبا ذلك حسب أقدمية الوفاة.
أ.الطرق التي وصل بها صحيح البخاري إلى الجزائر:
روي عن أبي إسحاق المستملي أنه قال عن أبي عبد الله الفربري أنه كان يقول:
روى الجامع الصحيح عن أبي عبد الله (البخاري) تسعون ألف رجل, ما بقي منهم غيري. وقد اشتهر صحيح البخاري بروايات أربعة رئيسية هي
- رواية الفربري محمد بن يوسف بن مطر المتوفى سنة 320 هـ.
- رواية النسفي إبراهيم بن معقل بن الحجاج المتوفى سنة 294هـ.
- رواية حماد بن شاكر النسوي المتوفى في حدود التسعين ومائتين.
- رواية البزدوي منصور بن محمد بن علي المتوفى سنة 329 هـ.
غير أن الرواية الأكثر انتشاراً في الجزائر والمغرب الإسلامي هي رواية الفربري. وقد وصلت هذه الأخيرة إلى الجزائر من طرق أهمها:
- طريق أبي بكر يحي بن عبد الله بن محمد بن يحي القرشي الجمحي الوهرانيي
الذي يروي الصحيح عن الفقيه أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي عن
المروزي عن الفربري عن الإمام البخاري.
- طريق مروان بن علي البوني (المتوفى سنة 439 هـ) عن القابسي (علي بن محمد
بن خلف المتوفى سنة 403 هـ) عن المروزي عن الفربري عن الإمام البخاري.
- طريق أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي المتوفى سنة 402 هـ (أول من شرح صحيح البخاري) .
ثم أخذ عن هؤلاء جلة العلماء, وانتشر بين طلبة العلم. وفي أواسط القرن
الرابع بدأت جهود المحدثين الجزائريين في الظهور في سلسلة متواصلة إلى أيام
الناس هذه.