الجماجم

على غير العادة أرى الظلام دامساً ، وأسمعُ الصوت عالياً ، وأشعر بتصلب
أعضائي كاملاً ، وكأن وقوعي في هذه الحفرة كان حافزاً لي للتفكر مجدداً 0
التوقف
متأملاً بين سطور الحياة نادراً ، فأنا دوماً مهرولاً لاهثاً ، وها أنا
مضطراً لتقليم شجرة حياتي ، والاستغناء عن بعض من زمني مجبراً غير مختاراً 0
الآلاف من البشر يموتون يومياً ، وكم من الكوارث على هذه الأرض ن فلمَ الصراخُ ولمَ النحيب ؟
ربما يخافون موتي ! ربما حزنوا لبعدي !
أكيد هو الخوف من المجهول ، فهم لا يعرفون ما حلّ بي ، ياليتهم يعرفون أنها مجرد حفرة تعثّرتُ بها ، ياإلهي أخاف أنني متُّ حقاً ؟!
لا
0 هاأنا أسمعُ وأشعرُ بكلِّ شيء ولكن ربما أنا الآن متمدد فوق ميّت ! كم
هذا رهيب ، كم هذا رهيب ، ولكنهم يقولون أن الميّت يشعر بمن حوله ، وها أنا
لا أرى شيئاً ، فهل هذا ظلام الحفرة ؟ أم ظلام انتهاء الحياة من حياتي ؟
إن كان للحفرة صاحب فهو سعيد الحظ أنني زرته 0
ماهذا التفكير وهل يشعر بوجودي ؟
ماهو العقل ؟ كيف نفكر ؟
أعتقد أن كل الإنسان رأس ، والبقية فقط أعضاء مساعدة 0
هذا يعني أن الإنسان يصبحُ ميّتاً بعد أن يصبحُ رأسهُ خاوياً 0
من المؤكد إذ أن أغلب البشر ميّتاً 0
مع
إنني في حفرة سطحية ، أشعر بأنني أرى الكرة الأرضية ، بمخططها ، وكل
تقاسيمها الجغرافية ، والظاهر دراستي الجيولوجية تؤثر على حياتي النفسية 0
فكيف
لي أن أتصوّر كل من على سطح الأرض عبارة عن جمجمة كروية وكل إنسان له فقط
رأس دائرية ، والجماجم هي الأغلبية ، جمجمة صحراوية وأخرى زراعية ، وغيرها
بركانية أو مائية 0
مائية !!!!؟
كيف رأس مائية ؟
جمجمة من الماء وأخرى جافة 0
لا لا بل رأس كنبع الماء النقي ، وأخرى كالبحر المالح وثالثة كجفاف الأرض وتشققها عن تعطشها 0
سأحفر في الحفرة ، حفرة ، ربما أجد جمجمة وأتلمسها ، حتى أعرف التغيرات الطبيعية 0
هل أنا وجدت شيئاً غريباً ؟
نعم نعم ، هي جمجمة ، لم أتوّقع أن أجدها بهذه السهولة 0
مسكين ، لا ربما سعيد 0
ما زالوا يصرخون ، لو يعلمون ماذا أفعل ؟
يداي هما عيناي وباللمس أرى هذه الجمجمة 0
كم صعب أن لا يرى الإنسان ، والأصعب أن تعمى بصيرته 0
سأدفن هذه الجمجمة وكفاني عبثاً ....
أشعر أنني أدفن رأسي ، سأبقيها بجواري وأحاورها 0
من أنت ؟
أنا أنت ...
كفاك ، من أنت ؟
أنا كنت ، والآن صرت ...
إذاً من أنت ؟
أنا أنت ...
كفاك كفاك كفاك..