اضطرت إدارة البورصة إلى وقف جلسة التداول لمدة نصف ساعة اليوم الثلاثاء،
وهو الإجراء الذى تلجأ إليه البورصة فى حالة تعرض مؤشراتها لتراجع حاد
يفوق الـ5%، حيث توقف الجلسة حتى يتمكن المستثمرون من التقاط أناسهم ووقف
نزيف الخسائر ولو بشكل محدود.
محاولة البورصة لوقف نزيف السوق لم تفلح بشكل كامل فى تحويل السوق
للارتفاع أو حتى إيقاف الخسائر، رغم عودة المستثمرين الأجانب والمصريين
للشراء بعد إعادة التداول، سعيا لاقتناص الفرص خصوصا مع التراجع الكبير
الذى تشهده الأسهم وهو ما يجعل أى مشتر لها حاليا من أكثر الرابحين عندما
تعود السوق للاستقرار مرة أخرى.
رانيا نصار – رئيس قسم البحوث فى المجموعة الاقتصادية – طالبت المستثمرين
بضرورة الاحتفاظ بأسهمهم خلال هذه المرحلة الحرجة، والتى تشهد انهيارا
للأسواق العالمية، مشيرة إلى أن الخسارة لن تتحقق للمستثمر المصرى الذى
يملك أسهما فى شركات مصرية، إلا إذا قام بالبيع فعلا، أما إذا احتفظ بما
لديه من أسهم فإن الخسائر ستكون وهمية أو لم تتحقق فعلا.
وأضافت نصار أن الوضع حاليا يستوجب الحذر الشديد فى التعامل بالبورصة،
وعدم الانسياق وراء المستثمرين الأجانب أو العرب لأنهم يتعاملون مع السوق
المصرى كسوق ثانوى، ولذلك يضطرون عند حدوث أى اضطرابات للخروج من أسواقهم
الثانوية لدعم مراكزهم المالية فى الأسواق الرئيسية لهم وتعويض جانب من
خسائرهم بها.
أما سامح غريب – محلل فني- فقال إن التراجع الحالى يعتبر تأثرا طبيعيا،
نظرا لارتباط السوق المصرى بالأسواق الأوروبية والأمريكية خصوصا، وهى
الأسواق التى تتعرض حاليا لانهيار حاد بسبب تداعيات أزمة الديون الأمريكية
واقدام عدد من مؤسسات التصنيف المالى بتخفيض تصنيف الحكومة الأمريكية
وسنداتها لأول مرة وهو ما أحدث حالة من الذعر فى كل الأسواق العالمية التى
كانت تعتبر السندات الأمريكية هى الأكثر أمانا والأقل مخاطر فى العالم.
وقال محسن عادل المحلل المالى إن تراجع السوق المصرى خلال تعاملات اليوم
جاء متاثراً بالتدعيات السلبية للازمة الأمريكية خاصة بعد أن تهاوت
مؤشرتها أمس إلى أدنى مستوى فى 3 سنوات.
وأوضح أن استمرار حالة الانخفاض والتخبط التى شهدته وول ستريت أمس واليوم
كان له تأثير سلبى على كافة الأسواق المالية فى العالم، مشيرا إلى أن
استمرار الضغوط السياسية الداخلية والأزمة الأمريكية الخارجية سيؤثر بشكل
سلبى على أداء السوق المصرى خلال الفترة المقبلة وذلك حتى تظهر بوادر
الانتعاش على الصعيدين المحلى والعالمى.
وأشار عادل إلى أن تراجع البورصة خلال جلسة اليوم جاء مبالغ فيه خاصة وأن
أداء الأسواق العالمية لم يتراجع بنفس الحدة بما يؤكد على وجود عوامل
داخلية ساهمت فى زيادة مساحة التراجع وهى أولا المضاربة ناحية الهبوط التى
قام بها عدد واسع النطاق من المستثمرين فى إطار تقديراتهم بأن تتراجع
البورصة المصرية بمعدلات أكبر وهو الأمر الذى جعل مؤشر البورصة المصرية
يتصدر التراجعات على مستوى العالم منذ مطلع الأسبوع الجارى فى سابقة ليست
الأولى من نوعها داخل البورصة المصرية.
وأضاف عادل أن العامل الآخر يتمثل فى نقص السيولة وهو الأمر الذى دعا
الجميع منذ شهور إلى معالجته إلا أن إدارة البورصة لم تعطى هذا الأمر
أولوية ضمن مشروعتها الحالية، مكتفية بالإعلان عن دراستها بفصل التسوية
الورقية عن التسوية النقدية مما مثل اتساعا فى نطاق الأزمة، خاصة إذا
علمنا ان رأس المال السوقى للبورصة المصرية تراجع خلال جلسة اليوم
الثلاثاء 15 مليار جنيه منها مليارات جنيه فى ربع الساعة الأول من الجلسة
بحجم تداول لا يتجاوز 30 مليون جنيه.
وطالب عادل بضرورة الإسراع بفتح حوار جاد لتكوين صندوق استثمار سيادى
برؤوس أموال مصرفية يعمل كصانع للسوق على المديين المتوسط وطويل الأجل
لضبط الايقاع المتهاوى خلال الفترة الحالية وإلا فإننا سنعرض البورصة
المصرية إلى موجات من الضغوط خاصة فى ظل التقلبات الداخلية سواء سياسا
واقتصاديا أو فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يواجهها العالم حاليا.